السيد فضل الله لـ"اللواء": لا وجود لفتنة سنية ـ شيعية، بل هناك حساسيات داخل كل طائفة القرآن واحد عند جميع المسلمين، وقد أصدرت فتوى حرّمت فيها سبّ الصحابة أو الإساءة إلى أمهات المؤمنين

السيد فضل الله لـ"اللواء": لا وجود لفتنة سنية ـ شيعية، بل هناك حساسيات داخل كل طائفة القرآن واحد عند جميع المسلمين، وقد أصدرت فتوى حرّمت فيها سبّ الصحابة أو الإساءة إلى أمهات المؤمنين

السيد فضل الله لـ"اللواء": لا وجود لفتنة سنية ـ شيعية، بل هناك حساسيات داخل كل طائفة

القرآن واحد عند جميع المسلمين، وقد أصدرت فتوى حرّمت فيها سبّ الصحابة أو الإساءة إلى أمهات المؤمنين


نجح العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، من خلال علمه وبحثه المتواصل وجهده، في أن يشكل مرجعيةً دينيةً عربيةً مهمةً وكبيرةً في أوساط المسلمين، وخصوصاً في الوسط الشيعي، وهو يرتاح كثيراً لزيادة عدد المقلدين له من الشيعة في جميع البلاد العربية؛ من أميركا إلى أوروبا وإيران والعراق ودول الخليج وسوريا ولبنان، كما يرتاح لجموع المؤيدين لخطه ونهجه من المسلمين السنّة، حيث يمثل التوجه "العقلاني" و"الواقعي" الداعي إلى وحدة المسلمين، ويقول: "نحن اليوم لسنا في زمن نختلف فيه حول الخليفة هل هو سني أو شيعي، فهناك تحديات كثيرة، وعلى المسلمين ألا يجعلوا من الخلافات السياسية سبيلاً للضعف، وأن يعوا أهمية الوحدة فيما بينهم، فهي السبيل الوحيد لمواجهة الاستحقاقات الكبيرة.

السيد محمد حسين فضل الله، المرجع والفقيه والعالم، من أشد أنصار الحوار بين المسلمين السنّة والشيعة، وهو يعلن بكل وضوح حماسته لهذا الحوار حتى مع الوهابيين، ويقول: "أنا لست منغلقاً على أحد، فإذا كنت أحاور الشيوعيين والقوميين ولي أصدقاء كثر منهم، فكيف لا أحاور المسلمين السنّة وألتقي معهم؟"·

"اللواء" التقت العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وأجرت معه حواراً شاملاً أوضح فيه الكثير من المواقف، وخصوصاً ما يثار من خلافات بين السنّة والشيعة.

وقد كان الحوار مع سماحته غنياً ومتشعباً، إلى جانب أنّه شكّل جزءاً من خريطة طريق لحوار جدي بين المسلمين.

وقد جاءت وقائعه على الشكل التالي:


تراجع دور الأحزاب في لبنان

س: تشكّل الأحزاب في لبنان ظاهرةً، إلا أنها تعيش في هذه الأيام تراجعاً. في رأيكم، ما هي الأسباب الحقيقية لهذا التراجع؟

ج: عندما ندرس الواقع السياسي في لبنان، يمكننا أن نؤكد أنه ليس فيه حركة سياسية، بل هناك حركة عشائرية تُمنَح بعض العناوين السياسية، لأن الذهنية التي تحكم ما يسمى العمل السياسي، هي ذهنية تشبه إلى حدٍّ كبير حركة القبائل فيما بينها، من خلال طبيعة الأدوات والآليات الموجودة فيها. ولذلك، فإن عملية الإثارة، سواء في الجانب الديني أو في الجانب المذهبي، لا تجدها تتحرك في أي بلد آخر بالشكل الذي تتحرك فيه في لبنان.

    في لبنان حركة عشائرية تمنح بعض العناوين السياسية


فالحزب الشيوعي، مثلاً، هو كبقية الأحزاب اللبنانية، يختزن في داخله بعض الأساليب القبلية، سواء في توزيع المسؤوليات أو ما شابه ذلك.

س: هل يعني ذلك أن لبنان يدجّن الأحزاب؟

أنا أقول إن الخصوصية اللبنانية "تلبنن" الأحزاب كما "تلبنن" الطوائف والمذاهب.

س: هل يمكن تأطير الحركة الإسلامية ضمن إطار حزبي؟

ج: أتصور أن الأحزاب الإسلامية لا تختلف عن الأحزاب الأخرى العلمانية والمثالية، إذا صح التعبير، لأنها تتحرك بالأسلوب ذاته الذي يحكم الخطوط السياسية التي تتحكم بالمسار اللبناني، سواء الخطوط الداخلية أو الخارجية.

ولذلك، عندما ندرس لبنان منذ تأسيسه، نلاحظ أنّ هذا البلد لم يعش حالة وحدة في كل تاريخه الاستقلالي، لأن الطوائف فيه تمثل دوائر مغلقة على خصوصياتها الداخلية، ولذلك، فإنه منذ بداية الاستقلال، عملت كل طائفة على إقامة علاقات دولية تستقوي بها على الطوائف الأخرى.

    الخصوصية اللبنانية تلبنن الأحزاب كما تلبنن الطوائف والمذاهب


أنا والأحزاب والانفتاح

س: هل استهوتك الأحزاب القومية والشيوعية والإسلامية في شبابك؟

ج: عندما كنت في العراق في بداية شبابي، كانت لي علاقات مع الشيوعيين والقوميين والديمقراطيين، وكنت أدير الحوار على حسب ما كنت أملك من ثقافة في ذلك الوقت، حتى إنني عندما جئت في أول زيارة إلى لبنان في عام 1952، كنت أعقد جلسات مع مختلف الشباب الذين كانوا ينتمون إلى أحزاب متعددة، منها الشيوعي، والبعث العربي، والقوميون العرب، حتى إنه كانت لي علاقات مباشرة مع الدكتور حسين مروّة.

لذلك كنت حوارياً منذ البداية، وكنت منفتحاً على الآخرين، وأنا لا أشعر بأي عقدة تجاه أي فريق يختلف معي في الدين أو في الفكر أو في السياسة، لأنني أعتقد أنه إذا كان من حقي أن أختلف مع الآخرين، فمن حق الآخرين أن يختلفوا معي، مع بقاء كل منا على ثوابته التي يؤمن بها.

الشيعة والقرآن والسنّة

س: هناك مشكلة بين السنّة والشيعة الآن، فالحوار بينهما متوقّف، وهو أساساً لم يؤدِّ إلى أي نتيجة عملية. فهل هناك خلاف بين السنّة والشيعة حول الكتاب والسنّة؟ وهل ينتمي الشيعة إلى الكتاب والسنّة؟

ج: أن تكون مسلماً هو أن تنتمي إلى الكتاب والسنّة، لأن الكتاب هو وحي الله الذي أنزله على رسوله، ولأن القرآن أكّد السنّة في قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر:7]، وقال: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} [النساء:59].

ولذلك، فإن الشيعة، بكل اتجاهاتهم واجتهاداتهم، يعتبرون الإنسان الذي ينكر النبوّة كافراً، وكذلك الذي لا يؤمن بالقرآن أو الذي لا يؤمن بالله. لذلك أنا أقول لبعض أصدقائنا المسيحيين الذين يتعقدون من إطلاق صفة الكفر عليهم، إن الكفر أمرٌ نسبي، فأنا أكفر بالباطل وأؤمن بالحق.

فالإسلام هو الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر، لذلك لا يمكن أن يوصف مَنْ يؤمن بالله بالكفر إذا كان لا يأخذ بعقيدة التوحيد، لأن هناك جدلاً في معنى التوحيد بين المسلمين والنصارى؛ ففي الإسلام، ينطلق التوحيد من قوله تعالى: {قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد} [سورة الإخلاص]، بينما عقيدة النصارى هي: "باسم الآب والابن والروح القدس إلهاً واحداً"، ومع ذلك، فنحن نتّفق على التوحيد، إلا أننا نختلف في أنّهم لا يؤمنون بأن الرسول محمد هو رسول الله، وربما يتحدثون عنه كعبقري، أو كشخص يملك البلاغة في صنعه القرآن وما إلى ذلك، ولكنّهم يكفرون به كنبيّ وإن كانوا مؤمنين بالله.

والشيعة يؤكدون أن القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويُجمعون على ذلك، ما عدا بعض الأشخاص من أصحاب الآراء الشاذة ممّن يقولون بتحريف القرآن مثلاً، وهو ما نجد مثيلاً له في بعض روايات أهل السنة التي توحي بتحريف القرآن، وبأن بعض السور كانت أطول مما هي عليه الآن. ولكننا إذا طفنا في العالم الإسلامي كله، ودخلنا إلى كل مكتبات العالم، فلن نجد نسخةً واحدةً من القرآن تختلف عمّا هو موجود لدى السنّة والشيعة.

لذلك، فإن إثارة هذا الجدل، وخصوصاً من قِبَل بعض العلماء، في أن الشيعة يرون تحريف القرآن، هي إثارة غير واقعية، حتى إن بعض أصدقائنا من العلماء الذين نعتبرهم وحدويين، يقولون إن أكثر الشيعة يرون أن هناك سورةً ناقصةً في القرآن هي سورة الولاية، مع أننا لو قمنا بإحصائية في كل العالم الشيعي، لما وجدنا عشرةً في المائة منهم قد سمعوا باسم سورة الولاية. وهذه سورة أعلنت أنني لا أقبل بأن تنسب إلي كأديب، لأنها سورة سخيفة جداً، وليس فيها من البلاغة شيء، فكيف تُنسب إلى القرآن الكريم؟

ومن المؤسف أن بعض الناس ربما يجدون بعض هذه الروايات في هذا الكتاب أو ذاك، سواء عند السنّة في بعض رواياتهم التي قد توحي بالتحريف، أو عند الشيعة. لذلك، فإنّ عملية الإثارة ليست لها أية واقعية في القضايا القرآنية.

مصحف فاطمة

س: ما حقيقة مصحف فاطمة؟ وهل هو موجود لدى الشيعة؟

 

   إثارة الجدل في أن الشيعة يرون تحريف القرآن، هي إثارة غير واقعية


ج: بدايةً أُشير إلى أن كلمة "مصحف" أصبحت تعبِّر عندنا عن القرآن، ولكن لغوياً، معنى "المصحف" هو مجمع الصحف.

وما يعنيه مصحف فاطمة، فقد ذكرت الروايات أن فاطمة الزهراء(ع) كانت تسمع من رسول الله(ص)، وكان الإمام علي(ع) يكتب ما تمليه عليه الزهراء(ع) من هذه الأحاديث، وورد أيضاً أن وصية فاطمة(ع) كانت في هذا المصحف. وفي حديث للإمام الصادق(ع) يقول إنه ليس فيها من القرآن شيء.

فالشيعة ليس عندهم قرآنان، وإنما هو قرآنٌ واحد، وهذا المصحف ليس موجوداً عند أحد منهم.

التعليق على كلام القرضاوي

س: ما تعليقك على ما أعلنه الشيخ يوسف القرضاوي في الفضائيات حول الشيعة والسنّة؟

ج: بدايةً، أنا أحرّم سبّ الصحابة. والشيخ القرضاوي صديق، ونحن نعتبره من الشخصيات الوحدوية، وهو رئيس اتحاد علماء الإسلام، ولقد كنت أول من أثار التعليق على بعض ما صدر منه.

وفي الواقع، لم أكن أريد أن أدخل في سجالٍ معه، لأنني لا أدخل في مثل هذه السجالات مع أي شخصية إسلامية أخرى، سواءٌ كنت ألتقي معهم في الخط المذهبي أو لا ألتقي، لأنني لا أجد أن هناك فائدةً من مثل هكذا سجالات.

    الشيعة ليس عندهم قرآنان، إنما هو قرآن واحد ومصحف فاطمة ليس موجوداً عند أحدٍ منهم


لكنني قلت في تعليقي على كلام الصديق الشيخ القرضاوي، إنني أريد أن أصحح له معلوماته، لأنني كنت أخشى من أن تكون المعلومات التي تحدَّث عنها من الأمور الملتبسة عليه، وخصوصاً عندما تحدث عن سورة الولاية، وأن أكثر الشيعة يأخذون بها، فقلت له: إن أكثرية الشيعة لم تسمع باسم هذه السورة، وهذه السورة غير مقبولة، ولو احتمالاً، عند الشيعة في العالم كله، إضافةً إلى أننا لا نجد لها أثراً في أي نسخة من نسخ القرآن المطبوعة في البلاد الشيعية.

ثم إنه تحدث عن الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، وأنهم يريدون تحويل السنّة إلى شيعة، فقلت له: إن القضية ليست بالمستوى الذي تتحدث عنه، وقد طلبت، عن طريق صديقنا الدكتور محمد سليم العوّا، أن يبلغه أنني أطلب منه إحصاءات عما يتحدث به عن حركة التشيع في سوريا، والتي يقول إنها تدفع فيها مليارات الدولارات، أو عن حركة التشيع في الجزائر أو في غيرها!

ونحن نعيش في عصر ينفتح على الحوار بين المسيحية والإسلام، وبين العلمانيين والدينيين، وعلى الحوار الثقافي والسياسي والحضاري، وما إلى ذلك، فقد يلتقي بعض الشيعة ببعض السنّة ويقنعونهم بالتشيّع، وربما يلتقي بعض السنّة ببعض الشيعة فيقنعونهم بالتسنّن، ونحن نعرف أنه في صيدا هناك بعض الشيعة تحولوا إلى سنّة، ولم تخلق هذه المسألة أية مشكلة في هذا الموضوع.

وأنا سألته: لماذا لم يتحدث عن الغزو التبشيري وعن الغزو العلماني للبلاد الإسلامية؟ فكان ردّه أنه ذكر ذلك في كتبه، فقلت له: ولكن لم يقرأ كل الناس كتبك، فلماذا لا تثير هذه المسألة في أحاديثك الصحفية كما أثرت هذه المسألة؟

    في تعليقي على القرضاوي كنت أريد أن أصحح له معلوماته


أما قضية سب الصحابة، فهناك علماء، وأنا منهم، حرّموا سبّ الصحابة، وحرّموا الإساءة إلى أمهات المؤمنين، حتى إنني أصدرت فتوى نشرت في العالم كله تقول: إنه يحرم سبّ الصحابة والإساءة إلى أمهات المؤمنين.

غـزوٌ فـارسيّ؟!

س: ربما يقصد بذلك أن هناك غزواً فارسياً سياسياً، ولكن بستار ديني؟

ج: إنّ إيران تقيم مؤتمرات في الشرق كله تدعو إليها مختلف علماء الإسلام، ومنهم الشيخ القرضاوي، للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

فأين المسألة الفارسية في هذا الموضوع؟ إن هذا منطق أميركي، ولا أتهم صديقنا الشيخ القرضاوي بأنه يخضع للسياسة الأميركية، لكن أميركا تحاول أن تقنع العالم العربي بأن إيران هي العدو وأن "اسرائيل" هي الصديق. ومن هنا، نعرف أن تأسيس منظمة الاعتدال العربي، إنما أريد من خلالها تعقيد العلاقات بين العرب وإيران، في الوقت الذي نجد أن إيران تحاول الانفتاح على كل العالم العربي...

فهذه المسألة ليس لها علاقة بالجانب المذهبي أبداً، إنما هي مسألة سياسية، إلا أنّ المشكلة هي أن عالم الاعتدال العربي يتحرك في خط السياسة الأميركية، فيما تتحرك إيران في الخط المعارض لهذه السياسة، ولهذا، فإنّ الصراع في هذه المسألة، ليس صراعاً عربياً ـ إيرانياً، وإنما هو صراع أميركي ـ إيراني...

الشيعة وسنّة الرسول

يقول الشيخ يوسف القرضاوي إن الشيعة يأخذون بسنّة آل البيت ويتركون سنة رسول الله(ص)؟


    لا يوجد صراع عربي ـ إيراني إنما هناك صراع أمريكي ـ إيراني


ج: في حديث الإمام جعفر الصادق(ع) يقول: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث رسول الله عن جبرائيل عن الله"، فأهل البيت(ع) يقولون إنه ليس عندنا شيء خاص، وليس عندنا سنّة خاصة، "فما خالف قول ربنا لم نقله"، و"إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فخذوه، وإن خالفه فردّوه أو فاضربوا به عرض الحائط".

هذه أحاديث موجودة في كل كتب الأحاديث الشيعية، وهي أحاديث يطلب فيها الأئمة(ع) من شيعتهم أن يصحِّحوا ما ينقل عنهم من أحاديث على أساس عرضها على كتاب الله.

وأنا أستطيع أن أؤكد بكل قوة وصراحة ومسؤولية، أنه ليس عندنا إلا سنة رسول الله(ص)، وأن الأئمة من أهل البيت(ع) ينطلقون على أساس أن كلامهم كلام رسول الله(ص)، وأن حديثهم حديث رسول الله(ص).

لا القرضاوي حاخام ولا الشيعة كفرة

س: ما رأي المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في الكلام الذي جاء في إحدى وكالات الأنباء الإيرانية يصف الشيخ القرضاوي بالحاخام اليهودي لأنه قال رأياً جدلياً في منهج الشيعة؟

ج: نحن لا نوافق على مثل هذه الأساليب، ولكنني قرأت لبعض المصريين الذين ينتمون إلى مذهب أهل البيت(ع)، اعتراضاً على صديقنا الشيخ القرضاوي وما تحدث به. ولكن لماذا يجري الحديث عن الإيرانيين بسبب تعليق صحفي قام به شخص يعبِّر عن رأيه عبر محطة إيرانية، مع أنّ الإيرانيين يحترمون الشيخ القرضاوي، ولا يتحدّث أحدٌ بهذه الشدة عن اثنين وعشرين عالماً وقّعوا على أن الشيعة كفرة، وأن ذبيحتهم محرَّمة، وأنه لا يجوز الزواج منهم… إلخ، إضافةً إلى كثير ممن يصدرون فتاوى بأنه لا يجوز مساعدة المقاومة الإسلامية في لبنان ضد اليهود؟ كما أن الكثير من الصحافيين عندنا يهاجمون إيران، فلماذا لا يتم الحديث عن ذلك؟! هذه مسائل لا يجوز لنا أن نسجلها على بعضنا البعض، فمن واجبنا أن نحاول تصحيح الأخطاء، لا أن نسجِّل الأخطاء على بعضنا البعض.

أنا عندما سمعت حديث الصحافي الإيراني، لم أوافق عليه، واعتبرته حديثاً يخرج القضية عن مسارها الحواري.

لي مقلّدون في إيران

س: أهل السنّة يسألون: لماذا لا يأخذ الشيعة في لبنان بما يفتي به السيد محمد حسين فضل الله، وآخر ذلك كان في تحديد بدء شهر رمضان وانتهائه؟ هل إنهم لا يأخذون بفتواه لأنه مرجع شيعي عربي، بينما يأخذون بفتوى المرجع الشيعي الإيراني؟

ج: المرجعية عند الشيعة لا تنطلق من حالة قومية، وهذا الانطباع هو انطباع خاطىء، فهناك الكثيرون في لبنان والخليج وأميركا وأوروبا وإيران، يتبعونني في الفتاوى التي أصدرها، وقد أفطر الكثيرون من الناس عندما أفتيت بمسألة العيد يوم الثلاثاء. وربما لا ينسجم بعض الشيعة مع بعض الأفكار والفتاوى التي تخصني، ولكني لا أستطيع أن أقول إنّ كل الشيعة كذلك، لأنني بعيداً عن الجانب الذاتي، أملك مرجعيةً واسعةً في العالم الشيعي، وحتى في العالم السني.

 

   لماذا يجري الحديث عن الإيرانيين بسبب تعليق صحفي، ولا يُتحدث عن تكفير الشيعة وفتاوى عدم جواز مساعدة المقاومة الإسلامية في لبنان في حربها ضد اليهود؟!


ولاية الفقيه في إيران

س: ألا تعتقد أن ذلك موقف سياسي؟

ج: قد يختلط الموقف السياسي بالموقف الديني في كثير من الحالات.

س: ولكن نظرية ولاية الفقيه، بما لها من قوة، تلغي المرجعيات والأطراف؟

ج: ولاية الفقيه هي نظرية فقهية يقول بها بعض الفقهاء، وأكثر الفقهاء من الشيعة القدامى لا يقولون بها. وهي نظرية لا تطبَّق إلا في إيران، حتى إنّ الإيرانيين لا يقولون كلهم بها.

