يا ربّ.. اجعلني بركةً على من حولي

يا ربّ.. اجعلني بركةً على من حولي
[من دعاء الإمام زين العابدين (ع) في مكارم الأخلاق:]
 

"اللّهمّ...أَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيرَ وَلاَ تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ...".

اللّهمّ اجعل حياتي بركةً على من حولي، وأجر الخير على يدي للنّاس مما يحتاجونه من طاقاتي، مما رزقتني من علم أو قوّة أو مال أو جاه، لأحرّك ذلك كلّه في تعليم الجاهلين، وتقوية الضّعفاء، أو سدّ حاجة الفقراء، وقضاء حاجات النّاس، لأكون الإنسان الذي يرى في الخير رسالته، وفي العطاء مسؤوليَّته، لترتفع حياة النّاس من خلال حياته، وليمتدّ الخير بامتداد عمره.

اجعلني الإنسان النّافع لخلقك الذي يرى في ذلك نعمةً عليه، كما يرى فيه حقّاً لهم في وجوده، لأنَّ جعل حاجة النّاس للنّاس، من خلال نظام التّرابط الكوني في علاقة الموجودات بعضها ببعض، فلا فرق بين الظواهر الإنسانيّة، حيث تتّصل حاجات النّاس بعضهم ببعض من خلال توزيع الطّاقات وتنوّع الحاجات، فليست المسألة مسألة عطاءٍ من حالة الذّات وما تملكه، بل هي حالة المسؤوليّة في إيصال رزق الله لعباده من خلال مسؤوليّتهم في ذلك، وهذا ما توحي به الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(النور/33)،وقوله تعالى: {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}(الحديد/7).

فلا معنى لأن يمنّ إنسان على إنسان إذا أعطاه، لأنّه لم يعطه من ماله أو من جهده، بل أعطاه مما أعطاه الله من ذلك ليوصله إليه، وقد تكون حالة المنّ منطلقةً من حالةٍ استكباريّة يشعر فيها المعطي بالعلوّ على صاحب الحاجة، أو من حالة الغفلة عن مضمون النّعمة الإلهيّة التي يمنحها الله للإنسان وعلاقتها به تعالى، ليكون دور الإنسان هو دور الإدارة التي يحركها لإيصال رزقه إلى خلقه.

وقد يكون مدلولها النّفسيّ في موقع السلبيّة الكبيرة على المستوى الأخلاقيّ، لأنَّ الله يريد للمؤمن أن يعيش روحيَّة العطاء للنَّاس والحياة، من خلال ذاتيَّة العطاء في شخصيّته الروحيّة التي تنطلق من الإيحاءات الأخلاقيّة في المضمون العبادي للعمل الصّالح الذي يرتفع إلى الله عندما يقوم به المؤمن قربةً إليه، على خطّ التّوجيه القرآنيّ في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً}(الإنسان/ 8-9).

ولعلَّ المقصود بمحق المنّ للخير الصّادر عن الإنسان، إبطال أثره ومحو نتائجه الطيّبة، وذلك باعتباره عملاً بعيداً من الخير، لا يستحقّ الثّواب عليه، ولا يرتفع به درجةً عند الله بما يرتفع به الصّالحون الذين يعملون الصّالحات عنده، لأنَّ هذا العمل إذا كان سدّ حاجة هذا المحتاج من جهة، فقد أسقط روحيّته من جهةٍ أخرى، الأمر الّذي يجعل العمل فارغاً من مضمون الخير في حركته في حياة الإنسان، لأنَّ الله يريد للمؤمنين في عمل الخير، أن يحقّقوا للمؤمن المحتاج عزّته في العطاء، حتى لا يضطرّ لإذلال نفسه بالسّؤال، فلا يرضى بإذلاله من قبل المعطي بأسلوب المنّ.

*من كتاب "في رحاب دعاء مكارم الأخلاق".

[من دعاء الإمام زين العابدين (ع) في مكارم الأخلاق:]
 

"اللّهمّ...أَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيرَ وَلاَ تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ...".

اللّهمّ اجعل حياتي بركةً على من حولي، وأجر الخير على يدي للنّاس مما يحتاجونه من طاقاتي، مما رزقتني من علم أو قوّة أو مال أو جاه، لأحرّك ذلك كلّه في تعليم الجاهلين، وتقوية الضّعفاء، أو سدّ حاجة الفقراء، وقضاء حاجات النّاس، لأكون الإنسان الذي يرى في الخير رسالته، وفي العطاء مسؤوليَّته، لترتفع حياة النّاس من خلال حياته، وليمتدّ الخير بامتداد عمره.

اجعلني الإنسان النّافع لخلقك الذي يرى في ذلك نعمةً عليه، كما يرى فيه حقّاً لهم في وجوده، لأنَّ جعل حاجة النّاس للنّاس، من خلال نظام التّرابط الكوني في علاقة الموجودات بعضها ببعض، فلا فرق بين الظواهر الإنسانيّة، حيث تتّصل حاجات النّاس بعضهم ببعض من خلال توزيع الطّاقات وتنوّع الحاجات، فليست المسألة مسألة عطاءٍ من حالة الذّات وما تملكه، بل هي حالة المسؤوليّة في إيصال رزق الله لعباده من خلال مسؤوليّتهم في ذلك، وهذا ما توحي به الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(النور/33)،وقوله تعالى: {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}(الحديد/7).

فلا معنى لأن يمنّ إنسان على إنسان إذا أعطاه، لأنّه لم يعطه من ماله أو من جهده، بل أعطاه مما أعطاه الله من ذلك ليوصله إليه، وقد تكون حالة المنّ منطلقةً من حالةٍ استكباريّة يشعر فيها المعطي بالعلوّ على صاحب الحاجة، أو من حالة الغفلة عن مضمون النّعمة الإلهيّة التي يمنحها الله للإنسان وعلاقتها به تعالى، ليكون دور الإنسان هو دور الإدارة التي يحركها لإيصال رزقه إلى خلقه.

وقد يكون مدلولها النّفسيّ في موقع السلبيّة الكبيرة على المستوى الأخلاقيّ، لأنَّ الله يريد للمؤمن أن يعيش روحيَّة العطاء للنَّاس والحياة، من خلال ذاتيَّة العطاء في شخصيّته الروحيّة التي تنطلق من الإيحاءات الأخلاقيّة في المضمون العبادي للعمل الصّالح الذي يرتفع إلى الله عندما يقوم به المؤمن قربةً إليه، على خطّ التّوجيه القرآنيّ في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً}(الإنسان/ 8-9).

ولعلَّ المقصود بمحق المنّ للخير الصّادر عن الإنسان، إبطال أثره ومحو نتائجه الطيّبة، وذلك باعتباره عملاً بعيداً من الخير، لا يستحقّ الثّواب عليه، ولا يرتفع به درجةً عند الله بما يرتفع به الصّالحون الذين يعملون الصّالحات عنده، لأنَّ هذا العمل إذا كان سدّ حاجة هذا المحتاج من جهة، فقد أسقط روحيّته من جهةٍ أخرى، الأمر الّذي يجعل العمل فارغاً من مضمون الخير في حركته في حياة الإنسان، لأنَّ الله يريد للمؤمنين في عمل الخير، أن يحقّقوا للمؤمن المحتاج عزّته في العطاء، حتى لا يضطرّ لإذلال نفسه بالسّؤال، فلا يرضى بإذلاله من قبل المعطي بأسلوب المنّ.

*من كتاب "في رحاب دعاء مكارم الأخلاق".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية