كتابات
28/03/2022

صلاةُ اللهِ على ملائكتِهِ

صلاةُ اللهِ على ملائكتِهِ
[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعائه في الصَّلاة على حملة العرش وكلِّ ملك مقرَّب:]

"اللّهُمَّ فصَلِّ علَيْهِم وعلَى الملائِكَةِ الَّذينَ مِنْ دُونِهِمْ مِنْ سُكّانِ سَمَاواتِكَ، وأهْلِ الأمَانَةِ علَى رِسَالاتِكَ، والَّذينَ لا تَدْخُلُهُمْ سآمَةٌ مِنْ دُؤوب، ولا إعْيَاءٌ مِنْ لُغُوبٍ، وَلا فُتُورٌ، ولا تَشْغَلُهُمٍ عَن تَسْبِيحِكَ الشَّهَواتُ، ولا يَقْطَعُهُم عَنْ تعْظِيمِكَ سَهْوُ الغَفَلاتِ، الخُشَّعُ الأبْصَارِ فَلا يَرُومُونَ النّظَر إلَيْكَ، النَّواكِسُ الأذْقَانِ الذَّين قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي مَا لَدَيْكَ، المُسْتَهْتِرُونَ بِذِكْرِ آلائِكَ، والمُتَواضِعُونَ دُونَ عَظَمَتِكَ وَجَلالِ كِبْرِيائِكَ، وَالّذِينَ يَقُولُونَ إذا نَظَروا إلى جَهَنَّم تَزْفُرُ عَلى أهْلِ مَعْصِيَتِكَ: سُبْحانَكَ مَا عَبَدْناكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ".

اللّهمَّ ارفع درجة ملائكتك، وقرّب منازلهم إليك بصلاتك عليهم وعلى غيرهم من الملائكة الَّذين لم يصلوا إلى درجاتهم العليا في مواقع القرب وعلوّ المنـزلة، من هؤلاء الذين أسكنتهم سماواتك، وجعلت لكلّ منهم دوراً في حركة الكون، وائتمنتهم على رسالاتك، فكانوا الوسائط بينك وبين خلقك في إبلاغ وحيك بالطريقة التي أردتها أن تكون الوسيلة لاستلهام الملائكة وحي الرّسالة، ولإبلاغها إلى رسلك، فلا يخونون ولا يُخطئون، فهم {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل: 50]، ولا ينالهم السأم والملل من اجتهادهم وجدّهم في حركة مسؤوليّاتهم، لأنّهم يحبون أعمالهم انطلاقاً من إخلاصهم إليك، ما يدفعهم إلى أن يجدّدوا نشاطهم، ويحرّكوا حيويتهم في التزامهم بكلِّ أعمالهم، ولا يصيبهم التعب والإعياء من الكلل أو الضّعف، لأنَّ قواهم تكبر وتشتدّ وتتجدَّد في كلّ مرحلة من مراحل العمل، لأنَّ مهماتهم الإلهيَّة تمثِّل لذَّتهم وشهوتهم وطعامهم وشرابهم.

وهم المسبِّحون لك، المنفتحون على آفاق عظمتك وأسرار قدرتك، الدّائبون عليهما، لا تشغلهم عن ذلك الشَّهوات، لأنَّ التَّسبيح هو كلُّ شهواتهم، ولا يبعدهم أو يقطعهم سهو أو غفلة، لأنّهم المتنبِّهون أبداً، فهم في يقظة دائمة لا مجال فيها لنوم أو نسيان.

وهم الخاشعون في أبصارهم، فلا يرفعونها إليك خشيةً منك وهيبةً لك، وهم الَّذين يطأطئون رؤوسهم وأذقانهم في إحساسٍ منهم بالخضوع المطلق لك، وانفعالٍ روحيّ بالقهر الربوبيّ الذي يسيطر على الوجود كلّه، وفي رغبةٍ دائمة في مدى الزَّمن، بما عندك من لطفٍ ورحمةٍ ورضوان، فهم مشدودون إليك في عبادةٍ مستمرّة لا مجال فيها لتعب أو ملل أو انقطاع.

وهم المولعون بذكر نعمك المتتالية، الشاكرون لك من خلالها، فلا حديث لهم بغيرها، ولا عمل لهم إلَّا ذلك، ولا يبالون - في كلِّ ولعهم الروحي - بلوم اللائمين، لأنَّ الولع منطلق من معرفتك في كلِّ آلائك، ومن إيمانهم العميق بك.

وهم المتواضعون إليك في شعورهم العميق بعظمتك الَّتي لا يدانيها شيء، وجلالك الَّذي لا يقترب منه جلال، وكبريائك الَّذي ينطلق من المستوى الأعلى في الشَّرف والرفعة والتجبر والملك والكمال المطلق، من خلال ما ألهمتهم من معرفتك الَّتي فتحت آفاقهم على كلّ آفاق العظمة في مواقع ربوبيَّتك وفي سرِّ ذاتك.

وهم الذين يسبِّحونك في إدراكهم لقدرتك وسيطرتك على كلِّ خلقك، حتى إذا رأوا جهنَّم التي تشتدّ في زفيرها الَّذي يوحي بالغيظ على الذين عصوا ربّهم، فلم يخضعوا لجلاله وقدرته وعظمة ألوهيّته، دفعهم هذا الجوّ إلى الانفتاح عليك في كلّ ما يوحي إليهم بالتعظيم لذاتك، في رحاب الإحساس بعبوديّتهم لك، فيرون من أنفسهم التقصير في عبادتك، على الرغم من كلّ الاستغراق الذي عاشوا فيه الإخلاص لك، ويستغربون من أولئك الَّذين اندفعوا في معصيتك، ويعودون إلى الإيحاءات الروحية في ذلك ليقولوا: ما عبدناك حقّ عبادتك، لأنّك تستحقّ منّا ومن عبادك الطاعة في حركة العبادة في حركةٍ تصاعديةٍ، فلا نبلغ منها درجة إلَّا لتفتح لنا منها درجةً أعلى في مدارج القرب إليك.

* من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.

[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعائه في الصَّلاة على حملة العرش وكلِّ ملك مقرَّب:]

"اللّهُمَّ فصَلِّ علَيْهِم وعلَى الملائِكَةِ الَّذينَ مِنْ دُونِهِمْ مِنْ سُكّانِ سَمَاواتِكَ، وأهْلِ الأمَانَةِ علَى رِسَالاتِكَ، والَّذينَ لا تَدْخُلُهُمْ سآمَةٌ مِنْ دُؤوب، ولا إعْيَاءٌ مِنْ لُغُوبٍ، وَلا فُتُورٌ، ولا تَشْغَلُهُمٍ عَن تَسْبِيحِكَ الشَّهَواتُ، ولا يَقْطَعُهُم عَنْ تعْظِيمِكَ سَهْوُ الغَفَلاتِ، الخُشَّعُ الأبْصَارِ فَلا يَرُومُونَ النّظَر إلَيْكَ، النَّواكِسُ الأذْقَانِ الذَّين قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي مَا لَدَيْكَ، المُسْتَهْتِرُونَ بِذِكْرِ آلائِكَ، والمُتَواضِعُونَ دُونَ عَظَمَتِكَ وَجَلالِ كِبْرِيائِكَ، وَالّذِينَ يَقُولُونَ إذا نَظَروا إلى جَهَنَّم تَزْفُرُ عَلى أهْلِ مَعْصِيَتِكَ: سُبْحانَكَ مَا عَبَدْناكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ".

اللّهمَّ ارفع درجة ملائكتك، وقرّب منازلهم إليك بصلاتك عليهم وعلى غيرهم من الملائكة الَّذين لم يصلوا إلى درجاتهم العليا في مواقع القرب وعلوّ المنـزلة، من هؤلاء الذين أسكنتهم سماواتك، وجعلت لكلّ منهم دوراً في حركة الكون، وائتمنتهم على رسالاتك، فكانوا الوسائط بينك وبين خلقك في إبلاغ وحيك بالطريقة التي أردتها أن تكون الوسيلة لاستلهام الملائكة وحي الرّسالة، ولإبلاغها إلى رسلك، فلا يخونون ولا يُخطئون، فهم {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل: 50]، ولا ينالهم السأم والملل من اجتهادهم وجدّهم في حركة مسؤوليّاتهم، لأنّهم يحبون أعمالهم انطلاقاً من إخلاصهم إليك، ما يدفعهم إلى أن يجدّدوا نشاطهم، ويحرّكوا حيويتهم في التزامهم بكلِّ أعمالهم، ولا يصيبهم التعب والإعياء من الكلل أو الضّعف، لأنَّ قواهم تكبر وتشتدّ وتتجدَّد في كلّ مرحلة من مراحل العمل، لأنَّ مهماتهم الإلهيَّة تمثِّل لذَّتهم وشهوتهم وطعامهم وشرابهم.

وهم المسبِّحون لك، المنفتحون على آفاق عظمتك وأسرار قدرتك، الدّائبون عليهما، لا تشغلهم عن ذلك الشَّهوات، لأنَّ التَّسبيح هو كلُّ شهواتهم، ولا يبعدهم أو يقطعهم سهو أو غفلة، لأنّهم المتنبِّهون أبداً، فهم في يقظة دائمة لا مجال فيها لنوم أو نسيان.

وهم الخاشعون في أبصارهم، فلا يرفعونها إليك خشيةً منك وهيبةً لك، وهم الَّذين يطأطئون رؤوسهم وأذقانهم في إحساسٍ منهم بالخضوع المطلق لك، وانفعالٍ روحيّ بالقهر الربوبيّ الذي يسيطر على الوجود كلّه، وفي رغبةٍ دائمة في مدى الزَّمن، بما عندك من لطفٍ ورحمةٍ ورضوان، فهم مشدودون إليك في عبادةٍ مستمرّة لا مجال فيها لتعب أو ملل أو انقطاع.

وهم المولعون بذكر نعمك المتتالية، الشاكرون لك من خلالها، فلا حديث لهم بغيرها، ولا عمل لهم إلَّا ذلك، ولا يبالون - في كلِّ ولعهم الروحي - بلوم اللائمين، لأنَّ الولع منطلق من معرفتك في كلِّ آلائك، ومن إيمانهم العميق بك.

وهم المتواضعون إليك في شعورهم العميق بعظمتك الَّتي لا يدانيها شيء، وجلالك الَّذي لا يقترب منه جلال، وكبريائك الَّذي ينطلق من المستوى الأعلى في الشَّرف والرفعة والتجبر والملك والكمال المطلق، من خلال ما ألهمتهم من معرفتك الَّتي فتحت آفاقهم على كلّ آفاق العظمة في مواقع ربوبيَّتك وفي سرِّ ذاتك.

وهم الذين يسبِّحونك في إدراكهم لقدرتك وسيطرتك على كلِّ خلقك، حتى إذا رأوا جهنَّم التي تشتدّ في زفيرها الَّذي يوحي بالغيظ على الذين عصوا ربّهم، فلم يخضعوا لجلاله وقدرته وعظمة ألوهيّته، دفعهم هذا الجوّ إلى الانفتاح عليك في كلّ ما يوحي إليهم بالتعظيم لذاتك، في رحاب الإحساس بعبوديّتهم لك، فيرون من أنفسهم التقصير في عبادتك، على الرغم من كلّ الاستغراق الذي عاشوا فيه الإخلاص لك، ويستغربون من أولئك الَّذين اندفعوا في معصيتك، ويعودون إلى الإيحاءات الروحية في ذلك ليقولوا: ما عبدناك حقّ عبادتك، لأنّك تستحقّ منّا ومن عبادك الطاعة في حركة العبادة في حركةٍ تصاعديةٍ، فلا نبلغ منها درجة إلَّا لتفتح لنا منها درجةً أعلى في مدارج القرب إليك.

* من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية