حكم زيادة الفروض على التركة ونقصها عنها
لا يخفى أن الأقسام الخمسة التي ذكرناها للوارث في المطلب السابق تجتمع جميعها أو معظمها في أكثر حالات الميراث، وسوف لن تحدث مشكلة إذا وسعت التركة أصحاب السهام بأنواعها، أي ما كان منها بالفرض أو بالقرابة أو بالولاء، ولو بأن يُرَدَّ الزائد عن السهام المفروضة على نفس أصحاب السهام؛ إنما تحدث المشكلة في صورة ما لو كان الجميع من ذوي الفروض وزادت عن التركة أو نقصت، فكيف نوفق بين حقوق الورثة المفروضة وبين التركة؟ وقد جرى الفقهاء على تخصيص هذه المسألة بالذكر رغم أن حكمها سيذكر في ثنايا البحوث القادمة، ربما لأن بعض فروعها قد صارت موضع نزاع بين المذاهب الإسلامية، فاقتضى ذلك إلفات النظر إليها وإبرازها، كما وأن فيها نوعاً من المواكبة لعموم المسائل التفصيلية على نحو التمهيد لها ببعض القواعد العامة التي تُعدُّ هذه منها، وجرياً منّا على ما جَرَوْا عليه نقول:
ـ إذا تعدد الورثة اختلفت حالهم من حيث كونهم من ذوي الفروض أوْ لا على أنحاء:
الأول: أن يكون بعضهم من ذوي الفروض وبعضهم من غيرهم، أي: ممن يرث بالقرابة أو بالولاء، فسيأتي أنه يعطى ذو الفرض فرضه ويقدم على غيره، وما بقي عنه يعطى لغيره ممن يرث بالقرابة أو الولاء، وهذا هو حال أكثر حالات الميراث.
الثاني: أن يكونوا جميعاً ممن يرث بالقرابة أو بالولاء، أي: من غير ذوي الفروض، كما لو مات عن أولاد ذكور وإناث، فإنهم يتوزعون المال بينهم بالنحو الذي سيأتي تفصيله لاحقاً.
الثالث: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكونَ فروضهم مساوية للتركة، فيأخذ كل ذي فرض سهمه بالنحو الذي بيناه سابقاً والذي سنزيده تفصيلاً لاحقاً.
وجميع هذه الأنحاء الثلاثة لا مشكلة فيها كما هو واضح.
الرابع: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكون فروضهم زائدة على التركة، كأن ترك الميِّتُ ـ إذا كان امرأة ـ زوجاً وأبوين وبنتين، فإن السهام الثابتة لهم هي: الربع والسدسان والثلثان، وهي زائدة على التركة؛ وحُكمنا في هذه المسألة أن النقص يدخل فيها على بعضهم دون البعض الآخر، فإذا كان الجميع من الطبقة الأولى، كما في المثال المتقدم، دخل النقص على البنت أو البنتين، وإن كانوا من الطبقة الثانية دخل النقص على المتقرب بالأبوين، وذلك كما لو ترك الميت زوجاً وأختاً من الأبوين وأختين من الأم، فإن سهم الزوج هو النصف، وسهم الأخت هو النصف أيضاً، وسهم الأختين الثلث، ومجموعها زائد على التركة، فيدخل النقص على الأخت التي هي من الأبوين، دون الزوج ودون الأختين من الأم.
في حين أن حكمها عند بعض المذاهب الإسلامية هو وُرود النقص على كل واحدٍ من ذوي الفروض على نسبة فرضه، وهذا هو الذي يصطلح عليه عندهم بــ (العَوْل).
الخامس: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكون فروضهم ناقصة عن التركة، بحيث تستوعبُ سهامَهم ويبقى من التركة بقية، وذلك كما لو ترك بنتاً واحدة، فإن لها النصف بالفرض كما هو معلوم، وأما النصف الباقي فإنَّ رأْيَ (الإمامية) فيه أن يُردَّ على البنت فتستحقُّه بالقرابة زيادةً عما استحقتْه بالفرض؛ وأما رأي بعض المذاهب الإسلامية فهو إعطاؤه لما يُعرف بــ (العَصَبَة)، والعصبة هم: (الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة، أو بواسطة الذكور، كالعم وعم الأب ونحوهما)، وربما عمموا العصبة للأنثى، على تفصيل عندهم في ذلك. ومن العصبة اشتهر هذا الرأي باسم (التعصيب).
