كيف تقيِّمون الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان؟

كيف تقيِّمون الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان؟
 

س: سماحة السيّد، كيف تقيِّمون الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان؟

ج: إنّ خصوصية هذه الحرب، هي أنّها حرب أمريكية، من خلال الخطّة الأمريكية التي أرادت للبنان أن يكون مرتكزاً أو قاعدةً لها، من أجل إسقاط قوة المقاومة والممانعة التي أربكت سياستها. ثم إن أمريكا كانت تستهدف من خلال إسقاط قوة المقاومة في لبنان، إسقاط قوة الممانعة في العالم العربي والإسلامي، سواء كانت هذه القوة عسكرية أو سياسية في هذا المجال.

إنّ أمريكا أطلقت مشروع الشرق الأوسط الجديد من أجل السيطرة على مقدرات المنطقة، ولمواجهة التحدي الذي واجهها في العراق وفي أفغانستان وحتى في إيران، فقد وضعت مع إسرائيل خطّة حربها، لتستفيد من مسألة خطف الجنديين الإسرائيليين التي كانت مجرّد مسألة تفصيلية، سبقتها أمور مماثلة من دون أن تحدث حرباً، باعتبار أنها وسيلة من وسائل التبادل بين الأسرى التي تحتفظ بهم إسرائيل والأسرى الذين يأسرهم حزب الله.

وقد كانت أمريكا تعتقد أن إسرائيل يمكن أن تحقِّق في هذه الحرب ما حقّقته في الحروب السابقة منذ حرب الـ67، لذلك أعطت إسرائيل الفترة الزمنية الواسعة من أجل أن تسقط حزب الله وتسقط سلاحه، بحيث لا يبقى هناك أية مقاومة، ولكن المفاجأة التي فاجأت أمريكا وفاجأت إسرائيل من جهة أخرى من قِبَل المقاومة الإسلامية، أنّ المجاهدين استطاعوا التصدّي لهذه الحرب بالطريقة التي أسقطت القوة الإسرائيلية، سواء من خلال قصف شمال فلسطين بالصواريخ المتقدّمة البعيدة المدى، أو من خلال الحرب المباشرة بين المجاهدين والجيش الإسرائيلي الذي هو في الموقع الأعلى، أي جيش النخبة، بحيث أسقطت معنويات هذا الجيش، الأمر الذي أدّى إلى نوع من أنواع الهزيمة للجيش الإسرائيلي.

لذلك، نحن نعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن تعيد إلى العالم العربي والإسلامي، الذي كان يعيش الخوف من إسرائيل، من خلال أنها تمثّل الجيش الرابع في العالم، استطاعت أن تعيد إليه الشعور بالقوة والعنفوان، وهذا ما جعل العالم العربي والإسلامي في شعوبه يتظاهر ضد حاكميه الذين وافقوا أو خطّطوا مع إسرائيل لضرب المقاومة، ما يدل على أنّ العالم العربي والإسلامي على مستوى الشعوب، قد رأى فيها تاريخاً جديداً وقوةً جديدة. كما أننا نلاحظ أن أمريكا أصيبت بالإحباط، حتى إن الرئيس بوش أصبح يتحدّث بطريقة تبعث على السخرية، عندما كان يتحدّث عن أنّ حزب الله قد هُزِم، وأن إسرائيل قد انتصرت، بينما الإسرائيليون يقولون أننا هُزمنا، ولكن الرئيس بوش اعتاد على أن يكذب أولاً وثانياً وثالثاً من جهة التأثير على شعبه في الحروب التي يقودها.

