ونريد به بيان ما يجب توفره من الشروط في الوارث، بل وفي المورِّث، بعد وجود موجب الميراث بينهما من نسب أو سبب، وقد تداول الفقهاء في هذا المجال مصطلحين للتعبير عن تلك الشروط، هما: (المانع) و(الحاجب)، وذلك بلحاظ الجانب السلبي من الشرط ومن حيث أثره في منع الوارث أو حجبه عن نصيبه الذي كان يستحقه كلاً أو بعضاً لولا وجود ذلك المانع أو الحاجب، ومثال ذلك: شرط إسلام الوارث إذا كان المورِّث مسلماً، فإنهم أخذوا عنوان (الكفر)، وتحدثوا عنه من حيث هو مانع من استحقاق الوارث لنصيبه، وهكذا سائر الموانع؛ غير أننا اعتمدنا طريقةً مخالفةً لما جروا عليه، فأخذنا الجانب الإيجابي من الشروط، واعتبرنا أن الشرط صفة توجد في الوارث وتُحقق تأثيرَ موجِب الميراث ـ نسباً أو سبباً ـ في أصل استحقاق الوارث لنصيبه، وأضفنا إلى ما يعبِّرون عنه بــ (الموانع)، وهي ـ في زماننا ـ مانعان: الكفر والقتل، شرطين آخرين هما: شرط حياة الوارث وموت المورث، من حيث هو مجال لبحث ميراث المرتد والحَمْل والمفقود، وشرط التولد من نكاح شرعي، من حيث هو مجال لبحث ميراث إبن الزنى وولد الملاعنة، فصارت الشروط أربعة.
أما الحَجْب فهو: حالة منتزعة من حيلولة شخص لآخر عن أن يرث مطلقاً، أو عن أن يرث جميع حصته. وسبب وجود (الحَجب) هو نفس نظام الميراث المرتكز على أولوية بعض الأقارب من البعض الآخر، والنص فيه على (حاجبِيَّة) بعضهم لبعض؛ ولذا فإن الحجب على نوعين:
الأول: حجبٌ عن أصل الإرث، كما في حجب القريب في كل مرتبة من هو بعيد عنها، فالآباء والأولاد يحجبون الأجداد والإخوة، ثم الإخوة وأولادهم والأجداد يحجبون الأعمام والأخوال، وهكذا.
الثاني: حجبٌ عن بعض الإرث، والحاجب فيه تارة: يكون من نفس الطبقة، كالولد يحجب الزوجين عن نصيبهما الأعلى، وكالولد الذكر يحجب الأبوين عما زاد عن السدسين، أو أحدَهما عما زاد عن السدس، وذلك بتفصيل سيأتي. وأخرى: يكون الحاجب من طبقة أخرى، وله مورد واحد هو: حجب الأخ للأم عن الثلث وإسقاط نصيبها إلى السدس.
وعلى كل حال فإن موارد الحجب سوف نعرض لها أثناء المباحث القادمة، فيما نخصص هذا المبحث بتمامه للشروط المعتبرة في الوارث، بل والمورِّث، والتي نستعرضها على النحو التالي: