[هل طلب اليد عمل يخصّ الرَّجل دون المرأة؟ أم أنّ أيّاً منهما يستطيع القيام به؟].
تعود مسألة طلب يد المرأة من قبل الرَّجل ـــ حسب النظرة السائدة ـــ إلى الجانب
التكوينيّ في شخصيَّة كلّ منهما، باعتبار أنّ دافع الرجال والنساء للزواج هو الجنس،
بوصفه حاجة مشتركة، تليه الحاجات الأخرى أو تسير معه. وبما أنَّ الجنس هو الأساس في
إقامة العلاقة الزوجيَّة، وبما أنَّ الرجل أسرع استثارةً من المرأة في هذا المجال،
وبما أنَّه، بحسب تكوينه الجسديّ، العنصر الفاعل مقابل المرأة العنصر المنفعل داخل
العلاقة، فإنَّ الرجل يتسلَّم زمام المبادرة إلى طلب المرأة للزَّواج، بحيث تصبح
المرأة مطلوبة لتلبية حاجة الرَّجل إليها لا طالبة، وهذا ما أدخل المهر شرطاً في
صحّة الزواج، على أساس أنَّ مكاسب الزواج تعود إلى الرَّجل فقط، باعتبار أنّه
الوحيد الذي يحتاجه.
استناداً إلى هذه الخلفيَّة، يرى المجتمع في طلب الرجل ليد المرأة أمراً طبيعياً،
بينما يرى في حدوث العكس أمراً غير طبيعيّ، تماماً كما هو وضع أيّ حالة فاعلة مع
حالة منفعلة. ثمّ كرَّس الزَّمن هذا المفهوم، وحوَّله إلى عرف اجتماعيّ يرى في
تعبير المرأة عن حاجتها إلى الجنس أمراً مرفوضاً ينافي الحياء الَّذي يجب أن تعيشه
كأنثى، وفرض عليها، بالتَّالي، انتظار تقدّم الرجل لطلبها.
هذا العرف الاجتماعيّ الذي كرَّسه تعاقب السنين، إضافةً إلى الأوضاع الخاصَّة التي
عاشتها المرأة، جعل المرأة تنظر إلى نفسها كسلعة معروضة للبيع يدفع الرجل ثمن
شرائها، وهو ما تُبيّنه بعض التَّعابير الشعبيَّة التي تردّدها النساء في المجتمعات
المتخلّفة، منها قول المرأة عن مهرها إنّه "حقّي وعتيقة رقبتي"، باعتبار أنّ المهر،
في ظلّ تلك المفاهيم، هو المقابل المادّي لحريّة المرأة وثمناً لرقبتها، أي ذاتها.
لم يعترف الإسلام بأيٍّ من تلك المفاهيم التي حصرت حقّ الطَّلب في الرجل، بل أعطى
المرأة والرجل حقّاً متساوياً في طلب الزواج من الجنس الآخر، ولم يرَ بأساً في أن
تقوم المرأة بطلب الرجل انطلاقاً من حاجتها إلى الزواج، وهذا ما حصل فعلاً في عهد
الرَّسول، إذ إنّ بعض النساء عرضن أن يهبن أنفسهنّ للنبيّ، ليس بالمعنى القانونيّ
للهبة، ولكن بمعنى تقديم أنفسهنّ للزواج منه، كما أنّ النبيّ لم يعترض على تلك
المرأة التي جاءت إليه وهو بين صحابته، وقالت: "زوّجني يا رسول الله"، بل طلب من
أصحابه أن يتزوّجها أحدهم، كما لم يرَ أصحابه في هذا الموقف ما يخالف الحياء، وما
إلى ذلك.
الإسلام يرى في الجنس حاجةً للمرأة كما هو حاجة للرَّجل، وبالتالي، فإنّ كون
الرَّجل العنصر الفاعل والمرأة العنصر المنفعل جنسياً، لا يعني أن يتسلَّم الرَّجل
زمام المبادرة، لأنّه كما أنَّ المرأة لا تستطيع إشباع حاجتها الجنسيَّة بشكلٍ كامل
إلَّا مع الرجل، كذلك فإنَّ الرجل لا يستطيع إشباع حاجته الجنسيَّة بشكلٍ كامل
إلَّا مع المرأة.
هذا مع ملاحظة حيويَّة، وهي أنّ الجنس قد لا يكون هو الأساس في العلاقة الزوجيَّة
كدافع إنسانيّ نحوها، بل يمثّل حاجة طبيعيَّة إضافةً إلى الحاجات الروحية
والاجتماعية والنفسية الأخرى، ما يجعل منها مسألة تتّصل بالواقع النفسيّ والروحيّ
والاجتماعيّ مع الجانب الجسديّ، بما يستوي به الرَّجل والمرأة معاً.
* من كتاب "دنيا المرأة".
[هل طلب اليد عمل يخصّ الرَّجل دون المرأة؟ أم أنّ أيّاً منهما يستطيع القيام به؟].
تعود مسألة طلب يد المرأة من قبل الرَّجل ـــ حسب النظرة السائدة ـــ إلى الجانب
التكوينيّ في شخصيَّة كلّ منهما، باعتبار أنّ دافع الرجال والنساء للزواج هو الجنس،
بوصفه حاجة مشتركة، تليه الحاجات الأخرى أو تسير معه. وبما أنَّ الجنس هو الأساس في
إقامة العلاقة الزوجيَّة، وبما أنَّ الرجل أسرع استثارةً من المرأة في هذا المجال،
وبما أنَّه، بحسب تكوينه الجسديّ، العنصر الفاعل مقابل المرأة العنصر المنفعل داخل
العلاقة، فإنَّ الرجل يتسلَّم زمام المبادرة إلى طلب المرأة للزَّواج، بحيث تصبح
المرأة مطلوبة لتلبية حاجة الرَّجل إليها لا طالبة، وهذا ما أدخل المهر شرطاً في
صحّة الزواج، على أساس أنَّ مكاسب الزواج تعود إلى الرَّجل فقط، باعتبار أنّه
الوحيد الذي يحتاجه.
استناداً إلى هذه الخلفيَّة، يرى المجتمع في طلب الرجل ليد المرأة أمراً طبيعياً،
بينما يرى في حدوث العكس أمراً غير طبيعيّ، تماماً كما هو وضع أيّ حالة فاعلة مع
حالة منفعلة. ثمّ كرَّس الزَّمن هذا المفهوم، وحوَّله إلى عرف اجتماعيّ يرى في
تعبير المرأة عن حاجتها إلى الجنس أمراً مرفوضاً ينافي الحياء الَّذي يجب أن تعيشه
كأنثى، وفرض عليها، بالتَّالي، انتظار تقدّم الرجل لطلبها.
هذا العرف الاجتماعيّ الذي كرَّسه تعاقب السنين، إضافةً إلى الأوضاع الخاصَّة التي
عاشتها المرأة، جعل المرأة تنظر إلى نفسها كسلعة معروضة للبيع يدفع الرجل ثمن
شرائها، وهو ما تُبيّنه بعض التَّعابير الشعبيَّة التي تردّدها النساء في المجتمعات
المتخلّفة، منها قول المرأة عن مهرها إنّه "حقّي وعتيقة رقبتي"، باعتبار أنّ المهر،
في ظلّ تلك المفاهيم، هو المقابل المادّي لحريّة المرأة وثمناً لرقبتها، أي ذاتها.
لم يعترف الإسلام بأيٍّ من تلك المفاهيم التي حصرت حقّ الطَّلب في الرجل، بل أعطى
المرأة والرجل حقّاً متساوياً في طلب الزواج من الجنس الآخر، ولم يرَ بأساً في أن
تقوم المرأة بطلب الرجل انطلاقاً من حاجتها إلى الزواج، وهذا ما حصل فعلاً في عهد
الرَّسول، إذ إنّ بعض النساء عرضن أن يهبن أنفسهنّ للنبيّ، ليس بالمعنى القانونيّ
للهبة، ولكن بمعنى تقديم أنفسهنّ للزواج منه، كما أنّ النبيّ لم يعترض على تلك
المرأة التي جاءت إليه وهو بين صحابته، وقالت: "زوّجني يا رسول الله"، بل طلب من
أصحابه أن يتزوّجها أحدهم، كما لم يرَ أصحابه في هذا الموقف ما يخالف الحياء، وما
إلى ذلك.
الإسلام يرى في الجنس حاجةً للمرأة كما هو حاجة للرَّجل، وبالتالي، فإنّ كون
الرَّجل العنصر الفاعل والمرأة العنصر المنفعل جنسياً، لا يعني أن يتسلَّم الرَّجل
زمام المبادرة، لأنّه كما أنَّ المرأة لا تستطيع إشباع حاجتها الجنسيَّة بشكلٍ كامل
إلَّا مع الرجل، كذلك فإنَّ الرجل لا يستطيع إشباع حاجته الجنسيَّة بشكلٍ كامل
إلَّا مع المرأة.
هذا مع ملاحظة حيويَّة، وهي أنّ الجنس قد لا يكون هو الأساس في العلاقة الزوجيَّة
كدافع إنسانيّ نحوها، بل يمثّل حاجة طبيعيَّة إضافةً إلى الحاجات الروحية
والاجتماعية والنفسية الأخرى، ما يجعل منها مسألة تتّصل بالواقع النفسيّ والروحيّ
والاجتماعيّ مع الجانب الجسديّ، بما يستوي به الرَّجل والمرأة معاً.
* من كتاب "دنيا المرأة".