إننا نعتبر أنّ أمريكا سوف تعيد النظر في اعتبارها أنّ إسرائيل هي اليد الضاربة في المنطقة، والقوة التي تعتمد عليها في الضغط على شعوب المنطقة، لأنّ إسرائيل التي خسرت الحرب، لم تستطع أن تحقّق لأمريكا أي هدف. لذلك، حاولت أمريكا أن تُعطي إسرائيل بعض النصر السياسي، بأن تلعب لعبتها بالقرار 1701، من خلال الحصار البحري والجوّي الذي تقيمه إسرائيل بغطاء أمريكي ضد لبنان. ونحن، في العالم العربي والإسلامي، نرى كما يرى بعض السياسيين في أوروبا وأمريكا، أن أمريكا كانت شريكاً لإسرائيل في هذه الحرب، ولم تكن وسيطاً بين إسرائيل ولبنان، كما يوحي بعض تحرّك بعض المسؤولين اللبنانيين عندما يطلبون من وزيرة الخارجية الأمريكية أن تتوسّط مع إسرائيل لرفع الحصار، فهي ليست وسيطاً، لأنها هي التي فرضت الحصار الإسرائيلي.

س: كيف ترى سماحتكم تأثيرات هذه الحرب على مستوى الساحة اللبنانية داخلياً، وعلى المستوى الإقليمي والدولي خارجياً؟

ج: أمّا على المستوى الداخلي اللبناني، فإننا نرى أنّ شعب المقاومة الذي حاولت إسرائيل أن تدمّره وتدمّر بنيته التحتية، وأن ترتكب بحقّه المجازر، وتهدّم بيوته على رؤوس أهلها من الأطفال والنساء والشيوخ، إضافةً إلى قصفها للمدنيين، من دون أن يكون لهؤلاء المدنيون أية علاقة بحزب الله أو بالمقاومة أو ما أشبه ذلك...

إننا نرى أنّ هذا الشعب اللبناني لا يزال يقف مع المقاومة، ويُصرّح أطفاله ونساؤه وشيوخه بأنّ المقاومة استطاعت أن تمنحنا العزّة والكرامة، وأننا مع المقاومة على الرغم من كل المآسي التي حدثت من خلال هذه الحرب. لذلك، فإنّ هذا الشعب الذي ازداد صموداً على صمود في أثناء الحرب، لا يزال يمثّل شعب المقاومة الذي يرى أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، وأن إسرائيل تمثّل اليد الأمريكية الضاربة التي تضرب الشعوب وتقتلها.

أما على المستوى الإقليمي، فإنّ أكثر دول المنطقة بدأت تعيد النظر في نظرتها السابقة لإسرائيل، بأن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر، وأنها الدولة التي لا بدّ من أن تخضع لها المنطقة، خصوصاً في تحالفها الاستراتيجي مع أمريكا. فالمنطقة تدرس هذه الحرب دراسة جيدة على المستويين العسكري والسياسي، ما قد يحقّق نتائج إيجابية قد تنعكس على سوريا وإيران اللتين تهددهما أمريكا بكل وسائل القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية.

س: البعض يراهن على فتنة سنيّة شيعية في لبنان، فما رأيكم في ذلك؟

ج: أعتقد أن ليس هناك أي ظروف في لبنان لأي فتنة سنية ـ شيعية، لأنّ هذه الحرب التي انتصرت فيها المقاومة الإسلامية، والتي أغلب أبطالها من الشيعة، استطاعت أن تحطّم كل الحواجز التي حاول التكفيريون والمتعصّبون إيجادها ضدّ الشيعة في العالم الإسلامي، وقد وقف أكثر العلماء المسلمين من السنة، سواء في تركيا أو في مصر أو في السعودية أو في غيرها مع المقاومة في لبنان، ورفدوها بالموقف الإسلامي والشرعي المؤيّد والداعم والناصر.

ولقد رأينا أن أغلب علماء المسلمين في العالم الإسلامي، وقفوا ليؤيّدوا حزب الله في مقاومته ضد إسرائيل، لأنهم رأوا أن الشيعة هم الفئة الإسلامية التي تمكّنت من هزيمة العدوّ الإسرائيلي الذي كان تاريخه هو تاريخ هزيمة للعرب والمسلمين منذ نشأته. لذلك أعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن تسقط كل الذين يريدون إثارة الفتنة في الواقع الإسلامي بين السنّة والشيعة.

س: عشتم مرحلة صعبة، لكن العالم الإسلامي شهد كثيراً من المظاهرات من الشرق إلى الغرب، من ضمنها تركيا، كيف ترون تأثيرات هذه الحرب على الساحة الإسلامية بالذات؟

ج: إننا نعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن توحّد العالم الإسلامي، وأن تعيد الروح الإسلامية إلى كل مسلم في العالم العربي والإسلامي، فنحن نجد أنّ الأصوات التي انطلقت في ماليزيا وفي تركيا وفي كل المواقع الإسلامية الآسيوية وغيرها، كانت صوتاً واحداً ينطلق من خلال هذه الروح الإسلامية الجهورية التي تعيد لنا التاريخ الإسلامي المنتصر في بدر والأحزاب وفي خيبر بروح جديدة وبشكل جديد.

لذلك، فإنّ هذه التظاهرات التي انتشرت في العالم الإسلامي، استطاعت أن تعطي الإسلام تاريخاً جديداً، وأن تُعيد إنتاج الحيوية الإسلامية والقوة الإسلامية للشعوب الإسلامية، وأن تجعل هذه الشعوب تدرك معنى السياسة الأمريكية المتحالفة استراتيجياً مع إسرائيل، وأن تضغط على أغلب الحكومات في العالم العربي والإسلامي وتحاصرها، وخصوصاً تلك التي خططت مع أمريكا وإسرائيل من أجل إسقاط المقاومة الإسلامية. لذلك، كانت هذه الحرب حركةً جديدةً على المستوى السياسي ضد أمريكا وضد إسرائيل، وضد كل عملاء أمريكا وإسرائيل. وإنني في هذه المناسبة، وأنا أتحدث مع التلفزيون التركي أقدّم التحية والشكر للشعب التركي بكل فصائله، لكل أطفاله ونسائه وشيوخه، لموقفه القوي والصلب مع المقاومة الإسلامية في لبنان ومع الشعب اللبناني كلّه، ونستطيع أن نؤكّد لكل الذين أرادوا أن يعزلوا تركيا عن الإسلام وعن العالم الإسلامي وعن القضايا الإسلامية، أنّهم فشلوا في ذلك كله، والدليل على ذلك، هو موقف الشعب التركي في أكثر البلدان التركية الرافض للعدوان الإسرائيلي بكل قوة وحسم.

س: ما رأيكم في مشاركة الجيش التركي في إطار ما يسمى القوّات الدولية؟

ج: نحن نشجّع مجيء القوات التركية لتنضم إلى القوات الدولية في لبنان، لأننا نعتبر أن القوات التركية الإسلامية هي أقرب إلينا من القوات الأخرى، سواء كانت أوروبية أو غير أوروبية.

س: ماذا تعني لكم تركيا بشكل عام؟

ج: تركيا تمثّل الدولة التي عاشت الإسلام بسلبيّاته وإيجابياته، لذلك فإننا في الوقت الذي نتحفّظ على بعض مجريات الخلافة العثمانية في طريقتها لإدارة العمل الإسلامي، نؤكّد الروح الجديدة للشعب التركي المسلم، ونطلب منه أن يقف مع الإسلام، وأن ينضمّ إلى الشعوب الإسلامية، من أجل أن ينطلق أفق إسلامي جديد، يستطيع أن يعيد إلى الإسلام قوّته وعنفوانه وتاريخه. لذلك فإننا ننتظر من الشعب التركي أن يعيد تأييد الخطّ الإسلامي في الانتخابات القادمة، لأننا نعتقد أن الشعب التركي المسلم لا يزال مسلماً، ولن ينجح الذين يريدون أن يبتعدوا به عن الإسلام، بل سيبقى مسلماً قوياً منفتحاً حضارياً على العالم، من خلال انضمامه إلى العالم الإسلامي، ليكون قوةً لهذا العالم.

مقابلة "التلفزيون التركي ـ القناة السابعة"، أجرى الحوار: سفر طوران، 13-8-1427هـ/ 6-9-2006م.

