نعوذ بالله من مكائد الشَّيطان

نعوذ بالله من مكائد الشَّيطان

يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء من أدعية الصّحيفة السجاديّة، في التعوّذ بالله من نزغات الشّيطان ومكائده: "اللّهُمَّ إنّا نعوذُ بك من نزغاتِ الشّيطانِ الرَّجيم وكيْدِهِ ومكَائده، ومنَ الثِّقةِ بأمانيِّه ومواعيدِه وغروره ومصائِدِه، وأنْ يُطمِعَ نَفْسَهُ في إضْلالِنا عن طاعتِكَ، وامْتِهانِنا بمعْصِيَتِكَ، أو أنْ يَحْسُنَ عِنْدَنا ما حسَّنَ لنا، أوْ أنْ يثْقُلَ عليْنا ما كرَّهَ إليْنا".

يا ربّ، هذا هو الشيطان يزحف إلينا ليجتذبنا إلى مواقعه، وليقودنا إلى مخطّطاته، وليسيطر علينا بوسائله، وليمنعنا من الارتفاع إلى آفاق السموّ في رحاب قدسك، وليهبط بنا إلى أسفل سافلين في كهوف ظلمته.

يا ربّ، إنّ هذا الشّيطان يملك التجربة الطويلة في خداعنا وإضلالنا، حتى أصبحت تجاربه ـ في هذا المجال ـ لا تُعدّ ولا تُحصى، فهو يجدّد أساليبه تبعاً لتطوّر أوضاع الإنسان في الحياة، ليعمل على إخضاع التطوّر لمخطّطاته، ويسعى لتأكيد قوّته بمختلف الوسائل في ساحاتنا الداخليّة والخارجيّة، ليصل إلى مستوى الغلبة، أو إلى مستوى التّوازن بين ما نسمتدّه من قوّة الإيمان المنفتحة على إيحاءات قوّتك، وبين ما يملكه من عناصر القوّة.

وقد تطوّرت نموذجات جنوده، حتى تحوّل إلى قيادات كبيرة مسيطرة، وجماعات كثيرة متنوعة، ودول صغيرة وكبيرة، بحيث أصبحت مسألة الصراع بيننا وبينه من المسائل الشائكة المعقّدة الصعبة التي تحتاج إلى الكثير الكثير من الإمكانات الفكرية والروحية والعملية على امتداد العالم، وفي حجم الحياة كلّها.

لقد دخلت جماعاته وأحزابه وجيوشه وقياداته إلى مختلف مجالات الواقع الإنساني، فهناك شياطين الثقافة والسياسة والاجتماع والاقتصاد والتّربية، وهناك أبالسة الحرب والسِّلم، وهناك الكثيرون من أتباعه الذي يتلوّنون بألف لون، فمنهم الكافرون، ومنهم المنافقون...

إننا نعمل ـ يا ربّ ـ على الاستمرار في الصّراع معه، لتكون لنا القدرة على حماية أنفسنا منه أوّلاً، ولتكون لنا الغلبة عليه في ساحاته المتنوّعة، لا في داخل ساحاتنا الذاتيّة فحسب.

إننا نخطط أن تكون لنا الثقافة العالية التي تواجه ثقافته وتدخل معها في كل مجالاتها الفكرية، ونتحرّك في أن تكون لنا السياسة الرشيدة الخيّرة التي تواجه سياسته الخبيثة الشرّيرة.

وهكذا نعمل للاجتماع الذي يمنح المجتمع عناصر القوّة والوعي والتوازن، في مقابل أسلوبه في التخطيط لاجتماع يدمّر البنية الإنسانية للمجتمع، وللاقتصاد الذي يحوّل الإمكانات الاقتصادية لتكون سبباً في بناء القوّة الاقتصادية على أساس الحقّ والعدل، بدلاً من أن تكون سبباً في تدمير الاقتصاد الإنساني وتحويله إلى ما يشبه الفوضى، وستكون لنا المناهج والأساليب والوسائل التربويّة التي تدخل في صراع مرير مع مناهجه وأساليبه وتربيته.

وستكون حربنا من أجل إقامة الحياة على أساس العدل، كما يكون سلمنا من أجل إعطاء الناس فرصة الأمان الذي يوحي بالسّلامة والقوّة في مواجهة حربه التدميرية وسلمه الخادع.

إننا عازمون على التخطيط لذلك كلّه، وعلى تحويل الحياة إلى ساحةٍ للهدى لا للضلال.

يا ربّ، إنّنا قد نضعف أمام الشيطان، وقد ننساق إلى النفس الأمّارة بالسوء، وقد تغلبنا شهواتنا وتدفعنا إلى الانحراف. ولذلك، فإننا نستعيذ بك من وسوسته التي تثير فينا الكثير من الهواجس وتحبّب لنا الحرام، وتبعدنا عن حقائق الأشياء، وتسلّمنا إلى الأوهام، ومن تدبيراته الخفيّة التي تتّجه بنا نحو الشرّ، في كلّ أنواعها المختلفة باختلاف الزّمان والمكان، والقضايا الخاصّة والعامّة في ما يمثّله كيده، وفي ما تتمثّل فيه مكائده، ومن الثّقة بأمانيه التي تثير فينا الأهواء والأحلام الجوفاء، وطول الأمل الّذي يجعلنا نستغرق في الدّنيا، فتكون هي كلّ ما نعيش له ونفكّر له ونسعى نحوه، فننسى الآخرة، ويغرقنا الخيال الذي يدفع بنا إلى التّحليق في الهواء، بعيداً من كلّ منطق الواقع، فنتعلّق بالأوهام الكاذبة، كما هو السّراب الذي يجتذب فينا ظمأنا إلى الماء، فإذا جئنا إليه لم نجده شيئاً.

وهكذا نقف مع مواعيده التي يحاول فيها أن يربطنا بالمستقبل المشرق الجميل اللّذيذ الذي لا نعاني فيه مشكلة، ولا ننطلق فيه من خوف، فإذا خفنا من ترغيبه لنا بارتكاب الكبائر، وبالانحراف عن خطّ الله، وقلنا له: إنّ عذاب الله ينتظر المنحرفين الّذين يرتكبون كبائر الإثم، وعدنا بمغفرة الله وقال لنا: إنّ الله لا يمكن أن يعذّبنا على ذلك، لنندفع نحو المعصية والانحراف من دون خوف.

وإذا توقّفنا أمام بعض الأعمال التي تؤدّي بنا إلى إثارة الفتنة، وتدمير المجتمع، وإشعال الحروب، وعدنا بالنّجاة من ذلك كلّه.

إنّ دوره هو أن لا يعد بالحقّ، بل يحاول أن يجعل مواعيده في دائرة الباطل، إنّنا ـ يا ربّ ـ نستعيذ بك من غروره وخداعه، في ما يعمل فيه على إيقاعنا في المشاكل الكبيرة تحت تأثير الإيحاء بأنّه لا مشاكل هناك، ومن مصائده التي ينصبها في كلّ دروبنا، ليصطاد بها إيماننا والتزامنا واستقامتنا الفكريّة والعمليّة.

وقد أكّدت لنا ذلك في أكثر من آية، فقلت ـ سبحانك ـ {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً}[النساء: 120]، وقلت سبحانك: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إنّ الله وعدكُم وعد الحقّ ووعدتُكُم فأخلفتكم}[إبراهيم: 22]، وقلت محذِّراً: {ولا يغرنّكم بالله الغرور}[فاطر: 5].

اللّهمّ لا تسلّطه علينا ليطمع في إضلالنا عن خطّ طاعتك، وفي تحويل طاقتنا إلى معصيته.

*من كتاب "آفاق الرّوح، ج1".

يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء من أدعية الصّحيفة السجاديّة، في التعوّذ بالله من نزغات الشّيطان ومكائده: "اللّهُمَّ إنّا نعوذُ بك من نزغاتِ الشّيطانِ الرَّجيم وكيْدِهِ ومكَائده، ومنَ الثِّقةِ بأمانيِّه ومواعيدِه وغروره ومصائِدِه، وأنْ يُطمِعَ نَفْسَهُ في إضْلالِنا عن طاعتِكَ، وامْتِهانِنا بمعْصِيَتِكَ، أو أنْ يَحْسُنَ عِنْدَنا ما حسَّنَ لنا، أوْ أنْ يثْقُلَ عليْنا ما كرَّهَ إليْنا".

يا ربّ، هذا هو الشيطان يزحف إلينا ليجتذبنا إلى مواقعه، وليقودنا إلى مخطّطاته، وليسيطر علينا بوسائله، وليمنعنا من الارتفاع إلى آفاق السموّ في رحاب قدسك، وليهبط بنا إلى أسفل سافلين في كهوف ظلمته.

يا ربّ، إنّ هذا الشّيطان يملك التجربة الطويلة في خداعنا وإضلالنا، حتى أصبحت تجاربه ـ في هذا المجال ـ لا تُعدّ ولا تُحصى، فهو يجدّد أساليبه تبعاً لتطوّر أوضاع الإنسان في الحياة، ليعمل على إخضاع التطوّر لمخطّطاته، ويسعى لتأكيد قوّته بمختلف الوسائل في ساحاتنا الداخليّة والخارجيّة، ليصل إلى مستوى الغلبة، أو إلى مستوى التّوازن بين ما نسمتدّه من قوّة الإيمان المنفتحة على إيحاءات قوّتك، وبين ما يملكه من عناصر القوّة.

وقد تطوّرت نموذجات جنوده، حتى تحوّل إلى قيادات كبيرة مسيطرة، وجماعات كثيرة متنوعة، ودول صغيرة وكبيرة، بحيث أصبحت مسألة الصراع بيننا وبينه من المسائل الشائكة المعقّدة الصعبة التي تحتاج إلى الكثير الكثير من الإمكانات الفكرية والروحية والعملية على امتداد العالم، وفي حجم الحياة كلّها.

لقد دخلت جماعاته وأحزابه وجيوشه وقياداته إلى مختلف مجالات الواقع الإنساني، فهناك شياطين الثقافة والسياسة والاجتماع والاقتصاد والتّربية، وهناك أبالسة الحرب والسِّلم، وهناك الكثيرون من أتباعه الذي يتلوّنون بألف لون، فمنهم الكافرون، ومنهم المنافقون...

إننا نعمل ـ يا ربّ ـ على الاستمرار في الصّراع معه، لتكون لنا القدرة على حماية أنفسنا منه أوّلاً، ولتكون لنا الغلبة عليه في ساحاته المتنوّعة، لا في داخل ساحاتنا الذاتيّة فحسب.

إننا نخطط أن تكون لنا الثقافة العالية التي تواجه ثقافته وتدخل معها في كل مجالاتها الفكرية، ونتحرّك في أن تكون لنا السياسة الرشيدة الخيّرة التي تواجه سياسته الخبيثة الشرّيرة.

وهكذا نعمل للاجتماع الذي يمنح المجتمع عناصر القوّة والوعي والتوازن، في مقابل أسلوبه في التخطيط لاجتماع يدمّر البنية الإنسانية للمجتمع، وللاقتصاد الذي يحوّل الإمكانات الاقتصادية لتكون سبباً في بناء القوّة الاقتصادية على أساس الحقّ والعدل، بدلاً من أن تكون سبباً في تدمير الاقتصاد الإنساني وتحويله إلى ما يشبه الفوضى، وستكون لنا المناهج والأساليب والوسائل التربويّة التي تدخل في صراع مرير مع مناهجه وأساليبه وتربيته.

وستكون حربنا من أجل إقامة الحياة على أساس العدل، كما يكون سلمنا من أجل إعطاء الناس فرصة الأمان الذي يوحي بالسّلامة والقوّة في مواجهة حربه التدميرية وسلمه الخادع.

إننا عازمون على التخطيط لذلك كلّه، وعلى تحويل الحياة إلى ساحةٍ للهدى لا للضلال.

يا ربّ، إنّنا قد نضعف أمام الشيطان، وقد ننساق إلى النفس الأمّارة بالسوء، وقد تغلبنا شهواتنا وتدفعنا إلى الانحراف. ولذلك، فإننا نستعيذ بك من وسوسته التي تثير فينا الكثير من الهواجس وتحبّب لنا الحرام، وتبعدنا عن حقائق الأشياء، وتسلّمنا إلى الأوهام، ومن تدبيراته الخفيّة التي تتّجه بنا نحو الشرّ، في كلّ أنواعها المختلفة باختلاف الزّمان والمكان، والقضايا الخاصّة والعامّة في ما يمثّله كيده، وفي ما تتمثّل فيه مكائده، ومن الثّقة بأمانيه التي تثير فينا الأهواء والأحلام الجوفاء، وطول الأمل الّذي يجعلنا نستغرق في الدّنيا، فتكون هي كلّ ما نعيش له ونفكّر له ونسعى نحوه، فننسى الآخرة، ويغرقنا الخيال الذي يدفع بنا إلى التّحليق في الهواء، بعيداً من كلّ منطق الواقع، فنتعلّق بالأوهام الكاذبة، كما هو السّراب الذي يجتذب فينا ظمأنا إلى الماء، فإذا جئنا إليه لم نجده شيئاً.

وهكذا نقف مع مواعيده التي يحاول فيها أن يربطنا بالمستقبل المشرق الجميل اللّذيذ الذي لا نعاني فيه مشكلة، ولا ننطلق فيه من خوف، فإذا خفنا من ترغيبه لنا بارتكاب الكبائر، وبالانحراف عن خطّ الله، وقلنا له: إنّ عذاب الله ينتظر المنحرفين الّذين يرتكبون كبائر الإثم، وعدنا بمغفرة الله وقال لنا: إنّ الله لا يمكن أن يعذّبنا على ذلك، لنندفع نحو المعصية والانحراف من دون خوف.

وإذا توقّفنا أمام بعض الأعمال التي تؤدّي بنا إلى إثارة الفتنة، وتدمير المجتمع، وإشعال الحروب، وعدنا بالنّجاة من ذلك كلّه.

إنّ دوره هو أن لا يعد بالحقّ، بل يحاول أن يجعل مواعيده في دائرة الباطل، إنّنا ـ يا ربّ ـ نستعيذ بك من غروره وخداعه، في ما يعمل فيه على إيقاعنا في المشاكل الكبيرة تحت تأثير الإيحاء بأنّه لا مشاكل هناك، ومن مصائده التي ينصبها في كلّ دروبنا، ليصطاد بها إيماننا والتزامنا واستقامتنا الفكريّة والعمليّة.

وقد أكّدت لنا ذلك في أكثر من آية، فقلت ـ سبحانك ـ {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً}[النساء: 120]، وقلت سبحانك: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إنّ الله وعدكُم وعد الحقّ ووعدتُكُم فأخلفتكم}[إبراهيم: 22]، وقلت محذِّراً: {ولا يغرنّكم بالله الغرور}[فاطر: 5].

اللّهمّ لا تسلّطه علينا ليطمع في إضلالنا عن خطّ طاعتك، وفي تحويل طاقتنا إلى معصيته.

*من كتاب "آفاق الرّوح، ج1".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية