لا يحل في شريعتنا المطهرة أكل غير السمك من الحيوان حياً، فمن اقتطع جزءاً من حيوان حي لم يجز له أكله بحال من الأحوال، ولم يصح منه استعمال جلده فيما يشترط فيه التذكية، وحكمه في الحالتين حكم الميتة، كذلك فإنه لا يحل أكل الحيوان الميت إلا إذا استند موته إلى (التذكية)، والتذكية مصطلح يراد به: (إحداث الموت في الحيوان بطريقة خاصة هي الاصطياد أو الذبح)، وذلك في مقابل موته حتف أنفه أو بإحدى الطريقتين المذكورتين ولكن من دون توفر الشروط المطلوبة فيهما، وهي الحالة التي يصطلح عليها بـ(الميتة) إجمالاً، وهي التي تقدمت أحكامها مفصّلة في فصل النجاسات، والتي قد نعيد ذكر ما يناسب هذا المبحث منها.
أما حيوان البحر فإنه يجوز أكله بعد إخراجه من الماء، ولو قبل تحقق موته وهمود حركته، كما أن له طريقة خاصة في التذكية نذكرها لاحقاً.
كذلك فإن هذه التذكية لا تختص بالحيوان المحلل أكله بهدف أكل لحمه أو الانتفاع بأجزائه، بل هي شاملة - إجمالاً - لكل حيوان محرم الأكل، أهلياً كان أو برياً، أليفاً أو وحشياً، طائراً كان أو غيره، ماعدا الكلب والخنـزير، وما عدا الحشرات - أيضا - إلا الجراد منها؛ فمن اصطاد أسداً أو أرنباً، أو ذبح هرة أو فأرة، حكم بطهارة أجزائه وصحة الانتفاع به في كل عمل يتوافق مع شروطه؛ بل إنه لا فرق في قبول الحيوان المحرم للتذكية بين ما هو محرم بالأصل، كالأسد والثعلب، وبين ما هو محرم بالعارض، كمثل الجلال أو الموطوء، فإنه، وإن حرم أكل لحمه ونجست فضلاته، يقبل التذكية كغيره من الحيوانات، فينتفع به في غير الأكل من أنواع الاستعمالات.
ثم إنه ينبغي أن يعلم - أيضاً - أن طريقة صيد الحيوان البري والطيور تختلف عن طريقة صيد السمك والجراد، كما ينبغي أن يعلم أن الذبح خاصٌ بالأولين، فلا يشمل الجراد والسمك الذين يكفي في ذكاتهما خروج السمك من الماء حياً والتقاط الجراد وموته بعد التقاطه، وتفصيل ذلك يقع على النحو التالي: