أن يتربّى الإنسان على خشية الله تعالى، فذلك غاية السَّعادة والاطمئنان والسَّلامة، بحيث يشعر بدفق المشاعر والأحاسيس الصَّادقة، الخالية من أيّ أشكال المادَّة ومظاهر الدّنيا الخادعة، فلا يشعر بوجدانه إلا بخشية الله تعالى، ولا يفكِّر إلا في الآفاق الّتي أرادها له أن ينفتح عليها؛ آفاق الخير، فلا يقول إلا خيراً وكلاماً طيّباً، وآفاق الرّحمة، فيعيش الرّحمة سلوكاً مع زوجته وأولاده وجيرانه ومحيطه ومع المحتاجين والضّعفاء، وآفاق العدل، فلا يظلم أحداً، ولا يعتدي على حقِّ أحد، بل يلتزم شريعة الله فيما أمر ونهى، وآفاق المحبَّة، فلا يحمل في صدره غِلّاً أو حقداً أو بغضاء ضدَّ أحد.
ليست الخشية من الله أمراً ذهنيّاً مجرَّداً؛ إنها حالة نفسيَّة شعوريَّة يصل إليها الإنسان المؤمن بربِّه، بحيث لا يشرك في حبِّ الله أحداً، أيّاً كان، ولا شيئاً من حطام الدّنيا، حتّى لو كان جاهاً أو سلطاناً، ولا يخشى أحداً من النّاس، مهما علا شأنه.
لذا، فهو المؤمن الملتزم على الدَّوام حدود الله في أوامره ونواهيه عن وعيٍ وقناعةٍ وإدراكٍ لحقِّ الله تعالى عليه؛ هذا الحقّ الَّذي يدفعنا إلى أن نخشى الله تعالى وحده، ونعيش الخشية حركةً في الشّعور والإيمان والسّلوك، بشكلٍ نهذِّب أنفسنا ونربّيها عبر التدبّر والتفكّر والتأمّل في دنيانا وآخرتنا. من هنا، تنطلق الحاجة إلى مراجعة مواقفنا وسلوكيّاتنا، فنصلح ما اعوجّ منها، ونصلح سرائرنا وننظّفها، ونصلح عقولنا ومشاعرنا، فليس في قلب المؤمن وعقله ما يسيء إلى الآخر والحياة.
ومن النّاس من يخشى بعض السَّلاطين والزعماء، وبعض المتنفّذين هنا وهناك، أكثر من خشية الله تعالى، ويحتار كيف يرضيهم ويتقرَّب إليهم، وينسى ربّه وخالقه، ويمعن بالتّالي في ظلمه وتعدّيه على حقوق الآخرين، ويبتعد عن رحمة الله ورضوانه، إذ يقبل بعقله وقلبه على حبِّ الدّنيا، والانغماس في ملذَّاتها وحساباتها الآنيَّة والظرفيَّة، فيستحوذ الشّيطان إذ ذاك على قلبه وعقله، وينسيه ذكر الله تعالى.
أمَّا المؤمن بربِّه، فيعيش خشية الله رحمةً لمن حوله، فلا يظلم، ولا يسكت على الباطل، ويلتزم أداء الأمانة والصِّدق في العمل والقول والموقف، إذ إنَّ الخشية لله تترك أثرها في ساحات الحياة، فيندفع المؤمن إلى رفد الحياة بكلِّ ما يرفع من شأنها.
وممّن يخشى الله العلماءُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر: 28]، الَّذين ينفقون علمهم النّافع في سبيل الله، ويواجهون بكلِّ جرأة وشجاعة كلَّ أشكال الجهل والتخلّف، ولا يقفون على أبواب الزّعماء، أو يلهثون وراء منصبٍ هنا أو هناك، بل يعكفون على إنفاق العلم وعبادة الله تعالى حقَّ عبادته، بما يبرز أصالة الدِّين وجوهر الإيمان.
فالخشية من الله تعالى، مظهر بارزٌ من أصدقِ مظاهر الإيمان الخالص لله تعالى، حيث يتغلغل الإيمان في النّفوس والمشاعر، فيعمل على تنقيتها من كلِّ الأدران والأمراض، وتصل هذه النّفوس إلى درجةٍ عاليةٍ من اليقين والثّقة بالله والتقرُّب إليه. ويصف القرآن الكريم حال هؤلاء فيقول: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً}[الإسراء: 109].
هؤلاء عرفوا الله تعالى حقَّ معرفته، وانفتحوا على آفاق عظمته ونعَمِه، فخشوه حقَّ خشيته في السرّ والعلن، فكان ظاهر حالهم كباطنه، وكانوا صادقين مخلصين أمناء في السرّ والعلانية، يبكون من تقصيرهم في جنب الله، ويبكون من فرط حبّهم وشوقهم إلى دار قدسه ورضوانه. وفي الحديث عن أمير المؤمنين عليّ(ع): "إنَّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشيته"، في إشارةٍ إلى تعظيم الله تعالى في نفوس الخاشعين.
كم نحتاج إلى تربية أنفسنا على خشية الله وحده، لنعيش أصالة إيماننا والتزامنا بخطِّ الله تعالى ورسوله(ص) وأهل بيته(ع) وأنبيائه ورسله!
* إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
أن يتربّى الإنسان على خشية الله تعالى، فذلك غاية السَّعادة والاطمئنان والسَّلامة، بحيث يشعر بدفق المشاعر والأحاسيس الصَّادقة، الخالية من أيّ أشكال المادَّة ومظاهر الدّنيا الخادعة، فلا يشعر بوجدانه إلا بخشية الله تعالى، ولا يفكِّر إلا في الآفاق الّتي أرادها له أن ينفتح عليها؛ آفاق الخير، فلا يقول إلا خيراً وكلاماً طيّباً، وآفاق الرّحمة، فيعيش الرّحمة سلوكاً مع زوجته وأولاده وجيرانه ومحيطه ومع المحتاجين والضّعفاء، وآفاق العدل، فلا يظلم أحداً، ولا يعتدي على حقِّ أحد، بل يلتزم شريعة الله فيما أمر ونهى، وآفاق المحبَّة، فلا يحمل في صدره غِلّاً أو حقداً أو بغضاء ضدَّ أحد.
ليست الخشية من الله أمراً ذهنيّاً مجرَّداً؛ إنها حالة نفسيَّة شعوريَّة يصل إليها الإنسان المؤمن بربِّه، بحيث لا يشرك في حبِّ الله أحداً، أيّاً كان، ولا شيئاً من حطام الدّنيا، حتّى لو كان جاهاً أو سلطاناً، ولا يخشى أحداً من النّاس، مهما علا شأنه.
لذا، فهو المؤمن الملتزم على الدَّوام حدود الله في أوامره ونواهيه عن وعيٍ وقناعةٍ وإدراكٍ لحقِّ الله تعالى عليه؛ هذا الحقّ الَّذي يدفعنا إلى أن نخشى الله تعالى وحده، ونعيش الخشية حركةً في الشّعور والإيمان والسّلوك، بشكلٍ نهذِّب أنفسنا ونربّيها عبر التدبّر والتفكّر والتأمّل في دنيانا وآخرتنا. من هنا، تنطلق الحاجة إلى مراجعة مواقفنا وسلوكيّاتنا، فنصلح ما اعوجّ منها، ونصلح سرائرنا وننظّفها، ونصلح عقولنا ومشاعرنا، فليس في قلب المؤمن وعقله ما يسيء إلى الآخر والحياة.
ومن النّاس من يخشى بعض السَّلاطين والزعماء، وبعض المتنفّذين هنا وهناك، أكثر من خشية الله تعالى، ويحتار كيف يرضيهم ويتقرَّب إليهم، وينسى ربّه وخالقه، ويمعن بالتّالي في ظلمه وتعدّيه على حقوق الآخرين، ويبتعد عن رحمة الله ورضوانه، إذ يقبل بعقله وقلبه على حبِّ الدّنيا، والانغماس في ملذَّاتها وحساباتها الآنيَّة والظرفيَّة، فيستحوذ الشّيطان إذ ذاك على قلبه وعقله، وينسيه ذكر الله تعالى.
أمَّا المؤمن بربِّه، فيعيش خشية الله رحمةً لمن حوله، فلا يظلم، ولا يسكت على الباطل، ويلتزم أداء الأمانة والصِّدق في العمل والقول والموقف، إذ إنَّ الخشية لله تترك أثرها في ساحات الحياة، فيندفع المؤمن إلى رفد الحياة بكلِّ ما يرفع من شأنها.
وممّن يخشى الله العلماءُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر: 28]، الَّذين ينفقون علمهم النّافع في سبيل الله، ويواجهون بكلِّ جرأة وشجاعة كلَّ أشكال الجهل والتخلّف، ولا يقفون على أبواب الزّعماء، أو يلهثون وراء منصبٍ هنا أو هناك، بل يعكفون على إنفاق العلم وعبادة الله تعالى حقَّ عبادته، بما يبرز أصالة الدِّين وجوهر الإيمان.
فالخشية من الله تعالى، مظهر بارزٌ من أصدقِ مظاهر الإيمان الخالص لله تعالى، حيث يتغلغل الإيمان في النّفوس والمشاعر، فيعمل على تنقيتها من كلِّ الأدران والأمراض، وتصل هذه النّفوس إلى درجةٍ عاليةٍ من اليقين والثّقة بالله والتقرُّب إليه. ويصف القرآن الكريم حال هؤلاء فيقول: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً}[الإسراء: 109].
هؤلاء عرفوا الله تعالى حقَّ معرفته، وانفتحوا على آفاق عظمته ونعَمِه، فخشوه حقَّ خشيته في السرّ والعلن، فكان ظاهر حالهم كباطنه، وكانوا صادقين مخلصين أمناء في السرّ والعلانية، يبكون من تقصيرهم في جنب الله، ويبكون من فرط حبّهم وشوقهم إلى دار قدسه ورضوانه. وفي الحديث عن أمير المؤمنين عليّ(ع): "إنَّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشيته"، في إشارةٍ إلى تعظيم الله تعالى في نفوس الخاشعين.
كم نحتاج إلى تربية أنفسنا على خشية الله وحده، لنعيش أصالة إيماننا والتزامنا بخطِّ الله تعالى ورسوله(ص) وأهل بيته(ع) وأنبيائه ورسله!
* إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.