استشارة..
بما أنّني مقبل على الزّواج، هل لي بمعرفة مقوِّمات نجاح الزّواج، في رأيكم؟
وجواب..
يمثّل الزّواج تجربة حيويَّة تتَّصل بمستقبل الزَّوجين، وبالواقع الفكري والروحي والحياتي لكلّ منهما، لذلك، فإنّ نجاحه مقرون بأن يعتبر كلّ من الزّوجين أنّه ـ أي الزواج ـ مرحلة تختلف عن مرحلة الخطوبة، لأنَّ مرحلة الخطوبة كانت مرحلة بعيدة عن المسؤوليَّة المباشرة، بل ربما كانت مرحلة الأحلام البريئة، ولكنّ الزّواج مرحلة الدّخول إلى الواقع وممارسة الحياة التي يلتصق بها كلّ واحد بالآخر، لا جسديّاً فقط، بل روحيّاً وفكريّاً وثقافيّاً، فهي حياة تستدعي احتكاكاً دائماً في اللّيل والنَّهار، واندماجاً كلّياً يؤثّر في مزاج كلّ واحد منهما وفي حاجاته وعلاقاته.
لذلك، لا بدَّ لهما (الرجل والمرأة) من أن يدرسا ذلك كلّه مسبقاً، حتى لا يشكِّل أيٌّ منهما مشكلة للآخر، وكي لا يضطهد أو يظلم أحدهما الآخر، ولكي تتكامل قضاياهما الشخصيّة والاجتماعيّة مع بعضهما البعض في ظلِّ خطّة تحفظ للحياة الزوجيَّة سلامتها، وتحفظ لكلٍّ منهما صحّته وتوازنه النفسي والمعنوي، بحيث يجد كلّ منهما في الزّواج فرصة التّعبير الكامل والحرّ عن الذّات؛ حاجاتٍ وتطلّعاتٍ.
وحتى لو سلّمنا أنّ مجتمعنا هو مجتمع الرّجل، إلا أنّ هذا لا يبرّر أن يعتبر الرّجل انتقال زوجته إليه دافعاً كي ينفي شخصيّتها أمام شخصيّته، ويلغي مشاعرها وأحاسيسها وعلاقاتها الاجتماعيّة بأهلها أو بالناس من حولها، وهذا ما يحصل غالباً بحجّة رغبته في أن تتفرّغ له كلّياً، بل لا بدَّ من أن ينظر إليها كإنسان في تعامله معها، وأن يعيش معها على أساس أن يؤكّد إنسانيّتها وإنسانيّته في دائرة التفاعل المشترك بينهما.
إنّ الحياة الزوجيّة لا تمثّل إلغاءً لشخصيّة أيٍّ من الزّوجين، ولكنّها تمثّل تعاقداً قانونيّاً شرعيّاً بين اثنين، يؤدّي بالتّالي إلى تشابك العلاقات الاجتماعيّة، من خلال الصِّلات التي تنشأ بين أهل الزّوج وأهل الزّوجة. لذلك، لا بدّ للزوجين من أن ينظرا إلى الحياة الزوجيّة بمنظار العقل لا بمنظار العاطفة.
***
مرسل الاستشارة:..............
نوعها: اجتماعيّة.
*المجيب عنها: العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)- من كتاب "دنيا المرأة".