"الحبلُ مُرخَى"، هي عبارة شعبيَّة تنطبق على البعض، الَّذين يظنّون أنَّ الحبل مُرخى لهم، فهم في مأمنٍ في حياتهم، وكأنَّهم خالدون، والحياة عندهم لا تنتهي، بل هي مساحة لهم لإشباع نزواتهم وشهواتهم ومصالحهم وأهوائهم، فيعيشون حالة الاسترخاء للآثام، والاستغراق في الملذَّات والمظاهر.. تراهم لا يتكلَّمون بالحقّ، بل يتعمَّدون الكذب، ولا يتورَّعون عنه، ويسعون في الباطل، ويعتدون على الحقوق، فيأخذون ما لهم وما ليس لهم دون وازع، وينتشرون في المجالس الخاصَّة والعامَّة، ويغتابون هذا وذاك دون رادع، وينطقون بما تهوى أنفسهم، ولو كان ذلك باطلاً، فيزوِّرون الحقائق، ويدَّعون الأباطيل، ويلصقونها بالنّاس، حتى ولو كانوا علماء، فلا يتورَّعون عن التَّشهير بهم، وقول البهتان والزور.
كما أنّهم يأكلون المال الحرام، ويدخلون إلى جوفهم الطَّعام الحرام والشَّراب الحرام، وحالهم حال المعرضين عن ذكر الله، وقلوبهم مقفلة لاهية لا تتحرّك إلا في دنيا الشَّهوة، أولئك هم حزب الشَّيطان وأعداء الله، حيث باعوا أنفسهم للشّيطان، واستسلموا لفجور النَّفس ونزعاتها.
وعن هذه النّقطة، يقول المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض): "{لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}، بكلِّ زخارف الدّنيا وزينتها، وبكلِّ مواقع الشَّهوات ومراتعها، وبكلِّ مظاهر القوَّة وأدواتها، فهي مشغولةٌ بذلك كلِّه، مبهورة بالألوان اللامعة، وبالصّور السَّاحرة، في حالةٍ من اللَّهو المتحرّك في نبضاتها، المهتزّ في مشاعرها، حيث لا تطمئنّ إلى هدوء الفكر، وصفاء الروح، وإشراقة الوجدان، لتكتشف من خلال ذلك كلِّه، أنَّ وراء كلِّ هذه الأوضاع اللاهية الباهرة عمقاً للحياة، بما تختزنه من مشاكل ومتاعب وبلايا وآلام، مما قد ينسف كلَّ هذا الواقع الّذي يسترخون فيه، ويطمئنّون إليه، فلو تصوّره الناس بحقيقته، لابتعدوا عن الاستسلام لما يستسلمون له الآن، وأعرضوا عن اللَّهو الَّذي يأخذون به.
ولعلَّ مشكلة اللَّهو القلبيّ أخطر من مشكلة اللّهو الجسديّ، لأنّه يستنزف كلَّ عناصر الإحساس الجدّيّ في عمق الذّات، بينما يتحرّك اللّهو الجسديّ ليشغل العين واليد واللّسان، وبذلك يبتعد الإنسان عن خطِّ الالتزام في حركة الواقع من خلال الرِّسالة".[تفسير من وحي القرآن، ج 15، ص 189].
في مقابل هؤلاء، هناك المؤمنون المخلصون، العامرة قلوبهم بذكر الله، بحيث تمتلئ حبّاً له وخشيةً منه، ولا يتكلَّمون إلا بالحقّ، ولا ينتصرون إلا له، ويساعدون المحتاج والضَّعيف، ويقفون في وجه الظّلم والظّالمين، لا يغتابون ولا يسيئون إلى أحد، لا يتحركون إلا في مرضاة الله، ويحسبون حسابه في كلِّ كبيرةٍ وصغيرة، لا يكذبون ولا يسرقون، ولا يأكلون مالاً حراماً، ولا يستغرقون في الشَّهوات والأهواء. فتحوا عقولهم وقلوبهم على الله، فاستغلّوا كلَّ أوقاتهم ولحظاتهم وطاقاتهم وشبابهم وقوَّتهم وإمكاناتهم فيما يرضي الله، قلوبهم تنبض بالخير والمشاعر الطيِّبة، يرحمون الكبير، ويشفقون على الصَّغير والضَّعيف، يسارعون في البذل للمحتاج.
علينا أن نغتنم صحَّتنا وشبابنا وأوقاتنا، بغية إعمار قلوبنا بذكر الله، وأن نبتعد عن زخارف الدّنيا وعن الغفلة، وفي الحديث عن الرّسول(ص): "اغتنم خمساً قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
كم نحن بحاجةٍ إلى أن نعمر قلوبنا بذكر الله، وبمشاعر الخير والرّحمة والتَّكافل والتَّعاون، وأن نبتعد عمّا يقتل فينا إنسانيَّتنا ودورنا ومسؤوليَّتنا في بناء الحياة بكلِّ ما يلزمها من مواقف طيِّبة وأعمال صالحة ومشاعر صادقة طاهرة!
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
"الحبلُ مُرخَى"، هي عبارة شعبيَّة تنطبق على البعض، الَّذين يظنّون أنَّ الحبل مُرخى لهم، فهم في مأمنٍ في حياتهم، وكأنَّهم خالدون، والحياة عندهم لا تنتهي، بل هي مساحة لهم لإشباع نزواتهم وشهواتهم ومصالحهم وأهوائهم، فيعيشون حالة الاسترخاء للآثام، والاستغراق في الملذَّات والمظاهر.. تراهم لا يتكلَّمون بالحقّ، بل يتعمَّدون الكذب، ولا يتورَّعون عنه، ويسعون في الباطل، ويعتدون على الحقوق، فيأخذون ما لهم وما ليس لهم دون وازع، وينتشرون في المجالس الخاصَّة والعامَّة، ويغتابون هذا وذاك دون رادع، وينطقون بما تهوى أنفسهم، ولو كان ذلك باطلاً، فيزوِّرون الحقائق، ويدَّعون الأباطيل، ويلصقونها بالنّاس، حتى ولو كانوا علماء، فلا يتورَّعون عن التَّشهير بهم، وقول البهتان والزور.
كما أنّهم يأكلون المال الحرام، ويدخلون إلى جوفهم الطَّعام الحرام والشَّراب الحرام، وحالهم حال المعرضين عن ذكر الله، وقلوبهم مقفلة لاهية لا تتحرّك إلا في دنيا الشَّهوة، أولئك هم حزب الشَّيطان وأعداء الله، حيث باعوا أنفسهم للشّيطان، واستسلموا لفجور النَّفس ونزعاتها.
وعن هذه النّقطة، يقول المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض): "{لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}، بكلِّ زخارف الدّنيا وزينتها، وبكلِّ مواقع الشَّهوات ومراتعها، وبكلِّ مظاهر القوَّة وأدواتها، فهي مشغولةٌ بذلك كلِّه، مبهورة بالألوان اللامعة، وبالصّور السَّاحرة، في حالةٍ من اللَّهو المتحرّك في نبضاتها، المهتزّ في مشاعرها، حيث لا تطمئنّ إلى هدوء الفكر، وصفاء الروح، وإشراقة الوجدان، لتكتشف من خلال ذلك كلِّه، أنَّ وراء كلِّ هذه الأوضاع اللاهية الباهرة عمقاً للحياة، بما تختزنه من مشاكل ومتاعب وبلايا وآلام، مما قد ينسف كلَّ هذا الواقع الّذي يسترخون فيه، ويطمئنّون إليه، فلو تصوّره الناس بحقيقته، لابتعدوا عن الاستسلام لما يستسلمون له الآن، وأعرضوا عن اللَّهو الَّذي يأخذون به.
ولعلَّ مشكلة اللَّهو القلبيّ أخطر من مشكلة اللّهو الجسديّ، لأنّه يستنزف كلَّ عناصر الإحساس الجدّيّ في عمق الذّات، بينما يتحرّك اللّهو الجسديّ ليشغل العين واليد واللّسان، وبذلك يبتعد الإنسان عن خطِّ الالتزام في حركة الواقع من خلال الرِّسالة".[تفسير من وحي القرآن، ج 15، ص 189].
في مقابل هؤلاء، هناك المؤمنون المخلصون، العامرة قلوبهم بذكر الله، بحيث تمتلئ حبّاً له وخشيةً منه، ولا يتكلَّمون إلا بالحقّ، ولا ينتصرون إلا له، ويساعدون المحتاج والضَّعيف، ويقفون في وجه الظّلم والظّالمين، لا يغتابون ولا يسيئون إلى أحد، لا يتحركون إلا في مرضاة الله، ويحسبون حسابه في كلِّ كبيرةٍ وصغيرة، لا يكذبون ولا يسرقون، ولا يأكلون مالاً حراماً، ولا يستغرقون في الشَّهوات والأهواء. فتحوا عقولهم وقلوبهم على الله، فاستغلّوا كلَّ أوقاتهم ولحظاتهم وطاقاتهم وشبابهم وقوَّتهم وإمكاناتهم فيما يرضي الله، قلوبهم تنبض بالخير والمشاعر الطيِّبة، يرحمون الكبير، ويشفقون على الصَّغير والضَّعيف، يسارعون في البذل للمحتاج.
علينا أن نغتنم صحَّتنا وشبابنا وأوقاتنا، بغية إعمار قلوبنا بذكر الله، وأن نبتعد عن زخارف الدّنيا وعن الغفلة، وفي الحديث عن الرّسول(ص): "اغتنم خمساً قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
كم نحن بحاجةٍ إلى أن نعمر قلوبنا بذكر الله، وبمشاعر الخير والرّحمة والتَّكافل والتَّعاون، وأن نبتعد عمّا يقتل فينا إنسانيَّتنا ودورنا ومسؤوليَّتنا في بناء الحياة بكلِّ ما يلزمها من مواقف طيِّبة وأعمال صالحة ومشاعر صادقة طاهرة!
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.