الحذر من الشَّماتة

الحذر من الشَّماتة

المؤمن هو من لا يحمل في قلبه غِلاً وحقداً وبغضاً ضدَّ أحد، فيقول كلّ قول طيّب يؤنس به النّفوس، ويثلج به الصّدور، ويهدِّئ به المشاعر، ويزيل به أيَّ فرصةٍ للتَّدابر والتّباغض، والمؤمن هو من يفكّر التَّفكير العقلاني، فلا يلجأ إلى أيِّ عصبيّة أو توتّر أو انفعالٍ في تعامله مع الآخرين.

وكما يروى عن الرَّسول الأكرم(ص): "المؤمن مرآة المؤمن"، فلا يتسبَّب له بأيِّ أذى في قولٍ أو فعل، بل يتمنَّى أن يكون مثله في أحسن حال، ويعمل للوصول إلى ذلك. والبعض من النَّاس قد يشمتون إذا وقعت مصيبة، أو حصلت مشكلة مع البعض، ويظهرون شماتتهم في مجالسهم الخاصَّة، حتى إنّهم لا يتورَّعون عن إظهار الشَّماتة في الأماكن العامَّة، وهو ما يدلُّ على سوء نيَّة وخبث سريرة، فالمؤمن لا يتَّصف بهذه الصِّفة المذمومة عند الله تعالى، إذ إنَّ الشَّماتة ليست من الخلق الحسن والكريم، ولا تعبِّر عن أيِّ أصالةٍ أو صحَّة في السّلوك أو الشَّخصيَّة، لا بل تعبّر عن مرضٍ نفسيّ وعقدةٍ يعيشها صاحبها وتخرِّب عليه حياته، إذ ينشغل بعيوب النَّاس ومشاكلهم، وينفلت لسانه، وتصدر عنه المواقف والسلوكيَّات الّتي تشبع شماتته القذرة الّتي تسيء إلى محيطه والحياة من حوله.

البعض قد يشمتون إذا وقع أقاربهم في مرضٍ أو ضائقةٍ ماليَّة، أو حصل معهم حادث معيَّن، أو تعرّضوا لإهانةٍ أو موقفٍ ما، وبدل أن يخفِّفوا عنهم ويواسوهم بالكلمة الطيِّبة والعمل الطيِّب، ويبذلوا لهم المشاعر الطيِّبة، إذ بهم يلجأون إلى الشّماتة بهم، ويزيدون بهذا الهمّ عليهم، وهم بذلك يبتعدون عن حقيقة الإيمان، فلا يمكن أن تجتمع الشماتة مع الإيمان الَّذي يدعو إلى حسن الخلُق وإظهار المواساة في كلِّ شيء مع المؤمنين، وبذل كلّ ما يصلح أمرهم، ويخفِّف من آلامهم، ويجلب لهم الاطمئنان والسَّلامة والأمان.

أيّها الشمَّات، سواء كنت رجلاً أو امرأةً، لا تنس أنَّ الله تعالى يحتقر شماتتك، ويبعدك عن مواقع رحمته ورضاه، ويرحم من تشمت به، ويعطيه على شماتتك الحسنات، ويضاعف لك السيِّئات. وقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق(ع): "لا تبدِ الشَّماتة لأخيك، فيرحمه الله ويصيِّرها إليك". وفي حديثٍ آخر يقول: "من شمت بمصيبةٍ نزلت بأخيه، لم يخرج من الدّنيا حتى يُفتَتَن".

من هنا، يجب الحذر من عقاب الله الدّنيويّ قبل الأخرويّ على الشَّماتة المقيتة الّتي يرفضها الشَّرع والعقل، وتمجُّها الفطرة السويّة السَّليمة.

فلنربِّ أنفسنا على الحبِّ والرّحمة للآخرين، ولنتمثَّل الإيمان في سلوكنا، فنستر على عورات المؤمنين وعيوبهم، ولا نتكلَّم إلا جميلاً عنهم، ونندفع بكلِّ شجاعةٍ وشهامةٍ إلى عونهم ومساعدتهم ومواساتهم بكلِّ ما يلزمهم، ولا نبدِ أيّة شماتةٍ تعيبنا أمام الله تعالى، وتخزينا يوم يبعثنا، وتُنقص من إنسانيَّتنا، وتحطّ من أخلاقيّاتنا أمام النّاس.

أن تعيش إيمانك، يعني أن تعيش إنسانيَّتك وأخلاقيَّاتك الإيمانيَّة في ستر عورات المؤمنين، وإبداء مشاعر المودَّة والرَّحمة والمواساة تجاههم، وفي الحديث: "طوبى لمن انشغل بعيوبه عن عيوب النّاس".

فلنصلح ذات بيننا، ولنربِّ أنفسنا وأجيالنا على مشاعر المواساة والمودَّة والسّتر على الآخرين، كي نصل إلى مرحلةٍ نعيش فيها فعلاً حقيقة الإيمان وأصالة الانتماء إلى روح الدّين.

إنَّ بناءَ مجتمعٍ إيمانيٍّ إنسانيٍّ يتَّصف بالقوَّة والتَّماسك والتَّواصل والتَّكافل والتّراحم، يفرض الابتعاد عن طريق الشَّماتة الّتي تحطّ من قدر الإنسان، وتنحرف به عن جادة الحقّ والصَّواب، وتوقعه في معصية الله وغضبه، واستحقاق عقابه. فلنكن المؤمنين الّذين يعملون  على أن يكونوا من أهل رضوانه وطاعته.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.


المؤمن هو من لا يحمل في قلبه غِلاً وحقداً وبغضاً ضدَّ أحد، فيقول كلّ قول طيّب يؤنس به النّفوس، ويثلج به الصّدور، ويهدِّئ به المشاعر، ويزيل به أيَّ فرصةٍ للتَّدابر والتّباغض، والمؤمن هو من يفكّر التَّفكير العقلاني، فلا يلجأ إلى أيِّ عصبيّة أو توتّر أو انفعالٍ في تعامله مع الآخرين.

وكما يروى عن الرَّسول الأكرم(ص): "المؤمن مرآة المؤمن"، فلا يتسبَّب له بأيِّ أذى في قولٍ أو فعل، بل يتمنَّى أن يكون مثله في أحسن حال، ويعمل للوصول إلى ذلك. والبعض من النَّاس قد يشمتون إذا وقعت مصيبة، أو حصلت مشكلة مع البعض، ويظهرون شماتتهم في مجالسهم الخاصَّة، حتى إنّهم لا يتورَّعون عن إظهار الشَّماتة في الأماكن العامَّة، وهو ما يدلُّ على سوء نيَّة وخبث سريرة، فالمؤمن لا يتَّصف بهذه الصِّفة المذمومة عند الله تعالى، إذ إنَّ الشَّماتة ليست من الخلق الحسن والكريم، ولا تعبِّر عن أيِّ أصالةٍ أو صحَّة في السّلوك أو الشَّخصيَّة، لا بل تعبّر عن مرضٍ نفسيّ وعقدةٍ يعيشها صاحبها وتخرِّب عليه حياته، إذ ينشغل بعيوب النَّاس ومشاكلهم، وينفلت لسانه، وتصدر عنه المواقف والسلوكيَّات الّتي تشبع شماتته القذرة الّتي تسيء إلى محيطه والحياة من حوله.

البعض قد يشمتون إذا وقع أقاربهم في مرضٍ أو ضائقةٍ ماليَّة، أو حصل معهم حادث معيَّن، أو تعرّضوا لإهانةٍ أو موقفٍ ما، وبدل أن يخفِّفوا عنهم ويواسوهم بالكلمة الطيِّبة والعمل الطيِّب، ويبذلوا لهم المشاعر الطيِّبة، إذ بهم يلجأون إلى الشّماتة بهم، ويزيدون بهذا الهمّ عليهم، وهم بذلك يبتعدون عن حقيقة الإيمان، فلا يمكن أن تجتمع الشماتة مع الإيمان الَّذي يدعو إلى حسن الخلُق وإظهار المواساة في كلِّ شيء مع المؤمنين، وبذل كلّ ما يصلح أمرهم، ويخفِّف من آلامهم، ويجلب لهم الاطمئنان والسَّلامة والأمان.

أيّها الشمَّات، سواء كنت رجلاً أو امرأةً، لا تنس أنَّ الله تعالى يحتقر شماتتك، ويبعدك عن مواقع رحمته ورضاه، ويرحم من تشمت به، ويعطيه على شماتتك الحسنات، ويضاعف لك السيِّئات. وقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق(ع): "لا تبدِ الشَّماتة لأخيك، فيرحمه الله ويصيِّرها إليك". وفي حديثٍ آخر يقول: "من شمت بمصيبةٍ نزلت بأخيه، لم يخرج من الدّنيا حتى يُفتَتَن".

من هنا، يجب الحذر من عقاب الله الدّنيويّ قبل الأخرويّ على الشَّماتة المقيتة الّتي يرفضها الشَّرع والعقل، وتمجُّها الفطرة السويّة السَّليمة.

فلنربِّ أنفسنا على الحبِّ والرّحمة للآخرين، ولنتمثَّل الإيمان في سلوكنا، فنستر على عورات المؤمنين وعيوبهم، ولا نتكلَّم إلا جميلاً عنهم، ونندفع بكلِّ شجاعةٍ وشهامةٍ إلى عونهم ومساعدتهم ومواساتهم بكلِّ ما يلزمهم، ولا نبدِ أيّة شماتةٍ تعيبنا أمام الله تعالى، وتخزينا يوم يبعثنا، وتُنقص من إنسانيَّتنا، وتحطّ من أخلاقيّاتنا أمام النّاس.

أن تعيش إيمانك، يعني أن تعيش إنسانيَّتك وأخلاقيَّاتك الإيمانيَّة في ستر عورات المؤمنين، وإبداء مشاعر المودَّة والرَّحمة والمواساة تجاههم، وفي الحديث: "طوبى لمن انشغل بعيوبه عن عيوب النّاس".

فلنصلح ذات بيننا، ولنربِّ أنفسنا وأجيالنا على مشاعر المواساة والمودَّة والسّتر على الآخرين، كي نصل إلى مرحلةٍ نعيش فيها فعلاً حقيقة الإيمان وأصالة الانتماء إلى روح الدّين.

إنَّ بناءَ مجتمعٍ إيمانيٍّ إنسانيٍّ يتَّصف بالقوَّة والتَّماسك والتَّواصل والتَّكافل والتّراحم، يفرض الابتعاد عن طريق الشَّماتة الّتي تحطّ من قدر الإنسان، وتنحرف به عن جادة الحقّ والصَّواب، وتوقعه في معصية الله وغضبه، واستحقاق عقابه. فلنكن المؤمنين الّذين يعملون  على أن يكونوا من أهل رضوانه وطاعته.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية