فضل ليلة النّصف من شعبان

فضل ليلة النّصف من شعبان

كثيرة هي الأخبار عن فضل ليلة النّصف من شعبان عند علماء المسلمين بعامّة، ونورد بهذه المناسبة بعضاً منها، في إشارةٍ إلى أهميّتها، وما في إحيائها من انعكاسات روحيّة وإيمانيّة راقية على نفس المؤمن المتوجّه إلى ربّه في كلّ اللّيالي والمناسبات والزّمن كلّه.


فقد روى الحميري القمّي في كتابه "قرب الإسناد"، ص54، عن السندي بن محمد، عن وهب بن وهب القرشي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ، قال: "كان يعجبه أن يفرغ الرّجل نفسه أربع ليال من السّنة: أوّل ليلة من رجب، وليلة النّحر، وليلة الفطر، وليلة النّصف من شعبان".


وروى الشَّيخ الصَّدوق في "فضائل الأشهر الثَّلاثة"، ص 46، قال: حدَّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمد بن يحيى قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله عن أبيه عن وهب بن وهب عن الصّادق جعفر بن محمد عن أبيه(ع) قال: "كان عليّ(ع) يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال من السّنة: أوّل ليلة من رجب، وليلة النّحر، وليلة الفطر، وليلة النّصف من شعبان".

وفي "وسائل الشّيعة" للحرّ العاملي، ج 8 ص 109، عن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه قال: كان عليّ(ع) يقول: "يعجبني أن يفرغ الرّجل نفسه في السنة أربع ليال: ليلة الفطر، وليلة الأضحى، وليلة النّصف من شعبان، وأوّل ليلة من رجب. وعن إسحاق بن عمّار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، مثله.


 وفي الرّوايات عن فضل ليلة النّصف من شعبان:

جاء في وسائل الشّيعة للحرّ العاملي، ج 8 ص 105، عن محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(ع): ما تقول في ليلة النّصف من شعبان؟ قال: "يغفر الله عزّ وجلّ فيها من خلقه لأكثر من عدد شعر معزى كلب، وينزل الله عزّ وجلّ فيها ملائكته إلى السّماء الدّنيا وإلى الأرض بمكّة."


وورد في كتاب "الأمالي" للشّيخ الطوسي، ج1، ص302، وفي "مصباح المتهجّد" ص 792: عن جعفر بن محمد الصَّادق(ع) قال: "سئل الباقر(ع) عن فضل ليلة النّصف من شعبان، فقال: "هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنها ليلة آل الله على نفسه أن لا يردّ سائلاً سأله فيها، ما لم يسأله معصية، وإنّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيِّنا(ص)، فاجتهدوا في الدّعاء والثّناء على الله، فانَّه من سبَّح الله فيها مائة مرّة، وحمده مائة مرّة، وكبّره مائة مرّة، غفر الله تعالى له ما سلف من معاصيه، وقضى له حوائج الدّنيا والآخرة ما التمسه منه، وما علم حاجته إليه، وإن لم يلتمسه منه كرماً منه تعالى وتفضّلاً على عباده". قال أبو يحيى: فقلت لسيّدنا الصّادق(ع): أيّ الأدعية فيها؟ فقال: "إذا أنت صلّيت العشاء الآخرة، فصلِّ ركعتين؛ اقرأ في الأولى الحمد وسورة الجحد، وهي (قل يا أيّها الكافرون)، واقرأ في الركعة الثّانية بالحمد وسورة التَّوحيد، وهي (قل هو الله أحد)، فإذا سلَّمت قلت: سبحان الله، ثلاثاً وثلاثين مرّة، والحمد لله، ثلاثاً وثلاثين مرّة، والله أكبر، أربعا وثلاثين مرّة، فإذا فرغ سجد ويقول: يا ربّ، عشرين مرّة، يا محمَّد، سبع مرّات، لا حول ولا قوّة إلا بالله، عشر مرات، ما شاء الله، عشر مرات، لا قوّة إلا بالله، عشر مرّات، ثم تصلّي على النّبيّ محمَّد وآله، وتسأل الله حاجتك، فوالله لو سألت بها بفضله وكرمه عدد القطر، لبلغك الله إّياها بكرمه وفضله" .


وعن صلاة ليلة النّصف من شعبان وكيفيّتها، كما ذكر الشّيخ الكليني في الكافي، ج3، ص 469:

"عن عليّ بن محمد رفعه، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا كان النصف من شعبان، فصلّ أربع ركعات، تقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرّة، فإذا فرغت فقل: اللّهمّ إني إليك فقير، وإني عائذ بك ومنك خائف وبك مستجير، ربّ لا تبدل اسمي، ربّ لا تغير جسمي، ربّ لا تجهد بلائي، أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، وأعوذ بك منك، جلّ ثناؤك أنت كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون".


وقد تحدّث علماء أهل السنّة والجماعة عن فضل ليلة النّصف من شعبان، وما جرى فيها من أحداث مهمّة، فيما روي عن الرّسول الأكرم(ص):

ففي الحديث عن الرّسول(ص): "أربعٌ لياليهنّ كأيّامهنّ، وأيّامهنّ كلياليهنّ، يبرّ الله فيهنّ القسم، ويعتق فيهنّ النَّسم، ويعطي الجزيل: ليلة القدر وصباحها، وليلة عرفة وصباحها، وليلة النّصف من شعبان وصباحها، وليلة الجمعة وصباحها".


وقد جرت في شهر شعبان حادثتان تاريخيّتان عظيمتان: الأولى: معجزة انشقاق القمر، والّتي حدثت تأييداً للنبيّ(ص)، وتدليلاً على صدق دعوته، وإن كان القرآن الكريم هو الحجَّة الدّامغة الكبرى للنبيّ(ص) إلى يوم القيامة.


يقول ابن عبّاس فيما رواه أبو نعيم بسنده: "اجتمع المشركون إلى رسول الله(ص)، فقالوا: إن كنت صادقاً فشقّ لنا القمر مزقتين: نصفاً على كلّ جبل، فقال لهم النبيّ(ص): تؤمنون بعد ذلك؟ قالوا: نعم. فسأل الله عزّ وجلّ أن يعطيه ما سألوا، وكانت ليلة بدر، فأمسى القمر وقد شقّ على جبل أبي قبيس ونصفاً على جبل قعيقعان.


عند ذلك، قال كفَّار قريش لأهل مكَّة: هذا سحرٌ يسحركم به ابن أبي كبشة (أحد أجداد النبيّ(ص). انظروا فهو سحر سحركم به، قال: فسئل السفار ومن قدموا من كلّ جهة، فقالوا: رأينا ذلك، وأنزل الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ *وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ}"[القمر: 1 – 3].


أمّا الحادثة الثانية في شهر شعبان، فهي تحوّل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرّفة، وكان اليهود يقولون: إنّ محمداً يصلّي إلى قبلتنا ويترك ديننا، فكان النبيّ(ص) يتمنى أن يأذن الله له في تحويل القبلة إلى الكعبة، ويقلب وجهه في السّماء ترقّباً لنزول الوحي بذلك، وتضرّعاً إلى الله عزَّ وجلَّ، وبعد ستّة عشر شهراً من دعائه(ص)، وفي يوم النصف من شعبان من  السّنة الثانية للهجرة، وبينما النّبيّ محمّد(ص) والمسلمون في صلاة الظهر ـ وفي رواية أخرى في صلاة العصر في بني سلمة - إذ نزل الوحي الأمين بتحويل القبلة، فتوجّه رسول الله(ص) إلى جهة الكعبة، وتبعه المسلمون خلفه وهم في الصّلاة، وذلك في الركعة الثّالثة منها، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]. وسمّي ذلك المسجد بمسجد ذي القبلتين، المعروف الآن هناك في المدينة المنوّرة، على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام، فقرّت عين النبيّ(ص) بهذا التحويل، وما ذلك إلا ببركة ليلة النصف من شعبان.


وهنا بدأ اليهود والمنافقون يشكّكون في الإسلام، ويفترون، ويثيرون التساؤلات والاعتراضات، حقداً وحسداً على الإسلام وأهله، وبغية الفساد في الأرض والفتنة، وردّ الله عليهم بقوله سبحانه: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[البقرة: 142].


وفي الحديث عن رسول الله(ص)، سأل أسامة بن زيد رسول الله(ص)، فقال: "يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشّهور ما تصوم في شعبان؟ قال: ذاك شهر يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحبّ أن يرفع عملي وأنا صائم".


مما تقدّم، يتبين بركة هذه الليلة الّتي يعكف فيها المؤمنون على عبادة ربهم، والتوجّه إليه بنيّات مخلصة وأعمال صادقة، ففي مثل هذه اللّيالي، كلّ النّفحات الروحية والإيمانيّة التي تستثير الإنسان كي يقبل عليها ويستفيد منها في كلّ ما يقرّبه من ربّه ويهذّب نفسه ويسمو بروحه...

