المواساة من أخلاق المؤمن

المواساة من أخلاق المؤمن

المواساة معناها كبير وفعلها عظيم في حياة النّاس، وهي أن يعاون الواحد منّا من يستحقّ المساعدة، سواء في المال، أو في التَّوجيه والرّعاية والكلمة الطيّبة النّافعة. فكم يا ترى نحن بحاجةٍ اليوم إلى زرع روح المواساة والإيثار في نفوس أجيالنا، وتربيتهم عليها؟!

المؤمنون هو من يواسون من يستحقّ المواساة، فينطلقون بحكم مسؤوليَّاتهم وواجبهم الإيمانيّ والإنسانيّ والأخلاقيّ، إلى مساعدة المحتاجين والمستحقّين، فهناك من يحتاج المال من الجيران والأرحام والأصدقاء، فإذا ما علمنا بذلك، ونحن قادرون على مساعدتهم، فلنبادر إلى المساعدة عن طيب خاطر وقناعة بأنَّ الخير يحبّه الله، ويزكو وينمو عنده أضعافاً مضاعفة.

فالجار إذا ما علم بضيق يد جاره، فليسع إلى خدمته، ويعمل على تأمين حاجاته قدر استطاعته، والزّوجة إذا كانت تملك مالاً، وكان زوجها في عسرٍ من أمره، فلتبادر إلى مساعدته ومواساته بمالها، كما على الأرحام أن يواسوا بعضهم بعضاً، ويقضوا حوائج بعضهم بعضاً، وعلى الصَّديق أن يواسي صديقه أيضاً، فيعمل على تفريغ همّه وإعانته.

والمواساة لا تقتصر فقط على المواساة بالمال، بل تتعدَّاه إلى الجاه والمنصب والبدن واللّسان، فمن كان صاحب جاهٍ، أو مركز سياسيّ، أو اجتماعيّ، أو تربويّ، أو غير ذلك، فليستثمر هذا المنصب في سبيل خدمة المستحقّين، وإعانة الآخرين ومساعدتهم، ولا يعتبر هذا المنصب غايةً شخصيَّةً لخدمة أغراضه ومنافعه الخاصَّة والدّنيويّة، بل يعمل على أن يواسي النّاس في حاجاتهم، عبر خدمتهم وقضاء حوائجهم. وهنا، يأخذ المنصب قيمةً وبعداً إنسانيّاً وحضاريّاً، عبر التزام صاحبه لحدود الله وتعاليمه.

وقد يكون الإنسان محتاجاً إلى من ينصره بالبدن عبر دفع الظّلم عنه، ومنع الاعتداء عليه، بما يؤمِّن سلامته، والحفاظ على حقوقه، فمن كان قادراً على معاونة المظلوم ودفع الظّلم عنه، فليواسه بقدرته وقوَّته إحقاقاً للحقّ، وفعلاً للواجب، وتجسيداً للخير والبذل، فعن الرّسول الأكرم(ص): "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

فمن واسى المحتاجين، وأعانهم في قضاء حوائجهم، أعانه الله في قضاء حاجاته، ورزقه لطفه ورحمته، وأحياناً، قد يكون هناك إنسان تائه أو جاهل، فأنت بما تملك من وعي وعلم، عليك مواساته، بأن تعطيه الكلمة الطيِّبة الّتي تهذِّب روحه وشعوره، وتزكّيه بالكلمة النّافعة التي ترفع من مستوى معرفته وعلمه، وتهديه وتوجِّهه وتنصحه إلى ما فيه خيره وصلاحه، وبما يرفع من معنويّاته وانفتاحه على الحياة.

وهناك من النّاس من يكون بحاجةٍ إلى عمل مثلاً، فأنت تواسيه عندما تساعده في إيجاد عملٍ مناسب. وأنت أيّها القادر على المواساة، حينما تواسي أخاً في الدّين أو الإنسانيّة، أو أيّ مخلوق، حتى لو كان حيواناً محتاجاً إلى الرّعاية والرّحمة، اعلم أنَّ الله يبارك فيك، ويلطف بك، ويرحمك في الدّنيا والآخرة، جزاءً لمواساتك، والله تعالى يقول: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}[البقرة: 245].

فالمواساة تفتح الحياة والعلاقات على كلِّ خيرٍ ومعنى وقيمة تغذي الإنسانيَّة بكلِّ شعور جميل وحركة وموقف تجاه الله تعالى، بما ينسجم مع روحيَّة المؤمن وواجباته وأصالته الإنسانيَّة.

كما أنَّ المواساة تفتح أبواب الصَّلاح والفلاح، بما ينقّي العلاقات، ويدفع بها إلى الفعاليَّة والتجذُّر، وأبواب المواساة لا تعدّ ولا تُحصى، فهي تشمل كلَّ أوضاع الإنسان وسلوكيّاته، وما يجب أن تكون عليه في حياته الخاصَّة كما العامَّة.

وعن أنس بن مالك، عن الرَّسول الأكرم(ص): "لما قدم النبيّ(ص) المدينة، أتاه المهاجرون، فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا قوماً أبذل من كثير، ولا أحسن مواساةً من قليل، من قومٍ نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤونة، وأشركونا في المهن، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كلِّه" فقال(ص): "لا، ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم".

فالمواساة تعاون وجهاد وتضحية بالمال واليد واللّسان، وكلَّما زاد المرء إيماناً، زاد مواساةً لإخوانه وللحياة من حوله.

فلنكن مجتمع المواسين المؤمنين، ولنتحسَّس مع المحتاجين، ونبادر إلى فعل الخير والمواساة عن قناعة ومن دون حسابات، كي نعرف قيمة البذل، ونرتفع بأنفسنا وبالواقع من حولنا.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.


