استشارة..
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل سنوات، كانت إحدى قريباتي تحسدني على ما أنعم الله عليَّ، فلم أكن أهتمّ لذلك، وكنت أردّد دائماً أن الله على كلّ شيء قدير، بِيَدِه أن يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء. ولكنني لاحظت مؤخراً أنَّني لم أعد أفلح في أعمالي، وخسرت كلّ شيء، ورغم ذلك، لا زلت أسعى لتعويض ما خسرته، فهل من مخرج من هذا الوضع؟
وجواب..
يُعتبر الحسد من الصِّفات الذميمة. وحقيقته هي تمنّي زوال النّعمة من المحسود، ويصدر من قلب حقود كاره، ولا ينعقد عليه قلب المسلم المؤمن، لأنه ينافي التقوى والورع والأخلاق الفاضلة، حيث إنَّ المؤمن بطبيعة إيمانه سيكون ودوداً ومحباً للآخرين، يتمنى لهم الخير، ويدعو لهم به، ويمد يد العون للمحتاج منهم، ولذا لن يخطر على باله أن يدعو على أهل النعم، ولا يمكن أن يتمنى زوال النعمة التي يرفلون فيها، فمهما كان فقيراً أو محروماً من الأولاد أو الصحة، فلن ينزعج حين يرى الأغنياء أو الأصحاء أو ذوي الذرية والأولاد، ولن يتمنى زوال تلك النعم عنهم حسداً وكراهية لهم، بل هو يدعو لهم بدوام النعمة، رجاءً بأن يعطف الله تعالى عليه ويمنّ عليه بالصحة والمال والذرية كما منّ عليهم، ويعيش السكينة في نفسه والتسليم لإرادة الله تعالى وجميل تدبيره.
أما غير المؤمنين ممن لا يتحلون بالإيمان والتقوى والخلق الفاضل، فقد يصدر منهم الحسد، بل قد يبالغون في كراهية الآخر وحسده إلى حد القيام بأعمال خارجية مباشرة لإيذائه، مثل شتمه أو ضربه أو الاعتداء على ممتلكاته وما أشبه ذلك. كما يمكن أن يلجأ بعض الحاسدين إلى ممارسة السحر بقصد الإضرار بالمحسود وإيذائه، رغم أنه لن يضره بشيء، لأن أعمال السحر هي محض خرافات وأباطيل ولا تضر أحداً مهما تفنَّن فيها، وذلك خلافاً لما يعتقده كثير من الناس ممن يؤمن بصحتها، حتى لو لبس لباس الدين وادّعى استخدام النصوص الدينية الشريفة من أجل عقدها أو حلّها.
وحول هذه المفاهيم وردت أحاديث كثيرة، منها ما روي عن الإمام الصادق(ع): "...ولا تحاسدوا، فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب"، وعنه(ع): "إنَّ المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط".
وفي الحديث القدسي في خطاب النبي موسى(ع): "يا ابن عمران، لا تحسدنَّ النّاس على ما أتيتهم من نعمتي، فإنَّ الحاسد ساخط لنعمتي، صاد لقسمي الَّذي قسمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني".
وفي هذا الإطار، نؤكّد أنَّ مجرّد وجود الحسد لنا في قلب بعض الناس لا يوجب الضَّرر للمحسود. وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: 5]، يراد به الاستعاذة من شر الحاسد إذا انساق وراء حسده واستخدم العنف ضد المحسود لشفاء غيظه منه، أو بسبب حالة الحسد النفسية التي يعيشها. وبالتالي، فإن ما قد يصيب الإنسان من إرباك وحزن، أو من فشل في أعماله، ليس مردّه ولا سببه حالة الحسد التي يواجهنا بها بعض الناس، بل إنَّ لفشل أعمالنا وإرباكنا وحزننا أسبابها الطبيعية الخارجية، ويجب علينا البحث عنها لمعالجتها وتحسين أوضاعنا وأحوالنا، ولو بالاستعانة بأهل الخبرة واستشارتهم والعمل طبقاً لنصيحتهم.
وعلى العموم، عليك يا أختاه أن لا تبالي بحسد الحاسدين، وكوني دائماً الأفضل، وحاولي أن يروا منك الخير دائماً، فبذلك، سينظر الله تعالى إليك بعين اللطف ويدفع عنك الشّرور، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
***
مرسلة الاستشارة: ليلى.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 1 آب 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.
استشارة..
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل سنوات، كانت إحدى قريباتي تحسدني على ما أنعم الله عليَّ، فلم أكن أهتمّ لذلك، وكنت أردّد دائماً أن الله على كلّ شيء قدير، بِيَدِه أن يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء. ولكنني لاحظت مؤخراً أنَّني لم أعد أفلح في أعمالي، وخسرت كلّ شيء، ورغم ذلك، لا زلت أسعى لتعويض ما خسرته، فهل من مخرج من هذا الوضع؟
وجواب..
يُعتبر الحسد من الصِّفات الذميمة. وحقيقته هي تمنّي زوال النّعمة من المحسود، ويصدر من قلب حقود كاره، ولا ينعقد عليه قلب المسلم المؤمن، لأنه ينافي التقوى والورع والأخلاق الفاضلة، حيث إنَّ المؤمن بطبيعة إيمانه سيكون ودوداً ومحباً للآخرين، يتمنى لهم الخير، ويدعو لهم به، ويمد يد العون للمحتاج منهم، ولذا لن يخطر على باله أن يدعو على أهل النعم، ولا يمكن أن يتمنى زوال النعمة التي يرفلون فيها، فمهما كان فقيراً أو محروماً من الأولاد أو الصحة، فلن ينزعج حين يرى الأغنياء أو الأصحاء أو ذوي الذرية والأولاد، ولن يتمنى زوال تلك النعم عنهم حسداً وكراهية لهم، بل هو يدعو لهم بدوام النعمة، رجاءً بأن يعطف الله تعالى عليه ويمنّ عليه بالصحة والمال والذرية كما منّ عليهم، ويعيش السكينة في نفسه والتسليم لإرادة الله تعالى وجميل تدبيره.
أما غير المؤمنين ممن لا يتحلون بالإيمان والتقوى والخلق الفاضل، فقد يصدر منهم الحسد، بل قد يبالغون في كراهية الآخر وحسده إلى حد القيام بأعمال خارجية مباشرة لإيذائه، مثل شتمه أو ضربه أو الاعتداء على ممتلكاته وما أشبه ذلك. كما يمكن أن يلجأ بعض الحاسدين إلى ممارسة السحر بقصد الإضرار بالمحسود وإيذائه، رغم أنه لن يضره بشيء، لأن أعمال السحر هي محض خرافات وأباطيل ولا تضر أحداً مهما تفنَّن فيها، وذلك خلافاً لما يعتقده كثير من الناس ممن يؤمن بصحتها، حتى لو لبس لباس الدين وادّعى استخدام النصوص الدينية الشريفة من أجل عقدها أو حلّها.
وحول هذه المفاهيم وردت أحاديث كثيرة، منها ما روي عن الإمام الصادق(ع): "...ولا تحاسدوا، فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب"، وعنه(ع): "إنَّ المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط".
وفي الحديث القدسي في خطاب النبي موسى(ع): "يا ابن عمران، لا تحسدنَّ النّاس على ما أتيتهم من نعمتي، فإنَّ الحاسد ساخط لنعمتي، صاد لقسمي الَّذي قسمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني".
وفي هذا الإطار، نؤكّد أنَّ مجرّد وجود الحسد لنا في قلب بعض الناس لا يوجب الضَّرر للمحسود. وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: 5]، يراد به الاستعاذة من شر الحاسد إذا انساق وراء حسده واستخدم العنف ضد المحسود لشفاء غيظه منه، أو بسبب حالة الحسد النفسية التي يعيشها. وبالتالي، فإن ما قد يصيب الإنسان من إرباك وحزن، أو من فشل في أعماله، ليس مردّه ولا سببه حالة الحسد التي يواجهنا بها بعض الناس، بل إنَّ لفشل أعمالنا وإرباكنا وحزننا أسبابها الطبيعية الخارجية، ويجب علينا البحث عنها لمعالجتها وتحسين أوضاعنا وأحوالنا، ولو بالاستعانة بأهل الخبرة واستشارتهم والعمل طبقاً لنصيحتهم.
وعلى العموم، عليك يا أختاه أن لا تبالي بحسد الحاسدين، وكوني دائماً الأفضل، وحاولي أن يروا منك الخير دائماً، فبذلك، سينظر الله تعالى إليك بعين اللطف ويدفع عنك الشّرور، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
***
مرسلة الاستشارة: ليلى.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 1 آب 2013م.
نوع الاستشارة: اجتماعية.