كثيرة هي الأخبار عن فضل ليلة النّصف من شعبان عند علماء المسلمين بعامّة، ونورد بهذه المناسبة بعضاً منها، في إشارةٍ إلى أهميّتها، وما في إحيائها من انعكاسات روحيّة وإيمانيّة راقية على نفس المؤمن المتوجّه إلى ربّه في كلّ اللّيالي والمناسبات والزّمن كلّه.


فقد روى الحميري القمّي في كتابه "قرب الإسناد"، ص54، عن السندي بن محمد، عن وهب بن وهب القرشي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ، قال: "كان يعجبه أن يفرغ الرّجل نفسه أربع ليال من السّنة: أوّل ليلة من رجب، وليلة النّحر، وليلة الفطر، وليلة النّصف من شعبان".


وروى الشَّيخ الصَّدوق في "فضائل الأشهر الثَّلاثة"، ص 46، قال: حدَّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمد بن يحيى قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله عن أبيه عن وهب بن وهب عن الصّادق جعفر بن محمد عن أبيه(ع) قال: "كان عليّ(ع) يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال من السّنة: أوّل ليلة من رجب، وليلة النّحر، وليلة الفطر، وليلة النّصف من شعبان".

وفي "وسائل الشّيعة" للحرّ العاملي، ج 8 ص 109، عن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه قال: كان عليّ(ع) يقول: "يعجبني أن يفرغ الرّجل نفسه في السنة أربع ليال: ليلة الفطر، وليلة الأضحى، وليلة النّصف من شعبان، وأوّل ليلة من رجب. وعن إسحاق بن عمّار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، مثله.


 وفي الرّوايات عن فضل ليلة النّصف من شعبان:

جاء في وسائل الشّيعة للحرّ العاملي، ج 8 ص 105، عن محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر(ع): ما تقول في ليلة النّصف من شعبان؟ قال: "يغفر الله عزّ وجلّ فيها من خلقه لأكثر من عدد شعر معزى كلب، وينزل الله عزّ وجلّ فيها ملائكته إلى السّماء الدّنيا وإلى الأرض بمكّة."


وورد في كتاب "الأمالي" للشّيخ الطوسي، ج1، ص302، وفي "مصباح المتهجّد" ص 792: عن جعفر بن محمد الصَّادق(ع) قال: "سئل الباقر(ع) عن فضل ليلة النّصف من شعبان، فقال: "هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنها ليلة آل الله على نفسه أن لا يردّ سائلاً سأله فيها، ما لم يسأله معصية، وإنّها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيِّنا(ص)، فاجتهدوا في الدّعاء والثّناء على الله، فانَّه من سبَّح الله فيها مائة مرّة، وحمده مائة مرّة، وكبّره مائة مرّة، غفر الله تعالى له ما سلف من معاصيه، وقضى له حوائج الدّنيا والآخرة ما التمسه منه، وما علم حاجته إليه، وإن لم يلتمسه منه كرماً منه تعالى وتفضّلاً على عباده". قال أبو يحيى: فقلت لسيّدنا الصّادق(ع): أيّ الأدعية فيها؟ فقال: "إذا أنت صلّيت العشاء الآخرة، فصلِّ ركعتين؛ اقرأ في الأولى الحمد وسورة الجحد، وهي (قل يا أيّها الكافرون)، واقرأ في الركعة الثّانية بالحمد وسورة التَّوحيد، وهي (قل هو الله أحد)، فإذا سلَّمت قلت: سبحان الله، ثلاثاً وثلاثين مرّة، والحمد لله، ثلاثاً وثلاثين مرّة، والله أكبر، أربعا وثلاثين مرّة، فإذا فرغ سجد ويقول: يا ربّ، عشرين مرّة، يا محمَّد، سبع مرّات، لا حول ولا قوّة إلا بالله، عشر مرات، ما شاء الله، عشر مرات، لا قوّة إلا بالله، عشر مرّات، ثم تصلّي على النّبيّ محمَّد وآله، وتسأل الله حاجتك، فوالله لو سألت بها بفضله وكرمه عدد القطر، لبلغك الله إّياها بكرمه وفضله" .


وعن صلاة ليلة النّصف من شعبان وكيفيّتها، كما ذكر الشّيخ الكليني في الكافي، ج3، ص 469:

"عن عليّ بن محمد رفعه، عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا كان النصف من شعبان، فصلّ أربع ركعات، تقرأ في كلّ ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرّة، فإذا فرغت فقل: اللّهمّ إني إليك فقير، وإني عائذ بك ومنك خائف وبك مستجير، ربّ لا تبدل اسمي، ربّ لا تغير جسمي، ربّ لا تجهد بلائي، أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، وأعوذ بك منك، جلّ ثناؤك أنت كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون".


وقد تحدّث علماء أهل السنّة والجماعة عن فضل ليلة النّصف من شعبان، وما جرى فيها من أحداث مهمّة، فيما روي عن الرّسول الأكرم(ص):

ففي الحديث عن الرّسول(ص): "أربعٌ لياليهنّ كأيّامهنّ، وأيّامهنّ كلياليهنّ، يبرّ الله فيهنّ القسم، ويعتق فيهنّ النَّسم، ويعطي الجزيل: ليلة القدر وصباحها، وليلة عرفة وصباحها، وليلة النّصف من شعبان وصباحها، وليلة الجمعة وصباحها".


وقد جرت في شهر شعبان حادثتان تاريخيّتان عظيمتان: الأولى: معجزة انشقاق القمر، والّتي حدثت تأييداً للنبيّ(ص)، وتدليلاً على صدق دعوته، وإن كان القرآن الكريم هو الحجَّة الدّامغة الكبرى للنبيّ(ص) إلى يوم القيامة.


يقول ابن عبّاس فيما رواه أبو نعيم بسنده: "اجتمع المشركون إلى رسول الله(ص)، فقالوا: إن كنت صادقاً فشقّ لنا القمر مزقتين: نصفاً على كلّ جبل، فقال لهم النبيّ(ص): تؤمنون بعد ذلك؟ قالوا: نعم. فسأل الله عزّ وجلّ أن يعطيه ما سألوا، وكانت ليلة بدر، فأمسى القمر وقد شقّ على جبل أبي قبيس ونصفاً على جبل قعيقعان.


عند ذلك، قال كفَّار قريش لأهل مكَّة: هذا سحرٌ يسحركم به ابن أبي كبشة (أحد أجداد النبيّ(ص). انظروا فهو سحر سحركم به، قال: فسئل السفار ومن قدموا من كلّ جهة، فقالوا: رأينا ذلك، وأنزل الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ *وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ}"[القمر: 1 – 3].


أمّا الحادثة الثانية في شهر شعبان، فهي تحوّل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرّفة، وكان اليهود يقولون: إنّ محمداً يصلّي إلى قبلتنا ويترك ديننا، فكان النبيّ(ص) يتمنى أن يأذن الله له في تحويل القبلة إلى الكعبة، ويقلب وجهه في السّماء ترقّباً لنزول الوحي بذلك، وتضرّعاً إلى الله عزَّ وجلَّ، وبعد ستّة عشر شهراً من دعائه(ص)، وفي يوم النصف من شعبان من  السّنة الثانية للهجرة، وبينما النّبيّ محمّد(ص) والمسلمون في صلاة الظهر ـ وفي رواية أخرى في صلاة العصر في بني سلمة - إذ نزل الوحي الأمين بتحويل القبلة، فتوجّه رسول الله(ص) إلى جهة الكعبة، وتبعه المسلمون خلفه وهم في الصّلاة، وذلك في الركعة الثّالثة منها، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]. وسمّي ذلك المسجد بمسجد ذي القبلتين، المعروف الآن هناك في المدينة المنوّرة، على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام، فقرّت عين النبيّ(ص) بهذا التحويل، وما ذلك إلا ببركة ليلة النصف من شعبان.


وهنا بدأ اليهود والمنافقون يشكّكون في الإسلام، ويفترون، ويثيرون التساؤلات والاعتراضات، حقداً وحسداً على الإسلام وأهله، وبغية الفساد في الأرض والفتنة، وردّ الله عليهم بقوله سبحانه: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[البقرة: 142].


وفي الحديث عن رسول الله(ص)، سأل أسامة بن زيد رسول الله(ص)، فقال: "يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشّهور ما تصوم في شعبان؟ قال: ذاك شهر يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحبّ أن يرفع عملي وأنا صائم".


مما تقدّم، يتبين بركة هذه الليلة الّتي يعكف فيها المؤمنون على عبادة ربهم، والتوجّه إليه بنيّات مخلصة وأعمال صادقة، ففي مثل هذه اللّيالي، كلّ النّفحات الروحية والإيمانيّة التي تستثير الإنسان كي يقبل عليها ويستفيد منها في كلّ ما يقرّبه من ربّه ويهذّب نفسه ويسمو بروحه...

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية