الصّدقة كالصّلاة: كلتاهما عبادة

الصّدقة كالصّلاة: كلتاهما عبادة

يريد الله تعالى للإنسان، سواءً كان رجلاً أو امرأةً، أن يعيش روحيّة العطاء، وذلك بما تمثّله كلمة الصّدقة من مفهوم العطاء قربةً إلى الله تعالى، فيقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[الحديد: 18].

يُحثّ الله الإنسان على أن يوظّف بعض القدرة الماليّة في أن ينفق الآن، لأنّه قد يملك الفرصة في أن يتصدّق على الفقراء والمحرومين، ويقول له، بأنَّ الصدقة عبادة، فأنتَ إذا أعطيت إنساناً فقيراً محروماً قربةً إلى الله تعالى، فإنَّ عطاءك هذا صلاةٌ تصلّيها، فكما أنَّ الصلاة تكون بالأذكار والحركات من ركوع وسجود، فإنَّها تكون بالصدقات. وهذا الذي جعل عليّاً (ع) يتصدّق بخاتمه وهو في حال الركوع، لأنَّه (ع) كان لا يرى فرقاً بين الصدقة والصلاة، فهو عندما يركع ويسجد بين يدي الله، فإنَّه في حالة صلاة، وعندما يتصدّق، فهو في حالة صلاةٍ أيضاً، فهناك صلاة الركوع، وصلاة الصّدقة.

ثمّ إنَّ الله تعالى يقول: لا تعتبر الصّدقة عندما تتصدّق بها ـــ أيّها الرّجل وأيّتها المرأة ـــ خسارةً، لأنّه سبحانه يعتبر صدقة المتصدّقين والمتصدّقات قرضاً حسناً في حساباته، والصّدقة عندما تعطيها للفقير، فإنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير، كما جاء في بعض الأحاديث، فالله يستقرض منك بالفائدة، والفائدة عند الله ليست كفوائدنا نحن، بل يعطيها مضاعفة، أي مئة في المئة.

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} هي دَيْنٌ في ذمّة الله، يوفيه الله مُضاعَفاً يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: 88 ــ 89] وليس هذا الدَّيْن يُضَاعَفُ مئة في المئة وحسب للإنسان، بل {وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، أي هناك ما فوق المُضَاعف.

وهذا الذي يدفعنا لأن نفكّر دائماً في انتهاز فرصة إمكاناتنا، حتّى نُعين الناسَ الذين يحتاجون إلى معونتنا. وقد يعتبر الكثيرون منّا حاجة الناس إليهم عبئاً عليهم، ولكن جاء في الحديث: "اعلموا أنَّ حوائج النّاس إليكم، مِنْ نِعَمِ اللهِ عليكم"[1]، لأنّ الناس عندما يحتاجونك، وتعطيهم ممّا أنعم الله به عليك، فإنَّ ذلك يرفع درجتك عنده سبحانه.

وقد ورد في الأحاديث عن بعض أئمّة أهل البيت (ع)، أنّهم كانوا إذا جاءهم سائلٌ أو صاحب حاجة، استعجلوا قضاءَ حاجته، ولذا ورد عن الإمام عليّ بن الحسين (ع): أخاف أن يستغني عنّي قبل أنْ أقضي حاجته. وقد ورد أيضاً: "داووا مرضاكم بالصّدقة"[2]. فمع ذهاب المريض إلى الطبيب، فليحاول أن يتصدّق، فلعلَّ بركة هذه الصَّدقة تُسرع في شفائه. وفي الحديث عن عليٍّ (ع) أيضاً: "سوسوا إيمانكم بالصّدقة"[3]، أي احفظوا إيمانَكم بالصّدقة...

لذلك، فبذل الصّدقة فرصةٌ، كلٌّ بحسب استطاعته، وإذا كان البذل إيثاراً، فهو فوق الفوق {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: 9].

*من كتاب "من عرفان القرآن".


[1]  مستدرك الوسائل، الميرزا النووي، ج12، ص 369.

[2]  شرح نهج البلاغة: ج18، باب 11، ص101.

[3]  شرح نهج البلاغة: ج18، باب 142، ص345.

يريد الله تعالى للإنسان، سواءً كان رجلاً أو امرأةً، أن يعيش روحيّة العطاء، وذلك بما تمثّله كلمة الصّدقة من مفهوم العطاء قربةً إلى الله تعالى، فيقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[الحديد: 18].

يُحثّ الله الإنسان على أن يوظّف بعض القدرة الماليّة في أن ينفق الآن، لأنّه قد يملك الفرصة في أن يتصدّق على الفقراء والمحرومين، ويقول له، بأنَّ الصدقة عبادة، فأنتَ إذا أعطيت إنساناً فقيراً محروماً قربةً إلى الله تعالى، فإنَّ عطاءك هذا صلاةٌ تصلّيها، فكما أنَّ الصلاة تكون بالأذكار والحركات من ركوع وسجود، فإنَّها تكون بالصدقات. وهذا الذي جعل عليّاً (ع) يتصدّق بخاتمه وهو في حال الركوع، لأنَّه (ع) كان لا يرى فرقاً بين الصدقة والصلاة، فهو عندما يركع ويسجد بين يدي الله، فإنَّه في حالة صلاة، وعندما يتصدّق، فهو في حالة صلاةٍ أيضاً، فهناك صلاة الركوع، وصلاة الصّدقة.

ثمّ إنَّ الله تعالى يقول: لا تعتبر الصّدقة عندما تتصدّق بها ـــ أيّها الرّجل وأيّتها المرأة ـــ خسارةً، لأنّه سبحانه يعتبر صدقة المتصدّقين والمتصدّقات قرضاً حسناً في حساباته، والصّدقة عندما تعطيها للفقير، فإنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير، كما جاء في بعض الأحاديث، فالله يستقرض منك بالفائدة، والفائدة عند الله ليست كفوائدنا نحن، بل يعطيها مضاعفة، أي مئة في المئة.

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} هي دَيْنٌ في ذمّة الله، يوفيه الله مُضاعَفاً يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: 88 ــ 89] وليس هذا الدَّيْن يُضَاعَفُ مئة في المئة وحسب للإنسان، بل {وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، أي هناك ما فوق المُضَاعف.

وهذا الذي يدفعنا لأن نفكّر دائماً في انتهاز فرصة إمكاناتنا، حتّى نُعين الناسَ الذين يحتاجون إلى معونتنا. وقد يعتبر الكثيرون منّا حاجة الناس إليهم عبئاً عليهم، ولكن جاء في الحديث: "اعلموا أنَّ حوائج النّاس إليكم، مِنْ نِعَمِ اللهِ عليكم"[1]، لأنّ الناس عندما يحتاجونك، وتعطيهم ممّا أنعم الله به عليك، فإنَّ ذلك يرفع درجتك عنده سبحانه.

وقد ورد في الأحاديث عن بعض أئمّة أهل البيت (ع)، أنّهم كانوا إذا جاءهم سائلٌ أو صاحب حاجة، استعجلوا قضاءَ حاجته، ولذا ورد عن الإمام عليّ بن الحسين (ع): أخاف أن يستغني عنّي قبل أنْ أقضي حاجته. وقد ورد أيضاً: "داووا مرضاكم بالصّدقة"[2]. فمع ذهاب المريض إلى الطبيب، فليحاول أن يتصدّق، فلعلَّ بركة هذه الصَّدقة تُسرع في شفائه. وفي الحديث عن عليٍّ (ع) أيضاً: "سوسوا إيمانكم بالصّدقة"[3]، أي احفظوا إيمانَكم بالصّدقة...

لذلك، فبذل الصّدقة فرصةٌ، كلٌّ بحسب استطاعته، وإذا كان البذل إيثاراً، فهو فوق الفوق {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: 9].

*من كتاب "من عرفان القرآن".


[1]  مستدرك الوسائل، الميرزا النووي، ج12، ص 369.

[2]  شرح نهج البلاغة: ج18، باب 11، ص101.

[3]  شرح نهج البلاغة: ج18، باب 142، ص345.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية