أسئلة برسم الرئيس الأمريكي يطرحها السيد فضل الله

أسئلة برسم الرئيس الأمريكي يطرحها السيد فضل الله

آخر ما طالعنا به الرئيس الأمريكي تصريحه بأن "قوى الإرهاب تسعى الى وقف تقدّم الحرية، وتوجيه الأمم الحرة حديثاً في طريق التطرّف"، وأن الحرب في لبنان "تشكّل جزءً من المعركة الأوسع التي تدور في المنطقة بين الحرية والإرهاب"، وأن لبنان والعراق هما "مسرح النشاط الإرهابي الأكثر عنفاً"، في محاولة من هذا الرئيس لتشويه الواقع والإيحاء بأن مشكلة السياسة الأمريكية هي في كيفية منع تقدّم ما يسمّيه الإرهاب في معركة الحرية، وإبعاده عن نشر التطرّف في المنطقة، ولا سيما في العراق ولبنان!!
ولكن الاسئلة التي تفرض نفسها على الرئيس الأمريكي هي: من أين انطلق الإرهاب في المنطقة؟ وهل أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل ـ ومعه حلفاؤه من الدول الغربية ـ ضد حرية الشعب الفلسطيني في مدى أكثر من نصف قرن هو حركة من أجل الحرية أو سياسة في إنتاج الإرهاب؟ ولماذا يعتبر ـ هو وإدارته ـ جهاد هذا الشعب من أجل حريته واستقلاله من خلال فصائله المجاهدة إرهاباً، بينما يصرّح بأن مجازر إسرائيل وطريقتها في إبادة الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفال، دفاعاً عن النفس؟ وإذا كان قد تحدث بالطريقة الاستهلاكية عن دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية فإنه لم يتقدّم خطوة واحدة في تنفيذ ذلك بأيّ عنصر ضغط على إسرائيل، بل كانت سياسته ـ ولا تزال ـ تتمثل في تعقيد إقامة هذه الدولة، بتأييد إقامة المستوطنات الكبرى والجدار العنصري الفاصل اللذين يصادران أكثر الأرض الفلسطينية في الضفة والقدس، وإقرار منع اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى أرضهم بالرغم من قرار الأمم المتحدة 194 الذي صوّتت عليه الولايات المتحدة.. ولا تزال اللعبة الأمريكية والدولية تمارس الخداع والنفاق السياسي والأمني لإدخال القضية الفلسطينية في المتاهات التي يُراد لها أن تحقق لإسرائيل استراتيجيتها الاستيطانية في إلغاء حق الفلسطينيين في الحرية في أرضهم.


هل سأل الرئيس الأمريكي نفسه ـ مع إدارته ـ عن السبب في نشوء حركة الإرهاب في العالم العربي والإسلامي، ليعرف الجواب من عمق الواقع النفسي لدى العرب والمسلمين، والقهر الاقتصادي والسياسي والأمني الذي يتمثّل في المسألة الفلسطينية، من خلال الطريقة التي تدير بها أمريكا أوضاع المنطقة مما لا علاج له بالقوة العسكرية الرادعة، بل بمعالجة جذوره في الواقع؟ ثم، هل يرى هذا الرئيس وإدارته أن الاحتلال الذي يصادر إرادة الشعوب يمكن أن يحقق لها الحرية؟ بل هل يمكن لأيّ احتلال أن يحقق للناس إرادتهم في الحرية الحقيقية؟ نحن نعلم أن الاحتلال الأمريكي وحليفه البريطاني أسقط الدكتاتورية في العراق، ولكن ذلك كان لحساب السياسة الأمريكية التي كان الطاغية في العراق حليفها الذي ينفّذ سياستها منذ عشرات السنين، ولكن الطريقة التي يدير بها الاحتلال أوضاع العراق أدخلت هذا البلد في النفق الأمني المظلم الذي يحصد أرواح مئات الألوف من الشعب العراقي، من دون أن تحرك هذه القوات الاحتلالية أيّ جهد في هذا الاتجاه، لأن أمريكا تريد البقاء طويلاً في العراق، مما يجعل من الانفلات الأمني مبرراً لها للبقاء؟!


ويتحدث الرئيس الأمريكي عن الديمقراطية في العراق، ولكن الجميع يعرف ـ حتى البرلمان العراقي والحكومة العراقية ـ أن قوات الاحتلال لا تسمح للمسؤولين في العراق بأية حرية في أية مبادرة مستقلة، أو بإدارة الوضع الاقتصادي بشكل فاعل لحل المشكلة الإنسانية والخدماتية للشعب، بل إن بعض الشركات الأمريكية قامت بنهب الثروة العراقية من خلال مشاريع وهمية.
ثم، ألا يتساءل هذا الرئيس: لماذا تقوم المقاومة العراقية بمحاربة احتلاله، ألا يجد في ذلك دليلاً على أن هناك حركة لاسترداد الشعب حريته؟ وإذا كان هناك إرهابيون من التكفيريين ممن يقومون بالمجازر على أساس مذهبي، فإن ذلك كان من خلال "الفوضى البنّاءة" السياسية والأمنية التي بشّر بها الرئيس بوش.. إننا نتفق معه أن هناك حرباً بين الحرية والإرهاب، ولكنها حرية الشعب في تقرير مصيره وإرهاب الاحتلال في مصادرة حرية هذا الشعب.


أما في لبنان، فلم تكن الديمقراطية فيه هبة من الرئيس الأمريكي في برنامجه، بل إن الديمقراطية في هذا البلد تمتد منذ ما بعد الاستقلال، ولم تكن الحرية التي يتحرك بها الشعب اللبناني في الفكر والإعلام والسياسة توجيهاً أمريكياً، ولكن اللبنانيين يمارسون ذلك كله بإرادتهم الحرة، وإذا كانت هناك بعض الثغرات التي انفتحت في الجدار اللبناني مما عانى منه اللبنانيون، فقد كان ذلك من خلال العبث السياسي الذي قامت به الدول الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا، لتنفيذ سياستها في المنطقة من خلال اعتبار لبنان ساحة لذلك، ومن خلال الإرهاب السياسي الأمني الإسرائيلي الذي قام بتدمير لبنان لأكثر من مرة، وبموافقة من أمريكا وتأييدها ومساعدتها.


وإذا كان الرئيس الأمريكي يتحدث عن أن لبنان هو "مسرح النشاط الإرهابي الأكثر عنفاً"، فإننا نوافقه على ذلك، ولكن الإرهاب هو الذي انطلق من خلال إرهاب الدولة الذي مارسته أمريكا سياسياً في خطتها المتوافقة مع خطة إسرائيل، في إنضاج مشروع الشرق الأوسط الجديد على نار حارة يحترق في لهيبها اللبنانيون، بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم وشبابهم، وتحترق معهم كل بنيته التحتية في عملية تدمير شاملة لم يسبق لها مثيل، مما كان الرئيس الأمريكي يعيش معه الفرح النفسي والسياسي في نجاح مشروع الإبادة للبنانيين، كعقاب لهم على إيمانهم بالحرية في رفض الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الاستكبارية الأمريكية.
إنه يتحدث عن الحرية للعراقيين واللبنانيين، ولكن الشعوب تتحدث عن الإرهاب الأمريكي المتحالف مع الإرهاب الإسرائيلي ومع كل قوى الاستكبار العالمي ـ بما فيه الاتحاد الأوروبي ـ التي وقفت مع عملية التدمير والإبادة للبنان وفلسطين، حتى أن الأمم المتحدة لم تستطع ـ بضغط من هؤلاء ـ أن تقرر وقف إطلاق النار، بل تركت المسألة خاضعة للغموض اللفظي الذي يُراد له أن يخضع في تفسيره وتأويله لمصلحة إسرائيل.


أيها الرئيس: لقد خرجت من التاريخ مطروداً، ومصحوباً باللعنات، وقد عملت بكل سياستك ـ مع إدارتك ـ على أن تعمّق الكراهة لأمريكا، لأنك سقطت تحت تأثير إسرائيل لتكون خاضعاً للصهيونية من خلال الذين يحيطون بك.. إنك تملك بكل قوتك الهائلة أن تدمّر لبنان، وتقتل شعوبنا، ولكنك لن تستطيع أن تدمِّر إرادتنا الحرّة في الحرية والعزة، وفي الرفض لكل سياستك وسياسة أحلافك الاستكبارية..
وسيبقى لبنان البلد الرافض للاستكبار والمستكبرين، وستبقى المقاومة حركة حرية وانفتاح على الإنسان كله، وعلى الخير كله، ضد محور الشر الأمريكي.

آخر ما طالعنا به الرئيس الأمريكي تصريحه بأن "قوى الإرهاب تسعى الى وقف تقدّم الحرية، وتوجيه الأمم الحرة حديثاً في طريق التطرّف"، وأن الحرب في لبنان "تشكّل جزءً من المعركة الأوسع التي تدور في المنطقة بين الحرية والإرهاب"، وأن لبنان والعراق هما "مسرح النشاط الإرهابي الأكثر عنفاً"، في محاولة من هذا الرئيس لتشويه الواقع والإيحاء بأن مشكلة السياسة الأمريكية هي في كيفية منع تقدّم ما يسمّيه الإرهاب في معركة الحرية، وإبعاده عن نشر التطرّف في المنطقة، ولا سيما في العراق ولبنان!!
ولكن الاسئلة التي تفرض نفسها على الرئيس الأمريكي هي: من أين انطلق الإرهاب في المنطقة؟ وهل أن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل ـ ومعه حلفاؤه من الدول الغربية ـ ضد حرية الشعب الفلسطيني في مدى أكثر من نصف قرن هو حركة من أجل الحرية أو سياسة في إنتاج الإرهاب؟ ولماذا يعتبر ـ هو وإدارته ـ جهاد هذا الشعب من أجل حريته واستقلاله من خلال فصائله المجاهدة إرهاباً، بينما يصرّح بأن مجازر إسرائيل وطريقتها في إبادة الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفال، دفاعاً عن النفس؟ وإذا كان قد تحدث بالطريقة الاستهلاكية عن دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية فإنه لم يتقدّم خطوة واحدة في تنفيذ ذلك بأيّ عنصر ضغط على إسرائيل، بل كانت سياسته ـ ولا تزال ـ تتمثل في تعقيد إقامة هذه الدولة، بتأييد إقامة المستوطنات الكبرى والجدار العنصري الفاصل اللذين يصادران أكثر الأرض الفلسطينية في الضفة والقدس، وإقرار منع اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى أرضهم بالرغم من قرار الأمم المتحدة 194 الذي صوّتت عليه الولايات المتحدة.. ولا تزال اللعبة الأمريكية والدولية تمارس الخداع والنفاق السياسي والأمني لإدخال القضية الفلسطينية في المتاهات التي يُراد لها أن تحقق لإسرائيل استراتيجيتها الاستيطانية في إلغاء حق الفلسطينيين في الحرية في أرضهم.


هل سأل الرئيس الأمريكي نفسه ـ مع إدارته ـ عن السبب في نشوء حركة الإرهاب في العالم العربي والإسلامي، ليعرف الجواب من عمق الواقع النفسي لدى العرب والمسلمين، والقهر الاقتصادي والسياسي والأمني الذي يتمثّل في المسألة الفلسطينية، من خلال الطريقة التي تدير بها أمريكا أوضاع المنطقة مما لا علاج له بالقوة العسكرية الرادعة، بل بمعالجة جذوره في الواقع؟ ثم، هل يرى هذا الرئيس وإدارته أن الاحتلال الذي يصادر إرادة الشعوب يمكن أن يحقق لها الحرية؟ بل هل يمكن لأيّ احتلال أن يحقق للناس إرادتهم في الحرية الحقيقية؟ نحن نعلم أن الاحتلال الأمريكي وحليفه البريطاني أسقط الدكتاتورية في العراق، ولكن ذلك كان لحساب السياسة الأمريكية التي كان الطاغية في العراق حليفها الذي ينفّذ سياستها منذ عشرات السنين، ولكن الطريقة التي يدير بها الاحتلال أوضاع العراق أدخلت هذا البلد في النفق الأمني المظلم الذي يحصد أرواح مئات الألوف من الشعب العراقي، من دون أن تحرك هذه القوات الاحتلالية أيّ جهد في هذا الاتجاه، لأن أمريكا تريد البقاء طويلاً في العراق، مما يجعل من الانفلات الأمني مبرراً لها للبقاء؟!


ويتحدث الرئيس الأمريكي عن الديمقراطية في العراق، ولكن الجميع يعرف ـ حتى البرلمان العراقي والحكومة العراقية ـ أن قوات الاحتلال لا تسمح للمسؤولين في العراق بأية حرية في أية مبادرة مستقلة، أو بإدارة الوضع الاقتصادي بشكل فاعل لحل المشكلة الإنسانية والخدماتية للشعب، بل إن بعض الشركات الأمريكية قامت بنهب الثروة العراقية من خلال مشاريع وهمية.
ثم، ألا يتساءل هذا الرئيس: لماذا تقوم المقاومة العراقية بمحاربة احتلاله، ألا يجد في ذلك دليلاً على أن هناك حركة لاسترداد الشعب حريته؟ وإذا كان هناك إرهابيون من التكفيريين ممن يقومون بالمجازر على أساس مذهبي، فإن ذلك كان من خلال "الفوضى البنّاءة" السياسية والأمنية التي بشّر بها الرئيس بوش.. إننا نتفق معه أن هناك حرباً بين الحرية والإرهاب، ولكنها حرية الشعب في تقرير مصيره وإرهاب الاحتلال في مصادرة حرية هذا الشعب.


أما في لبنان، فلم تكن الديمقراطية فيه هبة من الرئيس الأمريكي في برنامجه، بل إن الديمقراطية في هذا البلد تمتد منذ ما بعد الاستقلال، ولم تكن الحرية التي يتحرك بها الشعب اللبناني في الفكر والإعلام والسياسة توجيهاً أمريكياً، ولكن اللبنانيين يمارسون ذلك كله بإرادتهم الحرة، وإذا كانت هناك بعض الثغرات التي انفتحت في الجدار اللبناني مما عانى منه اللبنانيون، فقد كان ذلك من خلال العبث السياسي الذي قامت به الدول الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا، لتنفيذ سياستها في المنطقة من خلال اعتبار لبنان ساحة لذلك، ومن خلال الإرهاب السياسي الأمني الإسرائيلي الذي قام بتدمير لبنان لأكثر من مرة، وبموافقة من أمريكا وتأييدها ومساعدتها.


وإذا كان الرئيس الأمريكي يتحدث عن أن لبنان هو "مسرح النشاط الإرهابي الأكثر عنفاً"، فإننا نوافقه على ذلك، ولكن الإرهاب هو الذي انطلق من خلال إرهاب الدولة الذي مارسته أمريكا سياسياً في خطتها المتوافقة مع خطة إسرائيل، في إنضاج مشروع الشرق الأوسط الجديد على نار حارة يحترق في لهيبها اللبنانيون، بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم وشبابهم، وتحترق معهم كل بنيته التحتية في عملية تدمير شاملة لم يسبق لها مثيل، مما كان الرئيس الأمريكي يعيش معه الفرح النفسي والسياسي في نجاح مشروع الإبادة للبنانيين، كعقاب لهم على إيمانهم بالحرية في رفض الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الاستكبارية الأمريكية.
إنه يتحدث عن الحرية للعراقيين واللبنانيين، ولكن الشعوب تتحدث عن الإرهاب الأمريكي المتحالف مع الإرهاب الإسرائيلي ومع كل قوى الاستكبار العالمي ـ بما فيه الاتحاد الأوروبي ـ التي وقفت مع عملية التدمير والإبادة للبنان وفلسطين، حتى أن الأمم المتحدة لم تستطع ـ بضغط من هؤلاء ـ أن تقرر وقف إطلاق النار، بل تركت المسألة خاضعة للغموض اللفظي الذي يُراد له أن يخضع في تفسيره وتأويله لمصلحة إسرائيل.


أيها الرئيس: لقد خرجت من التاريخ مطروداً، ومصحوباً باللعنات، وقد عملت بكل سياستك ـ مع إدارتك ـ على أن تعمّق الكراهة لأمريكا، لأنك سقطت تحت تأثير إسرائيل لتكون خاضعاً للصهيونية من خلال الذين يحيطون بك.. إنك تملك بكل قوتك الهائلة أن تدمّر لبنان، وتقتل شعوبنا، ولكنك لن تستطيع أن تدمِّر إرادتنا الحرّة في الحرية والعزة، وفي الرفض لكل سياستك وسياسة أحلافك الاستكبارية..
وسيبقى لبنان البلد الرافض للاستكبار والمستكبرين، وستبقى المقاومة حركة حرية وانفتاح على الإنسان كله، وعلى الخير كله، ضد محور الشر الأمريكي.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية