ألقى سماحة آية اللّه العظمى السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، وقال في خطبته الأولى:
النصيحة للمسلمين:
إنَّ الإسلام يؤكّد ويركّز على النصيحة للمسلمين، وعلى النصيحة للنّاس، ويطلب من الإنسان المسلم أن يعيش النصيحة في عقله وقلبه وفي علاقاته ومعاملاته مع النّاس، وأن لا يعيش الغش بكلّ أنواعه.
وفي ظلّ هذا التأكيد، إذا أردت ـ أيها المسلم ـ أن تفكر في أمر يخص الواقع العام، فعليك أن تخلص في تفكيرك وتجتهد لتصل إلى الحقّ، حتى تقدّم للنّاس فكراً حقّاً لا باطل فيه، وحين تقدّم تحليلاً سياسياً أو اجتماعياً يتصل بالواقع، فإنَّ عليك أن تجهد فكرك ليكون تحليلك منفتحاً على الواقع دون غش، أي بغير أن تشوبه أيّة غاية شخصية أو حزبية ضيّقة. وهكذا إذا طلبت من النّاس الوقوف إلى جانب شخص في أيّ شأن ديني أو دنيوي، فعليك أن لا تنطلق من أيّ غايات خاصة دعائية لا تتصل بمصالح النّاس العامة، فتدعو إلى تأييده ولا يكون بمستوى المسؤولية، وهو ما يدخل في دائرة الغش.
وعلى هذا الخطّ، لننطلق في النصيحة للّه ولرسوله وللمؤمنين... أن ننطلق في الفكرة والخطاب والدعوة، وذلك من موقع الاهتمام بالمسلمين وجميع النّاس، لنقدّم لهم ما نعتقد أنَّه مصلحتهم ، لا سيما حين يخوض الإنسان في دائرة العلاقات والمعاملات، حيث عليه أن لا يكون جلّ همّه الربح من النّاس، بل تأمين حاجاتهم وطلباتهم ورغباتهم بعيداً عن الغش، سواء الغش في نوعية البضاعة أو في طبيعة مصدرها، ومن المنطلق ذاته، يفترض أن لا يحمل قلبك إلاَّ النصائح لكلّ إنسان، فعندما يستنصحك شاب يريد أن يتزوج من امرأة معينة مثلاً، فلا تقدّم له إلاَّ الحقيقة، وعليك في هذه الحالة أن تكشف عن كلّ تدليس وعيب في هذه المرأة قد يوجب فسخ الزواج، باعتبار أنَّه يمثّل نوعاً من الغش، والإسلام يرفض ذلك كلّه، وقد ورد عن رسول اللّه (ص) وعن الأئمة من أهل البيت(ع)، أنَّ الشخص الذي يغش لا ينتمي إلى المسلمين بأيّ صلة.
"ليس منّا من غشّ مسلماً":
وفي الحديث الشريف، أن رسول اللّه (ص) قال: "ليس منّا ـ من المسلمين ـ من غشّ مسلماً أو ضره أو ماكره"، أي دبر له بمكره ما يفسد حياته. وهكذا ورد عن بعض النّاس أنَّه قال: اشتريت ناقة من دار فلان، فلمّا خرجت بها أدركني يجر إزاره، فقال: اشتريت؟ قلت: نعم، قال: أبين لك ما فيها. قلت: وما فيها؟ قال: إنَّها لسمينة ظاهرة الصحة، قال: أردت بها سفراً، أو أردت بها لحماً؟ ـ أي أتريد أن تأكل من لحمها أم تريد بها السفرـ قلت: أردت بها الحج، قال: فارتجعها ـ لأنَّ السمينة للأكل ـ فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك اللّه تفسد عليّ ـ بيعتي ـ قال: إنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول:لا يحلّ لأحد يبيع شيئاً إلاَّ بيّن ما فيه ـ من كلّ الصفات ـ ولا يحلّ لمن علم ذلك إلاَّ بيّنه".
وفي حديث آخر، أنَّ رسول اللّه (ص) مرّ برجل يبيع طعاماً، فسأله: "كيف تبيع"؟ فأخبره، فأوحي إليه (ص) أن أدخل يدك فيه، فأدخل يديه فيه، فإذا هو مبلول ـ أي مليء بالماء ليصبح وزنه أثقل ـ فقال رسول اللّه (ص): "ليس منا من غش".
وقال رسول اللّه (ص):"المسلم أخو المسلم، ولا يحلّ لمسلم إذا باع من أخيه بيعاً فيه عيب أن لا يبينّه"، "المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وادّون ـ ينصحون بعضهم البعض ويؤدي أحدهم ما للآخر ـ وإن بعدت منازلهم وأبدانهم، والفجرة، بعضهم البعض غششة متخاونون" يغشون بعضهم بعضاًولا يؤدي أحدهم للآخر ما عليه.
