كيفية الضمان

كيفية الضمان

قد سبق منا القول: (إن المغصوب وما ألحق به إذا تلفت عينه ضمنها المتلف أو الغاصب بمثلها إن كانت مثلية وبقيمتها إن كانت قيمية)، وبعدما بيّنا القاعدة التي يرتكز عليها الضمان وفصّلنا أحكامها في المبحث السابق كان لزاماً علينا بيان كيفية الضمان في هذا المبحث، وذلك في مطلبين:


 1- في ضمان المثل

وفيه مسائل:

ـ (المثلي) في مصطلح الفقهاء هو: (ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات)، أو هو: (ما يراد لنوعه وصنفه لا لشخصه)، فحيث تكثر أفراد الشيء وتتماثل في صفاتها الأساسية يكون الشيء (مثلياً)، وذلك كالقمح والعدس ونحوهما من الحبوب، وكالمصنوعات المعمولة في المصانع المستحدثة، من آلات وأدوية وأقمشة وحلي وساعات وأطعمة معلبة ونحوها مما ينطبق عليه التعريف المذكور.

وحيث يتحد النوع وتختلف الأصناف، كالقمح الذي له أصناف متعددة تختلف باختلافها الرغبات، فإن الضمان يكون بمثله في الصنف، فمن أتلف مقداراً من القمح «البلدي» لم تبرأ ذمته إلا بدفع نفس المقدار من نفس الصنف لا من قمح غيره، وكذ الأمر في العنب والزبيب، والتمر والرطب، فإنه لا يغني العنب عن الزبيب، ولا صنف من العنب عن صنف آخر منه، وهكذا أشباهها.

ـ لا تغني القيمة عن المثل في المثلي إلا إذا رضي المضمون له، ويجب عليه المبادرة إلى دفعه وترك المماطلة فيه، وإذا لم يكن المثل عند الضامن وجب عليه إيجاده ولو بشرائه بأزيد من ثمن المثل، إلا أن تكون الزيادة كثيرة بحيث يعد ـ عرفاً ـ متعذراً، فيسقط المثْلُ ـ حينئذ ـ ويُضمن بقيمته.

ـ إذا فُقِد المثلُ في البلد وما حوله من الأمكنة التي يُنقل ـ عادة ـ منها إليها، أو كان موجوداً فيها بسعر يزيد كثيراً عن ثمن المثل، سقط ضمانه بمثله وكفاه ضمان قيمته التي يكون عليها حين دفعها إلى المضمون له مهما كان مقدارها زيادة أو نقصاً عن مقدارها قبله. ومن موارد تعذر المثل ما لو أتلف المسلم للذمي خمراً أو خنزيراً، فإنه مضمون على المسلم بقيمته لعجزه عن المثل بسبب عدم صحة تملكه له بالشراء ونحوه؛ نعم إذا وجد عند المسلم بسبب صحيح، كالميراث من الذمي أو لانقلاب الخـل خمـراً عنـده، جـاز ـ بل وجب ـ دفع المثل حينئذ.

ـ حيث يجب دفع المثل يكتفى به بقيمته التي هو عليها حين الدفع، فلا يعتد بقيمته التي كان عليها ـ زيادة أو نقصاً ـ قبله، وليس للمضمون له الامتناع عن أخذه انتظاراً لزيادة قيمته؛ نعم لو سقط المثل عن المالية، كما لو كان التالف نقداً مستحدثاً فبطل استعماله وألغي من التداول، أو فاكهة في غير موسمها فلما كثرت في موسمها فقدت ماليتها وصارت تبذل مجاناً، أو ماءً عزيز الوجود ثم وجد بكثرة فَقَدَ معها ماليَّتَهُ، فإذا سقط عن المالية بهذا النحو لم تبرأ ذمة المتلف بدفع المثل الذي لم تعد له مالية إذا لم يرض المضمون له، كما أنه إذا لم يرض المتلف بالتريث حتى ترتفع قيمة المثل فيدفعه حين الإرتفاع، جاز له دفع قيمته التي كان عليها قبل انعدامها إذا لم تختلف قيمته خلال تلك الفترة، وإلا كفاه دفع قيمته عند فقده لا عند تلفه ولا عند غصبه.


 2- في ضمان القيمة

وفيه مسائل:

ـ (القيمي) في مصطلح الفقهاء هو: (ما لا مثل له يشابهه في صفاته الأساسية)، أو هو: (ما يراد لشخصه لا لنوعه أو صنفه). ويشمل مثل الحيوان والأطعمة والمصنوعات اليدوية كالرسوم والنسيج وغير ذلك.

ـ لا يغني المثل عن القيمة في القيميات إلا أن يرضى المضمون له بأي فرد من نوع التالف؛ ويجب عليه المبادرة إلى دفعها وترك المماطلة، فإذا اتحدت قيمته السوقية على مدى الفترة الواقعة بين غصبة أو تلفه وبين التعويض عنه فذلك خير، وإن اختلفت قيمته السوقية ـ على أساس اختلاف الرغبات والعرض والطلب ـ خلالها لزمه دفع قيمته يوم الأداء لا يوم التلف. هذا، وكنا قد ذكرنا سابقاً حكم اختلاف القيمة بسبب زيادة صفة بفعل المتلف أو بغير فعله، فانظر في ذلك (المسألة: 386). وأما إذا كان اختلاف القيم لا لاختلاف الزمان ولا لتغير صفة فيه بل لاختلاف المكان، فكانت قيمته في مكان غصبه عشرة مثلاً، وفي مكان تلفه خمسة، وفي مكان التعويض عنه سبعة، أو نحو ذلك، كان ضمانه بقيمته في مكان تلفه.

ـ تقدر قيمة العين التالفة بثمنها بالنقد الرائج في بلد التلف لا في بلد الغصب ولا في بلد الأداء إذا اختلف النقد بين بلد التلف وبين غيره؛ كذلك فإنه يقدر بالنقد الرائج في زمن الأداء لا في زمن الغصب ولا في زمن التلف إذا كان النقد الرائج فيه جديداً ومستبدلاً به ما كان رائجاً في غيره من الأزمنة مع اتحاد قيمة النقد.

وأما إذا تغيرت قيمة النقد، سواء بهبوط قيمة نفس العملة أو ارتفاع قيمتها أو بتبدلها بعملة أخرى أكثر أو أقل قيمة من العملة الأولى، لزم احتسابها على قيمة يوم الأداء، سواءً كانت أكثر قيمةً يوم التلف أو أقل.

ـ إذا تلف أحد جزأي الشيء الذي تنقص قيمة كل جزء منه إذا انفرد عن الآخر، كمصراعي الباب وفردتي الحذاء وأشباههما بعدما كانا معاً تحت يده، فإن كان مثلياً دفع مثل ذلك الجزء التالف ورد الجزء الباقي؛ وإن كان قيمياً ـ أو مثلياً متعذراً ـ ضمن الجزء التالف بقيمته مجتمعاً مع الجزء الآخر، ورد الجزء الباقي مع أرش نقصان قيمته بالإنفراد، وذلك كما لو كانت قيمة فَرْدَيْهِ مجتمعين عشرة، وقيمة كل منهما منفرداً ثلاثة، فيعطى المالك خمسة عن الفرد التالف وإثنان أرش نقصان الفرد الباقي لانفرداه، فيكون المجموع سبعة مع رد الفرد الباقي.

هذا حكم ما إذا كان الفردان معاً تحت يده بغصب ونحوه فتلف أحدهما، وكذا حكم ما إذا كان أحد الفردين تحت يده دون الآخر فتلف، فإنه يضمن التالف بقيمته مجتمعاً، وهو خمسة حسب المثال السابق، وكذا يضمن النقص الوارد على الفرد الباقي رغم وجوده عند المالك، وهو إثنان من خمسة.



قد سبق منا القول: (إن المغصوب وما ألحق به إذا تلفت عينه ضمنها المتلف أو الغاصب بمثلها إن كانت مثلية وبقيمتها إن كانت قيمية)، وبعدما بيّنا القاعدة التي يرتكز عليها الضمان وفصّلنا أحكامها في المبحث السابق كان لزاماً علينا بيان كيفية الضمان في هذا المبحث، وذلك في مطلبين:


 1- في ضمان المثل

وفيه مسائل:

ـ (المثلي) في مصطلح الفقهاء هو: (ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات)، أو هو: (ما يراد لنوعه وصنفه لا لشخصه)، فحيث تكثر أفراد الشيء وتتماثل في صفاتها الأساسية يكون الشيء (مثلياً)، وذلك كالقمح والعدس ونحوهما من الحبوب، وكالمصنوعات المعمولة في المصانع المستحدثة، من آلات وأدوية وأقمشة وحلي وساعات وأطعمة معلبة ونحوها مما ينطبق عليه التعريف المذكور.

وحيث يتحد النوع وتختلف الأصناف، كالقمح الذي له أصناف متعددة تختلف باختلافها الرغبات، فإن الضمان يكون بمثله في الصنف، فمن أتلف مقداراً من القمح «البلدي» لم تبرأ ذمته إلا بدفع نفس المقدار من نفس الصنف لا من قمح غيره، وكذ الأمر في العنب والزبيب، والتمر والرطب، فإنه لا يغني العنب عن الزبيب، ولا صنف من العنب عن صنف آخر منه، وهكذا أشباهها.

ـ لا تغني القيمة عن المثل في المثلي إلا إذا رضي المضمون له، ويجب عليه المبادرة إلى دفعه وترك المماطلة فيه، وإذا لم يكن المثل عند الضامن وجب عليه إيجاده ولو بشرائه بأزيد من ثمن المثل، إلا أن تكون الزيادة كثيرة بحيث يعد ـ عرفاً ـ متعذراً، فيسقط المثْلُ ـ حينئذ ـ ويُضمن بقيمته.

ـ إذا فُقِد المثلُ في البلد وما حوله من الأمكنة التي يُنقل ـ عادة ـ منها إليها، أو كان موجوداً فيها بسعر يزيد كثيراً عن ثمن المثل، سقط ضمانه بمثله وكفاه ضمان قيمته التي يكون عليها حين دفعها إلى المضمون له مهما كان مقدارها زيادة أو نقصاً عن مقدارها قبله. ومن موارد تعذر المثل ما لو أتلف المسلم للذمي خمراً أو خنزيراً، فإنه مضمون على المسلم بقيمته لعجزه عن المثل بسبب عدم صحة تملكه له بالشراء ونحوه؛ نعم إذا وجد عند المسلم بسبب صحيح، كالميراث من الذمي أو لانقلاب الخـل خمـراً عنـده، جـاز ـ بل وجب ـ دفع المثل حينئذ.

ـ حيث يجب دفع المثل يكتفى به بقيمته التي هو عليها حين الدفع، فلا يعتد بقيمته التي كان عليها ـ زيادة أو نقصاً ـ قبله، وليس للمضمون له الامتناع عن أخذه انتظاراً لزيادة قيمته؛ نعم لو سقط المثل عن المالية، كما لو كان التالف نقداً مستحدثاً فبطل استعماله وألغي من التداول، أو فاكهة في غير موسمها فلما كثرت في موسمها فقدت ماليتها وصارت تبذل مجاناً، أو ماءً عزيز الوجود ثم وجد بكثرة فَقَدَ معها ماليَّتَهُ، فإذا سقط عن المالية بهذا النحو لم تبرأ ذمة المتلف بدفع المثل الذي لم تعد له مالية إذا لم يرض المضمون له، كما أنه إذا لم يرض المتلف بالتريث حتى ترتفع قيمة المثل فيدفعه حين الإرتفاع، جاز له دفع قيمته التي كان عليها قبل انعدامها إذا لم تختلف قيمته خلال تلك الفترة، وإلا كفاه دفع قيمته عند فقده لا عند تلفه ولا عند غصبه.


 2- في ضمان القيمة

وفيه مسائل:

ـ (القيمي) في مصطلح الفقهاء هو: (ما لا مثل له يشابهه في صفاته الأساسية)، أو هو: (ما يراد لشخصه لا لنوعه أو صنفه). ويشمل مثل الحيوان والأطعمة والمصنوعات اليدوية كالرسوم والنسيج وغير ذلك.

ـ لا يغني المثل عن القيمة في القيميات إلا أن يرضى المضمون له بأي فرد من نوع التالف؛ ويجب عليه المبادرة إلى دفعها وترك المماطلة، فإذا اتحدت قيمته السوقية على مدى الفترة الواقعة بين غصبة أو تلفه وبين التعويض عنه فذلك خير، وإن اختلفت قيمته السوقية ـ على أساس اختلاف الرغبات والعرض والطلب ـ خلالها لزمه دفع قيمته يوم الأداء لا يوم التلف. هذا، وكنا قد ذكرنا سابقاً حكم اختلاف القيمة بسبب زيادة صفة بفعل المتلف أو بغير فعله، فانظر في ذلك (المسألة: 386). وأما إذا كان اختلاف القيم لا لاختلاف الزمان ولا لتغير صفة فيه بل لاختلاف المكان، فكانت قيمته في مكان غصبه عشرة مثلاً، وفي مكان تلفه خمسة، وفي مكان التعويض عنه سبعة، أو نحو ذلك، كان ضمانه بقيمته في مكان تلفه.

ـ تقدر قيمة العين التالفة بثمنها بالنقد الرائج في بلد التلف لا في بلد الغصب ولا في بلد الأداء إذا اختلف النقد بين بلد التلف وبين غيره؛ كذلك فإنه يقدر بالنقد الرائج في زمن الأداء لا في زمن الغصب ولا في زمن التلف إذا كان النقد الرائج فيه جديداً ومستبدلاً به ما كان رائجاً في غيره من الأزمنة مع اتحاد قيمة النقد.

وأما إذا تغيرت قيمة النقد، سواء بهبوط قيمة نفس العملة أو ارتفاع قيمتها أو بتبدلها بعملة أخرى أكثر أو أقل قيمة من العملة الأولى، لزم احتسابها على قيمة يوم الأداء، سواءً كانت أكثر قيمةً يوم التلف أو أقل.

ـ إذا تلف أحد جزأي الشيء الذي تنقص قيمة كل جزء منه إذا انفرد عن الآخر، كمصراعي الباب وفردتي الحذاء وأشباههما بعدما كانا معاً تحت يده، فإن كان مثلياً دفع مثل ذلك الجزء التالف ورد الجزء الباقي؛ وإن كان قيمياً ـ أو مثلياً متعذراً ـ ضمن الجزء التالف بقيمته مجتمعاً مع الجزء الآخر، ورد الجزء الباقي مع أرش نقصان قيمته بالإنفراد، وذلك كما لو كانت قيمة فَرْدَيْهِ مجتمعين عشرة، وقيمة كل منهما منفرداً ثلاثة، فيعطى المالك خمسة عن الفرد التالف وإثنان أرش نقصان الفرد الباقي لانفرداه، فيكون المجموع سبعة مع رد الفرد الباقي.

هذا حكم ما إذا كان الفردان معاً تحت يده بغصب ونحوه فتلف أحدهما، وكذا حكم ما إذا كان أحد الفردين تحت يده دون الآخر فتلف، فإنه يضمن التالف بقيمته مجتمعاً، وهو خمسة حسب المثال السابق، وكذا يضمن النقص الوارد على الفرد الباقي رغم وجوده عند المالك، وهو إثنان من خمسة.



اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية