استشارة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ربَّيت ابنتي على تعاليم الدين الإسلامي منذ طفولتها، وكانت تبدي حينها رغبتها بأداء العبادات والواجبات. هي الآن في السادسة عشرة من عمرها، وقد تغيَّرت، للأسف، وضعف إيمانها، فبدأت تدعي أداءها الصلاة، في الوقت الذي ألاحظ أنها لم تقرب سجادة الصلاة.
لاحظت مؤخراً انقطاعها عن الصلاة تماماً، فضلاً عن تأفّفها وانزعاجها وغضبها كلما ذكّرتها بموعدها، ذلك أننا نعيش في دولةٍ أوروبية ولا يرتفع في صوت الأذان كما في الدول الإسلاميَّة.
حاولت إقناعها بلطف بضرورة الصلاة والتقرب إلى الله، وطلبت من أختي التطرق إلى أهمية الالتزام بالدين وأداء الواجبات أثناء جلساتنا العائلية بشكلٍ غير مباشر، ثمَّ جربت طريقة ثانية بأن أبتعد عنها قليلاً لتشعر بأنها فقدتني وتعود إلى الصلاة، ولكن لا أريدها أن تؤدي الصلاة لترضيني أنا دون الله.
لدي ابنة ثانية في العاشرة من عمرها تحافظ على صلاتها، بيد أنني أخشى أن تحذو هي الأخرى حذو أختها. والمشكلة أنَّ زوجي غير ملتزم دينياً، ولا يتعاون معي لتربية ابنتينا على الدين الإسلامي، ولكنه أب صالح وزوج جيد.
بتّ أخاف من أن تنخرط ابنتي في المجتمع أكثر وتبتعد عن الله نهائياً. فماذا عساي أن أفعل؟
وجواب..
لعلَّ المشكلة هنا تكمن في أمرين:
ـ وجود الفتاة في بيئة أوروبية غربية تفتقر إلى أجواء إيمانية روحية، تغذي الروح وتقوي العقيدة وتحسّن السلوك.
ـ عدم تعاون الأب الذي يملك السلطة والقدرة على التأثير، والذي قد يمثّل القدوة بالنسبة إلى البنت.
إضافةً إلى أن البنت تمرّ في مرحلة المراهقة. ومن المعلوم أنها مرحلة حساسة وتمثّل منعطفاً خطيراً إذا لم يرافقها رعاية وعناية.
وعلى هذا الأساس، فإن ما تبذلينه من جهود أمر ضروري من أجل أن تتوازن البنت في عقيدتها وإيمانها وسلوكها، وتشعر في الوقت ذاته بخطورة الانحراف على مستقبلها في الدنيا والآخرة.
ورغم أنَّ هذه الجهود لا توازي تأثير أجواء المادة والانحراف الذي يلاحقها في الشارع والمدرسة والإعلام ووسائل الاتصال والرفاق، فإنني أنصح بمزيد من الاهتمام، مع التركيز على الأمور التالية:
ـ أن تجتهدي في بناء علاقة محبَّة وثقة وتقدير واحترام معها، من أجل أن تمتلكي القدرة على التأثير فيها لتوجيهها وإرشادها.
ـ أن تستجيبي لبعض حاجاتها المشروعة، فتوفري لها بعض ما تحبّه وترغب به، وهذا من شأنه أن يوثّق العلاقة الوجدانية التي تجعل منك مستودع أسرارها وملجأ لحل مشكلاتها.
ـ أن تساعديها على عقد صداقات مع فتيات مؤمنات من سنّها، من الأقارب والأصدقاء، حتى تشعر بالأنس في هذه الأجواء الإيمانية.
ـ أن تحضر معك أو مع غيرك بعض المناسبات الدينية في المساجد والنوادي، فتعيش أجواء العبادة والدعاء وتلاوة القرآن.
ـ أن تستمع إلى بعض الأشرطة المسجّلة لمحاضرات لرجال دين معاصرين، لتعيش قيم الدين وأهميتها في الحياة، وبالتالي، قدرتها على مواكبة تطور العصر.
ـ أن تشجّعيها عندما تقوم بأفعال حسنة (صلاة ـ صوم ـ صدقة)..
ـ أن تجلسي معها بين حين وآخر جلسات حوار هادئة، تعيش فيها الخوف من مستقبل الانحراف على سيرة الفتاة خاصة، وبالتالي ضرورة مسايرة البيئة الإيمانية التي يفرضها علينا الدين.
وأخيراً، أنصحك بمتابعة الحزم معها فيما يتعلق بأداء الصلاة ومختلف العبادات، وتذكيرها بالآخرة والموت والحروب والظلم والفساد.. وكذلك، الحديث معها حول قصص الأنبياء والأئمة الذين يمثلون القدوة لنا. وإلى مزيد من الجهد والصبر، والله تعالى هو الموفّق.
***
مرسلة الاستشارة:...
المجيب عن الاستشارة: الدكتور محمَّد رضا فضل الله، خبير وباحث تربوي ومؤلف، مدير سابق في الإشراف التربوي في جمعيَّة التّعليم الديني وجمعيَّة المبرات الخيريَّة.
التاريخ: 7 حزيران 2013م.
نوع الاستشارة: تربوية.