وفي حديث آخر يقول: "مرّ النبيّ (ص) على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟! قال: أصابته السَّماء يا رسول اللّه، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه النّاس؟! من غشنا فليس منّا". ومرّ رسول اللّه(ص) على بائع طعام قد خلط جيّداً بقبيح، فقال (ص):"ميّز كلّ واحد منهما على حدّة، ليس في ديننا غش".
وفي موقع مختلف قال رسول اللّه (ص): "يا صاحب الطعام أأسفل هذا مثل أعلاه؟ من غش المسلمين فليس منهم".
وعن هشام بن الحكم قال: "كنت أبيع السّابريّ في الظلال، فمر بي أبو الحسن موسى الكاظم (ع)، فقال لي: يا هشام، إنَّ البيع في الظلّ غش، وإنَّ الغش لا يحل". وعن الحلبي عن أبي عبد اللّه (ع): سألته عن الرّجل يكون عنده لونان من طعام واحد وسعرهما شيء، وأحدهما خير من الآخر، فيخلطهما ثمَّ يبيعهما بسعر واحد؟ فقال:" لا يصح له أن يفعل ذلك يغش به المسلمين حتى يبيّنه".
وهكذا قال رسول اللّه (ص): "من غش مسلماً في بيع أو شراء فليس منّا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود، لأنَّهم أغش الخلق للمسلمين"، وقد ورد: "من غش أخاه المسلم نزع اللّه عنه بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه". وورد أيضاً: "من باع عيباً لـم يبيّنه، لـم يزل في مقت اللّه، ولـم تزل الملائكة تلعنه".
"أفظع الغش غش الأئمة":
ويقول الإمام عليّ (ع):"إن أعظم الخيانة خيانة الأمّة وأفظع الغش غش الأئمة". و"من غش النّاس في دينهم ـ بأن يقدّم لهم غير الحقيقة ـ فهو معاند الله ورسوله"..وكذلك "إنَّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربِّه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربِّه"، يخفي عن نفسه ما سيقبل عليها من عذاب.
البر مع غير المسلمين:
ومن الطبيعي أنَّ الإسلام عندما لا يجيز غش المسلمين، يريد منّا أيضاً أن لا نغش غير المسلمين ممّن نعيش معهم التواصل والتعاون والتفاعل، لأنَّ المسلم إذا كان غشاشاً، فإنَّه يمثّل مصداقاً للدعوة السلبية ضدّ الإسلام، وقد ورد في كتاب اللّه: {لا ينهاكم اللّه عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنَّ اللّه يحبّ المقسطين}. عليكم أن تبروا وتعملوا الخير مع النّاس من غير دينكم، حين يكونون مصدر أمن وأمان لمجتمعكم، فلا يشاركون في القتال ضدّكم ولا يعملون على إخراجكم من دياركم، باعتبار أنَّ فعل البر معهم ينتمي إلى قيم العدل والقسط والخير، الأمر الذي يؤصل إنسانية المسلم.
معصية الرب تنزع بركة الرزق:
وإذا خيّل لكم من خلال الشيطان أن الغش يمكن أن يوسع من رزقكم، ويصرّف بضاعتكم، ويحل لكم مشاكلكم، ويرفع درجتكم عند النّاس، ويحقق لكم أهدافكم، فتصوروا أنَّكم إذا غششتم النّاس هل تملكون أن تغشوا اللّه، إنَّ الرزق بيد اللّه وهو الذي يباركه، وإذا عصى الإنسان ربّه ينزع عنه بركة رزقه ويفسد عليه معيشته، ففكروا باللّه قبل أن تفكروا بالنّاس، فكروا بالآخرة قبل أن تفكروا بالدنيا، فكروا بالجنّة:{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الحنة أصحاب الجنّة هم الفائزون} قد تحصل على المال الحرام، لكن في قبرك وفي حشرك سيسألك اللّه {يوم تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها}، فهل تملك جواباً؟ حضّر دفاعاتك لذلك اليوم،{يوم لا ينفع مال ولا بنون *إلاَّ من أتى اللّه بقلب سليم}.