"فصَلِّ عَلَيْهِم وعَلَى الرّوحانيّينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ، وأهْلِ الزُّلْفَةِ عِنْدَكَ، وَحُمّالِ الغَيْبِ إلى رُسُلِكَ، والمُؤتَمَنينَ عَلى وحْيِكَ، وقَبَائِلِ المَلاَئِكةِ الَّذينَ اخْتَصَصْتَهُم لِنَفْسِكَ، وأغْنَيْتَهُمْ عَنِ الطَّعامِ والشَّرابِ بِتَقْدِيسِكَ، وأسْكَنْتَهُم بُطُونَ أطْبَاقِ سَمَاواِتِكَ، والَّذينَ على أرْجَائِها إذا نَزَلَ الأمْرُ بِتَمامِ وَعْدِكَ، وخُزّانِ المَطرِ وزَوَاجِرِ السَّحَابِ، والَّذي بِصَوتِ زَجْرِهِ يُسْمَعُ زَجَلُ الوُعودِ، وإذا سَبَحَتْ بِهِ حَقِيقَةُ السَّحابِ الْتَمَعَتْ صَوَاعِقُ البُرُوقِ، ومُشَيِّعِي الثَّلْجِ والْبَرَدِ، والهَابِطِينَ مَعَ قَطْرِ المَطَرِ إذا نَزَل، والقُوَّامِ علَى خَزائِنِ الرِّياحِ، والمُوكَلِينَ بالجِبالِ فَلا تَزُولُ، والَّذينَ عَرَّفْتَهُمْ مَثاقِيلَ المِياهِ وكَيْلَ مَا تحْوِيهِ لَواعِجُ الأمْطَارِ وعَوَالِجُها".
اللَّهم صلِّ عليهم في طاعتهم وإخلاصهم في عبادتك، وعلى الفريق الآخر من الملائكة المتنوّعة أدوارهم، المختلفة مواقعهم، فهناك الروحانيّون الذين يعيشون صفاء الروحيّة المنفتحة عليك في مواقع قدسك، وعلى عبادك في ساحات عبادتك، والقريبون إليك بإخلاصهم وروحانيتهم.
وهناك الَّذين يحملون الغيب - الذي لا يعلمه إلا أنت - إلى رسلك في ما تختصّهم به، ممّا يحتاجون إليه في رسالاتهم، وفي حركة التحدّيات الصَّعبة في حركتهم، ليبلغوهم ذلك؛ كما ينطلقون في تبليغ وحيك إليهم بما ائتمنتهم منه عليه من آيات وحيك وشرائع رسالاتك، وهناك قبائل الملائكة الَّذين قرّبتهم إليك، وجعلتهم من خاصَّتك وفرّغتهم لك، فلا يشغلون عنك بطعام ولا شراب، لأنَّ طعامهم التقديس لك، وشرابهم التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل لك، وجعلتهم في المساحات الممتدَّة في آفاق سماواتك، وفي داخل طبقاتهم في مواقع الانتشار فيها، ليكونوا في موقف الاستعداد الدائم لتنفيذ أوامرك إذا نزل أمرك بتمام وعدك في قضايا الكون والحياة والإنسان.
وهناك الموكلون بالمطر الذين يخزنون مياهه في مواقعها التي حدَّدتها في علمك، والعاملون على زجر السَّحاب، فينطلق صوته بالرّعود القاصفة، وتتحرَّك به وتمتدّ في جريانه البروق الصَّاعقة، والمشيّعون للثَّلج والبَرَد ليبلغوه مواقعه التي يأمر الله بها، والهابطون مع قطرات المطر النَّازلة إلى الأرض، والقائمون على خزائن الرّياح ليوجّهوها حسب القوانين التي أودعها الله في الفضاء، تبعاً للمصالح التي تتوزّعها أوضاع الحياة والإنسان، والموكلون بالجبال من أجل إبقائها على مواقعها الثَّابتة، فلا تزول عنها بفعل الزَّلازل وغيرها، والعارفون بمثاقيل المياه مما تحتاجه الأرض منها، وتحديد المقادير الَّتي تحملها الأمطار الشَّديدة والمتراكمة القطر من الماء.
*من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.