ولد السّيد حسين الطباطبائي البروجردي (1292ه - 1380ه)، في عائلة علمية عريقة يتّصل نسبها بالإمام الحسن(ع)، وبات فيما بعد نظراً إلى نبوغه، من مراجع الشيعة في القرن 14 الهجري، إذ تبوّأ موقع الزعامة للحوزة العلميّة في قمّ لمدّة 17 سنة، وكان المرجع الديني الأعلى للشيعة في العالم لمدّة 15 سنة.
بدايةً، التحق السيّد حسين البروجردي بالكتاتيب في سنّ السابعة. وعندما شاهد والده ذكاءه وتفوّقه، أرسله إلى حوزة نور بخش العلميّة في بروجرد. ثم انتقل في سنة 1310هـ ق إلى أصفهان للاستمرار في الدراسة، حيث حضر دروس الميرزا أبي المعالي كلباسي، والسيد محمد تقي المدرس، كما حضر درس الفلسفة عند الآخوند الكاشي وجهانكير خان قشقايي.
وبعد أربع سنوات من الدّراسة، ترك السيد حسين البروجردي الّذي بلغ آنذاك السّابعة والعشرين بروجرد، وتوجَّه إلى النجف الأشرف، حيث حضر درس الآخوند الخراساني، ونهل من علومه مدّة تسع سنين. ومن أساتذته في النجف، السيد كاظم اليزدي، وشيخ الشريعة الأصفهاني، وكان صاحب شخصيّة علميّة منذ صغره، وله أسلوبه الخاصّ في التّدريس، أضف إلى ذلك، تفرّده في علم الرّجال والحديث.
عزم السيّد البروجردي بعد ثمانية أشهر من إقامته في مشهد، على الرجوع إلى بروجرد، فتوقَّف في طريق عودته في قمّ، فطلب منه الشّيخ عبد الكريم الحائري أن يبقى في قمّ للتّدريس.
وصل السيّد البروجردي قمّ يوم 26 صفر 1364هـ، فحضر درسه مجموعة من العلماء، من قبيل الإمام الخميني، والسيّد المحقّق الداماد، ومرتضى الحائري بصحبة تلاميذهم، ليبيّنوا لهم مدى أهمية دروسه، وليشجّعوهم على الحضور في تلك الدروس.
كما تنازل السيّد صدر الدين الصّدر الذي كان يقيم صلاة الجماعة في حرم السيّدة المعصومة، عن إقامة صلاة الجماعة لصالح السيّد البروجردي، كما منحه السيّد محمد الحجّة مكان تدريسه، وحضر السيّد محمد تقي الخونساري درسه من باب احترامه.
رغم أنَّ الكثير من الناس وعدّة من العلماء، كانوا يعتبرون السيّد البروجردي مرجعهم في التقليد، وهو في بروجرد، بيد أنّ الدورة الأولى لمرجعيّته، وبشكل رسميّ، بدأت بعد نشر رسالته العملية، فأرجع عندها بعض المراجع الآخرين مقلّديهم إليه لمعرفتهم به.
بعد إقامة السيّد البروجردي في قمّ بسنة واحدة، وبعد وفاة آية الله السيّد أبي الحسن الأصفهاني، انتقل أكثر مقلّديه إلى السيّد البروجردي. وبعد وفاة آية الله السيّد حسين الطباطبائي القمّي، أضحى السيّد البروجردي المرجع الوحيد للشيعة في العالم.
نقل عن الشهيد المطهّري قوله: «من المزايا البارزة للسيّد البروجردي، والدالّة على فكره المتنوّر، رغبته بتأسيس المدارس الابتدائية والثانوية الجديدة الّتي تدار من قبل مسؤولين متديّنين، تساهم في تعليم الطّالب العلوم التجريبيّة والدينيّة معاً. فلم يكن السيّد يبحث عن تديّن النّاس من خلال الجهل وعدم الثّقافة وعدم الوعي، بل كان يعتقد أنّ النّاس لو درسوا وتعلّموا، فسيصلهم الدّين بشكل صحيح ومعقول، حينها سيحصلون على العلم والدّين معاً. وبحسب علمي، إنّه قد أجاز بصرف مبالغ كثيرة من الخمس وسهم الإمام(ع) لتأسيس بعض المدارس".
ومن تلامذته: الامام الخميني، السيد محمد رضا الكلبيكاني، الشيخ المنتظري، السيد السيستاني، الشيخ الصافي الكبايكاني، الشيخ فاضل اللنكراني، الشيخ المكارم الشيرازي، السيد الشبيري الزنجاني، الشيخ جعفر السبحاني...
رحل السيد البروجردي عن الدنيا في 13 شوال العام 1380ه/ـ المصادف 30/ 3/ 1961م، وقد صلّى على جثمانه المبارك ابنه السيّد محمد حسن الطباطبائي البروجردي، بإيعاز من آية الله البهبهاني، ثم دفن في مسجد عند حرم السيّدة المعصومة في مدخل المسجد الأعظم في قمّ.
وإثر وفاة السيّد البروجردي، عبّر سفراء الدّول الإسلاميّة وممثّلوها عن مواساتهم في هذا الحدث الجلل، وقد نكّست سفارات بعض الدول الأجنبية وقنصلياتها أعلامها إعلاناً للعزاء.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.