المواساة معناها كبير وفعلها عظيم في حياة النّاس، وهي أن يعاون الواحد منّا من يستحقّ المساعدة، سواء في المال، أو في التَّوجيه والرّعاية والكلمة الطيّبة النّافعة. فكم يا ترى نحن بحاجةٍ اليوم إلى زرع روح المواساة والإيثار في نفوس أجيالنا، وتربيتهم عليها؟!

المؤمنون هو من يواسون من يستحقّ المواساة، فينطلقون بحكم مسؤوليَّاتهم وواجبهم الإيمانيّ والإنسانيّ والأخلاقيّ، إلى مساعدة المحتاجين والمستحقّين، فهناك من يحتاج المال من الجيران والأرحام والأصدقاء، فإذا ما علمنا بذلك، ونحن قادرون على مساعدتهم، فلنبادر إلى المساعدة عن طيب خاطر وقناعة بأنَّ الخير يحبّه الله، ويزكو وينمو عنده أضعافاً مضاعفة.

فالجار إذا ما علم بضيق يد جاره، فليسع إلى خدمته، ويعمل على تأمين حاجاته قدر استطاعته، والزّوجة إذا كانت تملك مالاً، وكان زوجها في عسرٍ من أمره، فلتبادر إلى مساعدته ومواساته بمالها، كما على الأرحام أن يواسوا بعضهم بعضاً، ويقضوا حوائج بعضهم بعضاً، وعلى الصَّديق أن يواسي صديقه أيضاً، فيعمل على تفريغ همّه وإعانته.

والمواساة لا تقتصر فقط على المواساة بالمال، بل تتعدَّاه إلى الجاه والمنصب والبدن واللّسان، فمن كان صاحب جاهٍ، أو مركز سياسيّ، أو اجتماعيّ، أو تربويّ، أو غير ذلك، فليستثمر هذا المنصب في سبيل خدمة المستحقّين، وإعانة الآخرين ومساعدتهم، ولا يعتبر هذا المنصب غايةً شخصيَّةً لخدمة أغراضه ومنافعه الخاصَّة والدّنيويّة، بل يعمل على أن يواسي النّاس في حاجاتهم، عبر خدمتهم وقضاء حوائجهم. وهنا، يأخذ المنصب قيمةً وبعداً إنسانيّاً وحضاريّاً، عبر التزام صاحبه لحدود الله وتعاليمه.

وقد يكون الإنسان محتاجاً إلى من ينصره بالبدن عبر دفع الظّلم عنه، ومنع الاعتداء عليه، بما يؤمِّن سلامته، والحفاظ على حقوقه، فمن كان قادراً على معاونة المظلوم ودفع الظّلم عنه، فليواسه بقدرته وقوَّته إحقاقاً للحقّ، وفعلاً للواجب، وتجسيداً للخير والبذل، فعن الرّسول الأكرم(ص): "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

فمن واسى المحتاجين، وأعانهم في قضاء حوائجهم، أعانه الله في قضاء حاجاته، ورزقه لطفه ورحمته، وأحياناً، قد يكون هناك إنسان تائه أو جاهل، فأنت بما تملك من وعي وعلم، عليك مواساته، بأن تعطيه الكلمة الطيِّبة الّتي تهذِّب روحه وشعوره، وتزكّيه بالكلمة النّافعة التي ترفع من مستوى معرفته وعلمه، وتهديه وتوجِّهه وتنصحه إلى ما فيه خيره وصلاحه، وبما يرفع من معنويّاته وانفتاحه على الحياة.

وهناك من النّاس من يكون بحاجةٍ إلى عمل مثلاً، فأنت تواسيه عندما تساعده في إيجاد عملٍ مناسب. وأنت أيّها القادر على المواساة، حينما تواسي أخاً في الدّين أو الإنسانيّة، أو أيّ مخلوق، حتى لو كان حيواناً محتاجاً إلى الرّعاية والرّحمة، اعلم أنَّ الله يبارك فيك، ويلطف بك، ويرحمك في الدّنيا والآخرة، جزاءً لمواساتك، والله تعالى يقول: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}[البقرة: 245].

فالمواساة تفتح الحياة والعلاقات على كلِّ خيرٍ ومعنى وقيمة تغذي الإنسانيَّة بكلِّ شعور جميل وحركة وموقف تجاه الله تعالى، بما ينسجم مع روحيَّة المؤمن وواجباته وأصالته الإنسانيَّة.

كما أنَّ المواساة تفتح أبواب الصَّلاح والفلاح، بما ينقّي العلاقات، ويدفع بها إلى الفعاليَّة والتجذُّر، وأبواب المواساة لا تعدّ ولا تُحصى، فهي تشمل كلَّ أوضاع الإنسان وسلوكيّاته، وما يجب أن تكون عليه في حياته الخاصَّة كما العامَّة.

وعن أنس بن مالك، عن الرَّسول الأكرم(ص): "لما قدم النبيّ(ص) المدينة، أتاه المهاجرون، فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا قوماً أبذل من كثير، ولا أحسن مواساةً من قليل، من قومٍ نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤونة، وأشركونا في المهن، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كلِّه" فقال(ص): "لا، ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم".

فالمواساة تعاون وجهاد وتضحية بالمال واليد واللّسان، وكلَّما زاد المرء إيماناً، زاد مواساةً لإخوانه وللحياة من حوله.

فلنكن مجتمع المواسين المؤمنين، ولنتحسَّس مع المحتاجين، ونبادر إلى فعل الخير والمواساة عن قناعة ومن دون حسابات، كي نعرف قيمة البذل، ونرتفع بأنفسنا وبالواقع من حولنا.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية