قال ابن حيُّون المغربي في كتاب "دعائم الإسلام" (وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام)، ج 1، 47:
"وقد رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصادق(ع)، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ شَكَا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ الله، مَاذَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَذَى النَّاسِ وَمُطَالَبَتِهِمْ لَنَا وَبُغْضِهِمْ إِيَّانَا وَطَعْنِهِمْ عَلَيْنَا، كَأَنَّا لَسْنَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِين؟!.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله: "أَو َمَا تَحْمَدُونَ الله عَلَى ذَلِكَ وَتَشْكُرُونَهُ، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا يَئِسَ مِنْكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ فِي خَلْعِ وَلَايَتِنَا الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبَلُ عَمَلَ عَامِلٍ خَلَعَهَا، أَغْرَى النَّاسَ بِكُمْ حَسَداً لَكُمْ عَلَيْهَا، فَاحْمَدُوا الله عَلَى مَا وَهَبَ لَكُمْ مِنَ الْعِصْمَةِ، وَإِذَا تَعَاظَمَكُمْ مَا تَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ، فَفَكِّرُوا فِي هَذَا، وَانْظُرُوا إِلَى مَا لَقِينَا نَحْنُ مِنَ الْمِحَنِ وَنَلْقَى مِنْهُمْ وَمَا لَقِيَ أَوْلِيَاءُ الله وَرُسُلُهُ مِنْ قِبَلِنَا، فَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ الله(ص) عَنْ أَعْظَمِ النَّاسِ امْتِحَاناً وَبَلَاءً فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَوْصِيَاءُ، ثُمَّ الْأَئِمَّةُ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ، الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلَ، وَالْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ، وَإِنَّمَا أَعْطَانَا الله وَإِيَّاكُمْ، وَرَضِيَ لَنَا وَلَكُمْ صَفْوَ عَيْشِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ(ص): الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ، وَمَا أَعْطَى الله عَبْداً مُؤْمِناً حَظّاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَشُوباً بِتَكْدِيرٍ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ حَظَّهُ مِنْ ثَوَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَلِيُكَمِّلَ الله لَهُ صَفْوَ عَيْشِ الْآخِرَةِ".
في هذا الحديث أكثر من إشارة مهمّة ينبغي الالتفات إليها؛ منها أهميّة الصّبر على البلاء والمحن، وعدم الاستسلام للضّغوطات الّتي تحاصر المؤمن كي تذهب بإيمانه، وبالرغم مما تعرض له أصحاب الأئمّة(ع) من بلاءات ومحن وشدائد، من المغرضين والوشاة والحاقدين والأعداء، كانوا ملازمين لإيمانهم، متوكّلين على ربهم، واثقين به، متمسّكين بالحقّ ولو على أنفسهم، لأنهم عرفوا معنى الصّبر والتحدّي والثّبات على الإيمان، وما في ذلك من تقويةٍ لروح المؤمن وعلوّ المقام والدّرجة عند الله. لقد علّمنا أئمَّة أهل البيت(ع) قيمة الصّبر ومعنى التحدّي والثّبات على الحقّ، ومواجهة التحدّيات بروح قويّة وعزيمة راسخة، وحمد الله وشكره على كلّ شيء، حتى على بلائه للمؤمنين الّذين يزدادون نضجاً وحكمة ووعياً لما يقعون فيه من تجارب تزيد من عنفوانهم ورسوخ إيمانهم.
والإشارة الثّانية الّتي ينبغي الالتفات إليها، هي أهميّة الولاية وتولّي أهل البيت(ع)، لما تمثّله من امتدادٍ حيٍّ وأصيلٍ لروح الإسلام، والتّفاعل مع هذه الولاية بكلّ مسؤوليّة ووعي، إذ الولاية لأهل البيت التزام بخطّ الحقّ، مهما كانت التحدّيات والتّضحيات، ومواجهة للشياطين من أصحاب المنافع والمصالح الّذين يغريهم الشيطان ويوسوس لهم ليل نهار كي يبتعدوا عمّا يمثّله أهل العصمة من مكانةٍ ومدرسةٍ حيّة للإسلام الحضاريّ الأصيل.
