هل فقد الزعماء العرب حتى حساسية الحفاظ على عروشهم
فضل الله: استهداف الأمّة في مقدّساتها وتراثها وأرضها ناتج من وهنها وتخلّفها
أدلى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بتصريح حول الهجمة المركّزة من قِبَل إدارة الاستكبار العالمي على الإسلام والمسلمين، جاء فيه:
إنّ كل ما يحدث من استهداف للأمة عبر المسّ بمقدّساتها، بدءاً من مسألة الإساءة للرسول(ص) والإهانات المتلاحقة التي تستهدفه إلى تصريحات ومواقف البابا إلى استهداف المسجد الأقصى وصولاً إلى الهجوم الأخير للسياسي الليبرالي الهولندي (هيرت فيلدرز) على النبي الأكرم(ص) ودعوته إلى تمزيق نصف القرآن... إن ذلك كله ما كان ليحدث أو لتتوسّع دائرته لو لم تكن الأمة العربية والإسلامية بهذه الحال من الوهن، ووسط هذا الركام من التخلّف الذي تُستحضر فيه كل التفاهات للانخراط في الفتن الداخلية، في ما يتمّ الانكفاء عن معركة الأمة لحساب قضاياها الكبرى.
أضاف: لقد أصبح الإسلام كشاخصات الرماية أمام كل المتربّصين به لينطلق كل المغامرين في الغرب بالهجوم عليه لاجتذاب المزيد من الأصوات الانتخابية، ولتبدأ الحملة الأخرى على الإسلام والمسلمين تحت عنوان تقليص الهجرة الشرعية أو منع الهجرة غير الشرعية بعد الحملة التي سبقتها تحت عنوان مكافحة الإرهاب، ولتؤخذ التصريحات السابقة لشمعون بيريز والتي حذّر فيها من وقوع أوروبا في أيدي المسلمين، في الاعتبار، ولتبدأ الحملة العنصرية ضد المسلمين في كثير من البلدان الأوروبية، فيما ينشغل المسؤولون عندنا بالاجتماع إلى وزيرة الخارجية الأمريكية والاستماع إلى مواعظها.
وتابع: إن هذه الدعاية المتصاعدة حول الخطر الإسلامي على الغرب وعلى اليهود، إنما هي للإمعان في استهداف المسلمين في تراثهم العقيدي والديني والفكري، إضافة إلى كونها دعوة مبطّنة إلى تعميم الاحتلال على بقية مواقعهم، وإلا فما معنى أن يتحدث المؤرّخ الأمريكي، برنار لويس، في مؤتمر اليهود في القدس عن إن "الإسلام يستهدف إبادة القوى المركزية في العالم". ألا يستبطن ذلك دعوة كل هذه القوى إلى تحشيد قواها ضد الإسلام والمسلمين، في الوقت الذي نعرف بأن الذي يجري هو حرب أمريكية صهيونية تأخذ طابع العالمية لإبادة الإسلام وتدمير قواعده الفكرية وقيمه السامية ومفاهيمه الأصيلة.
وقال: إن هناك إمعاناً مدروساً في وضع الإسلام في موضع العدو الذي يتهدّد الغرب أو ما يسمونه "قيم الديمقراطية الغربية"، لأن استراتيجيات بعض الإدارات، وخصوصاً الإدارة الأمريكية، تقوم على اختراع عدو استراتيجي وعلى الحفر في أذهان الأمريكيين وغيرهم بأن الإسلام هو العدو لتستمر ظاهرة التخويف من الإسلام، ولتعطي هذه الظاهرة شرعية متصاعدة لهذه الدوائر لاستهداف الإسلام برموزه التاريخية والحاضرة وفي عباده وبلاده.
أضاف: إن الطامة الكبرى تكمن في أنّ ثمة جهات في الأمة تستنفر كل طاقاتها للترويج لهلال شيعي هنا أو سني هناك، وتبدأ بالتحشيد السياسي والمذهبي، فيما تمارس عملية انكفاء ذاتي أو تتوارى عن الدخول في مواجهة مع أولئك الذين يعملون لتدمير الإسلام ومفاهيمه عبر هجومهم المنسّق في أكثر من مكان في العالم، وعبر تحالفهم مع الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية، الساعية دائماً لتشويه صورة الإسلام وتبرير الهجوم على بلاد المسلمين واحتلالها.
وتابع: إنني أخشى من أن يكون المسلمون في غالبيتهم، قد فقدوا شعور الانتصار لدينهم وحساسية الدفاع عنه وإحساس الخوف عليه لحساب الخوف على طقوسهم، أو لحساب هذا المذهب الإسلام أو ذاك، أو لحساب أمور ليس لها أصالة حتى على مستوى المذهب، لنعود إلى سنوات التخلف في الحساسيات القاتلة التي أفقدتنا المناعة في الوحدة الداخلية، وجعلتنا أرضاً خصبة للفتن، وموقعاً سهلاً للاستهداف، بحيث تتداعى الأمم علينا، كما تتداعى الأكلة على قصعتها من دون أن نتحرك بموقف حاسم في مواجهة الذين يوقعون بنا، في الوقت الذي نتحوّل إلى أجساد متفجرة ضد أهل بجدتنا وأبناء ديننا.
إنني أتساءل: لماذا كل هذا الانسحاق العربي، وهذه الخفّة في الانقياد لوزيرة الخارجية الأمريكية، التي تستدعيهم تارة كوزراء خارجية وطوراً كمسؤولي مخابرات؟ هل هو الحرص على فلسطين، أم أن المسألة وصلت عند هؤلاء الزعماء من العرب إلى آخر مستويات الخضوع الذي بات فيه الانخراط في المشروع الأمريكي والعمل المباشر له مسألة يتباهى بها العرب الذين نخشى من أنهم فقدوا حتى حساسية الحفاظ على عروشهم بعدما استخدمتهم الإدارة الأمريكية في كل شيء، وتوشك أن تستخدمهم ككبش فداء في الشوط الأخير لمغامراتها الجنونية التي لا تنتهي في المنطقة.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 03 صفر 1428هـ الموافق: 21 شباط - فبراير 2007م
"المكتب الإعلامي"
هل فقد الزعماء العرب حتى حساسية الحفاظ على عروشهم
فضل الله: استهداف الأمّة في مقدّساتها وتراثها وأرضها ناتج من وهنها وتخلّفها
أدلى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بتصريح حول الهجمة المركّزة من قِبَل إدارة الاستكبار العالمي على الإسلام والمسلمين، جاء فيه:
إنّ كل ما يحدث من استهداف للأمة عبر المسّ بمقدّساتها، بدءاً من مسألة الإساءة للرسول(ص) والإهانات المتلاحقة التي تستهدفه إلى تصريحات ومواقف البابا إلى استهداف المسجد الأقصى وصولاً إلى الهجوم الأخير للسياسي الليبرالي الهولندي (هيرت فيلدرز) على النبي الأكرم(ص) ودعوته إلى تمزيق نصف القرآن... إن ذلك كله ما كان ليحدث أو لتتوسّع دائرته لو لم تكن الأمة العربية والإسلامية بهذه الحال من الوهن، ووسط هذا الركام من التخلّف الذي تُستحضر فيه كل التفاهات للانخراط في الفتن الداخلية، في ما يتمّ الانكفاء عن معركة الأمة لحساب قضاياها الكبرى.
أضاف: لقد أصبح الإسلام كشاخصات الرماية أمام كل المتربّصين به لينطلق كل المغامرين في الغرب بالهجوم عليه لاجتذاب المزيد من الأصوات الانتخابية، ولتبدأ الحملة الأخرى على الإسلام والمسلمين تحت عنوان تقليص الهجرة الشرعية أو منع الهجرة غير الشرعية بعد الحملة التي سبقتها تحت عنوان مكافحة الإرهاب، ولتؤخذ التصريحات السابقة لشمعون بيريز والتي حذّر فيها من وقوع أوروبا في أيدي المسلمين، في الاعتبار، ولتبدأ الحملة العنصرية ضد المسلمين في كثير من البلدان الأوروبية، فيما ينشغل المسؤولون عندنا بالاجتماع إلى وزيرة الخارجية الأمريكية والاستماع إلى مواعظها.
وتابع: إن هذه الدعاية المتصاعدة حول الخطر الإسلامي على الغرب وعلى اليهود، إنما هي للإمعان في استهداف المسلمين في تراثهم العقيدي والديني والفكري، إضافة إلى كونها دعوة مبطّنة إلى تعميم الاحتلال على بقية مواقعهم، وإلا فما معنى أن يتحدث المؤرّخ الأمريكي، برنار لويس، في مؤتمر اليهود في القدس عن إن "الإسلام يستهدف إبادة القوى المركزية في العالم". ألا يستبطن ذلك دعوة كل هذه القوى إلى تحشيد قواها ضد الإسلام والمسلمين، في الوقت الذي نعرف بأن الذي يجري هو حرب أمريكية صهيونية تأخذ طابع العالمية لإبادة الإسلام وتدمير قواعده الفكرية وقيمه السامية ومفاهيمه الأصيلة.
وقال: إن هناك إمعاناً مدروساً في وضع الإسلام في موضع العدو الذي يتهدّد الغرب أو ما يسمونه "قيم الديمقراطية الغربية"، لأن استراتيجيات بعض الإدارات، وخصوصاً الإدارة الأمريكية، تقوم على اختراع عدو استراتيجي وعلى الحفر في أذهان الأمريكيين وغيرهم بأن الإسلام هو العدو لتستمر ظاهرة التخويف من الإسلام، ولتعطي هذه الظاهرة شرعية متصاعدة لهذه الدوائر لاستهداف الإسلام برموزه التاريخية والحاضرة وفي عباده وبلاده.
أضاف: إن الطامة الكبرى تكمن في أنّ ثمة جهات في الأمة تستنفر كل طاقاتها للترويج لهلال شيعي هنا أو سني هناك، وتبدأ بالتحشيد السياسي والمذهبي، فيما تمارس عملية انكفاء ذاتي أو تتوارى عن الدخول في مواجهة مع أولئك الذين يعملون لتدمير الإسلام ومفاهيمه عبر هجومهم المنسّق في أكثر من مكان في العالم، وعبر تحالفهم مع الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية، الساعية دائماً لتشويه صورة الإسلام وتبرير الهجوم على بلاد المسلمين واحتلالها.
وتابع: إنني أخشى من أن يكون المسلمون في غالبيتهم، قد فقدوا شعور الانتصار لدينهم وحساسية الدفاع عنه وإحساس الخوف عليه لحساب الخوف على طقوسهم، أو لحساب هذا المذهب الإسلام أو ذاك، أو لحساب أمور ليس لها أصالة حتى على مستوى المذهب، لنعود إلى سنوات التخلف في الحساسيات القاتلة التي أفقدتنا المناعة في الوحدة الداخلية، وجعلتنا أرضاً خصبة للفتن، وموقعاً سهلاً للاستهداف، بحيث تتداعى الأمم علينا، كما تتداعى الأكلة على قصعتها من دون أن نتحرك بموقف حاسم في مواجهة الذين يوقعون بنا، في الوقت الذي نتحوّل إلى أجساد متفجرة ضد أهل بجدتنا وأبناء ديننا.
إنني أتساءل: لماذا كل هذا الانسحاق العربي، وهذه الخفّة في الانقياد لوزيرة الخارجية الأمريكية، التي تستدعيهم تارة كوزراء خارجية وطوراً كمسؤولي مخابرات؟ هل هو الحرص على فلسطين، أم أن المسألة وصلت عند هؤلاء الزعماء من العرب إلى آخر مستويات الخضوع الذي بات فيه الانخراط في المشروع الأمريكي والعمل المباشر له مسألة يتباهى بها العرب الذين نخشى من أنهم فقدوا حتى حساسية الحفاظ على عروشهم بعدما استخدمتهم الإدارة الأمريكية في كل شيء، وتوشك أن تستخدمهم ككبش فداء في الشوط الأخير لمغامراتها الجنونية التي لا تنتهي في المنطقة.
مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 03 صفر 1428هـ الموافق: 21 شباط - فبراير 2007م
"المكتب الإعلامي"