جهات إقليميّة ودوليّة تسعى لتقويض البناء السياسيّ العراقيّ ووقف عمليّة النّهوض فضل الله: لم نشهد في تاريخنا "مقاومةً" تقتل شعبها بهذه الوحشيّة |
أكّد العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ الّذين قاموا بجريمة التّفجير وسط بغداد، مخلصون للعدوّ الإسرائيليّ، لأنّهم عملوا لصرف الأنظار عن جرائمه في حصار الأقصى، واقتحامه وسعيه لتقويضه.
وأشار إلى أنّ بعض المحاور الدوليّة والإقليميّة تسعى لتقويض البناء السياسيّ العراقيّ، ومحاولة النّهوض والخلاص من الاحتلال، مشيراً إلى أنّ هذه الجهات فشلت في إدامة أمد الفتنة المذهبيّة والحرب الأهليّة، فعملت على جعل العراق ساحةً من ساحات الفوضى الدامية. ودعا سماحته الشّعب العراقيّ إلى التوحّد والتّماسك في مواجهة المجرمين العاملين للنّيل من استقراره، كما دعا الفئات السياسيّة إلى حلّ المسائل المتعلّقة بالانتخابات وغيرها مما يستغلّه هؤلاء.
أدلى سماحته بتصريحٍ أدان فيه التّفجيرين الأخيرين في بغداد، وجاء في تصريحه:
لا يزال العراق بشعبه ومؤسّساته وكيانه، يدفع ثمن اللّعبة الدّوليّة والإقليميّة، بفعل الجرائم الكبرى التي تُرتكب ضدّ شعبه، من خلال الظّروف والأجواء التي هيّأ لها الاحتلال الأمريكيّ، وعمل على تغذيتها بتوفير الفرص الّتي من شأنها زيادة الوضع العراقيّ اشتعالاً ودمويّةً. ولا تزال بعض المواقع الإقليميّة والجهات المرتبطة بها، والفئات التّكفيريّة التي عجزت عن تحقيق أهدافها بإدامة أمد الفتنة والحرب الأهليّة بين فئات الشّعب العراقيّ المتعدّدة، ومذاهبه المختلفة، تسعى لجعل العراق ساحةً من ساحات العنف والموت والدّمار، بما يمنع من استقراره، وبما يُفضي إلى استمرار الاحتلال في ظلّ الفوضى الدّامية التي سيعمل الاحتلال على الاستفادة منها إلى أبعد الحدود، وخصوصاً أنّ المسؤولين الأمريكيّين تحدّثوا عن إمكانيّة الاستمرار في احتلالهم لسنواتٍ قادمة، ليبرز هؤلاء الّذين يقومون بهذه الأعمال الوحشيّة والإجراميّة ـ والّتي كان آخرَها الانفجاران الوحشيّان في وسط بغداد ـ كعملاء مباشرين للاحتلال أو كمتواطئين معه، أو كعاملين لتحقيق أهدافه بطريقةٍٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة. ولذلك، فإنّ الّذين يصنّفون هؤلاء في خانة المقاومة، يسيئون إلى اسم المقاومة، وإلى العراق، وإلى كلّ قضايانا، وخصوصاً أنّنا لم نشهد في كلّ تاريخنا مقاومةً تقتل أهلها وشعبها، وتسفك دم المدنيّين الأبرياء بهذه الطّريقة الوحشيّة التي لا تمتّ إلى الإسلام ولا إلى الوطنيّة والعروبة بصلة.
إنّنا نعتقد أنّ الذين قاموا بهذه المذبحة الوحشيّة الإجراميّة، هم من الّذين يخلصون للعدوّ الإسرائيليّ، لأنّهم عملوا ـ بطريقةٍ وأخرى ـ لصرف الأنظار عن جريمة هذا العدوّ المستمرّة في اقتحام المسجد الأقصى وحصاره، والتّضييق على المصلّين فيه، في سياق سعيه لتهديمه وتقويض أركانه وإسقاط هويّته الإسلاميّة لحساب مخطّطه السّاعي لتهويد القدس وكلّ فلسطين، وطرد من تبقّى من الشّعب الفلسطينيّ إلى خارج فلسطين.
كما نعتقد أنّ هؤلاء شركاء في جريمة حرمان الشّعب العراقيّ من فرص الاستقرار، وجعل مستقبله مرتهناً للاحتلال والفوضى الهادفة إلى تقويض أيّة فرصة للبناء السياسيّ، من خلال هذه المحطّة الانتخابيّة أو تلك المحطّة السياسيّة، ليكون الشّعب العراقيّ هو الوقود لنيران المشاريع الجهنميّة القادمة إليه تحت عناوين مذهبيّة وسياسيّة وعرقيّة وما إلى ذلك.
إنّنا أمام هول هذه المأساة، وأمام فظاعة الجريمة، ندعو العراقيّين من كلّ الطّوائف والمذاهب والأعراق، إلى التّمسّك بخيار الوحدة، والتّشبّث بقرار إخراج العراق من دوّامة العنف والاحتلال، كما ندعو الجهات السياسيّة المتعدّدة إلى تلمّس خطوات التّوافق، وخصوصاً حول المسائل التي لا تزال محلّ تداولٍ فيما يتّصل بالمسألة الانتخابيّة، لأنّنا نعتقد أنّ ثمة محاور دوليّةً وإقليميّةً، إضافةً إلى بعض الجهات الداخليّة التي لا تحمل في انتمائها وحركتها الإخلاص للعراق، تسعى لتقويض البنيان العراقيّ بالكامل، من خلال إحراق فرصة النّهوض القادمة، وتفجير كلّ محطة من محطات البناء السياسي الفعّال، سواء أتى ذلك من خلال الانتخابات أو غيرها.
إنّنا ندعو العراقيّين إلى الوحدة والتّماسك ومحاصرة الجهات التي تقف وراء هذه الجرائم، والعمل لكشفها وفضح أهدافها، ومنعها من اختراق النّسيج السياسيّ العراقيّ، في نطاق السّعي الحثيث لبناء العراق الحرّ والمستقلّ، والمتمرّد على الاحتلال ودعاة العنف والتّكفير.
|