العمل الصّالح

العمل الصّالح

العمل الصّالح عنوان المؤمن وهويّته، ويعبّر عن حجم دوره وتحمّله لمسؤوليّاته تجاه نفسه ومجتمعه والحياة عموماً، وهو الّذي يبرز طاقاته ويحدّد له مستواه على صعيد تأثيره في الحياة، وما تركه ويتركه من سلوكيّات ومواقف، يُسأل عنها ويحاسب عليها في آخرته، لذا فالعمل هو الميزان والمقياس أمام الله تعالى، وبه تمتاز الخلائق عن بعضها البعض في الأجر والدّرجات والرّضوان.

وعلى الإنسان التنبّه على الدّوام إلى ضرورة استغلال عمره ووقته من أجل القيام بالعمل الصّالح الّذي ينفع وينتفع به في دنياه وآخرته قبل أن يباغته الأجل، وكما قال أمير المؤمنين عليه(ع): "اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل".

والإنسان العاقل المترسِّخ في قلبه وعقله هدى الإيمان، يعرف قيمة هذا الوقت وأهميّته، فيبادر إلى بذل الجهد في عملٍ يُخلص فيه لربّه، ويحقّق به دوره الطّبيعيّ في إعمار الحياة بكلّ الطّاقات الخيّرة، فيشمل بعمله الصّالح هذا كلّ أفراد المجتمع، هذا على صعيد الفرد الواحد، فكيف إذا كان العمل الصّالح هو ما يميِّز مجتمعاً من المجتمعات؟! عندها لا وجود ومكان لكلّ ما يضرّ بالصّالح الإنسانيّ العام، لأنّ صلاح الأعمال يكون هو من يتحكّم بطبيعة العلاقات، وبذلك يزكّي الله تعالى المجتمع برمّته، ويغدق عليه من نعيمه، ويأخذ بيده إلى مزيد من التقدّم والرقيّ.

وقال رسول الله(ص): "يا أبا ذرّ، إنّك في ممرّ من اللّيل والنّهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، ومن يزرع خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن يزرع شرّاً يوشك أن يحصل ندامة، ولكلّ زارع مثل ما زرع".

فخير الزّرع هو العمل الصّالح النّافع للعباد والبلاد، يحصد آثاره الطيّبة كلّ حين في حياته الدّنيا، وعندما يقوم النّاس لربّ العالمين، يجد زرعه الطيّب، وينال عليه جزاءه الأوفى، ولا يتقوّم العمل الصّالح إلا بطاعة الله وطلب مرضاته، والسّعي لها بكلّ قوّة وعزيمة وصبر.

وعن العمل الصّالح ونتائجه، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في معرض تفسيره للآية المباركة: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النّحل: 97].

وللعمل الصّالح قيمته الخاصّة عند الله، عندما يرتكز على قاعدة العقيدة الّتي تجعل منه شيئاً ثابتاً في النّفس، وحركة فاعلة في العقل والرّوح والشّعور، لتصبح طبيعته ممتدّة بامتداد الرّوح الّذي أوحى به، والفكر الّذي انطلق منه، والآفاق الّتي عاش فيها، لأنَّ هناك فرقاً بين العمل الّذي ينطلق من عادةٍ ذاتيّة أو من تقليد اجتماعيّ، أو من مزاج شخصيّ، أو من حالةٍ فكريّة طارئة لا عمق روحيّ لها في شخصيّة الإنسان الفكريّة، وبين العمل الّذي ينطلق من قاعدةٍ فكريّة واسعة شاملة، تتكامل فيها الأعمال، وتتوزّع فيها الأدوار، وتغذّي بعضها البعض بالمعاني الّتي يحملها البعض الآخر.

ولهذا أكَّدت الآية ارتباط قيمة العمل الصّالح بالإيمان بالله، لأنّ هذا الارتباط بالله، يخرج العمل عن بعده الذاتيّ الخاصّ بشخص معيّن، ويجعل منه تجلّياً عمليّاً لحقيقة ذاك الارتباط، على أساس حاجة الحياة إليه، لا على أساس حاجة العامل إلى نتائجه الماديّة، وقد جاءت الآية لتؤكّد شخصيّة العامل المؤمن بالله، إضافةً إلى طبيعة العمل، بحيث تتّصل الصّفة الذاتيّة للعقيدة في فكره بالصّفة الموضوعيّة للعمل الصّالح... [تفسير من وحي القرآن، ج13، ص:293].

وفي موضعٍ آخر في تفسيره للآية المباركة: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: 10]، أي يرفعه إليه، لأنّ العمل لا يبقى في الأرض ليكون مجرّد حركة تنطلق في نشاط النّاس ثم تموت في ذهاب الصّورة وغياب الزّمن، بل يرتفع إلى الله بما فيه من نفعٍ للإنسان والحياة في معناه الإيمانيّ، وغايته التّوحيديّة، وروحيّته الإنسانيّة الرّساليّة المتعلّقة بالله، الخاضعة له.. فالإنسان يكون عزيزاً عند الله بمقدار ما يكون طيّباً في كلامه، صالحاً في عمله، وهو ما يجعله في مواقع القرب لديه، لينال ـ بذلك ـ الحظوة عنده...[تفسير من وحي القرآن، ج19، ص:92].

ترى، هل نبتغي العمل الصّالح ونتوخّاه في واقعنا اليوم كأمّة تحمل هذا المفهوم والشّعار؟!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


العمل الصّالح عنوان المؤمن وهويّته، ويعبّر عن حجم دوره وتحمّله لمسؤوليّاته تجاه نفسه ومجتمعه والحياة عموماً، وهو الّذي يبرز طاقاته ويحدّد له مستواه على صعيد تأثيره في الحياة، وما تركه ويتركه من سلوكيّات ومواقف، يُسأل عنها ويحاسب عليها في آخرته، لذا فالعمل هو الميزان والمقياس أمام الله تعالى، وبه تمتاز الخلائق عن بعضها البعض في الأجر والدّرجات والرّضوان.

وعلى الإنسان التنبّه على الدّوام إلى ضرورة استغلال عمره ووقته من أجل القيام بالعمل الصّالح الّذي ينفع وينتفع به في دنياه وآخرته قبل أن يباغته الأجل، وكما قال أمير المؤمنين عليه(ع): "اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل".

والإنسان العاقل المترسِّخ في قلبه وعقله هدى الإيمان، يعرف قيمة هذا الوقت وأهميّته، فيبادر إلى بذل الجهد في عملٍ يُخلص فيه لربّه، ويحقّق به دوره الطّبيعيّ في إعمار الحياة بكلّ الطّاقات الخيّرة، فيشمل بعمله الصّالح هذا كلّ أفراد المجتمع، هذا على صعيد الفرد الواحد، فكيف إذا كان العمل الصّالح هو ما يميِّز مجتمعاً من المجتمعات؟! عندها لا وجود ومكان لكلّ ما يضرّ بالصّالح الإنسانيّ العام، لأنّ صلاح الأعمال يكون هو من يتحكّم بطبيعة العلاقات، وبذلك يزكّي الله تعالى المجتمع برمّته، ويغدق عليه من نعيمه، ويأخذ بيده إلى مزيد من التقدّم والرقيّ.

وقال رسول الله(ص): "يا أبا ذرّ، إنّك في ممرّ من اللّيل والنّهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، ومن يزرع خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن يزرع شرّاً يوشك أن يحصل ندامة، ولكلّ زارع مثل ما زرع".

فخير الزّرع هو العمل الصّالح النّافع للعباد والبلاد، يحصد آثاره الطيّبة كلّ حين في حياته الدّنيا، وعندما يقوم النّاس لربّ العالمين، يجد زرعه الطيّب، وينال عليه جزاءه الأوفى، ولا يتقوّم العمل الصّالح إلا بطاعة الله وطلب مرضاته، والسّعي لها بكلّ قوّة وعزيمة وصبر.

وعن العمل الصّالح ونتائجه، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في معرض تفسيره للآية المباركة: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النّحل: 97].

وللعمل الصّالح قيمته الخاصّة عند الله، عندما يرتكز على قاعدة العقيدة الّتي تجعل منه شيئاً ثابتاً في النّفس، وحركة فاعلة في العقل والرّوح والشّعور، لتصبح طبيعته ممتدّة بامتداد الرّوح الّذي أوحى به، والفكر الّذي انطلق منه، والآفاق الّتي عاش فيها، لأنَّ هناك فرقاً بين العمل الّذي ينطلق من عادةٍ ذاتيّة أو من تقليد اجتماعيّ، أو من مزاج شخصيّ، أو من حالةٍ فكريّة طارئة لا عمق روحيّ لها في شخصيّة الإنسان الفكريّة، وبين العمل الّذي ينطلق من قاعدةٍ فكريّة واسعة شاملة، تتكامل فيها الأعمال، وتتوزّع فيها الأدوار، وتغذّي بعضها البعض بالمعاني الّتي يحملها البعض الآخر.

ولهذا أكَّدت الآية ارتباط قيمة العمل الصّالح بالإيمان بالله، لأنّ هذا الارتباط بالله، يخرج العمل عن بعده الذاتيّ الخاصّ بشخص معيّن، ويجعل منه تجلّياً عمليّاً لحقيقة ذاك الارتباط، على أساس حاجة الحياة إليه، لا على أساس حاجة العامل إلى نتائجه الماديّة، وقد جاءت الآية لتؤكّد شخصيّة العامل المؤمن بالله، إضافةً إلى طبيعة العمل، بحيث تتّصل الصّفة الذاتيّة للعقيدة في فكره بالصّفة الموضوعيّة للعمل الصّالح... [تفسير من وحي القرآن، ج13، ص:293].

وفي موضعٍ آخر في تفسيره للآية المباركة: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: 10]، أي يرفعه إليه، لأنّ العمل لا يبقى في الأرض ليكون مجرّد حركة تنطلق في نشاط النّاس ثم تموت في ذهاب الصّورة وغياب الزّمن، بل يرتفع إلى الله بما فيه من نفعٍ للإنسان والحياة في معناه الإيمانيّ، وغايته التّوحيديّة، وروحيّته الإنسانيّة الرّساليّة المتعلّقة بالله، الخاضعة له.. فالإنسان يكون عزيزاً عند الله بمقدار ما يكون طيّباً في كلامه، صالحاً في عمله، وهو ما يجعله في مواقع القرب لديه، لينال ـ بذلك ـ الحظوة عنده...[تفسير من وحي القرآن، ج19، ص:92].

ترى، هل نبتغي العمل الصّالح ونتوخّاه في واقعنا اليوم كأمّة تحمل هذا المفهوم والشّعار؟!

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية