استشارة..
السَّلام عليكم.
أنا فتاة ملتزمة، وقد ابتليت ببلاء منذ 10 سنوات ولا أزال، وأنا أدعو الله في كلِّ فرصة أن يفرج عني، وأحاول أن ألتزم بكل آداب الدعاء، وأن أتلافى موانعه، وحتى الآن لم يستجب دعائي، وقد بدأت الأمور تصعب علي.
قيل: "ادع الله وأنت موقن بالإجابة"، ولكنَّني أشرفت على الدخول في مرحلة اليأس، وخصوصاً عندما أفكر في أنَّ الله لن يستجيب دعائي في الدنيا، بل سيكون لي الأجر في الآخرة. أخاف أن أخسر إيماني، كما أنني لا أملك طريقة التفكير السَّليمة للتَّعامل مع هذا الأمر. أرشدوني رحمكم الله.
وجواب..
لا ريب في أنَّ الله تعالى قد أجرى الأمور بأسبابها، وهي لن تحدث في الخارج إن لم يحدث سببها، فالنَّجاح في الامتحان أو في التجارة، وكذا في الصحَّة والرزق والأمن والسَّعادة والعدل.. هي جميعها من الأمور الَّتي لا تحدث إلا بأسبابها، والمؤسف أنَّ الناس لا يلتفتون إلى ذلك عندما تصعب عليهم أمور الحياة، ويرغبون في الوصول إلى أهدافهم في غير ظروفها الطبيعية ومن غير أسبابها، فكيف سينبت الزرع إن وضع في تربة ميتة أو على الصخر؟ وكيف ينجح الطالب إن لم يدرس؟ وكيف يكسب التاجر إن فتح حانوته في البرية أو في زقاق غير مطروق؟ وكيف تتزوج الفتاة إن لم تكن تملك الصّفات المرغوبة ولم تكن معروفة من أقاربها وجيرانها؟ وهكذا سائر الأمور، بما فيها فوزنا أخيراً بالجنة، فإنه لا بدّ من العمل والطاعة والصبر عليهما، إضافةً إلى رحمة الله ولطفه.
وعلى هذا الأساس، يجب فهم موقع الدعاء في حياتنا، فهو حتماً ليس بديلاً عن السعي والعمل لتحقيق حاجاتنا بأسبابها التي خلقها الله تعالى عليها، بل إنّ للدعاء دوراً عقائدياً، وهو تأكيد محوريَّة اللطف الإلهي في جريان الأمور بأسبابها، وتأكيد إيماننا بأن الله تعالى هو الأصل والأساس، والمبدأ الأول الَّذي أخذت الأشياء منه قدرتها على التشكل ضمن قانون السببيَّة. وعلى فرض خروج الأمور عن هذه القاعدة في إطار المعجزة، فهو الاستثناء الَّذي لا بد منه، كذلك فإنَّ للدعاء دوراً في استجلاب ما لا نقدر عليه من الخير أو دفع المجهول من الشر، ومن ذلك طلب الهداية ورد كيد الشيطان وأمور أخرى، كما أنَّ له دوراً في إطار ما يعرف بالمناجات ووصف الله تعالى بصفات الكمال وتعداد نعمه الكثيرة، وهو الغالب على الأدعية المأثورة.
ولذا، فإنَّ اليأس من الإجابة غير وارد ما دمنا لا نعلم كيف ستجري الأمور في نطاق حياتنا وما يحيط بها من ظروف، وليس على المؤمن إلا الجد في العمل، واستشارة أهل الخبرة، والتمسك بالأمل والعزم على المضي إلى النهاية، كما أن على الفتاة المؤمنة الَّتي تخشى أن يفوتها الزّواج أن لا تحزن كثيراً على ذلك، وأن تحاول الاستزادة من العلم، وأن تنخرط في نشاطات دينيَّة واجتماعيَّة تملأ بها أوقات فراغها، وإذا رغبت في استشارتنا مباشرة بمشكلتها ووضعتنا في تفاصيلها، فقد نستطيع مساعدتها ولو عبر الهاتف.
مرسلة الاستشارة: سلام.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلّف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض).
