دخلت الحرب الإسرائيليَّة على غزّة أسبوعها الثّالث، من دون أن يفلح العدوّ في تحقيق أيّ إنجاز حتّى الآن، غير زيادة دفق شلال الدّم الفلسطينيّ.
فالمقاومة تواصل إثبات جدارتها، وهي تلحق المزيد من الخسائر، ليس فقط بالجيش الإسرائيلي، بل بالاقتصاد الإسرائيلي. ومقابل الحصار المفروض على القطاع، تفرض غزّة حصارها الدّوليّ على إسرائيل، عبر إعلان معظم شركات الطّيران الدوليّة وقف رحلاتها من الدّولة العبريّة وإليها.
وبعدما بلغ عدد القتلى من الجنود الإسرائيليّين 28 بين ضابط وجندي، أرفعهم مرتبة قائد كتيبة برتبة مقدّم، إضافةً إلى مئات الجرحى، صارت إسرائيل تتباهى أمام جمهورها بقصف الشجاعيّة في ليلة واحدة بمئة قذيفة، كلّ واحدة بوزن طن "تي إن تي"، عدا آلاف القذائف والصّواريخ، لإثبات شدّة هجومها.
ووصف ضابط في سلاح الجوّ الإسرائيلي، القصف الجوّيّ الإسرائيلي على الشجاعيّة، باستخدام عشرات الطائرات الحربيّة، بأنّه كان "استثنائيّاً جدّاً"، وخصوصاً أنه تم على بعد 250 متراً فقط من أماكن وجود القوات الإسرائيليّة. وحسب كلامه، "فعلنا ذلك للمرّة الأولى، وهذا خطر مجنون"، لأنه أحياناً تم حتى على مسافة 110 أمتار من القوّات.
ولم يكن هذا كافياً، فقد توجّه العدوّ إلى مناطق أخرى داخل مدينة غزّة، وفي مدن القطاع وبلداته ومخيّماته، ليهدم بطريقة وحشيّة بيوتاً وعمارات فوق رؤوس أصحابها، ويدمّر مستشفيات فوق مرضاها، ويسقط حتى الآن ما يزيد عن 635 شهيداً، ويصيب أكثر من 3700. لكن هذا العدد من الشهداء الفلسطينيّين لا يشبع نهم الحقد الصهيوني التوّاق إلى المزيد من الدّم. وبغية "فكّ القيود" عن أيادي "الجيش الّذي لا يُهزَم"، أصدر الحاخام دافيد ليئور فتوى تسمح لهذا الجيش باستهداف المدنيّين الفلسطينيّين وقتلهم، وكأنّ هذا الجيش كان يضع قيوداً دينيّة على سلوكه.
وقد ترافق انفجار الحقد الإسرائيلي على غزّة، مع اعتراف الجيش الإسرائيليّ أيضاً بأنّ الجنديّ من لواء "جولاني"، شاؤول أورون، هو في عداد المفقودين، وذلك بعد يومين من إعلان حركة "حماس" أسرها له. وقد بدَّدت عائلة الأسير الإسرائيلي محاولة الجيش التّخفيف من أثر أسره، بإعلان قناعته بأنّه ليس على قيد الحياة، وأكَّدت أنّ تحقيقات الجيش لم تفد بوجود أيّة قرائن على أنّه ليس على قيد الحياة.
وخلافاً لمحاولات الجيش الإسرائيليّ إشاعة أنَّ العمليّة البريَّة في القطاع ساهمت في تقليص وتيرة الإطلاقات الصاروخية على مناطق واسعة داخل إسرائيل، فقد بات واضحاً للإسرائيليّين أنَّ سقوط الصواريخ في مناطق اللد وما بعدها، قاد إلى إعلان كبريات شركات الطيران العالميّة، وبينها الأميركيّة والكنديّة والفرنسيّة والألمانيّة والسويسريّة، وقف رحلاتها إلى مطار اللد (بن غوريون) ومنه. ويشكّل هذا الإعلان ضربة معنويّة وسياسيّة واقتصاديّة لإسرائيل، لم تواجه مثلها حتى في ظروف حروب أشدّ.
وكان جليّاً أنَّ المعركة الميدانيّة تشهد نوعاً من الجمود، لجهة تحوّلها إلى نوع من حرب الخنادق، والاشتباكات على رقعة ضيّقة قرب الحدود، أو على جانبيها، مع استمرار القصف الجوّي والمدفعي من جهة، والقصف الصاروخي من جهة أخرى. ولوحظ أنَّ حركة الجيش الإسرائيلي البريّة كانت بالغة المحدوديَّة، بسبب الخشية من عواقب الاصطدام بكمائن المقاومة وأنفاقها، الّتي صار يحسب لها ألف حساب. وعمليّاً، يعيش الجيش الإسرائيلي الذي دخل حدود القطاع حالةَ خوف شديد من المقاومة، فيما أصيب سكان مستوطنات غلاف غزة بالذعر من القصف والأنفاق. وتعترف جهات إسرائيليَّة عديدة بأنَّ غالبية سكّان المستوطنات القريبة من القطاع، فرغت من المستوطنين، الّذين اتجه الكثير منهم إلى مناطق أكثر أمناً، شمالاً وجنوباً.
المصدر: جريدة السفير اللبنانية
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .
دخلت الحرب الإسرائيليَّة على غزّة أسبوعها الثّالث، من دون أن يفلح العدوّ في تحقيق أيّ إنجاز حتّى الآن، غير زيادة دفق شلال الدّم الفلسطينيّ.
فالمقاومة تواصل إثبات جدارتها، وهي تلحق المزيد من الخسائر، ليس فقط بالجيش الإسرائيلي، بل بالاقتصاد الإسرائيلي. ومقابل الحصار المفروض على القطاع، تفرض غزّة حصارها الدّوليّ على إسرائيل، عبر إعلان معظم شركات الطّيران الدوليّة وقف رحلاتها من الدّولة العبريّة وإليها.
وبعدما بلغ عدد القتلى من الجنود الإسرائيليّين 28 بين ضابط وجندي، أرفعهم مرتبة قائد كتيبة برتبة مقدّم، إضافةً إلى مئات الجرحى، صارت إسرائيل تتباهى أمام جمهورها بقصف الشجاعيّة في ليلة واحدة بمئة قذيفة، كلّ واحدة بوزن طن "تي إن تي"، عدا آلاف القذائف والصّواريخ، لإثبات شدّة هجومها.
ووصف ضابط في سلاح الجوّ الإسرائيلي، القصف الجوّيّ الإسرائيلي على الشجاعيّة، باستخدام عشرات الطائرات الحربيّة، بأنّه كان "استثنائيّاً جدّاً"، وخصوصاً أنه تم على بعد 250 متراً فقط من أماكن وجود القوات الإسرائيليّة. وحسب كلامه، "فعلنا ذلك للمرّة الأولى، وهذا خطر مجنون"، لأنه أحياناً تم حتى على مسافة 110 أمتار من القوّات.
ولم يكن هذا كافياً، فقد توجّه العدوّ إلى مناطق أخرى داخل مدينة غزّة، وفي مدن القطاع وبلداته ومخيّماته، ليهدم بطريقة وحشيّة بيوتاً وعمارات فوق رؤوس أصحابها، ويدمّر مستشفيات فوق مرضاها، ويسقط حتى الآن ما يزيد عن 635 شهيداً، ويصيب أكثر من 3700. لكن هذا العدد من الشهداء الفلسطينيّين لا يشبع نهم الحقد الصهيوني التوّاق إلى المزيد من الدّم. وبغية "فكّ القيود" عن أيادي "الجيش الّذي لا يُهزَم"، أصدر الحاخام دافيد ليئور فتوى تسمح لهذا الجيش باستهداف المدنيّين الفلسطينيّين وقتلهم، وكأنّ هذا الجيش كان يضع قيوداً دينيّة على سلوكه.
وقد ترافق انفجار الحقد الإسرائيلي على غزّة، مع اعتراف الجيش الإسرائيليّ أيضاً بأنّ الجنديّ من لواء "جولاني"، شاؤول أورون، هو في عداد المفقودين، وذلك بعد يومين من إعلان حركة "حماس" أسرها له. وقد بدَّدت عائلة الأسير الإسرائيلي محاولة الجيش التّخفيف من أثر أسره، بإعلان قناعته بأنّه ليس على قيد الحياة، وأكَّدت أنّ تحقيقات الجيش لم تفد بوجود أيّة قرائن على أنّه ليس على قيد الحياة.
وخلافاً لمحاولات الجيش الإسرائيليّ إشاعة أنَّ العمليّة البريَّة في القطاع ساهمت في تقليص وتيرة الإطلاقات الصاروخية على مناطق واسعة داخل إسرائيل، فقد بات واضحاً للإسرائيليّين أنَّ سقوط الصواريخ في مناطق اللد وما بعدها، قاد إلى إعلان كبريات شركات الطيران العالميّة، وبينها الأميركيّة والكنديّة والفرنسيّة والألمانيّة والسويسريّة، وقف رحلاتها إلى مطار اللد (بن غوريون) ومنه. ويشكّل هذا الإعلان ضربة معنويّة وسياسيّة واقتصاديّة لإسرائيل، لم تواجه مثلها حتى في ظروف حروب أشدّ.
وكان جليّاً أنَّ المعركة الميدانيّة تشهد نوعاً من الجمود، لجهة تحوّلها إلى نوع من حرب الخنادق، والاشتباكات على رقعة ضيّقة قرب الحدود، أو على جانبيها، مع استمرار القصف الجوّي والمدفعي من جهة، والقصف الصاروخي من جهة أخرى. ولوحظ أنَّ حركة الجيش الإسرائيلي البريّة كانت بالغة المحدوديَّة، بسبب الخشية من عواقب الاصطدام بكمائن المقاومة وأنفاقها، الّتي صار يحسب لها ألف حساب. وعمليّاً، يعيش الجيش الإسرائيلي الذي دخل حدود القطاع حالةَ خوف شديد من المقاومة، فيما أصيب سكان مستوطنات غلاف غزة بالذعر من القصف والأنفاق. وتعترف جهات إسرائيليَّة عديدة بأنَّ غالبية سكّان المستوطنات القريبة من القطاع، فرغت من المستوطنين، الّذين اتجه الكثير منهم إلى مناطق أكثر أمناً، شمالاً وجنوباً.
المصدر: جريدة السفير اللبنانية
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .