ابن أبي عقيل العُماني "فقيه الإسلام"

ابن أبي عقيل العُماني "فقيه الإسلام"

هو علمٌ من أعلام المذهب، ومن أجلاّء متكلّمي الإماميّة، هو الحسن بن عليّ، أو عيسى بن أبي عقيل العُماني، نسبة إلى عُمان، ويُقال له ابن أبي عقيل الحذّاء. لم تحدِّد لنا المصادر التاريخيّة زمان ولادته ووفاته على وجه الدقَّة، إلا أنّ من المعروف أنَّه توفّي في القرن الرابع الهجريّ، وفي رواية أنّه توفّي قبل سنة 369 هجريّة.

كان معاصراً للشَّيخ محمد بن يعقوب الكليني، صاحب كتاب "الكافي" المشهور، وذاع صيته في الآفاق، إذ كان فقيهاً كبيراً وصاحب باعٍ طويل في الأصول والكلام، وقد حاول ترشيد حركة الفقه وإرساء منهجيّة تأسيسيّة لطريقة بحثه.

يعتبر هذا الفقيه العُماني من فقهاء الغيبة الصّغرى، ويرى العلماء أنّه كان على تواصل مع فقهاء عصره، مثل "الكليني" و"ابن بابويه القمي" و"ابن قولويه".. من هنا، يتبيّن أنّه عاش في الفترة ما بين النّصف الثّاني من القرن الثالث والنّصف الأوّل من القرن الرابع.

كان الفقيه العُماني محلّ احترام الحواضر العلميّة وعامّة النّاس في عصره وتقديرهم، حتى إنّه بلغ الأمر بمكانته، أن أجاز جعفر بن محمد بن قولويه، كبير علماء "قُمّ"، وأستاذ الشيخ المفيد، في علمه ومؤلفاته، وحتى الناس كانوا يحبّونه ويعظّمونه.. وقد بلغ الأمر، أنّ قوافل الحجّاج عندما كانت تصل إلى المدينة المنوّرة، كانت تطلب من المكتبات والنسّاخ نُسخاً من فقه ابن أبي عقيل، لكي تؤدّي مناسك حجّها على طبقه.

والجدير ذكره، أنّ كتابه المشهور في الفقه "المتمسّك بحبل آل الرسول"، والّذي كان في أيدي النّاس ومكتبات الفقهاء، قد أضاعت أحداث الزمان نسخته، وهذا الكتاب يدلّ على غزارة المادة الفقهيّة لدى العُماني وتبحّره في الفقه والأصول.

ويحتمل العلماء أن يكون العُماني من عشيرة الأزديين الموالين لعليّ(ع) والأئمّة من ولده، وكان مشهوداً له بالتبحّر في الفقه والأصول، بحيث أصبح من المُشار إليهم بالبنان، حتى إنّ الحجّاج عند ذهابهم إلى الحجّ، كانوا يصطحبون معهم كتاب "المتمسّك بحبل آل الرسول"، والذي كان بمثابة الرسالة العملية في تلك الفترة، فكثر استشهاد العلماء المتأخرين عنه بأقواله وكثر النقل عنه ومناقشة آرائه..

وقد أسّس قاعدة ونظريّة يعتمد عليها الفقيه في معالجة استنباط الأحكام، كما لو افترضنا مثلاً وجود تعارض بين الروايات، وهي من الأمور المهمّة التي قام بها هذا العالم الجليل في الأفق الفقهيّ والأصولي، ما جعله موضعاً لثناء علماء الطائفة. فالأساس الأصوليّ والفقهيّ الذي أنشأه ابن أبي عقيل، كان مرتكزاً علمياً لتلميذه الشيخ المفيد فيما بعد، ومن بعده الشيخ الطوسي، إلى أن اكتملت معالم المدرسة الأصوليّة لدى الشيعة.

وقد تحدّث عنه الفقهاء والعلماء بكثير من المدح والثناء، فهذا النجاشي قد عدّه فقيهاً وثقةً، ويعكس النجاشي الأهمية العلمية لكتب ابن أبي عقيل وشهرته الفقهية في العالم الإسلاميّ.. ويضيف النجاشي أنَّ أستاذه المفيد امتدح ابن أبي عقيل كثيراً، وقد أيّد وثاقته بقيّة علماء الشيعة وأصحاب تراجمهم، إضافةً إلى النجاشي، واعتبره البعض من العلماء أوَّل فقيه شيعي هذَّب الفقه في بداية الغيبة الكبرى للإمام الحجّة(ع)، واستخدم النظرة الاجتهاديَّة، وفصل بحث الأصول عن الفروع.

وهو الَّذي يُنسب إليه إبداع أساس النظر في الأدلّة، وطريق الجمع بين مدارك الأحكام بالاجتهاد الصّحيح، ولذا، يعبّر عنه وعن الشيخ ابن الجنيد في كلمات الفقهاء بالقديميْن.

هذا وإن كانت شهرته الفقهيّة قد فاقت شهرته الكلاميّة، إلا أنّه من كبار المتكلّمين، وله كتاب معروف اسمه "الكرّ والفرّ" في الإمامة، عبّر عنه الشيخ النجاشي بأنّه كتاب مليح في الإمامة، وقد درسه على الشيخ المفيد، وهو ما يعكس أهميّة الكتاب العلميّة.

مهما بلغ الأمر، فلن نستطيع أن نفي هذا العالِم حقّه بعد مسيرة مهمّة في العطاء الزاخر في العلم والفقاهة والاجتهاد، بحيث شكّل نقطة مضيئة في دنيا الفقه الشّيعيّ والإسلاميّ، وكان من رجالات العلم الكبار المشهود لهم.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

هو علمٌ من أعلام المذهب، ومن أجلاّء متكلّمي الإماميّة، هو الحسن بن عليّ، أو عيسى بن أبي عقيل العُماني، نسبة إلى عُمان، ويُقال له ابن أبي عقيل الحذّاء. لم تحدِّد لنا المصادر التاريخيّة زمان ولادته ووفاته على وجه الدقَّة، إلا أنّ من المعروف أنَّه توفّي في القرن الرابع الهجريّ، وفي رواية أنّه توفّي قبل سنة 369 هجريّة.

كان معاصراً للشَّيخ محمد بن يعقوب الكليني، صاحب كتاب "الكافي" المشهور، وذاع صيته في الآفاق، إذ كان فقيهاً كبيراً وصاحب باعٍ طويل في الأصول والكلام، وقد حاول ترشيد حركة الفقه وإرساء منهجيّة تأسيسيّة لطريقة بحثه.

يعتبر هذا الفقيه العُماني من فقهاء الغيبة الصّغرى، ويرى العلماء أنّه كان على تواصل مع فقهاء عصره، مثل "الكليني" و"ابن بابويه القمي" و"ابن قولويه".. من هنا، يتبيّن أنّه عاش في الفترة ما بين النّصف الثّاني من القرن الثالث والنّصف الأوّل من القرن الرابع.

كان الفقيه العُماني محلّ احترام الحواضر العلميّة وعامّة النّاس في عصره وتقديرهم، حتى إنّه بلغ الأمر بمكانته، أن أجاز جعفر بن محمد بن قولويه، كبير علماء "قُمّ"، وأستاذ الشيخ المفيد، في علمه ومؤلفاته، وحتى الناس كانوا يحبّونه ويعظّمونه.. وقد بلغ الأمر، أنّ قوافل الحجّاج عندما كانت تصل إلى المدينة المنوّرة، كانت تطلب من المكتبات والنسّاخ نُسخاً من فقه ابن أبي عقيل، لكي تؤدّي مناسك حجّها على طبقه.

والجدير ذكره، أنّ كتابه المشهور في الفقه "المتمسّك بحبل آل الرسول"، والّذي كان في أيدي النّاس ومكتبات الفقهاء، قد أضاعت أحداث الزمان نسخته، وهذا الكتاب يدلّ على غزارة المادة الفقهيّة لدى العُماني وتبحّره في الفقه والأصول.

ويحتمل العلماء أن يكون العُماني من عشيرة الأزديين الموالين لعليّ(ع) والأئمّة من ولده، وكان مشهوداً له بالتبحّر في الفقه والأصول، بحيث أصبح من المُشار إليهم بالبنان، حتى إنّ الحجّاج عند ذهابهم إلى الحجّ، كانوا يصطحبون معهم كتاب "المتمسّك بحبل آل الرسول"، والذي كان بمثابة الرسالة العملية في تلك الفترة، فكثر استشهاد العلماء المتأخرين عنه بأقواله وكثر النقل عنه ومناقشة آرائه..

وقد أسّس قاعدة ونظريّة يعتمد عليها الفقيه في معالجة استنباط الأحكام، كما لو افترضنا مثلاً وجود تعارض بين الروايات، وهي من الأمور المهمّة التي قام بها هذا العالم الجليل في الأفق الفقهيّ والأصولي، ما جعله موضعاً لثناء علماء الطائفة. فالأساس الأصوليّ والفقهيّ الذي أنشأه ابن أبي عقيل، كان مرتكزاً علمياً لتلميذه الشيخ المفيد فيما بعد، ومن بعده الشيخ الطوسي، إلى أن اكتملت معالم المدرسة الأصوليّة لدى الشيعة.

وقد تحدّث عنه الفقهاء والعلماء بكثير من المدح والثناء، فهذا النجاشي قد عدّه فقيهاً وثقةً، ويعكس النجاشي الأهمية العلمية لكتب ابن أبي عقيل وشهرته الفقهية في العالم الإسلاميّ.. ويضيف النجاشي أنَّ أستاذه المفيد امتدح ابن أبي عقيل كثيراً، وقد أيّد وثاقته بقيّة علماء الشيعة وأصحاب تراجمهم، إضافةً إلى النجاشي، واعتبره البعض من العلماء أوَّل فقيه شيعي هذَّب الفقه في بداية الغيبة الكبرى للإمام الحجّة(ع)، واستخدم النظرة الاجتهاديَّة، وفصل بحث الأصول عن الفروع.

وهو الَّذي يُنسب إليه إبداع أساس النظر في الأدلّة، وطريق الجمع بين مدارك الأحكام بالاجتهاد الصّحيح، ولذا، يعبّر عنه وعن الشيخ ابن الجنيد في كلمات الفقهاء بالقديميْن.

هذا وإن كانت شهرته الفقهيّة قد فاقت شهرته الكلاميّة، إلا أنّه من كبار المتكلّمين، وله كتاب معروف اسمه "الكرّ والفرّ" في الإمامة، عبّر عنه الشيخ النجاشي بأنّه كتاب مليح في الإمامة، وقد درسه على الشيخ المفيد، وهو ما يعكس أهميّة الكتاب العلميّة.

مهما بلغ الأمر، فلن نستطيع أن نفي هذا العالِم حقّه بعد مسيرة مهمّة في العطاء الزاخر في العلم والفقاهة والاجتهاد، بحيث شكّل نقطة مضيئة في دنيا الفقه الشّيعيّ والإسلاميّ، وكان من رجالات العلم الكبار المشهود لهم.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية