لقد شجب التشريع الإسلامي الغصب والعدوان على ما للغير من أموال وحقوق بالقهر والغلبة والغيلة، واعتبره من الظلم الفاحش ومن كبائر المحرمات التي تَوعَّد فاعلها بالخلود في النار إلا أن يتوب قبل موته، وهو من الأمور المعلومة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وقد جرت عادة الفقهاء على بحث هذه المسائل تحت عنوان (الغصب) الذي رأينا أنه يقصر عن استيعاب حالات العدوان الأخرى، ذلك أن الغصب ـ حسب الإصطلاح الفقهي ـ هو: (الاستيلاء عدواناً على مال الغير أو حقه)، فلا يشمل حالة إتلاف المال ولو بالعدوان المباشر عليه ـ أو غير المباشـر ـ وفعل ما يوجب إتلافه، فهي ـ عندهم ـ معدودة من اللواحق، فرأينا أن نتدارك هذا القصور باعتماد عنوان أعم يتكفل باستيعاب الحالتين ويُظهر ما بينهما من توافق وانسجام، فاعتمدنا عنوان: (العدوان على مال الغير)، وجعلناه في فصلين، وأردنا بالفصل الأول بيان ما به يتحقّق الغصب في الأموال المختلفة، ثم وجوب رد العين المغصوبة إن كانت موجودة وممكنة الرد، ولزوم ضمانها إذا كانت تالفة كلياً أو جزئياً؛ وأردنا بالفصل الثاني بيان حكم العدوان على المال بإتلافه بنحو يَعُمُّ حكم كل تلف أو إتلاف واقع على ملك الغير. وذلك في مباحث متعددة بمقدار ما نوفق إليه في كل منهما.