الحسابات الفلكية في تحديد الشهور

س: حول العيد، ألا تعتقد أنك تحاول تبسيط هذا الأمر؟

ج: أنا أحاول في مسألة العيد أن أنطلق من كتاب الله. كيف؟ إن الله سبحانه وتعالى يقول: {إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض} [التوبة:36]. إنني أستوحي من هذه الآية، أن الله خلق النظام الكوني والزمن في مسألة تنويع الشهور قبل خلق الإنسان، وقبل أن تكون هناك عيون.

إنني أسأل: من أين ينطلق افتراق شهر عن شهر؛ هل ينطلق من الرؤية، والرؤية هي مجرد وسيلة للمعرفة؟ الافتراق ينطلق من خلال النظام الكوني، باعتبار أن القمر إذا دخل في المحاق انتهى الشهر، وإذا خرج من المحاق، وهو ما يعبّر عنه بالتوليد، دخل الشهر. هذا هو النظام الذي يحكم تعدد الشهور.


    افتراق شهر عن شهر ينطلق من خلال النظام الكوني لا الرؤية، الرؤية هي مجرد وسيلة للمعرفة


لذلك نقول إن الرؤية هي وسيلة من وسائل المعرفة. حتى إننا من خلال تقارير بعض الفلكيين الموثوقين في الغرب، يقولون إنّ الرؤية لم تعد تعبِّر عن الحقيقة، لأن الفضاء أصبح ملوثاً، وأصبح هناك الكثير من العناصر الموجودة في الفضاء، بحيث يمكن للإنسان أن يرى 20 هلالاً. ولذلك فإنّ الحسابات الفلكية الدقيقة في مسألة توليد الهلال، أصبحت تشبه العملية الرياضية، لأنه لم يكتشف فيها أي خطأ من كل علماء العالم.

وفي رأينا، أنه إذا وُلد الهلال وأمكنت رؤيته، بمعنى إذا اختزن كميةً من الضوء في أي بلد من بلدان العالم الذي نلتقي معه بجزء من الليل، فإننا نحكم بولادة الشهر عندنا، باعتبار أنه ليس لدينا قمران، فقضية القمر ليست كقضية الشمس، أنه إذا غابت في مكان تشرق في مكان آخر، بل هو قمر واحد.

ولا يمكن للمسلمين أن يجدوا وحدتهم في بدايات الشهور ونهاياتها إلا من خلال الاعتماد على الحسابات الفلكية.

لا فتنة سنّية ـ شيعية

س: لبنان يعيش على فوَّهة بركان، وهناك قلق وخوف كبير من فتنة سنية ـ شيعية. الآن تجري مصالحات فوقية. هل هذه المصالحات هي مدخل لحل المشكلة، أم أن هناك مشكلةً ما زالت قائمةً؟ وهل هناك خوف من فتنة؟

ج: لا أعتقد أن هناك خوفاً حقيقياً من فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، بل هناك حساسيات سنية ـ شيعية، وهناك خطوط سياسية تتحرك في المسألة السنية ـ الشيعية لحساب بعض الزعامات أو بعض الأوضاع في هذا المجال. وأنا أتصور، أننا عندما ندرس الواقع، فإننا لن نجد أن هناك أرضيةً فاعلةً للفتنة في العمق، وبالضخامة التي يصوّرها الناس.

هناك بعض المشاكل التي قد تثيرها بعض الخطوط السياسة، إنّ المسألة هي أن هناك بعض الأحداث التي قد تحدث بين فئة وفئة، كما كانت هناك أحداث تحدث بين المسيحيين والمسلمين والتي أدّت إلى تدمير بيروت والضاحية والجبل، ومع ذلك عدنا أصدقاء وحلفاء. وأنا أقول: إذا كانت أحداث بيروت قد خلقت وضعاً غير طبيعي في العلاقات وفي الحساسيات، فلماذا لا نتجاوز ذلك كما تجاوزنا مسألة تدمير بيروت وصيدا وشاتيلا والضاحية والجبل؟

ولذلك، فإن قيمة المصالحات، وان كانت مصالحات من فوق، أنها تهدئ الشارع، لأن الشارع إذا لم تثره القيادات، فإنه لن يجد أية ضرورة للفتنة بينه وبين الفريق الآخر الذي يلتقي معه في المواطنة أو في المصاهرة.

شكرت السعودية على مساعدتها

    قيمة المصالحات وإن كانت من فوق فإنها تهدىء الشارع


س: هناك حملة شيعية بشكل خاص على السعودية وعلى دورها في لبنان، لماذا؟

ج: كما هناك حملة سنية على إيران، فهذا صراع سياسي بين الخط الذي يعتبره البعض خطاً أميركياً وأوروبياً، وبين الخط الذي يعتبره البعض خطاً عربياً، وليست المسألة مسألةً مذهبيةً. وللسعودية سياستها التي قد يرتضيها البعض ولا يرتضيها البعض الآخر، ولإيران سياستها التي قد يرتضيها البعض ولا يرتضيها البعض الآخر.

س: ألا تستحق السعودية الشكر على تحملها تكاليف أبناء الفقراء في المدارس الرسمية للعام الثاني؟

ج: لقد اتصلت بالسفير السعودي في العيد الوطني، وهنأته وشكرته على الهبة السعودية. كما أنه عندما أعلن مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ موقفاً عاقلاً وحدوياً، تحدثت في خطبة الجمعة عن هذا الأمر، وقلت إنه المنطق العاقل والحكيم، وإننا نشجع ذلك.

شيخ الأزهر وحدوي

س: هل تقيم علاقات مع المرجعيات السنية العربية الأخرى؟

ج: طبعاً، لديّ علاقات واسعة جداً مع علماء السنة في لبنان وسوريا والعراق وفي أماكن أخرى، فأنا لست منغلقاً. أما في الأزهر، فإنهم لم يحاولوا أن ينفتحوا، ولكني تحدثت في خطبة الجمعة الماضية عن تصريح شيخ الأزهر، وقدّرت له منطقه الوحدوي، ودعوت علماء المسلمين كلهم إلى أن يأخذوا بهذا المنطق.

الحوار ثم الحوار هو المطلوب

س: هل يمكننا أن نعتبر تصريح مفتي المملكة العربية السعودية في ما يخص الشيعة والسنة، بدايةً لحوار جدي بين السنة والشيعة؟

ج: أنا أتمنى ذلك. لقد أجرى الدكتور عبد العزيز قاسم، المسؤول في جريدة "عكاظ"، حواراً معي في أربع مكاشفات أشار فيها إلى كل ما يقال عن الشيعة، وبحسب ما جاءني من ردود الفعل، فإن الكثير من علماء السعودية كانوا منسجمين مع ذلك. وعندما كنت في مكة في موسم الحج، زارني رئيس رابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد المحسن تركي الذي توجد علاقة بيني وبينه.

الحوار مع الوهابيين

    موقف مفتي الديار السعودية وشيخ الأزهر يمثلان الموقف العامل الوحدوي


س: حضرتكم موقع ثقة من الكل. لماذا لا يكون لكم الدور الأساسي في رعاية هذه المصالحة السنية ـ الشيعية ومتابعتها؟ لماذا هذا الدور غير موجود؟

ج: لقد التقيت مع أكثر العلماء من إخواننا السنّة، سواء في طرابلس أو في بيروت أو في البقاع، وتحدثت معهم كثيراً حول هذا الموضوع، ورأيت تجاوباً منهم تجاه ذلك، حتى إنني دعوت إلى الحوار بين الشيعة والوهابيين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 14 شوال 1429 هـ  الموافق: 13/10/2008 م

السيد فضل الله لـ"اللواء": لا وجود لفتنة سنية ـ شيعية، بل هناك حساسيات داخل كل طائفة

القرآن واحد عند جميع المسلمين، وقد أصدرت فتوى حرّمت فيها سبّ الصحابة أو الإساءة إلى أمهات المؤمنين


نجح العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، من خلال علمه وبحثه المتواصل وجهده، في أن يشكل مرجعيةً دينيةً عربيةً مهمةً وكبيرةً في أوساط المسلمين، وخصوصاً في الوسط الشيعي، وهو يرتاح كثيراً لزيادة عدد المقلدين له من الشيعة في جميع البلاد العربية؛ من أميركا إلى أوروبا وإيران والعراق ودول الخليج وسوريا ولبنان، كما يرتاح لجموع المؤيدين لخطه ونهجه من المسلمين السنّة، حيث يمثل التوجه "العقلاني" و"الواقعي" الداعي إلى وحدة المسلمين، ويقول: "نحن اليوم لسنا في زمن نختلف فيه حول الخليفة هل هو سني أو شيعي، فهناك تحديات كثيرة، وعلى المسلمين ألا يجعلوا من الخلافات السياسية سبيلاً للضعف، وأن يعوا أهمية الوحدة فيما بينهم، فهي السبيل الوحيد لمواجهة الاستحقاقات الكبيرة.

السيد محمد حسين فضل الله، المرجع والفقيه والعالم، من أشد أنصار الحوار بين المسلمين السنّة والشيعة، وهو يعلن بكل وضوح حماسته لهذا الحوار حتى مع الوهابيين، ويقول: "أنا لست منغلقاً على أحد، فإذا كنت أحاور الشيوعيين والقوميين ولي أصدقاء كثر منهم، فكيف لا أحاور المسلمين السنّة وألتقي معهم؟"·

"اللواء" التقت العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وأجرت معه حواراً شاملاً أوضح فيه الكثير من المواقف، وخصوصاً ما يثار من خلافات بين السنّة والشيعة.

وقد كان الحوار مع سماحته غنياً ومتشعباً، إلى جانب أنّه شكّل جزءاً من خريطة طريق لحوار جدي بين المسلمين.

وقد جاءت وقائعه على الشكل التالي:


تراجع دور الأحزاب في لبنان

س: تشكّل الأحزاب في لبنان ظاهرةً، إلا أنها تعيش في هذه الأيام تراجعاً. في رأيكم، ما هي الأسباب الحقيقية لهذا التراجع؟

ج: عندما ندرس الواقع السياسي في لبنان، يمكننا أن نؤكد أنه ليس فيه حركة سياسية، بل هناك حركة عشائرية تُمنَح بعض العناوين السياسية، لأن الذهنية التي تحكم ما يسمى العمل السياسي، هي ذهنية تشبه إلى حدٍّ كبير حركة القبائل فيما بينها، من خلال طبيعة الأدوات والآليات الموجودة فيها. ولذلك، فإن عملية الإثارة، سواء في الجانب الديني أو في الجانب المذهبي، لا تجدها تتحرك في أي بلد آخر بالشكل الذي تتحرك فيه في لبنان.

    في لبنان حركة عشائرية تمنح بعض العناوين السياسية


فالحزب الشيوعي، مثلاً، هو كبقية الأحزاب اللبنانية، يختزن في داخله بعض الأساليب القبلية، سواء في توزيع المسؤوليات أو ما شابه ذلك.

س: هل يعني ذلك أن لبنان يدجّن الأحزاب؟

أنا أقول إن الخصوصية اللبنانية "تلبنن" الأحزاب كما "تلبنن" الطوائف والمذاهب.

س: هل يمكن تأطير الحركة الإسلامية ضمن إطار حزبي؟

ج: أتصور أن الأحزاب الإسلامية لا تختلف عن الأحزاب الأخرى العلمانية والمثالية، إذا صح التعبير، لأنها تتحرك بالأسلوب ذاته الذي يحكم الخطوط السياسية التي تتحكم بالمسار اللبناني، سواء الخطوط الداخلية أو الخارجية.

ولذلك، عندما ندرس لبنان منذ تأسيسه، نلاحظ أنّ هذا البلد لم يعش حالة وحدة في كل تاريخه الاستقلالي، لأن الطوائف فيه تمثل دوائر مغلقة على خصوصياتها الداخلية، ولذلك، فإنه منذ بداية الاستقلال، عملت كل طائفة على إقامة علاقات دولية تستقوي بها على الطوائف الأخرى.

    الخصوصية اللبنانية تلبنن الأحزاب كما تلبنن الطوائف والمذاهب


أنا والأحزاب والانفتاح

س: هل استهوتك الأحزاب القومية والشيوعية والإسلامية في شبابك؟

ج: عندما كنت في العراق في بداية شبابي، كانت لي علاقات مع الشيوعيين والقوميين والديمقراطيين، وكنت أدير الحوار على حسب ما كنت أملك من ثقافة في ذلك الوقت، حتى إنني عندما جئت في أول زيارة إلى لبنان في عام 1952، كنت أعقد جلسات مع مختلف الشباب الذين كانوا ينتمون إلى أحزاب متعددة، منها الشيوعي، والبعث العربي، والقوميون العرب، حتى إنه كانت لي علاقات مباشرة مع الدكتور حسين مروّة.

لذلك كنت حوارياً منذ البداية، وكنت منفتحاً على الآخرين، وأنا لا أشعر بأي عقدة تجاه أي فريق يختلف معي في الدين أو في الفكر أو في السياسة، لأنني أعتقد أنه إذا كان من حقي أن أختلف مع الآخرين، فمن حق الآخرين أن يختلفوا معي، مع بقاء كل منا على ثوابته التي يؤمن بها.

الشيعة والقرآن والسنّة

س: هناك مشكلة بين السنّة والشيعة الآن، فالحوار بينهما متوقّف، وهو أساساً لم يؤدِّ إلى أي نتيجة عملية. فهل هناك خلاف بين السنّة والشيعة حول الكتاب والسنّة؟ وهل ينتمي الشيعة إلى الكتاب والسنّة؟

ج: أن تكون مسلماً هو أن تنتمي إلى الكتاب والسنّة، لأن الكتاب هو وحي الله الذي أنزله على رسوله، ولأن القرآن أكّد السنّة في قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر:7]، وقال: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} [النساء:59].

ولذلك، فإن الشيعة، بكل اتجاهاتهم واجتهاداتهم، يعتبرون الإنسان الذي ينكر النبوّة كافراً، وكذلك الذي لا يؤمن بالقرآن أو الذي لا يؤمن بالله. لذلك أنا أقول لبعض أصدقائنا المسيحيين الذين يتعقدون من إطلاق صفة الكفر عليهم، إن الكفر أمرٌ نسبي، فأنا أكفر بالباطل وأؤمن بالحق.

فالإسلام هو الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر، لذلك لا يمكن أن يوصف مَنْ يؤمن بالله بالكفر إذا كان لا يأخذ بعقيدة التوحيد، لأن هناك جدلاً في معنى التوحيد بين المسلمين والنصارى؛ ففي الإسلام، ينطلق التوحيد من قوله تعالى: {قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد} [سورة الإخلاص]، بينما عقيدة النصارى هي: "باسم الآب والابن والروح القدس إلهاً واحداً"، ومع ذلك، فنحن نتّفق على التوحيد، إلا أننا نختلف في أنّهم لا يؤمنون بأن الرسول محمد هو رسول الله، وربما يتحدثون عنه كعبقري، أو كشخص يملك البلاغة في صنعه القرآن وما إلى ذلك، ولكنّهم يكفرون به كنبيّ وإن كانوا مؤمنين بالله.

والشيعة يؤكدون أن القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويُجمعون على ذلك، ما عدا بعض الأشخاص من أصحاب الآراء الشاذة ممّن يقولون بتحريف القرآن مثلاً، وهو ما نجد مثيلاً له في بعض روايات أهل السنة التي توحي بتحريف القرآن، وبأن بعض السور كانت أطول مما هي عليه الآن. ولكننا إذا طفنا في العالم الإسلامي كله، ودخلنا إلى كل مكتبات العالم، فلن نجد نسخةً واحدةً من القرآن تختلف عمّا هو موجود لدى السنّة والشيعة.

لذلك، فإن إثارة هذا الجدل، وخصوصاً من قِبَل بعض العلماء، في أن الشيعة يرون تحريف القرآن، هي إثارة غير واقعية، حتى إن بعض أصدقائنا من العلماء الذين نعتبرهم وحدويين، يقولون إن أكثر الشيعة يرون أن هناك سورةً ناقصةً في القرآن هي سورة الولاية، مع أننا لو قمنا بإحصائية في كل العالم الشيعي، لما وجدنا عشرةً في المائة منهم قد سمعوا باسم سورة الولاية. وهذه سورة أعلنت أنني لا أقبل بأن تنسب إلي كأديب، لأنها سورة سخيفة جداً، وليس فيها من البلاغة شيء، فكيف تُنسب إلى القرآن الكريم؟

ومن المؤسف أن بعض الناس ربما يجدون بعض هذه الروايات في هذا الكتاب أو ذاك، سواء عند السنّة في بعض رواياتهم التي قد توحي بالتحريف، أو عند الشيعة. لذلك، فإنّ عملية الإثارة ليست لها أية واقعية في القضايا القرآنية.

مصحف فاطمة

س: ما حقيقة مصحف فاطمة؟ وهل هو موجود لدى الشيعة؟

 

   إثارة الجدل في أن الشيعة يرون تحريف القرآن، هي إثارة غير واقعية


ج: بدايةً أُشير إلى أن كلمة "مصحف" أصبحت تعبِّر عندنا عن القرآن، ولكن لغوياً، معنى "المصحف" هو مجمع الصحف.

وما يعنيه مصحف فاطمة، فقد ذكرت الروايات أن فاطمة الزهراء(ع) كانت تسمع من رسول الله(ص)، وكان الإمام علي(ع) يكتب ما تمليه عليه الزهراء(ع) من هذه الأحاديث، وورد أيضاً أن وصية فاطمة(ع) كانت في هذا المصحف. وفي حديث للإمام الصادق(ع) يقول إنه ليس فيها من القرآن شيء.

فالشيعة ليس عندهم قرآنان، وإنما هو قرآنٌ واحد، وهذا المصحف ليس موجوداً عند أحد منهم.

التعليق على كلام القرضاوي

س: ما تعليقك على ما أعلنه الشيخ يوسف القرضاوي في الفضائيات حول الشيعة والسنّة؟

ج: بدايةً، أنا أحرّم سبّ الصحابة. والشيخ القرضاوي صديق، ونحن نعتبره من الشخصيات الوحدوية، وهو رئيس اتحاد علماء الإسلام، ولقد كنت أول من أثار التعليق على بعض ما صدر منه.

وفي الواقع، لم أكن أريد أن أدخل في سجالٍ معه، لأنني لا أدخل في مثل هذه السجالات مع أي شخصية إسلامية أخرى، سواءٌ كنت ألتقي معهم في الخط المذهبي أو لا ألتقي، لأنني لا أجد أن هناك فائدةً من مثل هكذا سجالات.

    الشيعة ليس عندهم قرآنان، إنما هو قرآن واحد ومصحف فاطمة ليس موجوداً عند أحدٍ منهم


لكنني قلت في تعليقي على كلام الصديق الشيخ القرضاوي، إنني أريد أن أصحح له معلوماته، لأنني كنت أخشى من أن تكون المعلومات التي تحدَّث عنها من الأمور الملتبسة عليه، وخصوصاً عندما تحدث عن سورة الولاية، وأن أكثر الشيعة يأخذون بها، فقلت له: إن أكثرية الشيعة لم تسمع باسم هذه السورة، وهذه السورة غير مقبولة، ولو احتمالاً، عند الشيعة في العالم كله، إضافةً إلى أننا لا نجد لها أثراً في أي نسخة من نسخ القرآن المطبوعة في البلاد الشيعية.

ثم إنه تحدث عن الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، وأنهم يريدون تحويل السنّة إلى شيعة، فقلت له: إن القضية ليست بالمستوى الذي تتحدث عنه، وقد طلبت، عن طريق صديقنا الدكتور محمد سليم العوّا، أن يبلغه أنني أطلب منه إحصاءات عما يتحدث به عن حركة التشيع في سوريا، والتي يقول إنها تدفع فيها مليارات الدولارات، أو عن حركة التشيع في الجزائر أو في غيرها!

ونحن نعيش في عصر ينفتح على الحوار بين المسيحية والإسلام، وبين العلمانيين والدينيين، وعلى الحوار الثقافي والسياسي والحضاري، وما إلى ذلك، فقد يلتقي بعض الشيعة ببعض السنّة ويقنعونهم بالتشيّع، وربما يلتقي بعض السنّة ببعض الشيعة فيقنعونهم بالتسنّن، ونحن نعرف أنه في صيدا هناك بعض الشيعة تحولوا إلى سنّة، ولم تخلق هذه المسألة أية مشكلة في هذا الموضوع.

وأنا سألته: لماذا لم يتحدث عن الغزو التبشيري وعن الغزو العلماني للبلاد الإسلامية؟ فكان ردّه أنه ذكر ذلك في كتبه، فقلت له: ولكن لم يقرأ كل الناس كتبك، فلماذا لا تثير هذه المسألة في أحاديثك الصحفية كما أثرت هذه المسألة؟

    في تعليقي على القرضاوي كنت أريد أن أصحح له معلوماته


أما قضية سب الصحابة، فهناك علماء، وأنا منهم، حرّموا سبّ الصحابة، وحرّموا الإساءة إلى أمهات المؤمنين، حتى إنني أصدرت فتوى نشرت في العالم كله تقول: إنه يحرم سبّ الصحابة والإساءة إلى أمهات المؤمنين.

غـزوٌ فـارسيّ؟!

س: ربما يقصد بذلك أن هناك غزواً فارسياً سياسياً، ولكن بستار ديني؟

ج: إنّ إيران تقيم مؤتمرات في الشرق كله تدعو إليها مختلف علماء الإسلام، ومنهم الشيخ القرضاوي، للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

فأين المسألة الفارسية في هذا الموضوع؟ إن هذا منطق أميركي، ولا أتهم صديقنا الشيخ القرضاوي بأنه يخضع للسياسة الأميركية، لكن أميركا تحاول أن تقنع العالم العربي بأن إيران هي العدو وأن "اسرائيل" هي الصديق. ومن هنا، نعرف أن تأسيس منظمة الاعتدال العربي، إنما أريد من خلالها تعقيد العلاقات بين العرب وإيران، في الوقت الذي نجد أن إيران تحاول الانفتاح على كل العالم العربي...

فهذه المسألة ليس لها علاقة بالجانب المذهبي أبداً، إنما هي مسألة سياسية، إلا أنّ المشكلة هي أن عالم الاعتدال العربي يتحرك في خط السياسة الأميركية، فيما تتحرك إيران في الخط المعارض لهذه السياسة، ولهذا، فإنّ الصراع في هذه المسألة، ليس صراعاً عربياً ـ إيرانياً، وإنما هو صراع أميركي ـ إيراني...

الشيعة وسنّة الرسول

يقول الشيخ يوسف القرضاوي إن الشيعة يأخذون بسنّة آل البيت ويتركون سنة رسول الله(ص)؟


    لا يوجد صراع عربي ـ إيراني إنما هناك صراع أمريكي ـ إيراني


ج: في حديث الإمام جعفر الصادق(ع) يقول: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث رسول الله عن جبرائيل عن الله"، فأهل البيت(ع) يقولون إنه ليس عندنا شيء خاص، وليس عندنا سنّة خاصة، "فما خالف قول ربنا لم نقله"، و"إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فخذوه، وإن خالفه فردّوه أو فاضربوا به عرض الحائط".

هذه أحاديث موجودة في كل كتب الأحاديث الشيعية، وهي أحاديث يطلب فيها الأئمة(ع) من شيعتهم أن يصحِّحوا ما ينقل عنهم من أحاديث على أساس عرضها على كتاب الله.

وأنا أستطيع أن أؤكد بكل قوة وصراحة ومسؤولية، أنه ليس عندنا إلا سنة رسول الله(ص)، وأن الأئمة من أهل البيت(ع) ينطلقون على أساس أن كلامهم كلام رسول الله(ص)، وأن حديثهم حديث رسول الله(ص).

لا القرضاوي حاخام ولا الشيعة كفرة

س: ما رأي المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في الكلام الذي جاء في إحدى وكالات الأنباء الإيرانية يصف الشيخ القرضاوي بالحاخام اليهودي لأنه قال رأياً جدلياً في منهج الشيعة؟

ج: نحن لا نوافق على مثل هذه الأساليب، ولكنني قرأت لبعض المصريين الذين ينتمون إلى مذهب أهل البيت(ع)، اعتراضاً على صديقنا الشيخ القرضاوي وما تحدث به. ولكن لماذا يجري الحديث عن الإيرانيين بسبب تعليق صحفي قام به شخص يعبِّر عن رأيه عبر محطة إيرانية، مع أنّ الإيرانيين يحترمون الشيخ القرضاوي، ولا يتحدّث أحدٌ بهذه الشدة عن اثنين وعشرين عالماً وقّعوا على أن الشيعة كفرة، وأن ذبيحتهم محرَّمة، وأنه لا يجوز الزواج منهم… إلخ، إضافةً إلى كثير ممن يصدرون فتاوى بأنه لا يجوز مساعدة المقاومة الإسلامية في لبنان ضد اليهود؟ كما أن الكثير من الصحافيين عندنا يهاجمون إيران، فلماذا لا يتم الحديث عن ذلك؟! هذه مسائل لا يجوز لنا أن نسجلها على بعضنا البعض، فمن واجبنا أن نحاول تصحيح الأخطاء، لا أن نسجِّل الأخطاء على بعضنا البعض.

أنا عندما سمعت حديث الصحافي الإيراني، لم أوافق عليه، واعتبرته حديثاً يخرج القضية عن مسارها الحواري.

لي مقلّدون في إيران

س: أهل السنّة يسألون: لماذا لا يأخذ الشيعة في لبنان بما يفتي به السيد محمد حسين فضل الله، وآخر ذلك كان في تحديد بدء شهر رمضان وانتهائه؟ هل إنهم لا يأخذون بفتواه لأنه مرجع شيعي عربي، بينما يأخذون بفتوى المرجع الشيعي الإيراني؟

ج: المرجعية عند الشيعة لا تنطلق من حالة قومية، وهذا الانطباع هو انطباع خاطىء، فهناك الكثيرون في لبنان والخليج وأميركا وأوروبا وإيران، يتبعونني في الفتاوى التي أصدرها، وقد أفطر الكثيرون من الناس عندما أفتيت بمسألة العيد يوم الثلاثاء. وربما لا ينسجم بعض الشيعة مع بعض الأفكار والفتاوى التي تخصني، ولكني لا أستطيع أن أقول إنّ كل الشيعة كذلك، لأنني بعيداً عن الجانب الذاتي، أملك مرجعيةً واسعةً في العالم الشيعي، وحتى في العالم السني.

 

   لماذا يجري الحديث عن الإيرانيين بسبب تعليق صحفي، ولا يُتحدث عن تكفير الشيعة وفتاوى عدم جواز مساعدة المقاومة الإسلامية في لبنان في حربها ضد اليهود؟!


ولاية الفقيه في إيران

س: ألا تعتقد أن ذلك موقف سياسي؟

ج: قد يختلط الموقف السياسي بالموقف الديني في كثير من الحالات.

س: ولكن نظرية ولاية الفقيه، بما لها من قوة، تلغي المرجعيات والأطراف؟

ج: ولاية الفقيه هي نظرية فقهية يقول بها بعض الفقهاء، وأكثر الفقهاء من الشيعة القدامى لا يقولون بها. وهي نظرية لا تطبَّق إلا في إيران، حتى إنّ الإيرانيين لا يقولون كلهم بها.

الحسابات الفلكية في تحديد الشهور

س: حول العيد، ألا تعتقد أنك تحاول تبسيط هذا الأمر؟

ج: أنا أحاول في مسألة العيد أن أنطلق من كتاب الله. كيف؟ إن الله سبحانه وتعالى يقول: {إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض} [التوبة:36]. إنني أستوحي من هذه الآية، أن الله خلق النظام الكوني والزمن في مسألة تنويع الشهور قبل خلق الإنسان، وقبل أن تكون هناك عيون.

إنني أسأل: من أين ينطلق افتراق شهر عن شهر؛ هل ينطلق من الرؤية، والرؤية هي مجرد وسيلة للمعرفة؟ الافتراق ينطلق من خلال النظام الكوني، باعتبار أن القمر إذا دخل في المحاق انتهى الشهر، وإذا خرج من المحاق، وهو ما يعبّر عنه بالتوليد، دخل الشهر. هذا هو النظام الذي يحكم تعدد الشهور.


    افتراق شهر عن شهر ينطلق من خلال النظام الكوني لا الرؤية، الرؤية هي مجرد وسيلة للمعرفة


لذلك نقول إن الرؤية هي وسيلة من وسائل المعرفة. حتى إننا من خلال تقارير بعض الفلكيين الموثوقين في الغرب، يقولون إنّ الرؤية لم تعد تعبِّر عن الحقيقة، لأن الفضاء أصبح ملوثاً، وأصبح هناك الكثير من العناصر الموجودة في الفضاء، بحيث يمكن للإنسان أن يرى 20 هلالاً. ولذلك فإنّ الحسابات الفلكية الدقيقة في مسألة توليد الهلال، أصبحت تشبه العملية الرياضية، لأنه لم يكتشف فيها أي خطأ من كل علماء العالم.

وفي رأينا، أنه إذا وُلد الهلال وأمكنت رؤيته، بمعنى إذا اختزن كميةً من الضوء في أي بلد من بلدان العالم الذي نلتقي معه بجزء من الليل، فإننا نحكم بولادة الشهر عندنا، باعتبار أنه ليس لدينا قمران، فقضية القمر ليست كقضية الشمس، أنه إذا غابت في مكان تشرق في مكان آخر، بل هو قمر واحد.

ولا يمكن للمسلمين أن يجدوا وحدتهم في بدايات الشهور ونهاياتها إلا من خلال الاعتماد على الحسابات الفلكية.

لا فتنة سنّية ـ شيعية

س: لبنان يعيش على فوَّهة بركان، وهناك قلق وخوف كبير من فتنة سنية ـ شيعية. الآن تجري مصالحات فوقية. هل هذه المصالحات هي مدخل لحل المشكلة، أم أن هناك مشكلةً ما زالت قائمةً؟ وهل هناك خوف من فتنة؟

ج: لا أعتقد أن هناك خوفاً حقيقياً من فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، بل هناك حساسيات سنية ـ شيعية، وهناك خطوط سياسية تتحرك في المسألة السنية ـ الشيعية لحساب بعض الزعامات أو بعض الأوضاع في هذا المجال. وأنا أتصور، أننا عندما ندرس الواقع، فإننا لن نجد أن هناك أرضيةً فاعلةً للفتنة في العمق، وبالضخامة التي يصوّرها الناس.

هناك بعض المشاكل التي قد تثيرها بعض الخطوط السياسة، إنّ المسألة هي أن هناك بعض الأحداث التي قد تحدث بين فئة وفئة، كما كانت هناك أحداث تحدث بين المسيحيين والمسلمين والتي أدّت إلى تدمير بيروت والضاحية والجبل، ومع ذلك عدنا أصدقاء وحلفاء. وأنا أقول: إذا كانت أحداث بيروت قد خلقت وضعاً غير طبيعي في العلاقات وفي الحساسيات، فلماذا لا نتجاوز ذلك كما تجاوزنا مسألة تدمير بيروت وصيدا وشاتيلا والضاحية والجبل؟

ولذلك، فإن قيمة المصالحات، وان كانت مصالحات من فوق، أنها تهدئ الشارع، لأن الشارع إذا لم تثره القيادات، فإنه لن يجد أية ضرورة للفتنة بينه وبين الفريق الآخر الذي يلتقي معه في المواطنة أو في المصاهرة.

شكرت السعودية على مساعدتها

    قيمة المصالحات وإن كانت من فوق فإنها تهدىء الشارع


س: هناك حملة شيعية بشكل خاص على السعودية وعلى دورها في لبنان، لماذا؟

ج: كما هناك حملة سنية على إيران، فهذا صراع سياسي بين الخط الذي يعتبره البعض خطاً أميركياً وأوروبياً، وبين الخط الذي يعتبره البعض خطاً عربياً، وليست المسألة مسألةً مذهبيةً. وللسعودية سياستها التي قد يرتضيها البعض ولا يرتضيها البعض الآخر، ولإيران سياستها التي قد يرتضيها البعض ولا يرتضيها البعض الآخر.

س: ألا تستحق السعودية الشكر على تحملها تكاليف أبناء الفقراء في المدارس الرسمية للعام الثاني؟

ج: لقد اتصلت بالسفير السعودي في العيد الوطني، وهنأته وشكرته على الهبة السعودية. كما أنه عندما أعلن مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ موقفاً عاقلاً وحدوياً، تحدثت في خطبة الجمعة عن هذا الأمر، وقلت إنه المنطق العاقل والحكيم، وإننا نشجع ذلك.

شيخ الأزهر وحدوي

س: هل تقيم علاقات مع المرجعيات السنية العربية الأخرى؟

ج: طبعاً، لديّ علاقات واسعة جداً مع علماء السنة في لبنان وسوريا والعراق وفي أماكن أخرى، فأنا لست منغلقاً. أما في الأزهر، فإنهم لم يحاولوا أن ينفتحوا، ولكني تحدثت في خطبة الجمعة الماضية عن تصريح شيخ الأزهر، وقدّرت له منطقه الوحدوي، ودعوت علماء المسلمين كلهم إلى أن يأخذوا بهذا المنطق.

الحوار ثم الحوار هو المطلوب

س: هل يمكننا أن نعتبر تصريح مفتي المملكة العربية السعودية في ما يخص الشيعة والسنة، بدايةً لحوار جدي بين السنة والشيعة؟

ج: أنا أتمنى ذلك. لقد أجرى الدكتور عبد العزيز قاسم، المسؤول في جريدة "عكاظ"، حواراً معي في أربع مكاشفات أشار فيها إلى كل ما يقال عن الشيعة، وبحسب ما جاءني من ردود الفعل، فإن الكثير من علماء السعودية كانوا منسجمين مع ذلك. وعندما كنت في مكة في موسم الحج، زارني رئيس رابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد المحسن تركي الذي توجد علاقة بيني وبينه.

الحوار مع الوهابيين

    موقف مفتي الديار السعودية وشيخ الأزهر يمثلان الموقف العامل الوحدوي


س: حضرتكم موقع ثقة من الكل. لماذا لا يكون لكم الدور الأساسي في رعاية هذه المصالحة السنية ـ الشيعية ومتابعتها؟ لماذا هذا الدور غير موجود؟

ج: لقد التقيت مع أكثر العلماء من إخواننا السنّة، سواء في طرابلس أو في بيروت أو في البقاع، وتحدثت معهم كثيراً حول هذا الموضوع، ورأيت تجاوباً منهم تجاه ذلك، حتى إنني دعوت إلى الحوار بين الشيعة والوهابيين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 14 شوال 1429 هـ  الموافق: 13/10/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية