يشترط في وجوب الصوم على المكلّف، أو في صحته منه، أمور:
الأول: الإسلام، فلا يجب الصوم على الكافر، وإذا صام لم يصح منه ولم يقبل.
الثاني: البلوغ، فلا يجب الصوم على الصبي، ولكنَّه إذا صام صح عمله وقبل منه وأثيب عليه كسائر العبادات، فلو بلغ أثناء النهار ولم يكن صائماً لم يجب عليه الإمساك إلى آخر النهار ولا قضاؤه فيما بعد، وإن كان صائماً فهو مخير بين الإفطار وبين متابعة الصوم، سواء بلغ قبل الظهر أو بعده.
الثالث: العقل، فلا يصح الصوم من المجنون المطبق، وهو الذي يستمر معه الجنون في جميع الأوقات، وقد يصح من المجنون الأدواري الذي يفيق تارة ويجن أخرى، كما سيأتي تفصيله.
الرابع: الخلو من الحيض والنفاس، فإنَّ المرأة الحائض والنفساء لا يصح منهما الصوم خلال الفترة الشرعية للحيض والنفاس.
م ـ 940: إذا حدث الكفر أو الحيض أو النفاس أو الجنون المطبق أثناء النهار بطل به الصوم، نعم في الجنون الأدواري إذا طلع عليه الفجر عاقلاً فنوى الصوم ثُمَّ جاءته النوبة أثناء النهار، ثُمَّ أفاق، فالظاهر عدم بطلان صومه، سواء أكانت فترة الجنون قليلة أم مستغرقة للنهار. أمّا إذا أصبح الإنسان غير صائم لكونه على حالة من تلك الحالات فزالت أثناء النهار، كأن أفاق المجنون، أو طهرت الحائض، لم يجب الإمساك إلى الغروب.
الخامس: عدم السفر الموجب لقصر الصلاة، دون ما لا يوجب ذلك، مثل سفر المعصية، أو سفر من عمله السفر، أو ناوي الإقامة، ونحوه، فلا يصح الصوم من المسافر المقصر في صلاته ما عدا ثلاثة:
1 ـ من عجز من الحجّاج عن ذبح الهدي في حج التمتع، فإنَّ عليه أن يصوم بدل هذا الهدي ثلاثة أيام في الحج، وسبعة أيام عندما يعود إلى بلده.
2 ـ من وجبت عليه ناقةٌ، كفارةَ الإفاضة من عرفات قبل الغروب، فعليه صيام ثمانية عشر يوماً، ولو في حال السفر، إذا عجز عن الناقة.
3 ـ من نذر الصيام في السفر خصوصاً، أو نذر الصيام في أيام محدّدة بنحو أعمّ من السفر أو الحضر.
م ـ 941: كما لا يصح الصوم الواجب من المسافر كذلك لا يصح الصوم المستحب منه إلاَّ لمن رغب في صيام ثلاثة أيام في المدينة المنورة لقضاء الحاجة، والأحوط أن يكون ذلك في خصوص أيام الأربعاء والخميس والجمعة.
م ـ 942: إذا صام المسافر جاهلاً بعدم صحة الصوم منه، أو عالماً بذلك لكنَّه كان يجهل خصوصيات الحكم وتفاصيله، كما لو كان جاهلاً بأنَّ من قطع المسافة الملفقة، والتي هي اثنان وعشرون كيلو متراً تقريباً في الذهاب، ومثلها في الإياب، يعتبر مسافراً، فظلّ صائماً، فهنا يصح صومه في الحالتين. نعم لا يصح الصوم من المسافر الناسي مطلقاً.
م ـ 943: المسافر الصائم الجاهل إذا علم بالحكم أو علم بالموضوع خلال النهار بطل صومه، ووجب عليه قضاء هذا اليوم دون غيره من الأيام التي صامها حال جهله.
م ـ 944: إذا سافر الصائم قبل الظهر لزمه الإفطار وبطل صومه حتى لو ظلّ ممسكاً إلى الغروب، أمّا إذا سافر بعد الظهر فلا يجوز له الافطار، ويصح صوم ذلك النهار منه، والمعَوَّلُ في ذلك على خروجه من آخر بيت من البلد قبل الظهر أو بعده، لا على خروجه من حدّ الترخص، نعم لا يجوز لمن سافر قبل الظهر تناول المفطر إلاَّ بعد خروجه من حدّ الترخص، وحدّ الترخص هو المكان الذي لا يرى منه إلاَّ شبح المسافر للناظر إليه من آخر بيوت البلد. كما ذكرناه في فصل صلاة المسافر. (ص:395).
م ـ 945: إذا رجع المسافر إلى بلده أو إلى بلد قد نوى الإقامة فيه عشرة أيام، فدخل أول بيوت البلد قبل الظهر، ولم يكن قد تناول المفطر خلال سفره منذ طلوع الفجر، وجب عليه نية الصيام، وصح منه صوم اليوم، أمّا إذا كان مسافراً قبل الظهر فرجع إلى بلده بعد الظهر، أو وصل قبل الظهر لكنَّه كان قد تناول المفطر، لم يصح منه صوم ذلك اليوم، نعم يستحب له الإمساك إلى الغروب.
م ـ 946: لا يشترط في جواز الإفطار من المسافر تبييت نية السفر من الليل قبل طلوع الفجر ممن يريد السفر قبل الزوال، فإنَّ صومه يبطل عند سفره صباحاً ويجوز له ـ خلاله ـ تناول المفطر ولو لم يكن قد بيت نية السفر، نعم الأحوط استحباباً له في هذه الحالة البقاء ممسكاً ثُمَّ قضاؤه فيما بعد.
م ـ 947: المسافر من بلده إذا تناول المفطر قبل تجاوزه لحدّ الترخص عامداً عالماً بالحكم عُدَّ عاصياً ووجبت عليه الكفارة مع القضاء، أمّا ناوي الإقامة عشرة أيام والمتردّد في محله ثلاثين يوماً فإنهما لا يجب عليهما الإنتظار إلى حين تجاوز حدّ الترخص، بل يجوز لهما الإفطار بمجرّد الخروج من البلد لا قبله، فإن أفطرا قبل الخروج منه بالنحو الذي ذكر وجبت عليهما الكفارة مضافاً إلى القضاء.
م ـ 948: إذا وجب على المكلّف صوم يوم معين، كمثل الصوم المنذور في الحضر في يوم معين، فإنه يجوز للمكلّف السفر فيه لغير ضرورة، كما أنه لو كان مسافراً لم تجب عليه نية الإقامة لإدراكه في اليوم المعين، وعليه قضاؤه فيما بعد.
م ـ 949: يجوز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة، ولو للفرار من الصوم، ولكنَّه مكروه، ولا بأس بما لو كان السفر للعمرة أو لغزو في سبيل اللّه تعالى أو لمال يخاف تلفه أو إنسان يخاف هلاكه أو بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة منه.
م ـ 950: يجوز للمسافر تناول الطعام والشراب، كما يجوز فعل سائر المفطرات بما فيها الجماع نهاراً، ولكن يكره التملي من الطعام والشراب كما يكره الجماع، والأحوط استحباباً الترك وخاصة الجماع.
السادس: السلامة من المرض، فلا يصح الصوم من المكلّف إذا أَضَرَّ به بنحو كان سليماً فأمرضه، أو كان مريضاً فأوجب اشتداد المرض، أو زيادة الوجع، أو طول فترة الشفاء منه. ولا فرق في ضرر الصوم بين ما يظهر فوراً وبين ما يظهر بعد مدّة في المستقبل، كأمراض القرحة والكلى وفقر الدم.
م ـ 951: لا يشترط العلم القطعي بحدوث المرض أو بتضرر المريض من الصوم، بل يكفي في ذلك الظنّ والاحتمال الذي يُوجِدُ في النفس خوفاً من ذلك.
م ـ 952: التشخيص الطبي والحكم بتضرر المكلّف من الصوم يعتدّ به بحدّ ذاته إذا كان الطبيب حاذقاً ماهراً، حتى لو لم يوجب خوف الضرر عند المكلّف بنحو القطع أو الظنّ أو الاحتمال، نعم إذا حكم الطبيب بعدم الضرر من الصوم وكان المكلّف خائفاً من الضرر وجب الإفطار.
م ـ 953: إذا صام المكلّف مع خوف الضرر أو مع اعتقاده، فإن حصل الضرر فعلاً، بطل الصوم، وإن تبين عدم الضرر، وأمكن صدور قصد القربة منه، بأن صام رغبة في الطاعة بدون قصد التجرؤ على اللّه تعالى وتعدي حدوده، ولم يكن الضرر الذي خافه أو اعتقده مما يحرم ارتكابه، صح صومه، وإلاَّ بطل، وهو آثـم في كلا الحالتين. وإذا اعتقد عدم الضرر فصام فتضرَّر من الصوم صح صومه.
م ـ 954: إذا برىء المريض قبل الظهر، ولم يكن قد تناول المفطر، لم يجب عليه تجديد النية، ولا يصح منه الصوم.
السابع: عدم الإغماء، لا يصح الصوم من المغمى عليه إذا حدث قبل الفجر وقبل النية، أمّا إذا كان قد نوى صوم النهار المقبل قبل الفجر ثُمَّ أصابه الإغماء بعد النية ـ ولو قبل الفجر ـ وأفاق في النهار فإنَّ عليه أن يواصل صومه ويحسب له، وكذلك يصح صومه إذا أصبح ناوياً للصوم فأغمي عليه أثناء النهار ساعة أو أكثر ثُمَّ أفاق، ويلحق بالإغماء في هذا الحكم غياب العقل بالبنج العمومي المستخدم في العمليات الجراحية غالباً، غير أنهما يختلفان في لزوم القضاء، فإنَّ المغمى عليه قبل الفجر وقبل صدور نية الصوم منه لا يجب عليه القضاء، بينما غياب الوعي بالبنج في هذه الحالة يوجب القضاء.
الثامن: المرخص لهم في الإفطار:
1 ـ من يعاني من ضعف في قواه وفتور في نشاطه، فإذا صام أحرجه الصوم وأربكه وزاده ضعفاً بنحو يصبح معه عاجزاً عن القيام والمشي وممارسة نشاطه اليومي الاعتيادي.
2 ـ من بلغ سن السبعين، وهي مرحلة الشيخوخة للرجال والنساء المترافقة مع ضعف يجعل الصوم متعذراً منه وغير مقدور عليه بتاتاً، أو تجعله شاقاً وحرجاً عليه.
3 ـ أصحاب المهن الشاقة الذين يضعفهم الصوم أو يوقعهم في العطش الشديد الذي يشق تحمله، مع عدم قدرتهم على تحصيل عمل آخر مريح، وعدم وجود مال مدخر أو دين يستغنون به مؤقتاً.
4 ـ ذو العطاش، وهو من لا يقدر على الصبر على العطش، فيتعذر منه الصوم أو يشق عليه.
5 ـ الحامل التي اقترب أوان وضعها، أو التي لم يقترب، وكانت ضعيفة بحيث يضرها الصوم أو يضر ولدها.
6 ـ المرضعة القليلة الحليب التي إذا صامت مع الإرضاع أَضرَّ بها الصوم، أو قل حليبها فأضرّ بولدها، فيلزمها الإفطار حينئذ، أمّا إذا أمكنها تعويض ذلك بالحليب الصناعي أو الحيواني أو بإرضاع امرأة أخرى، متبرعة بذلك أو مستأجرة مع التمكن من دفع أجرتها، فلا يجوز لها الإفطار.
م ـ 955: كما يجوز الإفطار لهؤلاء المرخص لهم كذلك يجوز لهم الصيام في حال رغبتهم وإصرارهم على تحمل المشقة والحرج ما لم يتضرروا بذلك، فإن أضرّ بهم الصوم ضرراً يعتد به ويجب دفعه لم يجز لهم الصيام ولحقهم حكم المريض الذي سبق ذكره، ولا يستثنى من ذلك المرأة الحامل أو المرضعة التي يضر الصوم بولدها، لأنه يجب عليها دفع الضرر عن ولدها في هذه الحالة بنفس الدرجة التي يجب أن تدفعه عن نفسها.
يشترط في وجوب الصوم على المكلّف، أو في صحته منه، أمور:
الأول: الإسلام، فلا يجب الصوم على الكافر، وإذا صام لم يصح منه ولم يقبل.
الثاني: البلوغ، فلا يجب الصوم على الصبي، ولكنَّه إذا صام صح عمله وقبل منه وأثيب عليه كسائر العبادات، فلو بلغ أثناء النهار ولم يكن صائماً لم يجب عليه الإمساك إلى آخر النهار ولا قضاؤه فيما بعد، وإن كان صائماً فهو مخير بين الإفطار وبين متابعة الصوم، سواء بلغ قبل الظهر أو بعده.
الثالث: العقل، فلا يصح الصوم من المجنون المطبق، وهو الذي يستمر معه الجنون في جميع الأوقات، وقد يصح من المجنون الأدواري الذي يفيق تارة ويجن أخرى، كما سيأتي تفصيله.
الرابع: الخلو من الحيض والنفاس، فإنَّ المرأة الحائض والنفساء لا يصح منهما الصوم خلال الفترة الشرعية للحيض والنفاس.
م ـ 940: إذا حدث الكفر أو الحيض أو النفاس أو الجنون المطبق أثناء النهار بطل به الصوم، نعم في الجنون الأدواري إذا طلع عليه الفجر عاقلاً فنوى الصوم ثُمَّ جاءته النوبة أثناء النهار، ثُمَّ أفاق، فالظاهر عدم بطلان صومه، سواء أكانت فترة الجنون قليلة أم مستغرقة للنهار. أمّا إذا أصبح الإنسان غير صائم لكونه على حالة من تلك الحالات فزالت أثناء النهار، كأن أفاق المجنون، أو طهرت الحائض، لم يجب الإمساك إلى الغروب.
الخامس: عدم السفر الموجب لقصر الصلاة، دون ما لا يوجب ذلك، مثل سفر المعصية، أو سفر من عمله السفر، أو ناوي الإقامة، ونحوه، فلا يصح الصوم من المسافر المقصر في صلاته ما عدا ثلاثة:
1 ـ من عجز من الحجّاج عن ذبح الهدي في حج التمتع، فإنَّ عليه أن يصوم بدل هذا الهدي ثلاثة أيام في الحج، وسبعة أيام عندما يعود إلى بلده.
2 ـ من وجبت عليه ناقةٌ، كفارةَ الإفاضة من عرفات قبل الغروب، فعليه صيام ثمانية عشر يوماً، ولو في حال السفر، إذا عجز عن الناقة.
3 ـ من نذر الصيام في السفر خصوصاً، أو نذر الصيام في أيام محدّدة بنحو أعمّ من السفر أو الحضر.
م ـ 941: كما لا يصح الصوم الواجب من المسافر كذلك لا يصح الصوم المستحب منه إلاَّ لمن رغب في صيام ثلاثة أيام في المدينة المنورة لقضاء الحاجة، والأحوط أن يكون ذلك في خصوص أيام الأربعاء والخميس والجمعة.
م ـ 942: إذا صام المسافر جاهلاً بعدم صحة الصوم منه، أو عالماً بذلك لكنَّه كان يجهل خصوصيات الحكم وتفاصيله، كما لو كان جاهلاً بأنَّ من قطع المسافة الملفقة، والتي هي اثنان وعشرون كيلو متراً تقريباً في الذهاب، ومثلها في الإياب، يعتبر مسافراً، فظلّ صائماً، فهنا يصح صومه في الحالتين. نعم لا يصح الصوم من المسافر الناسي مطلقاً.
م ـ 943: المسافر الصائم الجاهل إذا علم بالحكم أو علم بالموضوع خلال النهار بطل صومه، ووجب عليه قضاء هذا اليوم دون غيره من الأيام التي صامها حال جهله.
م ـ 944: إذا سافر الصائم قبل الظهر لزمه الإفطار وبطل صومه حتى لو ظلّ ممسكاً إلى الغروب، أمّا إذا سافر بعد الظهر فلا يجوز له الافطار، ويصح صوم ذلك النهار منه، والمعَوَّلُ في ذلك على خروجه من آخر بيت من البلد قبل الظهر أو بعده، لا على خروجه من حدّ الترخص، نعم لا يجوز لمن سافر قبل الظهر تناول المفطر إلاَّ بعد خروجه من حدّ الترخص، وحدّ الترخص هو المكان الذي لا يرى منه إلاَّ شبح المسافر للناظر إليه من آخر بيوت البلد. كما ذكرناه في فصل صلاة المسافر. (ص:395).
م ـ 945: إذا رجع المسافر إلى بلده أو إلى بلد قد نوى الإقامة فيه عشرة أيام، فدخل أول بيوت البلد قبل الظهر، ولم يكن قد تناول المفطر خلال سفره منذ طلوع الفجر، وجب عليه نية الصيام، وصح منه صوم اليوم، أمّا إذا كان مسافراً قبل الظهر فرجع إلى بلده بعد الظهر، أو وصل قبل الظهر لكنَّه كان قد تناول المفطر، لم يصح منه صوم ذلك اليوم، نعم يستحب له الإمساك إلى الغروب.
م ـ 946: لا يشترط في جواز الإفطار من المسافر تبييت نية السفر من الليل قبل طلوع الفجر ممن يريد السفر قبل الزوال، فإنَّ صومه يبطل عند سفره صباحاً ويجوز له ـ خلاله ـ تناول المفطر ولو لم يكن قد بيت نية السفر، نعم الأحوط استحباباً له في هذه الحالة البقاء ممسكاً ثُمَّ قضاؤه فيما بعد.
م ـ 947: المسافر من بلده إذا تناول المفطر قبل تجاوزه لحدّ الترخص عامداً عالماً بالحكم عُدَّ عاصياً ووجبت عليه الكفارة مع القضاء، أمّا ناوي الإقامة عشرة أيام والمتردّد في محله ثلاثين يوماً فإنهما لا يجب عليهما الإنتظار إلى حين تجاوز حدّ الترخص، بل يجوز لهما الإفطار بمجرّد الخروج من البلد لا قبله، فإن أفطرا قبل الخروج منه بالنحو الذي ذكر وجبت عليهما الكفارة مضافاً إلى القضاء.
م ـ 948: إذا وجب على المكلّف صوم يوم معين، كمثل الصوم المنذور في الحضر في يوم معين، فإنه يجوز للمكلّف السفر فيه لغير ضرورة، كما أنه لو كان مسافراً لم تجب عليه نية الإقامة لإدراكه في اليوم المعين، وعليه قضاؤه فيما بعد.
م ـ 949: يجوز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة، ولو للفرار من الصوم، ولكنَّه مكروه، ولا بأس بما لو كان السفر للعمرة أو لغزو في سبيل اللّه تعالى أو لمال يخاف تلفه أو إنسان يخاف هلاكه أو بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة منه.
م ـ 950: يجوز للمسافر تناول الطعام والشراب، كما يجوز فعل سائر المفطرات بما فيها الجماع نهاراً، ولكن يكره التملي من الطعام والشراب كما يكره الجماع، والأحوط استحباباً الترك وخاصة الجماع.
السادس: السلامة من المرض، فلا يصح الصوم من المكلّف إذا أَضَرَّ به بنحو كان سليماً فأمرضه، أو كان مريضاً فأوجب اشتداد المرض، أو زيادة الوجع، أو طول فترة الشفاء منه. ولا فرق في ضرر الصوم بين ما يظهر فوراً وبين ما يظهر بعد مدّة في المستقبل، كأمراض القرحة والكلى وفقر الدم.
م ـ 951: لا يشترط العلم القطعي بحدوث المرض أو بتضرر المريض من الصوم، بل يكفي في ذلك الظنّ والاحتمال الذي يُوجِدُ في النفس خوفاً من ذلك.
م ـ 952: التشخيص الطبي والحكم بتضرر المكلّف من الصوم يعتدّ به بحدّ ذاته إذا كان الطبيب حاذقاً ماهراً، حتى لو لم يوجب خوف الضرر عند المكلّف بنحو القطع أو الظنّ أو الاحتمال، نعم إذا حكم الطبيب بعدم الضرر من الصوم وكان المكلّف خائفاً من الضرر وجب الإفطار.
م ـ 953: إذا صام المكلّف مع خوف الضرر أو مع اعتقاده، فإن حصل الضرر فعلاً، بطل الصوم، وإن تبين عدم الضرر، وأمكن صدور قصد القربة منه، بأن صام رغبة في الطاعة بدون قصد التجرؤ على اللّه تعالى وتعدي حدوده، ولم يكن الضرر الذي خافه أو اعتقده مما يحرم ارتكابه، صح صومه، وإلاَّ بطل، وهو آثـم في كلا الحالتين. وإذا اعتقد عدم الضرر فصام فتضرَّر من الصوم صح صومه.
م ـ 954: إذا برىء المريض قبل الظهر، ولم يكن قد تناول المفطر، لم يجب عليه تجديد النية، ولا يصح منه الصوم.
السابع: عدم الإغماء، لا يصح الصوم من المغمى عليه إذا حدث قبل الفجر وقبل النية، أمّا إذا كان قد نوى صوم النهار المقبل قبل الفجر ثُمَّ أصابه الإغماء بعد النية ـ ولو قبل الفجر ـ وأفاق في النهار فإنَّ عليه أن يواصل صومه ويحسب له، وكذلك يصح صومه إذا أصبح ناوياً للصوم فأغمي عليه أثناء النهار ساعة أو أكثر ثُمَّ أفاق، ويلحق بالإغماء في هذا الحكم غياب العقل بالبنج العمومي المستخدم في العمليات الجراحية غالباً، غير أنهما يختلفان في لزوم القضاء، فإنَّ المغمى عليه قبل الفجر وقبل صدور نية الصوم منه لا يجب عليه القضاء، بينما غياب الوعي بالبنج في هذه الحالة يوجب القضاء.
الثامن: المرخص لهم في الإفطار:
1 ـ من يعاني من ضعف في قواه وفتور في نشاطه، فإذا صام أحرجه الصوم وأربكه وزاده ضعفاً بنحو يصبح معه عاجزاً عن القيام والمشي وممارسة نشاطه اليومي الاعتيادي.
2 ـ من بلغ سن السبعين، وهي مرحلة الشيخوخة للرجال والنساء المترافقة مع ضعف يجعل الصوم متعذراً منه وغير مقدور عليه بتاتاً، أو تجعله شاقاً وحرجاً عليه.
3 ـ أصحاب المهن الشاقة الذين يضعفهم الصوم أو يوقعهم في العطش الشديد الذي يشق تحمله، مع عدم قدرتهم على تحصيل عمل آخر مريح، وعدم وجود مال مدخر أو دين يستغنون به مؤقتاً.
4 ـ ذو العطاش، وهو من لا يقدر على الصبر على العطش، فيتعذر منه الصوم أو يشق عليه.
5 ـ الحامل التي اقترب أوان وضعها، أو التي لم يقترب، وكانت ضعيفة بحيث يضرها الصوم أو يضر ولدها.
6 ـ المرضعة القليلة الحليب التي إذا صامت مع الإرضاع أَضرَّ بها الصوم، أو قل حليبها فأضرّ بولدها، فيلزمها الإفطار حينئذ، أمّا إذا أمكنها تعويض ذلك بالحليب الصناعي أو الحيواني أو بإرضاع امرأة أخرى، متبرعة بذلك أو مستأجرة مع التمكن من دفع أجرتها، فلا يجوز لها الإفطار.
م ـ 955: كما يجوز الإفطار لهؤلاء المرخص لهم كذلك يجوز لهم الصيام في حال رغبتهم وإصرارهم على تحمل المشقة والحرج ما لم يتضرروا بذلك، فإن أضرّ بهم الصوم ضرراً يعتد به ويجب دفعه لم يجز لهم الصيام ولحقهم حكم المريض الذي سبق ذكره، ولا يستثنى من ذلك المرأة الحامل أو المرضعة التي يضر الصوم بولدها، لأنه يجب عليها دفع الضرر عن ولدها في هذه الحالة بنفس الدرجة التي يجب أن تدفعه عن نفسها.