بسم الله الرّحمن الرّحيم
ألقى سماحة آي الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور حشدٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسية والاجتماعية، وجمعٍ غفير من المؤمنين.. ومما جاء في خطبتيه:
الخطبة الأولى
من بين القضايا الَّتي يركِّز عليها القرآن الكريم، مسألة واقعيَّة الانتماء إلى الإسلام والإيمان؛ هل إنَّ معنى أن تكون مسلماً مؤمناً، هو أن تشهد الشَّهادتين وتؤدّي العبادات، وتأخذ حريّتك في كلِّ علاقاتك ومعاملاتك ومنازعاتك واختلافاتك، لتتحرّك في ذلك كلّه بشكلٍ ذاتيّ، على أساس أن تقف هذا الموقف أو ذاك من خلال مصلحتك أو مزاجك أو عصبيَّتك أو حزبيَّتك، أم أنَّ الإيمان هو أن تكون كلُّ حياتك خاضعةً لإيمانك، بمعنى أن لا تقدِّم رِجلاً ولا تؤخِّر أخرى حتّى تعلم أنَّ في ذلك لله رضى، في تأييدك ورفضك وفي علاقاتك بالنَّاس، في المواصلة والمقاطعة، وفي مسألة الحبِّ والبغض؟
الإسلام موقفٌ والتزام
إنَّ الإسلام يؤكِّد أنَّ معنى أن تكون مسلماً هو أن تطيع الله تعالى في كلِّ شيء، ولا تعصيه في شيء، الإسلام ليس كلمةً، بل هو موقف والتزام، وقد ذكر القرآن الكريم أكثر من نموذجٍ من هؤلاء النّاس الّذين يقولون إنَّنا نطيع الله ورسوله، ولكنَّهم إذا اختلفوا حول أيِّ أمرٍ من الأمور، سواء كان الاختلاف في رأيٍ أو معاملة، أو في أيِّ موقفٍ من المواقف، ورأوا أنَّ الحقَّ لخصمهم، فإنّهم يعرضون عن ذلك، أمّا إذا رأوا الحقّ إلى جانبهم رضوا به!
ولعلَّ هذه المسألة موجودة في كثيرٍ من مجتمعاتنا القائمة على العصبيَّات، سواء كانت عصبيّات شخصيّة، أو عائليّة، أو حزبيّة، أو مذهبيَّة، فإنَّ الإنسان يتَّخذ لنفسه موقفاً على أساس مزاجه وعصبيّاته، سواء كان الحقّ مع خصمه أو معه. لنقرأ هذه الآيات، ولنتبيّن موقعها في مجتمعاتنا، ولتكن هذه الآيات هي المرآة الّتي نرى فيها أنفسنا، لنغيّر أنفسنا إلى ما يحبّ الله تعالى ويرضى:
يقول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ـ يعلنون إيمانهم واستعدادهم للطَّاعة ـ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ـ يقولون الكلمة ويرفعون الشِّعار، ولكنَّهم يعرضون عمّا تفرضه الكلمة ويوحي به الشِّعار ـ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ـ لأنَّ الإيمان هو أن تُقبل على كلّ ما يفرضه الإيمان عليك، ولأنَّ الطّاعة هي أن تنفِّذ كلَّ ما تفرضه الطّاعة عليك ـ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ـ عندما يختلفون في شؤون حياتهم ـ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ ـ لا يقبلون بحكم الشَّرع، ويقبلون بحكم غيره، كبعض النّاس الّذين يختلفون في البيت أو العمل أو الميراث، فإنَّه يلجأ إلى القانون الوضعيّ، إذا عرف أنَّ الحكم الشَّرعيّ ليس بجانبه، أو أنّه يرجع إلى قانون العشيرة ويترك قانون الله، والبعض يرجع إلى محكمة الأحزاب ويترك محكمة الله ـوَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ ـ إذا كان الحقّ لهم ـ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ـ هو ليس مع الشَّرع، وإنما مع مصلحته ـ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ـ مرض في إيمانهم، لأنَّ صحيح الإيمان لا بدَّ له من أن يسير على خطِّ الله ورسوله في كلِّ حال، كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: 36] ـ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ـ يخافون أن يظلمهم الله، وتعالى الله عن ذلك، إنما يحتاج إلى الظّلم الضَّعيف ـ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ـ ظلموا أنفسهم بالمعصية وظلموا الحقّ ـ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ـ إذا سمعوا حكم الله انقادوا إليه وأطاعوه ـ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[النور: 47 ـ 52].
ثم يحدِّثنا الله تعالى عن بعض النّاس الّذين كانوا في زمن النبيّ(ص)، وما أكثرهم عندنا! {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ـ يحلفون بالأيمان المغلَّظة ـ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ـ مستعدّون لأن يخرجوا في الخطِّ الّذي تأمرهم به ـ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ ـ في كلّ ما يأمركم به وينهاكم عنه ـ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا ـ وأعرضوا عنك، ولم يستمعوا إليك ـ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ـ ليس عليه إلا البلاغ ـ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}[النور: 53، 54].
وإذا كان الله تعالى يتحدَّث عن مسألة التَّحاكم، إلا أنَّ المسألة أوسع من ذلك، فعندما تعيش في بيتك، فليس للأب أن يتصرَّف مع زوجته وأولاده إلا على أساس شريعة الله، وليس للزَّوجة أن تتصرَّف مع زوجها وأولادها إلا بما يحبّه الله تعالى ويرضاه، فلا يجوز للزّوج أو الزَّوجة أن يستعملا سلطتهما في غير ما أحلَّ الله، بل لا بدَّ من أن يكونا زوجين مسلمين يعيشان على أساس ما فرضه الله وشرَّعه.
العصبيَّة تناقض الإيمان
كما أنَّنا نعاني العصبيَّات الحزبيَّة، فقد يأتي تعميم حزبيّ بمقاطعة فلان، وفلان من المؤمنين، ولكنَّ رأيه السياسيَّ لا يتَّفق مع رأي الحزب أو المنظَّمة أو الحركة، فلا يجوز لك أن تقاطعه، لأنَّ الله تعالى يأمرنا بالتَّواصل، والإمام عليّ(ع) يقول: "عليكم بالتَّواصل والتَّباذل، وإيَّاكم والتَّقاطع والتَّدابر". قد يمنعك الحزب أو الحركة أو المنظَّمة من أن تصلّي جماعةً وراء إمامٍ عادل، فلا يجوز لك أن تقاطعه. قد يأتي تعميم بالتَّشهير بفلانٍ المؤمن أو اتهامه بغير حقّ، فلا يجوز لك أن تطيع الحزب أو المنظَّمة في ذلك، لأنّه معنى أن تكون مسلماً، هو أن تكون علاقتك بالنّاس كلِّهم سلباً أو إيجاباً، من خلال الإسلام، والله تعالى يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ ـ يرجعوا إلى حكمك يا محمَّد، وإلى شريعتك وسنَّتك ـ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ـ فيما اختلفوا فيه ـ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}[النّساء: 65].
لا يمكن للإنسان أن يجمع بين اثنين؛ الالتزام بالإسلام، والالتزام بغيره، فأن تلتزم بالإسلام، يعني أن تلتزم بكلِّ حكمٍ من أحكامه، حتى الأحكام الصَّغيرة، وعليك أن ترفض غيره، ومعنى أن تعبد الله، أن تعبده في كلِّ شيء، ومعنى اجتناب الطّاغوت، هو أن تبتعد عن كلِّ خطٍّ وشخصٍ وجهةٍ تريد لك أن تسير في غير ما يريد الله.
إنّنا راحلون إلى الله ومهاجرون إليه، "نفس المرء خطاه إلى أجله"، لذلك، علينا أن نرتّب أمورنا لنحصل على رضى الله في كلِّ شيء، وعلينا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسَب، حتى نقف غداً في مواقف المطيعين لله، لا في مواقف العاصين له تعالى، فـ"اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل"، فكيف يكون موقفنا غداً بين يدي الله، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: 88، 89]؟
الخطبة الثانية
عباد الله، اتّقوا الله في كلّ ما أمركم به فأْتوا به، وفي كلِّ ما نهاكم عنه فاتركوه، ولا تكونوا كالَّذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم. اتّقوا الله وأطيعوه في مواجهة كلِّ الظالمين، فلا نركن إليهم، لأنَّ الله تعالى يقول: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود: 113]، وعلينا أن نطيع الله، فنواجه المستكبرين في كلِّ حركات الاستكبار، وعلينا أن نطيع الله، فنهتمّ بأمور المسلمين في كلِّ ما يعانونه ويواجهونه، وعلينا أن نطيع الله، فنقف مع المسلمين ضدّ الّذين يظلمونهم ويسقطون أوضاعهم السياسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة، علينا أن لا نكون الحياديّين بين الظّالم والمظلوم، بين الخير والشّرّ، بين الحقّ والباطل.. ونحن كمسلمين ومستضعفين، لا نزال نواجه الهجمة الشّرسة التي يقوم بها الاستكبار العالميّ في تأييده للمستكبرين الصَّهاينة، فتعالوا لنعرف ماذا هناك مما يواجهه عالمنا الإسلاميّ.
الانتفاضة تفرض نفسها
لا تزال الانتفاضة تفرض نفسها في صمودها وحركتها وجهادها على إسرائيل "شارون"، بالرّغم من كلِّ عمليَّات التَّدمير للبيوت في أكثر من منطقة، ومن عمليَّات القصف، حتى إنَّ العدوَّ بدأ يقوم بأكثر من جولةٍ في أوروبّا، لإقناع الأوروبّيين بأنَّ الانتفاضة ليست حركة تحرّر واستقلال لشعبٍ محتلّ، بل هي حركة عنف ضدَّ الأمن الإسرائيليّ من قِبَل الفلسطينيّين، الَّذين يخوضون حرباً عنصريَّة مفتوحةً ضدّ إسرائيل ـ بحسب ما يصوّرونها ـ وذلك من أجل أن يضغط الأوروبّيون على السّلطة الفلسطينيّة لإيقاف الانتفاضة.
ولكنَّ "شارون" لم يستطع أن يصل إلى أيِّ نتيجةٍ إيجابيّة، لأنَّ العالم يشاهد كلّ يوم جرائمه في تشريد النّاس من بيوتهم، ومصادرة أراضيهم لبناء المستوطنات فوقها، ومتابعة القصف والاغتيال، والحصار الاقتصاديّ والجغرافيّ.. حتى إنَّ أميركا بدأت تحتجّ على إسرائيل بين وقتٍ وآخر، من باب الخروج من الإحراج أمام العرب، أو من باب الشّعور بأنَّ إسرائيل تتمرَّد على قراراتها في مشروع "ميتشل" أو غيره.
إنَّنا على يقين بأنَّ الشَّعب الفلسطينيّ الصَّامد في انتفاضته أمام وحشيَّة العدوّ، سوف يستمرّ في صموده بالرّغم من قساوة الظّروف المحيطة به، وبالرّغم من الضّغوط الدوليّة والعربيّة المطبقة عليه.. لقد تجاوز الفلسطينيّون حاجز الخوف، وعليهم أن يتقنوا حركيَّة اللّعبة السياسيَّة على صعيد التّكتيك الَّذي لا يبتعد عن الاستراتيجيَّة، وأن يعرفوا أنّه لن يقلّع إحدى الأشواك المزروعة في طريقهم، فهم الَّذين ينبغي أن يقلّعوها بأظافرهم الدامية.
إنَّ كرة النّار تكبر داخل فلسطين المحتلَّة، ولكنّ كرة العار تواصل مسيرتها في طول العالم العربيّ والإسلاميّ وعرضه ـ على صعيد الأنظمة ـ حيث يخضع الجميع للسَّيطرة الأميركيّة الَّتي لا تسمح لهم باتخاذ مواقف حازمة، وحيث تختفي إرادة التّحدّي، إلا في مواقع صغيرة تطلق نقاط الضَّوء هنا وهناك.