 

س: سماحة السيّد، كيف تقيِّمون الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان؟

ج: إنّ خصوصية هذه الحرب، هي أنّها حرب أمريكية، من خلال الخطّة الأمريكية التي أرادت للبنان أن يكون مرتكزاً أو قاعدةً لها، من أجل إسقاط قوة المقاومة والممانعة التي أربكت سياستها. ثم إن أمريكا كانت تستهدف من خلال إسقاط قوة المقاومة في لبنان، إسقاط قوة الممانعة في العالم العربي والإسلامي، سواء كانت هذه القوة عسكرية أو سياسية في هذا المجال.

إنّ أمريكا أطلقت مشروع الشرق الأوسط الجديد من أجل السيطرة على مقدرات المنطقة، ولمواجهة التحدي الذي واجهها في العراق وفي أفغانستان وحتى في إيران، فقد وضعت مع إسرائيل خطّة حربها، لتستفيد من مسألة خطف الجنديين الإسرائيليين التي كانت مجرّد مسألة تفصيلية، سبقتها أمور مماثلة من دون أن تحدث حرباً، باعتبار أنها وسيلة من وسائل التبادل بين الأسرى التي تحتفظ بهم إسرائيل والأسرى الذين يأسرهم حزب الله.

وقد كانت أمريكا تعتقد أن إسرائيل يمكن أن تحقِّق في هذه الحرب ما حقّقته في الحروب السابقة منذ حرب الـ67، لذلك أعطت إسرائيل الفترة الزمنية الواسعة من أجل أن تسقط حزب الله وتسقط سلاحه، بحيث لا يبقى هناك أية مقاومة، ولكن المفاجأة التي فاجأت أمريكا وفاجأت إسرائيل من جهة أخرى من قِبَل المقاومة الإسلامية، أنّ المجاهدين استطاعوا التصدّي لهذه الحرب بالطريقة التي أسقطت القوة الإسرائيلية، سواء من خلال قصف شمال فلسطين بالصواريخ المتقدّمة البعيدة المدى، أو من خلال الحرب المباشرة بين المجاهدين والجيش الإسرائيلي الذي هو في الموقع الأعلى، أي جيش النخبة، بحيث أسقطت معنويات هذا الجيش، الأمر الذي أدّى إلى نوع من أنواع الهزيمة للجيش الإسرائيلي.

لذلك، نحن نعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن تعيد إلى العالم العربي والإسلامي، الذي كان يعيش الخوف من إسرائيل، من خلال أنها تمثّل الجيش الرابع في العالم، استطاعت أن تعيد إليه الشعور بالقوة والعنفوان، وهذا ما جعل العالم العربي والإسلامي في شعوبه يتظاهر ضد حاكميه الذين وافقوا أو خطّطوا مع إسرائيل لضرب المقاومة، ما يدل على أنّ العالم العربي والإسلامي على مستوى الشعوب، قد رأى فيها تاريخاً جديداً وقوةً جديدة. كما أننا نلاحظ أن أمريكا أصيبت بالإحباط، حتى إن الرئيس بوش أصبح يتحدّث بطريقة تبعث على السخرية، عندما كان يتحدّث عن أنّ حزب الله قد هُزِم، وأن إسرائيل قد انتصرت، بينما الإسرائيليون يقولون أننا هُزمنا، ولكن الرئيس بوش اعتاد على أن يكذب أولاً وثانياً وثالثاً من جهة التأثير على شعبه في الحروب التي يقودها.

إننا نعتبر أنّ أمريكا سوف تعيد النظر في اعتبارها أنّ إسرائيل هي اليد الضاربة في المنطقة، والقوة التي تعتمد عليها في الضغط على شعوب المنطقة، لأنّ إسرائيل التي خسرت الحرب، لم تستطع أن تحقّق لأمريكا أي هدف. لذلك، حاولت أمريكا أن تُعطي إسرائيل بعض النصر السياسي، بأن تلعب لعبتها بالقرار 1701، من خلال الحصار البحري والجوّي الذي تقيمه إسرائيل بغطاء أمريكي ضد لبنان. ونحن، في العالم العربي والإسلامي، نرى كما يرى بعض السياسيين في أوروبا وأمريكا، أن أمريكا كانت شريكاً لإسرائيل في هذه الحرب، ولم تكن وسيطاً بين إسرائيل ولبنان، كما يوحي بعض تحرّك بعض المسؤولين اللبنانيين عندما يطلبون من وزيرة الخارجية الأمريكية أن تتوسّط مع إسرائيل لرفع الحصار، فهي ليست وسيطاً، لأنها هي التي فرضت الحصار الإسرائيلي.

س: كيف ترى سماحتكم تأثيرات هذه الحرب على مستوى الساحة اللبنانية داخلياً، وعلى المستوى الإقليمي والدولي خارجياً؟

ج: أمّا على المستوى الداخلي اللبناني، فإننا نرى أنّ شعب المقاومة الذي حاولت إسرائيل أن تدمّره وتدمّر بنيته التحتية، وأن ترتكب بحقّه المجازر، وتهدّم بيوته على رؤوس أهلها من الأطفال والنساء والشيوخ، إضافةً إلى قصفها للمدنيين، من دون أن يكون لهؤلاء المدنيون أية علاقة بحزب الله أو بالمقاومة أو ما أشبه ذلك...

إننا نرى أنّ هذا الشعب اللبناني لا يزال يقف مع المقاومة، ويُصرّح أطفاله ونساؤه وشيوخه بأنّ المقاومة استطاعت أن تمنحنا العزّة والكرامة، وأننا مع المقاومة على الرغم من كل المآسي التي حدثت من خلال هذه الحرب. لذلك، فإنّ هذا الشعب الذي ازداد صموداً على صمود في أثناء الحرب، لا يزال يمثّل شعب المقاومة الذي يرى أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، وأن إسرائيل تمثّل اليد الأمريكية الضاربة التي تضرب الشعوب وتقتلها.

أما على المستوى الإقليمي، فإنّ أكثر دول المنطقة بدأت تعيد النظر في نظرتها السابقة لإسرائيل، بأن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر، وأنها الدولة التي لا بدّ من أن تخضع لها المنطقة، خصوصاً في تحالفها الاستراتيجي مع أمريكا. فالمنطقة تدرس هذه الحرب دراسة جيدة على المستويين العسكري والسياسي، ما قد يحقّق نتائج إيجابية قد تنعكس على سوريا وإيران اللتين تهددهما أمريكا بكل وسائل القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية.

س: البعض يراهن على فتنة سنيّة شيعية في لبنان، فما رأيكم في ذلك؟

ج: أعتقد أن ليس هناك أي ظروف في لبنان لأي فتنة سنية ـ شيعية، لأنّ هذه الحرب التي انتصرت فيها المقاومة الإسلامية، والتي أغلب أبطالها من الشيعة، استطاعت أن تحطّم كل الحواجز التي حاول التكفيريون والمتعصّبون إيجادها ضدّ الشيعة في العالم الإسلامي، وقد وقف أكثر العلماء المسلمين من السنة، سواء في تركيا أو في مصر أو في السعودية أو في غيرها مع المقاومة في لبنان، ورفدوها بالموقف الإسلامي والشرعي المؤيّد والداعم والناصر.

ولقد رأينا أن أغلب علماء المسلمين في العالم الإسلامي، وقفوا ليؤيّدوا حزب الله في مقاومته ضد إسرائيل، لأنهم رأوا أن الشيعة هم الفئة الإسلامية التي تمكّنت من هزيمة العدوّ الإسرائيلي الذي كان تاريخه هو تاريخ هزيمة للعرب والمسلمين منذ نشأته. لذلك أعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن تسقط كل الذين يريدون إثارة الفتنة في الواقع الإسلامي بين السنّة والشيعة.

س: عشتم مرحلة صعبة، لكن العالم الإسلامي شهد كثيراً من المظاهرات من الشرق إلى الغرب، من ضمنها تركيا، كيف ترون تأثيرات هذه الحرب على الساحة الإسلامية بالذات؟

ج: إننا نعتقد أن هذه الحرب استطاعت أن توحّد العالم الإسلامي، وأن تعيد الروح الإسلامية إلى كل مسلم في العالم العربي والإسلامي، فنحن نجد أنّ الأصوات التي انطلقت في ماليزيا وفي تركيا وفي كل المواقع الإسلامية الآسيوية وغيرها، كانت صوتاً واحداً ينطلق من خلال هذه الروح الإسلامية الجهورية التي تعيد لنا التاريخ الإسلامي المنتصر في بدر والأحزاب وفي خيبر بروح جديدة وبشكل جديد.

لذلك، فإنّ هذه التظاهرات التي انتشرت في العالم الإسلامي، استطاعت أن تعطي الإسلام تاريخاً جديداً، وأن تُعيد إنتاج الحيوية الإسلامية والقوة الإسلامية للشعوب الإسلامية، وأن تجعل هذه الشعوب تدرك معنى السياسة الأمريكية المتحالفة استراتيجياً مع إسرائيل، وأن تضغط على أغلب الحكومات في العالم العربي والإسلامي وتحاصرها، وخصوصاً تلك التي خططت مع أمريكا وإسرائيل من أجل إسقاط المقاومة الإسلامية. لذلك، كانت هذه الحرب حركةً جديدةً على المستوى السياسي ضد أمريكا وضد إسرائيل، وضد كل عملاء أمريكا وإسرائيل. وإنني في هذه المناسبة، وأنا أتحدث مع التلفزيون التركي أقدّم التحية والشكر للشعب التركي بكل فصائله، لكل أطفاله ونسائه وشيوخه، لموقفه القوي والصلب مع المقاومة الإسلامية في لبنان ومع الشعب اللبناني كلّه، ونستطيع أن نؤكّد لكل الذين أرادوا أن يعزلوا تركيا عن الإسلام وعن العالم الإسلامي وعن القضايا الإسلامية، أنّهم فشلوا في ذلك كله، والدليل على ذلك، هو موقف الشعب التركي في أكثر البلدان التركية الرافض للعدوان الإسرائيلي بكل قوة وحسم.

س: ما رأيكم في مشاركة الجيش التركي في إطار ما يسمى القوّات الدولية؟

ج: نحن نشجّع مجيء القوات التركية لتنضم إلى القوات الدولية في لبنان، لأننا نعتبر أن القوات التركية الإسلامية هي أقرب إلينا من القوات الأخرى، سواء كانت أوروبية أو غير أوروبية.

س: ماذا تعني لكم تركيا بشكل عام؟

ج: تركيا تمثّل الدولة التي عاشت الإسلام بسلبيّاته وإيجابياته، لذلك فإننا في الوقت الذي نتحفّظ على بعض مجريات الخلافة العثمانية في طريقتها لإدارة العمل الإسلامي، نؤكّد الروح الجديدة للشعب التركي المسلم، ونطلب منه أن يقف مع الإسلام، وأن ينضمّ إلى الشعوب الإسلامية، من أجل أن ينطلق أفق إسلامي جديد، يستطيع أن يعيد إلى الإسلام قوّته وعنفوانه وتاريخه. لذلك فإننا ننتظر من الشعب التركي أن يعيد تأييد الخطّ الإسلامي في الانتخابات القادمة، لأننا نعتقد أن الشعب التركي المسلم لا يزال مسلماً، ولن ينجح الذين يريدون أن يبتعدوا به عن الإسلام، بل سيبقى مسلماً قوياً منفتحاً حضارياً على العالم، من خلال انضمامه إلى العالم الإسلامي، ليكون قوةً لهذا العالم.

مقابلة "التلفزيون التركي ـ القناة السابعة"، أجرى الحوار: سفر طوران، 13-8-1427هـ/ 6-9-2006م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية