السيِّد عبد الحسين شرف الدِّين: الفقيهُ الّذي انفتحَ على كلِّ المواقع

السيِّد عبد الحسين شرف الدِّين: الفقيهُ الّذي انفتحَ على كلِّ المواقع

لو أردنا أن نختصر شخصيَّة هذا الإنسان الكبير، العلَّامة السيِّد عبد الحسين شرف الدّين، لاستطعنا أن نقول - بدون مبالغة - إنّه كان الإنسانَ الحركيَّ المنفتح على قضايا عصره، وربّما كان الرَّائدَ في حركته في العصر وفي المحيط الَّذي كان يعيش فيه. ولذلك، فإنّه كان شاهد العصر، تستطيع أن تقرأ عصرَه في قراءتك لتراثه، وتستطيع أن تجد في كلِّ هذا التراث كلَّ حركة العصر.. اعتدنا أن يكونَ الفقيه، ولا سيَّما في المرحلة الَّتي عاش فيها، ذا بُعدٍ واحد، وإن أطلَّ إلى جانب الفقه إلى العالم، فقد يطلّ على بعض الأجواء الأدبيَّة شعراً أو نثراً، أمّا غير ذلك، فليس من شأن الفقهاء.
ومن هنا، لاحظنا في حركة كثيرٍ من الفقهاء في التَّاريخ، أنّها كانت حركة تصاعديَّة في منطلقات العلم الَّذي يتَّصل بالفقه أو في آفاقه، ولكنَّها كانت تعيشُ به الغيابَ عن كلِّ حركة الواقع في الخطوط العامَّة للواقع، ربّما لأنَّ المرحلة كانت تعمل على أن تضيِّق عليهم السَّاحة، وربّما لأنَّ بعض النظريَّات كانت تعمل على أن تحبسهم تقليديّاً في جانب من جوانب الساحة...
ونحن، عندما نحدّق بحركة الشخصيّة في علّامتنا الكبير، نجد أنّها شخصيَّة متعدّدة الأبعاد، في كلِّ المواقع الَّتي كان الواقع يحتاج فيها إلى أيِّ بُعد، فنجد إلى جانب البعد الفقهيّ البُعدَ السياسيّ، وإلى جانب البُعد السياسيّ البُعدَ الوحدويّ، إذا صحّ لنا أن نتحدّث عن الوحدوية أنّها بُعد، وهي في عمق البُعد الاجتماعي والسياسي والثقافي...
بينَ الدِّين والسياسة
 
وإضافةً إلى هذا البُعد الاجتماعيّ، كان الإنسان الفقيه المنفتح في امتدادات فقهه على امتدادت كلّ ساحته، والسَّاحة كانت كبيرة، وكان الإنسان الذي يعيش السياسة رسالة، بعيداً من كلّ هؤلاء الَّذين يلغون ويلغون ويلغون بأنَّ الدّين بعيد من السياسة، هذا اللّغو الذي استهلكه المسلمون من خلال ما استهلكوه وعاشوه ممّا جاءهم من «الصَّادرات» الأوروبيَّة، قالوا هناك لا بدَّ من الفصل بين السياسة والدين، وقلنا هنا: لا بدَّ من الفصل بين السياسة والدّين! قلناها لأنّنا - وأتحمّل مسؤوليّة الكلمة - لم نفهم ما هو البُعد الدّيني في حياة الإنسان، وما هو بُعد السياسة في حياتنا، وأنّه لا دين بدون سياسة، لأنَّه لا دِين بلا عدالة، ولا دِين بلا حريَّة، وهل تكون السياسة إلّا اختصارًا لهاتَين الكلمتَين في حياة الإنسان؟
حاولنا أن نعلِّب الدِّين، وحاولنا أن ندجّنه، أن نوظّفه في بلاطات الملوك والرؤساء، وأن نجعله عنصراً مهذّباً يحافظ على كلّ البروتوكول مع هذا النظام وذاك النظام، قلنا للدِّين لِيِكُنْ مقامك في الكنيسة وفي المسجد، واسمح لنا أن نكذب في السياسة، وأن نُنافق في السياسة، وأن ندمِّر الإنسان في السياسة، لأنَّ هذه هي لغة السياسة، وقال الدّين: لن تكون لكم حريَّة أن تدمّروا النَّاس باسم الحريَّة، ولن يكون لكم حريَّة أن تقهروا عدالة النَّاس باسم العدالة...
كان متقدِّماً على كلّ الَّذين يفكِّرون الآن؛ كان يفكِّر أنَّ السياسة دين، لأنَّ الله اختصر كلَّ الرّسالات، وكلَّ الرّسل، وكلّ الكُتُب، وكلّ الميزان، وكلّ البيّنات، ليقوم الناس بالقسط، وليكون الدِّين حركة عدل.
                                                               ***
* كلمةٌ أُلقيَتْ في المؤتمرِ التَّكريميِّ للعلَّامة السيِّد عبد الحسين شرف الدّين، والّذي أقامته المستشاريَّة الثّقافيَّة للجمهوريَّة الإسلاميَّة في الكليّة العامليّة – بيروت، بتاريخ: 19 – 2- 1993.
لو أردنا أن نختصر شخصيَّة هذا الإنسان الكبير، العلَّامة السيِّد عبد الحسين شرف الدّين، لاستطعنا أن نقول - بدون مبالغة - إنّه كان الإنسانَ الحركيَّ المنفتح على قضايا عصره، وربّما كان الرَّائدَ في حركته في العصر وفي المحيط الَّذي كان يعيش فيه. ولذلك، فإنّه كان شاهد العصر، تستطيع أن تقرأ عصرَه في قراءتك لتراثه، وتستطيع أن تجد في كلِّ هذا التراث كلَّ حركة العصر.. اعتدنا أن يكونَ الفقيه، ولا سيَّما في المرحلة الَّتي عاش فيها، ذا بُعدٍ واحد، وإن أطلَّ إلى جانب الفقه إلى العالم، فقد يطلّ على بعض الأجواء الأدبيَّة شعراً أو نثراً، أمّا غير ذلك، فليس من شأن الفقهاء.
ومن هنا، لاحظنا في حركة كثيرٍ من الفقهاء في التَّاريخ، أنّها كانت حركة تصاعديَّة في منطلقات العلم الَّذي يتَّصل بالفقه أو في آفاقه، ولكنَّها كانت تعيشُ به الغيابَ عن كلِّ حركة الواقع في الخطوط العامَّة للواقع، ربّما لأنَّ المرحلة كانت تعمل على أن تضيِّق عليهم السَّاحة، وربّما لأنَّ بعض النظريَّات كانت تعمل على أن تحبسهم تقليديّاً في جانب من جوانب الساحة...
ونحن، عندما نحدّق بحركة الشخصيّة في علّامتنا الكبير، نجد أنّها شخصيَّة متعدّدة الأبعاد، في كلِّ المواقع الَّتي كان الواقع يحتاج فيها إلى أيِّ بُعد، فنجد إلى جانب البعد الفقهيّ البُعدَ السياسيّ، وإلى جانب البُعد السياسيّ البُعدَ الوحدويّ، إذا صحّ لنا أن نتحدّث عن الوحدوية أنّها بُعد، وهي في عمق البُعد الاجتماعي والسياسي والثقافي...
بينَ الدِّين والسياسة
 
وإضافةً إلى هذا البُعد الاجتماعيّ، كان الإنسان الفقيه المنفتح في امتدادات فقهه على امتدادت كلّ ساحته، والسَّاحة كانت كبيرة، وكان الإنسان الذي يعيش السياسة رسالة، بعيداً من كلّ هؤلاء الَّذين يلغون ويلغون ويلغون بأنَّ الدّين بعيد من السياسة، هذا اللّغو الذي استهلكه المسلمون من خلال ما استهلكوه وعاشوه ممّا جاءهم من «الصَّادرات» الأوروبيَّة، قالوا هناك لا بدَّ من الفصل بين السياسة والدين، وقلنا هنا: لا بدَّ من الفصل بين السياسة والدّين! قلناها لأنّنا - وأتحمّل مسؤوليّة الكلمة - لم نفهم ما هو البُعد الدّيني في حياة الإنسان، وما هو بُعد السياسة في حياتنا، وأنّه لا دين بدون سياسة، لأنَّه لا دِين بلا عدالة، ولا دِين بلا حريَّة، وهل تكون السياسة إلّا اختصارًا لهاتَين الكلمتَين في حياة الإنسان؟
حاولنا أن نعلِّب الدِّين، وحاولنا أن ندجّنه، أن نوظّفه في بلاطات الملوك والرؤساء، وأن نجعله عنصراً مهذّباً يحافظ على كلّ البروتوكول مع هذا النظام وذاك النظام، قلنا للدِّين لِيِكُنْ مقامك في الكنيسة وفي المسجد، واسمح لنا أن نكذب في السياسة، وأن نُنافق في السياسة، وأن ندمِّر الإنسان في السياسة، لأنَّ هذه هي لغة السياسة، وقال الدّين: لن تكون لكم حريَّة أن تدمّروا النَّاس باسم الحريَّة، ولن يكون لكم حريَّة أن تقهروا عدالة النَّاس باسم العدالة...
كان متقدِّماً على كلّ الَّذين يفكِّرون الآن؛ كان يفكِّر أنَّ السياسة دين، لأنَّ الله اختصر كلَّ الرّسالات، وكلَّ الرّسل، وكلّ الكُتُب، وكلّ الميزان، وكلّ البيّنات، ليقوم الناس بالقسط، وليكون الدِّين حركة عدل.
                                                               ***
* كلمةٌ أُلقيَتْ في المؤتمرِ التَّكريميِّ للعلَّامة السيِّد عبد الحسين شرف الدّين، والّذي أقامته المستشاريَّة الثّقافيَّة للجمهوريَّة الإسلاميَّة في الكليّة العامليّة – بيروت، بتاريخ: 19 – 2- 1993.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية