ـ لا يستحق الوارث على المورِّث شيئاً من تركته إلا بعد تحقّق عنوان (حياة) الوارث حين موت مُورِّثِه، وإلا بعد تحقّق عنوان (موت) المورِّث حال حياة وارثه، فلو تقارنا في الموت لم يرث أحدهما الآخر، ويكفي في موت المورِّث ـ إضافة إلى تحقّقه بالموت الطبيعي ـ تحقّقه بما هو في حكم الموت شرعاً، وله موردان، الأول: الارتداد عن فطرة، فإنه يجوز لورثة المرتد اقتسام تركته حال حياته، وبمجرد ثبوت ارتداده ولو قبل إقامة الحد عليه، فيما لا يورث المرتد عن ملة إلا بعد قتله بالحد. الثاني: الفقد الذي لا يعلم معه موت المفقود ولا حياته، فإنه بعد تربص عائلته أربع سنين يُفحص فيها عنه بالنحو الذي تقدم في مباحث الطلاق يجوز لهم اقتسام تركته.
ـ يثبت الموت بالعلم الجازم الحاصل من المشاهدة وغيرها، وكذا بما يشبه العلم، وهو: الاطمئنان الحاصل من كل سبب، كالشياع ونحوه، وكذا بشهادة البيِّنة، بل بشهادة العدل الواحد والثقة.
ـ إنما يجوز تقاسم تركة المرتد الفطري حال حياته، فيما لو كان رجلاً، أما المرأة فلا أثر لارتدادها من هذه الجهة ولو كانت عن فطرة، فلا تنتقل أموالها عنها إلى ورثتها إلا بالموت.
ـ لا ينتقل من أموال المرتد الفطري إلى ورثته إلا الأموال التي كانت مملوكة له حين ارتداده، وأما ما يتجدد منها بعد ذلك إلى حين إقامة الحد عليه، أو حيث لن يقام عليه الحد، فإنها مملوكة له، سواءً ما ملكه منها بأسبابه الاختيارية، كإجارة نفسه أو كالحيازة ونحوهما ولو قبل توبته، أو ما ملكه بأسبابه القهرية، كالمال الموروث الذي ورثه بعد توبته وعودته إلى الإسلام.
ـ يقتصر في وراثة المرتد الفطري على من اجتمعت فيه الشروط المعتبرة في الوارث حين ارتداده، فلا يرث غيرُه من ماله شيئاً إذا وجدت فيه الشروط بعد ذلك، ولو قبل توزيع أمواله على الورثة.
ـ لا يعتبر المفقـود بحكم الميت ـ شرعـاً ـ إلا بعد مضي أربع سنين يفحص فيها عنه، فإذا جهل خبره جاز لورثته اقتسام تركته؛ بل الأظهر جواز تقسيم تركته بعد مضي عشر سنين على فقده بدون حاجة إلى الفحص عنه؛ وورثته هم الذين تجتمع فيهم الشروط حين انتهاء مدة التربص لا بعدها. وكما يرثه غيره بعد مضي المدتين المذكورتين فإنه يرث غيرَه إذا مات مورِّثه مطلقاً، أي: سواءً كان موت المورث قبل الشروع في الفحص أو أثناء المدتين المذكورتين أو بعدهما، فيُضم ما يرثه إلى أمواله ويتملكه كسائر أمواله، فإن عاد من غيبته تصرف به، وإن تَبَيَّن موته أو ظلَّ مفقوداً ورثه وُرَّاثُه، فإذا توزع الورَّاثُ تركته بعد مضي إحدى المدتيـن لم يـرث ـ حينئـذ ـ غيرَه، لأنه بتوزيع تركته قد صار محكوماً بالموت شرعاً من جهة الميراث بخاصة، فلا يعقل وراثته لغيره، في حين تبقى سائر آثار حياته من غير هذه الجهة، فيجب الاستمرار في الإنفاق على زوجته، ولا تبين منه زوجته بدون طلاق، ونحو ذلك. هذا، وقد مضى في باب الطلاق الكلام في تعريف المفقود وفي مدة الفحص في (المسألة: 952 وما بعدها).
ـ لا بد لإحراز حياة الوارث من تحقّق أمرين: الأول: العلمُ بانعقاد نطفته قبل موت مورِّثه رغم كونه ما يزال حَمْلاً لم تلجه الروح، والثاني: سقوطُه حياً من بطن أمه ولو لمدة يسيرة كاللحظة، فإذا انفصل عن أمه حياً استحق نصيبَه ومَلَكَهُ وتَرتبتْ عليه الآثار، بحيث لو عرض عليه الموت بعد ذلك وَرِثَه وارثُهُ كغيره من الأموات، وأما إذا وُلد ميتاً، فضلاً عما لو كان قد مات قبل مدة من ولادته، لم يَرِث ولم يُورث. هذا، ولا فرق في وَارِثِيَّة الحَمْل ومُورثيَّته ـ بعد انفصاله حيـاً ـ بين كونه كامل الأعضاء أو ناقصها، ولا بين سقوطه بنفسه أو سقوطه بجناية جانٍ، ولا بين كونه سليماً أو مريضاً، وعاقلاً أو مجنوناً.
ـ لا يرث الحمل مدة كونه جنيناً حتى لو كان معلوم الحياة في بطن أمه إلا بعد انفصاله حياً، غير أنه يجب لحاظه عند اقتسام التركة في الحالات التي يتأثر فيها نصيبُه منها بغيره من الورثة، وتفصيل ذلك كما يلي:
إذا كان الحمل وحيداً في طبقته أو درجته، بحيث يكون غيره متأخراً عنه ولا يرث مع وجوده، لم يجز تقسيم التركة إلا بعد وضع الحمل، ليتبين إن كان الميراث له بولادته حياً أو لغيره إذا سقط ميتاً.
وإذا كان معه من يشاركه في الطبقة والدرجة، فإن كان فيهم من يُنْتَقصُ من نصيبه بلحاظ وجود الحمل وفيهم من لا يُنتقص، قُدِّم من لا يُنْتَقصُ فرضُه مهما كان الوارث، كالزوج والزوجة ونحوهما، وأعطي نصيبَه كاملاً، ووجب الإنقاص من نصيب من يتأثر نصيبه بوجود الحمل وعدمه، مقدارَ ما يجب لحاظُه حصةً للحمل، فيعزل نصيب الحمل جانباً ويعطى سائر الورثة حصصهم المقدرةَ على قاعدة افتراض ولادة الحمل حياً ووراثته معهم؛ ثم يُرى ـ بعد ذلـك ـ فإن ولد الحمل حياً، وكان ما عُزلَ له موافقاً لنصيبه، مضى الأمر على ما وقع، وإن كان المعزول أقل أخذ من نصيب سائر الورثة بنسبة حصة كل منهم إلى الناقص ما يتمم حصة الحمل، وإن ولد ميتاً، أو كان المعزول أكثر مما يستحق، أُرجع لكلٍ منهم من المعزول بنسبة حصته إلى الزائد المعزول.
وحيث تمكن معرفة ما إذا كان الحمل واحداً أو أكثر، وذكراً أو أنثى، كما هو الحال في زماننا، عزل نصيبه الموافق له، وحيث لا يعرف فالأحوط وجوباً أن يُعزل له نصيب الذكر ـ لا الأنثى ـ وبحسب العدد المحتمل احتمالاً معتداً به، واحداً أو أكثر.
ـ تعرف حياة الجنين بعد انفصاله عن أمه ـ إذا مات للحظتـه ـ بالصياح وبالحركة البَيِّنة التي لا تكون إلا في الإنسان الحي، فلا يعبأ بما كان حركةَ تشنجٍ في العضلات مما يُمكن أن يحصل ممن مات لِتَوِّه.