والإشارة الثّالثة، ما علينا وعيه من حسن الاقتداء بالأنبياء والرسل والأوصياء والأولياء من بعدهم، في صبرهم على البلاء، وفي تمسّكهم بالحقّ والإيمان ومواجهة الباطل وأهله، ووعي أنّ الله تعالى قد أعدّ لعباده الصّابرين المخلصين الثّابتين على الطّاعة، الحامدين لله في كلّ الظّروف، والشّاكرين له في السرّاء والضّراء، الجزاء الأوفى في الآخرة الّتي تشكّل منتهى آمال المؤمنين والدّار الباقية الخالدة. فالعيش الّذي يسعى إليه المؤمن هو عيش الآخرة، ولا يكون إلا بالتزام الحقّ، والسَّعي في سبيل الله في الدّنيا، وعمل الصّالحات الّذي هو من الأعمال التي تبرز مدى صبره وتضحياته والتزامه بخطِّ التّوحيد والإخلاص لله وحده والسَّير في نهج رسوله وأهل العصمة الميامين.
واليوم، إنّ التحدّيات الّتي تحاول زعزعة إيمان النّاس والتمسّك بتعاليم أهل العصمة وولايتهم حقّ الولاية في كلّ صغيرة وكبيرة، متنوّعة، إذ يسعى أهل الباطل والفساد بكلّ إمكاناتهم المادّية والمعنويّة، إلى محاصرة المؤمنين، وإسقاط حضورهم وهويّتهم وكيانهم، وتمزيقهم وتشتيتهم. في المقابل، على المؤمنين أن يتوحّدوا ويستجمعوا قواهم المادية والروحية والمعنوية، ويقوّوا جبهتهم المضادّة للباطل، وأن يعدّوا العدّة ويتسلّحوا بالصّبر والثّبات، ويكونوا عباد الله الحامدين الشّاكرين الذّاكرين المهتدين برسوله وآله الطيّبين الطّاهرين.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
قال ابن حيُّون المغربي في كتاب "دعائم الإسلام" (وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام)، ج 1، 47:
"وقد رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصادق(ع)، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ شَكَا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ الله، مَاذَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَذَى النَّاسِ وَمُطَالَبَتِهِمْ لَنَا وَبُغْضِهِمْ إِيَّانَا وَطَعْنِهِمْ عَلَيْنَا، كَأَنَّا لَسْنَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِين؟!.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله: "أَو َمَا تَحْمَدُونَ الله عَلَى ذَلِكَ وَتَشْكُرُونَهُ، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا يَئِسَ مِنْكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ فِي خَلْعِ وَلَايَتِنَا الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبَلُ عَمَلَ عَامِلٍ خَلَعَهَا، أَغْرَى النَّاسَ بِكُمْ حَسَداً لَكُمْ عَلَيْهَا، فَاحْمَدُوا الله عَلَى مَا وَهَبَ لَكُمْ مِنَ الْعِصْمَةِ، وَإِذَا تَعَاظَمَكُمْ مَا تَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ، فَفَكِّرُوا فِي هَذَا، وَانْظُرُوا إِلَى مَا لَقِينَا نَحْنُ مِنَ الْمِحَنِ وَنَلْقَى مِنْهُمْ وَمَا لَقِيَ أَوْلِيَاءُ الله وَرُسُلُهُ مِنْ قِبَلِنَا، فَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ الله(ص) عَنْ أَعْظَمِ النَّاسِ امْتِحَاناً وَبَلَاءً فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَوْصِيَاءُ، ثُمَّ الْأَئِمَّةُ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ، الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلَ، وَالْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ، وَإِنَّمَا أَعْطَانَا الله وَإِيَّاكُمْ، وَرَضِيَ لَنَا وَلَكُمْ صَفْوَ عَيْشِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ(ص): الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ، وَمَا أَعْطَى الله عَبْداً مُؤْمِناً حَظّاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَشُوباً بِتَكْدِيرٍ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ حَظَّهُ مِنْ ثَوَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَلِيُكَمِّلَ الله لَهُ صَفْوَ عَيْشِ الْآخِرَةِ".
في هذا الحديث أكثر من إشارة مهمّة ينبغي الالتفات إليها؛ منها أهميّة الصّبر على البلاء والمحن، وعدم الاستسلام للضّغوطات الّتي تحاصر المؤمن كي تذهب بإيمانه، وبالرغم مما تعرض له أصحاب الأئمّة(ع) من بلاءات ومحن وشدائد، من المغرضين والوشاة والحاقدين والأعداء، كانوا ملازمين لإيمانهم، متوكّلين على ربهم، واثقين به، متمسّكين بالحقّ ولو على أنفسهم، لأنهم عرفوا معنى الصّبر والتحدّي والثّبات على الإيمان، وما في ذلك من تقويةٍ لروح المؤمن وعلوّ المقام والدّرجة عند الله. لقد علّمنا أئمَّة أهل البيت(ع) قيمة الصّبر ومعنى التحدّي والثّبات على الحقّ، ومواجهة التحدّيات بروح قويّة وعزيمة راسخة، وحمد الله وشكره على كلّ شيء، حتى على بلائه للمؤمنين الّذين يزدادون نضجاً وحكمة ووعياً لما يقعون فيه من تجارب تزيد من عنفوانهم ورسوخ إيمانهم.
والإشارة الثّانية الّتي ينبغي الالتفات إليها، هي أهميّة الولاية وتولّي أهل البيت(ع)، لما تمثّله من امتدادٍ حيٍّ وأصيلٍ لروح الإسلام، والتّفاعل مع هذه الولاية بكلّ مسؤوليّة ووعي، إذ الولاية لأهل البيت التزام بخطّ الحقّ، مهما كانت التحدّيات والتّضحيات، ومواجهة للشياطين من أصحاب المنافع والمصالح الّذين يغريهم الشيطان ويوسوس لهم ليل نهار كي يبتعدوا عمّا يمثّله أهل العصمة من مكانةٍ ومدرسةٍ حيّة للإسلام الحضاريّ الأصيل.
والإشارة الثّالثة، ما علينا وعيه من حسن الاقتداء بالأنبياء والرسل والأوصياء والأولياء من بعدهم، في صبرهم على البلاء، وفي تمسّكهم بالحقّ والإيمان ومواجهة الباطل وأهله، ووعي أنّ الله تعالى قد أعدّ لعباده الصّابرين المخلصين الثّابتين على الطّاعة، الحامدين لله في كلّ الظّروف، والشّاكرين له في السرّاء والضّراء، الجزاء الأوفى في الآخرة الّتي تشكّل منتهى آمال المؤمنين والدّار الباقية الخالدة. فالعيش الّذي يسعى إليه المؤمن هو عيش الآخرة، ولا يكون إلا بالتزام الحقّ، والسَّعي في سبيل الله في الدّنيا، وعمل الصّالحات الّذي هو من الأعمال التي تبرز مدى صبره وتضحياته والتزامه بخطِّ التّوحيد والإخلاص لله وحده والسَّير في نهج رسوله وأهل العصمة الميامين.
واليوم، إنّ التحدّيات الّتي تحاول زعزعة إيمان النّاس والتمسّك بتعاليم أهل العصمة وولايتهم حقّ الولاية في كلّ صغيرة وكبيرة، متنوّعة، إذ يسعى أهل الباطل والفساد بكلّ إمكاناتهم المادّية والمعنويّة، إلى محاصرة المؤمنين، وإسقاط حضورهم وهويّتهم وكيانهم، وتمزيقهم وتشتيتهم. في المقابل، على المؤمنين أن يتوحّدوا ويستجمعوا قواهم المادية والروحية والمعنوية، ويقوّوا جبهتهم المضادّة للباطل، وأن يعدّوا العدّة ويتسلّحوا بالصّبر والثّبات، ويكونوا عباد الله الحامدين الشّاكرين الذّاكرين المهتدين برسوله وآله الطيّبين الطّاهرين.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.