استشارة..
السَّلام عليكم.
أنا فتاة ملتزمة، وقد ابتليت ببلاء منذ 10 سنوات ولا أزال، وأنا أدعو الله في كلِّ فرصة أن يفرج عني، وأحاول أن ألتزم بكل آداب الدعاء، وأن أتلافى موانعه، وحتى الآن لم يستجب دعائي، وقد بدأت الأمور تصعب علي.
قيل: "ادع الله وأنت موقن بالإجابة"، ولكنَّني أشرفت على الدخول في مرحلة اليأس، وخصوصاً عندما أفكر في أنَّ الله لن يستجيب دعائي في الدنيا، بل سيكون لي الأجر في الآخرة. أخاف أن أخسر إيماني، كما أنني لا أملك طريقة التفكير السَّليمة للتَّعامل مع هذا الأمر. أرشدوني رحمكم الله.
وجواب..
لا ريب في أنَّ الله تعالى قد أجرى الأمور بأسبابها، وهي لن تحدث في الخارج إن لم يحدث سببها، فالنَّجاح في الامتحان أو في التجارة، وكذا في الصحَّة والرزق والأمن والسَّعادة والعدل.. هي جميعها من الأمور الَّتي لا تحدث إلا بأسبابها، والمؤسف أنَّ الناس لا يلتفتون إلى ذلك عندما تصعب عليهم أمور الحياة، ويرغبون في الوصول إلى أهدافهم في غير ظروفها الطبيعية ومن غير أسبابها، فكيف سينبت الزرع إن وضع في تربة ميتة أو على الصخر؟ وكيف ينجح الطالب إن لم يدرس؟ وكيف يكسب التاجر إن فتح حانوته في البرية أو في زقاق غير مطروق؟ وكيف تتزوج الفتاة إن لم تكن تملك الصّفات المرغوبة ولم تكن معروفة من أقاربها وجيرانها؟ وهكذا سائر الأمور، بما فيها فوزنا أخيراً بالجنة، فإنه لا بدّ من العمل والطاعة والصبر عليهما، إضافةً إلى رحمة الله ولطفه.
وعلى هذا الأساس، يجب فهم موقع الدعاء في حياتنا، فهو حتماً ليس بديلاً عن السعي والعمل لتحقيق حاجاتنا بأسبابها التي خلقها الله تعالى عليها، بل إنّ للدعاء دوراً عقائدياً، وهو تأكيد محوريَّة اللطف الإلهي في جريان الأمور بأسبابها، وتأكيد إيماننا بأن الله تعالى هو الأصل والأساس، والمبدأ الأول الَّذي أخذت الأشياء منه قدرتها على التشكل ضمن قانون السببيَّة. وعلى فرض خروج الأمور عن هذه القاعدة في إطار المعجزة، فهو الاستثناء الَّذي لا بد منه، كذلك فإنَّ للدعاء دوراً في استجلاب ما لا نقدر عليه من الخير أو دفع المجهول من الشر، ومن ذلك طلب الهداية ورد كيد الشيطان وأمور أخرى، كما أنَّ له دوراً في إطار ما يعرف بالمناجات ووصف الله تعالى بصفات الكمال وتعداد نعمه الكثيرة، وهو الغالب على الأدعية المأثورة.
ولذا، فإنَّ اليأس من الإجابة غير وارد ما دمنا لا نعلم كيف ستجري الأمور في نطاق حياتنا وما يحيط بها من ظروف، وليس على المؤمن إلا الجد في العمل، واستشارة أهل الخبرة، والتمسك بالأمل والعزم على المضي إلى النهاية، كما أن على الفتاة المؤمنة الَّتي تخشى أن يفوتها الزّواج أن لا تحزن كثيراً على ذلك، وأن تحاول الاستزادة من العلم، وأن تنخرط في نشاطات دينيَّة واجتماعيَّة تملأ بها أوقات فراغها، وإذا رغبت في استشارتنا مباشرة بمشكلتها ووضعتنا في تفاصيلها، فقد نستطيع مساعدتها ولو عبر الهاتف.
مرسلة الاستشارة: سلام.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلّف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض).