ذكر الله وتسبيحه من أخلاق المؤمن

ذكر الله وتسبيحه من أخلاق المؤمن

ما أحوج المخلوق إلى ذكر الله وتسبيحه! حتى تهدأ روحه وتطمئنّ، ويجول عقله في عظيم خلقه وصنعته في هذا الوجود، فيتحرّك وعيه، وينطلق لتلمُّس كلِّ آيات الله، ويلهج لسانه على الدَّوام بذكره، فما من شيءٍ في الكون إلا ويسبّح لله ويذكره، كما ألهمه الله تعالى ذلك: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}[الإسراء: 44].

ولذلك، لا بدَّ لقلوبنا وعقولنا من أن تخشع لذكر الله أمام عظمته المطلقة، فتنطلق في الواقع، لتؤكّد التَّسبيح خُلُقاً رفيعاً، وممارسةً عمليَّة، فنربّي أنفسنا والآخرين على الذّكر والتّسبيح، ونلتزم الحقَّ في القول والموقف، والصِّدق في العمل، وحفظ الأمانة، ومواجهة الظّلم والفساد والانحراف، ولا يعتدي بعضنا على بعض، ويحترم الزّوج زوجته، ويحترم الكبير الصَّغير، ويجلّ الصّغير الكبير، ويعين الغنيّ الفقير، ونكرم الضَّيف، وننجد المحتاج، ونتصدَّق على المسكين، وندفع الأذى عن أنفسنا، فلا نغذِّيها إلا بالكرم الطيِّب، ولا نطعمها إلا اللّقمة الحلال، ولا نشرك بربّنا أحداً، ولا نلهث وراء الغرائز والشَّهوات، وندفع الأذى عن الآخرين، فلا نعاملهم إلا بكلّ محبَّة واحترام ووقار، ولا نقدِّم لهم إلا كلَّ خُلُقٍ رفيع يجذبهم إلى الحقّ والصَّواب، ويليِّن قلوبهم، وينزع منها الأحقاد، ويليِّن عقولهم، فلا يفتحها إلا على كلِّ خير ونفع.

أن نسبِّح الله، معناه أن ننزِّهه عن كلّ ما لا يليق به من اعتقاد وتصوُّر، وألا ننسب إليه الظّلم والجهل. وذكر الله تعالى، وتسبيحه بوعي وانفتاح على عظمته، هو مما يثقل ميزان الإنسان، ويضاعف من أجره وحسناته، ففي الحديث المرويّ عن رسول الرّحمة والهدى محمّد(ص): "كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده".

فهل نعمل على أن نثقل ميزان أعمالنا، من خلال المواظبة العملية على تسبيح الله وذكره؟! هذه مسؤوليّة علينا السّعي لأدائها، لنحفظ علاقاتنا بالله تعالى، وننظّفها من كلّ الشّوائب والعلائق الدنيويّة.

وفي معرض تفسيره للآية الكريمة: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}[الإسراء: 44]، يقول المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض): "سبحانه" كلمةٌ ومضمونٌ تنطق بها الموجودات كلّها، ممن تملك الوعي والإدراك والنّطق، وممن لا تملكه، فكلّ موجودٍ يفصح عن ذلك بمظاهر وجوده وخصائصه الدالّة على عظمته وتنزيهه عن كلّ شريك، مما يوحي بانفراده بكلّ عناصر العظمة في ذاته..

وهذا ما يستوحيه الإنسان عندما يتطلَّع إلى السَّموات، فيجد فيها تلك العوالم الشّاسعة الكبيرة، المشتملة على أسرار الإبداع، أو يتطلَّع إلى الأرض، فيجد فيها الجبال والصّحارى والبحار والأنهار والموجودات الكامنة فيها، والمتحركة على صعيدها أو في أجوائها، في ما لا يعرفه الإنسان من الموجودات الخفيَّة.. إنّه يحسّ بوجدانه وبفكره كيف تنطق هذه الأكوان والموجودات بعظمة الله، فلا يملك إلا أن يخضع أمام العظمة المطلقة اللامتناهية، ويعترف بأنَّ الله ـ هو وحده ـ خالق ذلك كلّه، ولكنّه لا يستطيع أن يدرك عمق هذه التَّسبيحات الكونيّة، بما تختزنه من أسرار، وما تثيره من أفكار، لأننا لم ندرك من ذلك إلا القليل القليل"..[تفسير من وحي القرآن، ج14، ص129].

فما أحوجنا في كلّ اللّحظات إلى أن ننفتح على تسبيح الله تعالى، وذكره على الدّوام، بما يؤمّن سعادتنا، ويعزّز حضورنا ووعينا، ويرفع من مستوى مسؤوليَّتنا عن أنفسنا والحياة من حولنا.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.


ما أحوج المخلوق إلى ذكر الله وتسبيحه! حتى تهدأ روحه وتطمئنّ، ويجول عقله في عظيم خلقه وصنعته في هذا الوجود، فيتحرّك وعيه، وينطلق لتلمُّس كلِّ آيات الله، ويلهج لسانه على الدَّوام بذكره، فما من شيءٍ في الكون إلا ويسبّح لله ويذكره، كما ألهمه الله تعالى ذلك: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}[الإسراء: 44].

ولذلك، لا بدَّ لقلوبنا وعقولنا من أن تخشع لذكر الله أمام عظمته المطلقة، فتنطلق في الواقع، لتؤكّد التَّسبيح خُلُقاً رفيعاً، وممارسةً عمليَّة، فنربّي أنفسنا والآخرين على الذّكر والتّسبيح، ونلتزم الحقَّ في القول والموقف، والصِّدق في العمل، وحفظ الأمانة، ومواجهة الظّلم والفساد والانحراف، ولا يعتدي بعضنا على بعض، ويحترم الزّوج زوجته، ويحترم الكبير الصَّغير، ويجلّ الصّغير الكبير، ويعين الغنيّ الفقير، ونكرم الضَّيف، وننجد المحتاج، ونتصدَّق على المسكين، وندفع الأذى عن أنفسنا، فلا نغذِّيها إلا بالكرم الطيِّب، ولا نطعمها إلا اللّقمة الحلال، ولا نشرك بربّنا أحداً، ولا نلهث وراء الغرائز والشَّهوات، وندفع الأذى عن الآخرين، فلا نعاملهم إلا بكلّ محبَّة واحترام ووقار، ولا نقدِّم لهم إلا كلَّ خُلُقٍ رفيع يجذبهم إلى الحقّ والصَّواب، ويليِّن قلوبهم، وينزع منها الأحقاد، ويليِّن عقولهم، فلا يفتحها إلا على كلِّ خير ونفع.

أن نسبِّح الله، معناه أن ننزِّهه عن كلّ ما لا يليق به من اعتقاد وتصوُّر، وألا ننسب إليه الظّلم والجهل. وذكر الله تعالى، وتسبيحه بوعي وانفتاح على عظمته، هو مما يثقل ميزان الإنسان، ويضاعف من أجره وحسناته، ففي الحديث المرويّ عن رسول الرّحمة والهدى محمّد(ص): "كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده".

فهل نعمل على أن نثقل ميزان أعمالنا، من خلال المواظبة العملية على تسبيح الله وذكره؟! هذه مسؤوليّة علينا السّعي لأدائها، لنحفظ علاقاتنا بالله تعالى، وننظّفها من كلّ الشّوائب والعلائق الدنيويّة.

وفي معرض تفسيره للآية الكريمة: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}[الإسراء: 44]، يقول المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض): "سبحانه" كلمةٌ ومضمونٌ تنطق بها الموجودات كلّها، ممن تملك الوعي والإدراك والنّطق، وممن لا تملكه، فكلّ موجودٍ يفصح عن ذلك بمظاهر وجوده وخصائصه الدالّة على عظمته وتنزيهه عن كلّ شريك، مما يوحي بانفراده بكلّ عناصر العظمة في ذاته..

وهذا ما يستوحيه الإنسان عندما يتطلَّع إلى السَّموات، فيجد فيها تلك العوالم الشّاسعة الكبيرة، المشتملة على أسرار الإبداع، أو يتطلَّع إلى الأرض، فيجد فيها الجبال والصّحارى والبحار والأنهار والموجودات الكامنة فيها، والمتحركة على صعيدها أو في أجوائها، في ما لا يعرفه الإنسان من الموجودات الخفيَّة.. إنّه يحسّ بوجدانه وبفكره كيف تنطق هذه الأكوان والموجودات بعظمة الله، فلا يملك إلا أن يخضع أمام العظمة المطلقة اللامتناهية، ويعترف بأنَّ الله ـ هو وحده ـ خالق ذلك كلّه، ولكنّه لا يستطيع أن يدرك عمق هذه التَّسبيحات الكونيّة، بما تختزنه من أسرار، وما تثيره من أفكار، لأننا لم ندرك من ذلك إلا القليل القليل"..[تفسير من وحي القرآن، ج14، ص129].

فما أحوجنا في كلّ اللّحظات إلى أن ننفتح على تسبيح الله تعالى، وذكره على الدّوام، بما يؤمّن سعادتنا، ويعزّز حضورنا ووعينا، ويرفع من مستوى مسؤوليَّتنا عن أنفسنا والحياة من حولنا.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية