وفيه مسائل:
م - 79 : الصيد هو: (فعلُ ما من شأنه تعطيل الحيوان الممتنع وإيقافه، مقدمةً لأخذه و الانتفاع به بعدما يصير حلالاً بنفس ذلك الاصطياد)، وتحقق الحلية بالاصطياد مختص بالحيوان الممتنع من الطيور والحيوان البري، فلا يستخدم ولا يحل به الحيوان الأهلي المستسلم والمنقاد للراغب فيه، فمن أطلق الرصاص على شاة أو دجاجة بعيدة عنه فماتت لم تحل بذلك ما لم يدركها حية ويذبحها قبل موتها بالرصاص؛ ويلحق بالأهلي فرخ الطائر قبل أن يستقل بالطيران وولد الحيوان الوحشي قبل أن يقدر على العدو، ونفس الحيوان الوحشي إذا استأنس، كالظبي وبعض الطيور؛ وعلى العكس من ذلك فإنه يلحق بالوحشي الحيوان الأهلي إذا ارتعب أو توتر ففر وصار صائلاً يصعب إمساكه، أو الحيوان الأهلي إذا تردى في بئر أو علق في شاهق أو مكان يصعب الوصول إليه، فإنه في مثل هاتين الحالتين يحل ذلك الحيوان بالاصطياد الجامع للشروط كما سيأتي.
م - 80 : يصدق الصيد على طريقتين:
الأولى: على استخدام أداة غير قاطعة ولا شائكة من أدوات الصيد التي لا تسبب موت الحيوان، وذلك مثل إمساكه باليد أو بالفخ أو الشبكة أو نحوها، فإنه إذا مات من ذلك لم يحل أكله، بل لا بد من إدراكه حياً وتذكيته بالذبح كي يحل.
والصيد بهذا المعنى ليس داخلاً في نطاق هذا المطلب، بل إنه يسمى صيداً بالمعنى العام ولا يترتب عليه إلا تملك الحيوان المصطاد كما تقدم.
الثانية: على استخدام أداةٍ حيوانية كالكلب، أو جمادية جارحة كالسهم، فإذا أصابه بالآلة أو أمسكه الحيوان المعلّم بالشروط المعتبرة فيهما فأدركه الصائد ميتاً حل الصيد به وجاز أكله من دون ذبح؛ وبذلك يصير الصيد وسيلة مستقلة للتذكية إلى جانب تذكيته بالذبح كوسيلة مستقلة أيضاً، فإن اجتمعا في بعض الحالات التي سنذكرها كان ذلك خيراً على خير.
م - 81 : إنما يسوغ الاصطياد ويحل من أجل أن يستفيد منه الإنسان فائدة معتبرة، وأعلاها هو جعله غذاءً وقوتاً ولو لم تنحصر معيشته به، ثم من أجل الاستفادة من شعره وريشه وفروه في لباسه، بل إنه لا بأس بالاصطياد من أجل تحنيط ذلك الحيوان أو الطائر وجعله زينة؛ وهكذا سائر الفوائد المعتبرة عند العرف.
أما الصيد الذي يخلو من الفائدة المعتبرة، ولا يكون للصائد هدفٌ منه سوى اللهو واللعب، وهو الذي يقال له "الصيد اللهوي"، فهو أمر ينبغي عدم صدوره من المسلم المؤمن، وعليه أن يتجنبه وإن لم يكن مأثوماً بفعله؛ نعم إذا كانت الآلة التي يقتل بها الحيوان لها ذخيرة ذات ثمن وقيمة، مثل الرصاص المستحدث، فإن صرفها في الاصطياد اللهوي يعد إسرافاً محرماً وتبذيراً مذموماً.
ومن جهة أخرى، فإن الشريعة لم تسوِّغ للمصطاد لهواً ـ رغم حليته ـ قصر الصلاة في سفره هذا بالنحو الذي سبق ذكره في أحكام صلاة المسافر، ربما لأنها لا تحترم مثل هذا السفر العابث، ولا تقدر تعب فاعله.
م ـ 82 : يجب أن يلتفت الصائد إلى ضرورة المحا