حكم زيادة الفروض على التركة ونقصها عنها
لا يخفى أن الأقسام الخمسة التي ذكرناها للوارث في المطلب السابق تجتمع جميعها أو معظمها في أكثر حالات الميراث، وسوف لن تحدث مشكلة إذا وسعت التركة أصحاب السهام بأنواعها، أي ما كان منها بالفرض أو بالقرابة أو بالولاء، ولو بأن يُرَدَّ الزائد عن السهام المفروضة على نفس أصحاب السهام؛ إنما تحدث المشكلة في صورة ما لو كان الجميع من ذوي الفروض وزادت عن التركة أو نقصت، فكيف نوفق بين حقوق الورثة المفروضة وبين التركة؟ وقد جرى الفقهاء على تخصيص هذه المسألة بالذكر رغم أن حكمها سيذكر في ثنايا البحوث القادمة، ربما لأن بعض فروعها قد صارت موضع نزاع بين المذاهب الإسلامية، فاقتضى ذلك إلفات النظر إليها وإبرازها، كما وأن فيها نوعاً من المواكبة لعموم المسائل التفصيلية على نحو التمهيد لها ببعض القواعد العامة التي تُعدُّ هذه منها، وجرياً منّا على ما جَرَوْا عليه نقول:
ـ إذا تعدد الورثة اختلفت حالهم من حيث كونهم من ذوي الفروض أوْ لا على أنحاء:
الأول: أن يكون بعضهم من ذوي الفروض وبعضهم من غيرهم، أي: ممن يرث بالقرابة أو بالولاء، فسيأتي أنه يعطى ذو الفرض فرضه ويقدم على غيره، وما بقي عنه يعطى لغيره ممن يرث بالقرابة أو الولاء، وهذا هو حال أكثر حالات الميراث.
الثاني: أن يكونوا جميعاً ممن يرث بالقرابة أو بالولاء، أي: من غير ذوي الفروض، كما لو مات عن أولاد ذكور وإناث، فإنهم يتوزعون المال بينهم بالنحو الذي سيأتي تفصيله لاحقاً.
الثالث: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكونَ فروضهم مساوية للتركة، فيأخذ كل ذي فرض سهمه بالنحو الذي بيناه سابقاً والذي سنزيده تفصيلاً لاحقاً.
وجميع هذه الأنحاء الثلاثة لا مشكلة فيها كما هو واضح.
الرابع: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكون فروضهم زائدة على التركة، كأن ترك الميِّتُ ـ إذا كان امرأة ـ زوجاً وأبوين وبنتين، فإن السهام الثابتة لهم هي: الربع والسدسان والثلثان، وهي زائدة على التركة؛ وحُكمنا في هذه المسألة أن النقص يدخل فيها على بعضهم دون البعض الآخر، فإذا كان الجميع من الطبقة الأولى، كما في المثال المتقدم، دخل النقص على البنت أو البنتين، وإن كانوا من الطبقة الثانية دخل النقص على المتقرب بالأبوين، وذلك كما لو ترك الميت زوجاً وأختاً من الأبوين وأختين من الأم، فإن سهم الزوج هو النصف، وسهم الأخت هو النصف أيضاً، وسهم الأختين الثلث، ومجموعها زائد على التركة، فيدخل النقص على الأخت التي هي من الأبوين، دون الزوج ودون الأختين من الأم.
في حين أن حكمها عند بعض المذاهب الإسلامية هو وُرود النقص على كل واحدٍ من ذوي الفروض على نسبة فرضه، وهذا هو الذي يصطلح عليه عندهم بــ (العَوْل).
الخامس: أن يكونوا جميعاً من ذوي الفروض، وتكون فروضهم ناقصة عن التركة، بحيث تستوعبُ سهامَهم ويبقى من التركة بقية، وذلك كما لو ترك بنتاً واحدة، فإن لها النصف بالفرض كما هو معلوم، وأما النصف الباقي فإنَّ رأْيَ (الإمامية) فيه أن يُردَّ على البنت فتستحقُّه بالقرابة زيادةً عما استحقتْه بالفرض؛ وأما رأي بعض المذاهب الإسلامية فهو إعطاؤه لما يُعرف بــ (العَصَبَة)، والعصبة هم: (الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة، أو بواسطة الذكور، كالعم وعم الأب ونحوهما)، وربما عمموا العصبة للأنثى، على تفصيل عندهم في ذلك. ومن العصبة اشتهر هذا الرأي باسم (التعصيب).