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد اللّه، اتقوا اللّه في كلّ الأمور التي إذا فعلتموها قربتكم منه وجعلتكم في مواقع رحمته وغفرانه وعفوه، وفي الدرجات العليا عنده وفي جنّته، واتقوا اللّه في الأمور التي تبعدكم عنه وتجعلكم في مواقع سخطه والطريق إلى ناره.. اتقوا اللّه في النّاس الذين تعيشون معهم، أعطوهم النصح والإخلاص والانفتاح، لأنَّ من غش النّاس غشوه، ولأنَّ المؤمن هو الذي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره له ما يكره لها، فإذا كنت لا تحبّ للنّاس أن يغشوك في فكر أو عاطفة أو معاملة أو علاقة أو موقع، فلماذا تعطي نفسك الحرية في أن تغشهم، وإذا كنّا تحدّثنا عن بعض أنواع الغش، فإنَّ هناك مسألة حيوية خطيرة تتصل بما يمارسه النّاس من غش، خصوصاً أولئك الذين يوظفون أنفسهم في سلك المخابرات خدمة لأعداء اللّه والإنسانية، فينقلون لهؤلاء الأعداء أسرار أمّتهم، ويكشفون لهم أوضاع النّاس من حولهم، حتى يتمكنوا من ضرب الأمّة والإيقاع بها، وهذا الغش هو أعظم أنواع الغش، وما أخِذ المسلمون في هذا العصر إلاَّ من خلال أولئك السياسيين الذين يحاولون أن يكونوا وكلاء الاستكبار والكفر العالمي لحساب مصالحهم على حساب مصالح الأمّة، ومنفذين لكلّ مخططات المستكبرين. إنَّ هؤلاء من حكام وأمراء وأصحاب أحزاب ومخابرات وتيارات متنوعة، هم سرّ مشكلة المسلمين في المواقع التي يُراد فيها الإيقاع بالأمّة، ولولا هؤلاء، لما استطاع الاستكبار أن يضيع علينا فرص العزّة والحرية والقوّة، ولما تمكن من أن يستعمرنا ويقهرنا ويسرقنا.. ولولا هؤلاء الجاثمين على صدر الأمّة، كما الكابوس، لما عشنا مثل هذه الفتن الطائفية والمذهبية والحزبية، لأنَّهم موكّلون أن لا يبقى المسلمون في حالة قوّة واستقرار.
لذلك، أيُّها الأحبة، عندما نجد هؤلاء في مواقعهم التي وضعهم الاستكبار فيها، علينا أن لا نساعدهم ولا نعاونهم ولا نكبّر أوضاعهم، لأنَّ من عاونهم وساعدهم هو معهم، يتحمّل كلّ أوزارهم بحجم عمله معهم، ويحشر معهم يوم القيامة.
إنَّ علينا في كلّ مواقعنا السياسية أن نبتعد عنهم{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النّار}، فلا تقتصروا في تحديد مفهوم الغش على بيع هنا أو هناك وإن كان حراماً، ولكن انظروا إلى غش الأمّة، غش الحاضر والمستقبل... وفي إطار التطلّع نحو مستقبل أفضل، لا بُدَّ أن نفهم ما تحاول قوى الغش والاستكبار العالمي أن تفرضه على واقعنا.
واشنطن تعمل لفرض السلام الصهيوني:
لا يزال الموقف السياسي في المنطقة حول التسوية خاضعاً للحلف الاستراتيجي الأمريكي القائم على الالتزام المطلق بأمن إسرائيل، بعيداً عن حاجات الأمن العربي، وهو مايظهر في منح واشنطن لتل أبيب الأسلحة المتطورة جداً والمشاريع المستقبلية لما يتجاوز حدود الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، والوعود السخية التي ترسم السقف للسلام الإسرائيلي، في مقابل كلمات احتفالية للعرب ونصائح خادعة من دون أيّ شيء حقيقي..
فقد أعطى كلينتون إسرائيل كل شيء مما أرادت له أن يلتزمه في المفاوضات، ولم يعطِ العرب أي مقابل، بالرغم من أنهم قدّموا لـ"باراك" كل المدح والتشجيع، حتى يُثبتوا للعالم أنهم دعاة سلام لا حرب، فلا يسجّل عليهم أنهم يعطّلون عملية التسوية، في الوقت الذي نعرف فيه - من بعض العرب على الأقل - أنهم غير واثقين في الواقع بالكلمات الإسرائيلية الفضفاضة، مما قد تكون فيه المسألة بين جمود "الليكود" وحركة "العمل"، أن الأسلوب هو الذي تغيّر، أما الخطة التي تؤكد السلام الإسرائيلي فلا تزال على حالها.
المستقبل لن يرحم المتساقطين:
لقد أطلقنا منذ مدة صوت الإنذار بالحذر أمام اللغة الإسرائيلية الجديدة، لأن المرحلة هي مرحلة المشروع النهائي لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي، الذي سوف يتحرك فيه الضغط الأمريكي إلى جانب الضغط الصهيوني على العرب من أجل تقديم التنازلات، في سبيل إعطاء العدوّ أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية..
إننا نقول للمسؤولين العرب: كونوا - ولو لمرّة واحدة - مع قضايا الأمة في حركة الحرية والعزة والعنفوان، لأن المستقبل لن يرحم الذين يتساقطون أمام الضغوط الدولية.. ونقول للأمة إن عليها أن لا تجلس في قاعة الانتظار منتظرة ماذا يحدث في المفاوضات، بل أن تقف بقوة ضد مصادرة المستقبل العربي والإسلامي لحساب أمريكا وإسرائيل، حتى يعرف المسؤولون العرب أنهم لا يملكون الوكالة المطلقة عن الأمة في التوقيع على قرارات الذل والهوان والسقوط..
إيران: تجاوز الألغام ومواجهة المشروع الأمريكي:
ولن يكون بعيداً عن ذلك العدوان التركي على إيران، في الغارات التي شنها الطيران التركي على مواقع للحرس الثوري داخل الأراضي الإيرانية، مما يوحي بوجود خطة أمريكية - إسرائيلية تنفّذها تركيا لإرسال رسالة إلى إيران بأن وقوفها ضد التسوية سوف يخلق لها أكثر من مشكلة أمنية قد تتبعها مشاكل وتهديدات سياسية..
إن هذا التحدي الجديد، يفرض على الشعب الإيراني المسلم بكل فئاته أن يتجاوز كل الألغام الداخلية، وأن يعمل على إرساء الوحدة القوية، والخروج من دائرة التجاذب السياسي التي قد تسبق بعض المعطيات الانتخابية ، إلى التفكير بالأخطار المحدقة بالمنطقة كلها، ولا سيما إيران، كونها الدولة الإسلامية القوية التي تمثل حجر الزاوية في مواجهة المشروع الأمريكي - الإسرائيلي.. قد يكون الصراع السياسي القائم على الاجتهادات المتنوعة في مصلحة البلاد أمراً مشروعاً، ولكن لا بدّ من وعي النتائج الإيجابية والسلبية في الشكل والمضمون وفي الكلمات والمواقف والأهداف.
المقاومة لا تخضع لأي ضغط:
وفي هذا الجو، لا بدّ من دراسة خطة العدو الجديدة في إعادة إنتاج جيش العملاء، بعد أن كاد يسقط تحت ضربات المجاهدين، وذلك بزيادة ميزانيته، ليبقى - بكل عناصره - تابعاً ذليلاً للاحتلال في مواقع الخيانة.. وعلينا جميعاً متابعة المواجهة القوية بالوقوف مع المقاومة التي نؤكد للجميع أنها لا تزال تتحرك في استراتيجيتها الثابتة في استنـزاف العدو وعملائه، ومحاصرته وإجباره على الانسحاب دون قيد أو شرط، فلا يتصوّر أحد أن المقاومة تخضع لأيّ ضغط أو أية صفقة دولية أو إقليمية من قريب أو بعيد.
الاهتمام بمطالب المعلمين:
أما في الواقع الداخلي، فإن قضية المعلمين تمثل مسألة حيوية في المستقبل التربوي للبلد، لأنهم يعيشون أزمة صعبة في حياتهم المعيشية، مما يفرض على الدولة المزيد من الاهتمام بمطالبهم، والتعامل والحوار معهم بعيداً عن أساليب التهديد التي لا تليق بالحكومة التي جاءت من أجل حلّ مشاكل الفئات المحرومة.
مواجهة الحساسيات المذهبية:
ولا بدّ لنا أن نرفع الصوت عالياً ضد إثارة الحساسيات المذهبية والطائفية كوسيلة من وسائل حركة المعارضة في الساحة السياسية، لأن البلد قد عانى من حرب مدمّرة من خلال هذه الحساسيات، ولا يزال واقعاً تحت تأثير النتائج السلبية في الاهتزاز السياسي والأمني والاقتصادي.
إننا نقول للجميع: لتكن محافظتكم على الوطن لا على مواقعكم، ولتكن الوحدة الوطنية شعار المرحلة المقبلة أمام التحديات الكبرى التي لن تترك تأثيرها على الوطن فقط، بل ستتجاوزه إلى المنطقة كلها.. كونوا مع المستقبل في تطلعاته من أجل الحرية والعدالة، ولا تكونوا مع الماضي في تعقيداته وحساسياته، فإن الله لن يرحم الذين يبحثون عن عناصر الفتنة ولا يعملون على صنع مشاريع الانتصار.
ألقى سماحة آية اللّه العظمى السيِّد محمَّد حسين فضل اللّه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، وقال في خطبته الأولى:
النصيحة للمسلمين:
إنَّ الإسلام يؤكّد ويركّز على النصيحة للمسلمين، وعلى النصيحة للنّاس، ويطلب من الإنسان المسلم أن يعيش النصيحة في عقله وقلبه وفي علاقاته ومعاملاته مع النّاس، وأن لا يعيش الغش بكلّ أنواعه.
وفي ظلّ هذا التأكيد، إذا أردت ـ أيها المسلم ـ أن تفكر في أمر يخص الواقع العام، فعليك أن تخلص في تفكيرك وتجتهد لتصل إلى الحقّ، حتى تقدّم للنّاس فكراً حقّاً لا باطل فيه، وحين تقدّم تحليلاً سياسياً أو اجتماعياً يتصل بالواقع، فإنَّ عليك أن تجهد فكرك ليكون تحليلك منفتحاً على الواقع دون غش، أي بغير أن تشوبه أيّة غاية شخصية أو حزبية ضيّقة. وهكذا إذا طلبت من النّاس الوقوف إلى جانب شخص في أيّ شأن ديني أو دنيوي، فعليك أن لا تنطلق من أيّ غايات خاصة دعائية لا تتصل بمصالح النّاس العامة، فتدعو إلى تأييده ولا يكون بمستوى المسؤولية، وهو ما يدخل في دائرة الغش.
وعلى هذا الخطّ، لننطلق في النصيحة للّه ولرسوله وللمؤمنين... أن ننطلق في الفكرة والخطاب والدعوة، وذلك من موقع الاهتمام بالمسلمين وجميع النّاس، لنقدّم لهم ما نعتقد أنَّه مصلحتهم ، لا سيما حين يخوض الإنسان في دائرة العلاقات والمعاملات، حيث عليه أن لا يكون جلّ همّه الربح من النّاس، بل تأمين حاجاتهم وطلباتهم ورغباتهم بعيداً عن الغش، سواء الغش في نوعية البضاعة أو في طبيعة مصدرها، ومن المنطلق ذاته، يفترض أن لا يحمل قلبك إلاَّ النصائح لكلّ إنسان، فعندما يستنصحك شاب يريد أن يتزوج من امرأة معينة مثلاً، فلا تقدّم له إلاَّ الحقيقة، وعليك في هذه الحالة أن تكشف عن كلّ تدليس وعيب في هذه المرأة قد يوجب فسخ الزواج، باعتبار أنَّه يمثّل نوعاً من الغش، والإسلام يرفض ذلك كلّه، وقد ورد عن رسول اللّه (ص) وعن الأئمة من أهل البيت(ع)، أنَّ الشخص الذي يغش لا ينتمي إلى المسلمين بأيّ صلة.
"ليس منّا من غشّ مسلماً":
وفي الحديث الشريف، أن رسول اللّه (ص) قال: "ليس منّا ـ من المسلمين ـ من غشّ مسلماً أو ضره أو ماكره"، أي دبر له بمكره ما يفسد حياته. وهكذا ورد عن بعض النّاس أنَّه قال: اشتريت ناقة من دار فلان، فلمّا خرجت بها أدركني يجر إزاره، فقال: اشتريت؟ قلت: نعم، قال: أبين لك ما فيها. قلت: وما فيها؟ قال: إنَّها لسمينة ظاهرة الصحة، قال: أردت بها سفراً، أو أردت بها لحماً؟ ـ أي أتريد أن تأكل من لحمها أم تريد بها السفرـ قلت: أردت بها الحج، قال: فارتجعها ـ لأنَّ السمينة للأكل ـ فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك اللّه تفسد عليّ ـ بيعتي ـ قال: إنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول:لا يحلّ لأحد يبيع شيئاً إلاَّ بيّن ما فيه ـ من كلّ الصفات ـ ولا يحلّ لمن علم ذلك إلاَّ بيّنه".
وفي حديث آخر، أنَّ رسول اللّه (ص) مرّ برجل يبيع طعاماً، فسأله: "كيف تبيع"؟ فأخبره، فأوحي إليه (ص) أن أدخل يدك فيه، فأدخل يديه فيه، فإذا هو مبلول ـ أي مليء بالماء ليصبح وزنه أثقل ـ فقال رسول اللّه (ص): "ليس منا من غش".
وقال رسول اللّه (ص):"المسلم أخو المسلم، ولا يحلّ لمسلم إذا باع من أخيه بيعاً فيه عيب أن لا يبينّه"، "المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وادّون ـ ينصحون بعضهم البعض ويؤدي أحدهم ما للآخر ـ وإن بعدت منازلهم وأبدانهم، والفجرة، بعضهم البعض غششة متخاونون" يغشون بعضهم بعضاًولا يؤدي أحدهم للآخر ما عليه.
وفي حديث آخر يقول: "مرّ النبيّ (ص) على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟! قال: أصابته السَّماء يا رسول اللّه، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه النّاس؟! من غشنا فليس منّا". ومرّ رسول اللّه(ص) على بائع طعام قد خلط جيّداً بقبيح، فقال (ص):"ميّز كلّ واحد منهما على حدّة، ليس في ديننا غش".
وفي موقع مختلف قال رسول اللّه (ص): "يا صاحب الطعام أأسفل هذا مثل أعلاه؟ من غش المسلمين فليس منهم".
وعن هشام بن الحكم قال: "كنت أبيع السّابريّ في الظلال، فمر بي أبو الحسن موسى الكاظم (ع)، فقال لي: يا هشام، إنَّ البيع في الظلّ غش، وإنَّ الغش لا يحل". وعن الحلبي عن أبي عبد اللّه (ع): سألته عن الرّجل يكون عنده لونان من طعام واحد وسعرهما شيء، وأحدهما خير من الآخر، فيخلطهما ثمَّ يبيعهما بسعر واحد؟ فقال:" لا يصح له أن يفعل ذلك يغش به المسلمين حتى يبيّنه".
وهكذا قال رسول اللّه (ص): "من غش مسلماً في بيع أو شراء فليس منّا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود، لأنَّهم أغش الخلق للمسلمين"، وقد ورد: "من غش أخاه المسلم نزع اللّه عنه بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه". وورد أيضاً: "من باع عيباً لـم يبيّنه، لـم يزل في مقت اللّه، ولـم تزل الملائكة تلعنه".
"أفظع الغش غش الأئمة":
ويقول الإمام عليّ (ع):"إن أعظم الخيانة خيانة الأمّة وأفظع الغش غش الأئمة". و"من غش النّاس في دينهم ـ بأن يقدّم لهم غير الحقيقة ـ فهو معاند الله ورسوله"..وكذلك "إنَّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربِّه، وإن أغشهم لنفسه أعصاهم لربِّه"، يخفي عن نفسه ما سيقبل عليها من عذاب.
البر مع غير المسلمين:
ومن الطبيعي أنَّ الإسلام عندما لا يجيز غش المسلمين، يريد منّا أيضاً أن لا نغش غير المسلمين ممّن نعيش معهم التواصل والتعاون والتفاعل، لأنَّ المسلم إذا كان غشاشاً، فإنَّه يمثّل مصداقاً للدعوة السلبية ضدّ الإسلام، وقد ورد في كتاب اللّه: {لا ينهاكم اللّه عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنَّ اللّه يحبّ المقسطين}. عليكم أن تبروا وتعملوا الخير مع النّاس من غير دينكم، حين يكونون مصدر أمن وأمان لمجتمعكم، فلا يشاركون في القتال ضدّكم ولا يعملون على إخراجكم من دياركم، باعتبار أنَّ فعل البر معهم ينتمي إلى قيم العدل والقسط والخير، الأمر الذي يؤصل إنسانية المسلم.
معصية الرب تنزع بركة الرزق:
وإذا خيّل لكم من خلال الشيطان أن الغش يمكن أن يوسع من رزقكم، ويصرّف بضاعتكم، ويحل لكم مشاكلكم، ويرفع درجتكم عند النّاس، ويحقق لكم أهدافكم، فتصوروا أنَّكم إذا غششتم النّاس هل تملكون أن تغشوا اللّه، إنَّ الرزق بيد اللّه وهو الذي يباركه، وإذا عصى الإنسان ربّه ينزع عنه بركة رزقه ويفسد عليه معيشته، ففكروا باللّه قبل أن تفكروا بالنّاس، فكروا بالآخرة قبل أن تفكروا بالدنيا، فكروا بالجنّة:{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الحنة أصحاب الجنّة هم الفائزون} قد تحصل على المال الحرام، لكن في قبرك وفي حشرك سيسألك اللّه {يوم تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها}، فهل تملك جواباً؟ حضّر دفاعاتك لذلك اليوم،{يوم لا ينفع مال ولا بنون *إلاَّ من أتى اللّه بقلب سليم}.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد اللّه، اتقوا اللّه في كلّ الأمور التي إذا فعلتموها قربتكم منه وجعلتكم في مواقع رحمته وغفرانه وعفوه، وفي الدرجات العليا عنده وفي جنّته، واتقوا اللّه في الأمور التي تبعدكم عنه وتجعلكم في مواقع سخطه والطريق إلى ناره.. اتقوا اللّه في النّاس الذين تعيشون معهم، أعطوهم النصح والإخلاص والانفتاح، لأنَّ من غش النّاس غشوه، ولأنَّ المؤمن هو الذي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره له ما يكره لها، فإذا كنت لا تحبّ للنّاس أن يغشوك في فكر أو عاطفة أو معاملة أو علاقة أو موقع، فلماذا تعطي نفسك الحرية في أن تغشهم، وإذا كنّا تحدّثنا عن بعض أنواع الغش، فإنَّ هناك مسألة حيوية خطيرة تتصل بما يمارسه النّاس من غش، خصوصاً أولئك الذين يوظفون أنفسهم في سلك المخابرات خدمة لأعداء اللّه والإنسانية، فينقلون لهؤلاء الأعداء أسرار أمّتهم، ويكشفون لهم أوضاع النّاس من حولهم، حتى يتمكنوا من ضرب الأمّة والإيقاع بها، وهذا الغش هو أعظم أنواع الغش، وما أخِذ المسلمون في هذا العصر إلاَّ من خلال أولئك السياسيين الذين يحاولون أن يكونوا وكلاء الاستكبار والكفر العالمي لحساب مصالحهم على حساب مصالح الأمّة، ومنفذين لكلّ مخططات المستكبرين. إنَّ هؤلاء من حكام وأمراء وأصحاب أحزاب ومخابرات وتيارات متنوعة، هم سرّ مشكلة المسلمين في المواقع التي يُراد فيها الإيقاع بالأمّة، ولولا هؤلاء، لما استطاع الاستكبار أن يضيع علينا فرص العزّة والحرية والقوّة، ولما تمكن من أن يستعمرنا ويقهرنا ويسرقنا.. ولولا هؤلاء الجاثمين على صدر الأمّة، كما الكابوس، لما عشنا مثل هذه الفتن الطائفية والمذهبية والحزبية، لأنَّهم موكّلون أن لا يبقى المسلمون في حالة قوّة واستقرار.
لذلك، أيُّها الأحبة، عندما نجد هؤلاء في مواقعهم التي وضعهم الاستكبار فيها، علينا أن لا نساعدهم ولا نعاونهم ولا نكبّر أوضاعهم، لأنَّ من عاونهم وساعدهم هو معهم، يتحمّل كلّ أوزارهم بحجم عمله معهم، ويحشر معهم يوم القيامة.
إنَّ علينا في كلّ مواقعنا السياسية أن نبتعد عنهم{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النّار}، فلا تقتصروا في تحديد مفهوم الغش على بيع هنا أو هناك وإن كان حراماً، ولكن انظروا إلى غش الأمّة، غش الحاضر والمستقبل... وفي إطار التطلّع نحو مستقبل أفضل، لا بُدَّ أن نفهم ما تحاول قوى الغش والاستكبار العالمي أن تفرضه على واقعنا.
واشنطن تعمل لفرض السلام الصهيوني:
لا يزال الموقف السياسي في المنطقة حول التسوية خاضعاً للحلف الاستراتيجي الأمريكي القائم على الالتزام المطلق بأمن إسرائيل، بعيداً عن حاجات الأمن العربي، وهو مايظهر في منح واشنطن لتل أبيب الأسلحة المتطورة جداً والمشاريع المستقبلية لما يتجاوز حدود الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، والوعود السخية التي ترسم السقف للسلام الإسرائيلي، في مقابل كلمات احتفالية للعرب ونصائح خادعة من دون أيّ شيء حقيقي..
فقد أعطى كلينتون إسرائيل كل شيء مما أرادت له أن يلتزمه في المفاوضات، ولم يعطِ العرب أي مقابل، بالرغم من أنهم قدّموا لـ"باراك" كل المدح والتشجيع، حتى يُثبتوا للعالم أنهم دعاة سلام لا حرب، فلا يسجّل عليهم أنهم يعطّلون عملية التسوية، في الوقت الذي نعرف فيه - من بعض العرب على الأقل - أنهم غير واثقين في الواقع بالكلمات الإسرائيلية الفضفاضة، مما قد تكون فيه المسألة بين جمود "الليكود" وحركة "العمل"، أن الأسلوب هو الذي تغيّر، أما الخطة التي تؤكد السلام الإسرائيلي فلا تزال على حالها.
المستقبل لن يرحم المتساقطين:
لقد أطلقنا منذ مدة صوت الإنذار بالحذر أمام اللغة الإسرائيلية الجديدة، لأن المرحلة هي مرحلة المشروع النهائي لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي، الذي سوف يتحرك فيه الضغط الأمريكي إلى جانب الضغط الصهيوني على العرب من أجل تقديم التنازلات، في سبيل إعطاء العدوّ أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية..
إننا نقول للمسؤولين العرب: كونوا - ولو لمرّة واحدة - مع قضايا الأمة في حركة الحرية والعزة والعنفوان، لأن المستقبل لن يرحم الذين يتساقطون أمام الضغوط الدولية.. ونقول للأمة إن عليها أن لا تجلس في قاعة الانتظار منتظرة ماذا يحدث في المفاوضات، بل أن تقف بقوة ضد مصادرة المستقبل العربي والإسلامي لحساب أمريكا وإسرائيل، حتى يعرف المسؤولون العرب أنهم لا يملكون الوكالة المطلقة عن الأمة في التوقيع على قرارات الذل والهوان والسقوط..
إيران: تجاوز الألغام ومواجهة المشروع الأمريكي:
ولن يكون بعيداً عن ذلك العدوان التركي على إيران، في الغارات التي شنها الطيران التركي على مواقع للحرس الثوري داخل الأراضي الإيرانية، مما يوحي بوجود خطة أمريكية - إسرائيلية تنفّذها تركيا لإرسال رسالة إلى إيران بأن وقوفها ضد التسوية سوف يخلق لها أكثر من مشكلة أمنية قد تتبعها مشاكل وتهديدات سياسية..
إن هذا التحدي الجديد، يفرض على الشعب الإيراني المسلم بكل فئاته أن يتجاوز كل الألغام الداخلية، وأن يعمل على إرساء الوحدة القوية، والخروج من دائرة التجاذب السياسي التي قد تسبق بعض المعطيات الانتخابية ، إلى التفكير بالأخطار المحدقة بالمنطقة كلها، ولا سيما إيران، كونها الدولة الإسلامية القوية التي تمثل حجر الزاوية في مواجهة المشروع الأمريكي - الإسرائيلي.. قد يكون الصراع السياسي القائم على الاجتهادات المتنوعة في مصلحة البلاد أمراً مشروعاً، ولكن لا بدّ من وعي النتائج الإيجابية والسلبية في الشكل والمضمون وفي الكلمات والمواقف والأهداف.
المقاومة لا تخضع لأي ضغط:
وفي هذا الجو، لا بدّ من دراسة خطة العدو الجديدة في إعادة إنتاج جيش العملاء، بعد أن كاد يسقط تحت ضربات المجاهدين، وذلك بزيادة ميزانيته، ليبقى - بكل عناصره - تابعاً ذليلاً للاحتلال في مواقع الخيانة.. وعلينا جميعاً متابعة المواجهة القوية بالوقوف مع المقاومة التي نؤكد للجميع أنها لا تزال تتحرك في استراتيجيتها الثابتة في استنـزاف العدو وعملائه، ومحاصرته وإجباره على الانسحاب دون قيد أو شرط، فلا يتصوّر أحد أن المقاومة تخضع لأيّ ضغط أو أية صفقة دولية أو إقليمية من قريب أو بعيد.
الاهتمام بمطالب المعلمين:
أما في الواقع الداخلي، فإن قضية المعلمين تمثل مسألة حيوية في المستقبل التربوي للبلد، لأنهم يعيشون أزمة صعبة في حياتهم المعيشية، مما يفرض على الدولة المزيد من الاهتمام بمطالبهم، والتعامل والحوار معهم بعيداً عن أساليب التهديد التي لا تليق بالحكومة التي جاءت من أجل حلّ مشاكل الفئات المحرومة.
مواجهة الحساسيات المذهبية:
ولا بدّ لنا أن نرفع الصوت عالياً ضد إثارة الحساسيات المذهبية والطائفية كوسيلة من وسائل حركة المعارضة في الساحة السياسية، لأن البلد قد عانى من حرب مدمّرة من خلال هذه الحساسيات، ولا يزال واقعاً تحت تأثير النتائج السلبية في الاهتزاز السياسي والأمني والاقتصادي.
إننا نقول للجميع: لتكن محافظتكم على الوطن لا على مواقعكم، ولتكن الوحدة الوطنية شعار المرحلة المقبلة أمام التحديات الكبرى التي لن تترك تأثيرها على الوطن فقط، بل ستتجاوزه إلى المنطقة كلها.. كونوا مع المستقبل في تطلعاته من أجل الحرية والعدالة، ولا تكونوا مع الماضي في تعقيداته وحساسياته، فإن الله لن يرحم الذين يبحثون عن عناصر الفتنة ولا يعملون على صنع مشاريع الانتصار.