هناك وجهات نظر تعتبر أنَّ المرأة كانت محترمة في مجتمعات قبل الإسلام، وهي
المجتمعات التي سُمّيت بمجتمعات "الأمومة"؛ حيث كانت المرأة في موقع قياديّ وإليها
يُنسب الأطفال.
ونحن نقول: ليس من الضَّروريّ أن يكون هذا السلوك الاجتماعي، في هذا المجال، دليل
احترام، بل قد يكون عنصراً من عناصر الأوهام. ونعني الأوهام البدائيّة الّتي كانت
تعيشها الشعوب البدائيّة؛ حيث كان هناك تقديسٌ للمرأة، لا من خلال إنسانيَّتها، بل
من خلال أمومتها، بما تمثِّله الأمومة من أسرار قد يخيَّل إلى الشعوب البدائية
أنّها تمثّل حالة خلق، بحيث تختزن في داخلها شيئاً من الألوهة. وكذلك كانت هناك
حالات اجتماعية ما زالت موجودة؛ كما في الهند وغيرها؛ إذ إنَّ هناك شعوباً تتعبّد
للأعضاء الجنسيّة للرجل والمرأة، على أساس أنّها تمثّل المنطلق والأساس للتوالد
والخلق.
ومن الطبيعيّ، عندما يكون الأمر على هذا المستوى، ألَّا يكون هذا عامل احترام
بالمعنى الإنسانيّ للاحترام، بل هو عامل تخلُّف في تقييم هذه الناحية عند المرأة.
ولذلك، فإنّنا عندما نريد أن ندخل جانب التقييم، فإنّ القضية لا تنطلق من احترام أو
عدم احترام، حتّى إنّنا عندما نلاحظ أنَّ مجتمعنا الذي أقرّته الأديان، وهو المجتمع
الأبوي، لا يمثّل حالة اضطهاد للمرأة، لأنّه قد ينطلق من زاوية نسبة الولد إلى الأب
من موقع نسبة الشجرة إلى البذرة، من ناحية طبيعية في هذا المجال، وربّما ينطلق من
أنَّ الأمّ قد تتحمَّل أعباء التربية، لأنَّ الأمومة ليست أن تحمل الأمّ وتنتهي
مهمَّتها بعد وضع الحمل؛ إنَّ الأمومة تمثّل معاناة في صنع الإنسان، وفي تربيته،
وفي إعطائه من المخزون العاطفيّ للأمّ، ومن الممارسات الشعوريّة التي تعيشها الأمّ
وتنعكس على شخصيّة الطّفل مع تدبير أموره؛ الأمر الَّذي لا يجعل للأمّ الفرصة
الكبيرة في أن تنطلق إلى المجتمع بشكلٍ واسع.
وربّما نجد أنَّ مجتمعاتنا، بما في ذلك المجتمعات الغربية، لا تزال بين حالتين:
- حالة أولى تعيش فيها الأمّ دورها كأمّ، إضافةً إلى دورها كعنصر إنتاج؛ الأمر الذي
يجعلها مرهقةً بشكلٍ وحشيّ عندما تأتي من العمل وهي مكدودة متعبة، فتضطرّ إلى أن
تقوم بدور ربّة البيت كزوجة وأمّ، وهذا الواقع يجعلها لا تشعر بأيّ معنى للراحة في
الحياة.
- حالة ثانية يكون البيت بالنّسبة إلى الرجل والمرأة مجرّد مكان يعيشان فيه كما
يعيش الإنسان في الفندق، فتكون هناك خادمة، أو يؤتى بالطَّعام من المطعم، ويكون
للطفل حاضنة، أو يكون في رياض الأطفال، أو في المحاضن. إنَّ ذلك سينعكس سلباً على
مسألة الإنتاج، ويحمِّل البيت مصروفاً أكثر؛ الأمر الذي ينعكس على تربية الطفل،
لأنّه لن يحصل على الكفاية ممّا يحتاجه من زاد عاطفيّ لا يمكن لأحد أن يعطيه سوى
الأمّ.
ولذلك، فإنّنا نشعر بأنّ المجتمع الأبويّ قد يهيِّئ للمرأة الإمكانات لأن تؤكِّد
إنسانيّتها، وتعيش دورها، أكثر ممّا يهيّئه المجتمع الأموميّ الذي يجعل الرجل مجرّد
إنسان عاطل من العمل يأتمر بأمر المرأة من دون أن يقوم بعمل.. ولا يكلّف الرجل
بشؤون البيت، بل يضيفها أيضاً إلى المرأة.
لهذا، لا نستطيع أن ندخل في عملية التقييم الحضاريّ لنعتبر أنَّ المجتمع الأموميّ
يتميَّز باحترام المرأة أكثر من المجتمع الأبويّ، بالرّغم من بعض السلبيّات في
طريقة تمثُّل الرّجل لدوره في المجتمع الأبويّ، كما قد تكون هناك انحرافات في
تمثُّل المرأة لدورها في المجتمع الأموميّ، لكنّها انحرافات لا تنطلق من طبيعة
الخطّ الفكريّ الذي يتحرّك في هذه الدائرة؛ إذ إنَّه يتحرّك ضمن دائرة طبيعة
الانحراف في الممارسات.
* من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".
هناك وجهات نظر تعتبر أنَّ المرأة كانت محترمة في مجتمعات قبل الإسلام، وهي
المجتمعات التي سُمّيت بمجتمعات "الأمومة"؛ حيث كانت المرأة في موقع قياديّ وإليها
يُنسب الأطفال.
ونحن نقول: ليس من الضَّروريّ أن يكون هذا السلوك الاجتماعي، في هذا المجال، دليل
احترام، بل قد يكون عنصراً من عناصر الأوهام. ونعني الأوهام البدائيّة الّتي كانت
تعيشها الشعوب البدائيّة؛ حيث كان هناك تقديسٌ للمرأة، لا من خلال إنسانيَّتها، بل
من خلال أمومتها، بما تمثِّله الأمومة من أسرار قد يخيَّل إلى الشعوب البدائية
أنّها تمثّل حالة خلق، بحيث تختزن في داخلها شيئاً من الألوهة. وكذلك كانت هناك
حالات اجتماعية ما زالت موجودة؛ كما في الهند وغيرها؛ إذ إنَّ هناك شعوباً تتعبّد
للأعضاء الجنسيّة للرجل والمرأة، على أساس أنّها تمثّل المنطلق والأساس للتوالد
والخلق.
ومن الطبيعيّ، عندما يكون الأمر على هذا المستوى، ألَّا يكون هذا عامل احترام
بالمعنى الإنسانيّ للاحترام، بل هو عامل تخلُّف في تقييم هذه الناحية عند المرأة.
ولذلك، فإنّنا عندما نريد أن ندخل جانب التقييم، فإنّ القضية لا تنطلق من احترام أو
عدم احترام، حتّى إنّنا عندما نلاحظ أنَّ مجتمعنا الذي أقرّته الأديان، وهو المجتمع
الأبوي، لا يمثّل حالة اضطهاد للمرأة، لأنّه قد ينطلق من زاوية نسبة الولد إلى الأب
من موقع نسبة الشجرة إلى البذرة، من ناحية طبيعية في هذا المجال، وربّما ينطلق من
أنَّ الأمّ قد تتحمَّل أعباء التربية، لأنَّ الأمومة ليست أن تحمل الأمّ وتنتهي
مهمَّتها بعد وضع الحمل؛ إنَّ الأمومة تمثّل معاناة في صنع الإنسان، وفي تربيته،
وفي إعطائه من المخزون العاطفيّ للأمّ، ومن الممارسات الشعوريّة التي تعيشها الأمّ
وتنعكس على شخصيّة الطّفل مع تدبير أموره؛ الأمر الَّذي لا يجعل للأمّ الفرصة
الكبيرة في أن تنطلق إلى المجتمع بشكلٍ واسع.
وربّما نجد أنَّ مجتمعاتنا، بما في ذلك المجتمعات الغربية، لا تزال بين حالتين:
- حالة أولى تعيش فيها الأمّ دورها كأمّ، إضافةً إلى دورها كعنصر إنتاج؛ الأمر الذي
يجعلها مرهقةً بشكلٍ وحشيّ عندما تأتي من العمل وهي مكدودة متعبة، فتضطرّ إلى أن
تقوم بدور ربّة البيت كزوجة وأمّ، وهذا الواقع يجعلها لا تشعر بأيّ معنى للراحة في
الحياة.
- حالة ثانية يكون البيت بالنّسبة إلى الرجل والمرأة مجرّد مكان يعيشان فيه كما
يعيش الإنسان في الفندق، فتكون هناك خادمة، أو يؤتى بالطَّعام من المطعم، ويكون
للطفل حاضنة، أو يكون في رياض الأطفال، أو في المحاضن. إنَّ ذلك سينعكس سلباً على
مسألة الإنتاج، ويحمِّل البيت مصروفاً أكثر؛ الأمر الذي ينعكس على تربية الطفل،
لأنّه لن يحصل على الكفاية ممّا يحتاجه من زاد عاطفيّ لا يمكن لأحد أن يعطيه سوى
الأمّ.
ولذلك، فإنّنا نشعر بأنّ المجتمع الأبويّ قد يهيِّئ للمرأة الإمكانات لأن تؤكِّد
إنسانيّتها، وتعيش دورها، أكثر ممّا يهيّئه المجتمع الأموميّ الذي يجعل الرجل مجرّد
إنسان عاطل من العمل يأتمر بأمر المرأة من دون أن يقوم بعمل.. ولا يكلّف الرجل
بشؤون البيت، بل يضيفها أيضاً إلى المرأة.
لهذا، لا نستطيع أن ندخل في عملية التقييم الحضاريّ لنعتبر أنَّ المجتمع الأموميّ
يتميَّز باحترام المرأة أكثر من المجتمع الأبويّ، بالرّغم من بعض السلبيّات في
طريقة تمثُّل الرّجل لدوره في المجتمع الأبويّ، كما قد تكون هناك انحرافات في
تمثُّل المرأة لدورها في المجتمع الأموميّ، لكنّها انحرافات لا تنطلق من طبيعة
الخطّ الفكريّ الذي يتحرّك في هذه الدائرة؛ إذ إنَّه يتحرّك ضمن دائرة طبيعة
الانحراف في الممارسات.
* من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".