مخاطر الحلف التركيّ ـ الإسرائيليّ
وفي اتجاه آخر، فإنَّنا ننظر بخطورةٍ إلى رفع مستوى التّحالف التركيّ ـ الإسرائيليّ الَّذي أعلن وزير الحرب الصّهيوني أنّه موجَّه بالدّرجة الأولى إلى إيران، بحجَّة أنها تشكِّل خطراً مستقبليّاً على تركيا وإسرائيل، لأنَّها سوف تمتلك السِّلاح النّوويّ في المستقبل، مع علم الجميع بأنَّ إسرائيل تمتلك السّلاح النّوويّ منذ مدّة طويلة.
إنَّ إسرائيل تحاول ابتزاز تركيا وتحويلها إلى سوقٍ لتجارة السلاح الإسرائيليّ من جهة، ومجالٍ جويّ عسكريّ لتهديد الدّول المجاورة لها من جهةٍ أخرى، ولا سيَّما إيران وسوريا والعراق، لتكون تركيا قاعدة عسكريَّة إسرائيليَّة، إلى جانب كونها قاعدة عسكريَّة للحلف الأطلسي.. وهذا هو ما ينبغي للدّول الإسلاميَّة والعربيَّة ـ في علاقاتها مع تركيا ـ الالتفات إليه، ولا ننسى أنَّ تركيا كانت أوَّل دولةٍ إسلاميَّةٍ تعترف بإسرائيل ـ منذ الخمسينات ـ تحت تأثير الضَّغط الأميركيّ، في الوقت الَّذي يرفض الشَّعب التركي ذلك.
لبنان: لوضع خطَّةٍ اقتصاديّة
وفي الجانب اللّبنانيّ الدّاخليّ الَّذي يرزح تحت نير المشكلة الاقتصاديَّة، يبرز سؤال: هل المقاومة هي السَّبب في عدم مساعدة لبنان اقتصاديّاً من الدّول الخارجيّة القادرة، أم أنَّ السَّبب يكمن في طبيعة الأوضاع المعقَّدة في الواقع السياسيّ لعجز الدّولة؟
إنَّنا نعرف أنَّ المطلوب من الدَّولة كشرطٍ للمساعدة الخارجيَّة ـ التي توقف الانهيار ـ القيام بعدّة خطوات، منها وقف الهدر، ومنع الفساد ومكافحته بصورة جدّيَّة، وإصلاح الإدارة، وإخراج غير المنتجين منها، وخصخصة عددٍ من المرافق.. والسّؤال: هل الحكومة اللّبنانيّة مستعدَّة لإقرار مثل هذه الخطوات وتنفيذها؟
والجواب: إنَّ تنفيذ ذلك لا يملك واقعيَّة، بسبب المصالح السياسيَّة والطائفيَّة والمذهبيَّة، وبسبب استمرار أركان الدَّولة وأركان السّياسة وزعماء الطَّوائف والمذاهب والأحزاب في اعتبار الدَّولة بقرةً حلوباً، لا كياناً ووطناً يعمل لتأمين حاجات الشَّعب اللّبنانيّ كلّه، فلماذا تحمِّلون المقاومة مسؤوليَّة منع المساعدات الاقتصاديَّة عن البلد؟ ثم إنَّ المسألة الاقتصاديَّة في لبنان مبنيَّةٌ على أنَّ لبنان جزءٌ من المنطقة والصِّراع العربيّ الإسرائيليّ، وليس مستقلاً عنها، وذلك من خلال التَّجميد الاقتصاديّ للمنطقة كلِّها.
إنّنا نطالب ـ بالرّغم من ذلك ـ بوضع خطَّة اقتصاديَّة للإنقاذ ومنع الانهيار، بحسب الإمكانات الموجودة لدى الدَّولة، وضرورة البدء بإثبات حضور الدَّولة في مواجهة المحسوبيّات الكبيرة والصّغيرة، في إصلاح ما يمكن إصلاحه، لأنَّ الجمود على حالة العجز السّياسيّ والإداريّ، يمثِّل بداية موت الوطن، الَّذي نريده وطن الشَّعب، لا وطن المواقع الطائفيَّة ووطن الأحزاب.. فهل من يسمع؟!