محاضرات
14/08/2024

بينَ الالتزامِ بالخطِّ والتَّعصُّبِ للقائدِ

بينَ الالتزامِ بالخطِّ والتَّعصُّبِ للقائدِ

إنَّ ما ينبغي أن نتعلَّمه وأن نلتزمه، أن يكون التزامنا بالخطِّ لا بالشَّخص، وأنَّ علينا عندما ننطلق مع قائد، أن ننطلق معه بما يمثِّله من خطٍّ وفكر، لا أن ننطلق معه من منطلق عصبيَّة...
فعلى الإنسان القياديّ، مهما كانت درجته، أن يدعو النَّاس إلى نفسه، إذا كان يرى في نفسه الشَّرعيَّة، من خلال الالتزام بالخطِّ لا الالتزام بشخصه.. على الإنسان أن لا يشجِّع النَّاس على أن يجعلوه صنماً يعبدونه، أو إنساناً يتعصَّبون له من دون فكر، بل أن يدعو النَّاس إلى أن يحاسبوه، وأن يقدِّم بين وقتٍ وآخر حسابَه إليهم، ليعوِّدهم على أن يرتكزوا في علاقتهم به على الخطِّ الَّذي يؤمنون به، والَّذي يدعو هو إليه، حتَّى إذا جاء قياديّ آخر من بعده، ولم يكن في مستوى المسؤوليَّة، كانت علاقة النَّاس به علاقة حساب.. ليس هناك شخص أكبر من أن يحاسَب، ولكن بطريقة تقيَّة ورعة موضوعيَّة، بحيث لا يكون الحساب منطلقاً من عقدة، بل منطلقاً من الإخلاص للفكرة.
أيّ حاكم أو أيّ إنسان أعظم من رسول الله (ص)؟! ورسول الله (ص) لم يأت من خلال اختيار النَّاس له، لأنَّ الله هو الَّذي اصطفاه، وهو الَّذي اختاره وبعثه، فليس للنَّاس أمام النبيّ (ص) أيُّ حقٍّ عليه.. من الممكن أن نجد الكثير من الحاكمين والمصلحين كانت لهم الشَّرعيَّة من خلال انتخاب النَّاس لهم، ولكنَّ النَّبيَّ (ص) هو الَّذي اصطفاه الله برسالته وبعثه برسالته، ومع ذلك، نجد أنَّه (ص) في آخر لحظات حياته، وهو في مرض الموت، يقف أمام أصحابه ليقول لهم: "واللهِ ما تُمْسِكونَ عليَّ بشيء - وفي روايةٍ: إنَّكم لا تعلِّقون عليَّ بشيء - إنِّي لَمْ أُحِلَّ إلَّا ما أَحَلَّ القرآنُ، وَلَمْ أُحَرِّمْ إلَّا مَا حَرَّمَ القرآنُ"، يعني راقبوا سيرتي وتاريخي معكم في القضايا العامَّة والخاصَّة، وقارنوا بين كلِّ ما كنْتُ أتحرَّك فيه وبين القرآن، ستجدونني الإنسان الَّذي يطابق قولُهُ قولَ الله ولا ينحرف عنه، في حلال الأشياء وفي حرامها. إنَّ النَّبيَّ ليس مسؤولاً عن أن يقدِّم حسابه إلى الأمَّة، ولكنَّه (ص) أراد أن يعلِّم الأمَّة أن تنتظر من أيِّ قيادة أن تقدِّم حسابها، وأن تراقب حسابات القيادة، باعتبار أنَّ ذلك هو النَّهج الَّذي يمكن للأمَّة أن تسلم به.
لذلك، لم يدعُ النَّبيّ (ص) النَّاس إلى أن يتعصّبوا له، ولكنَّه دعاهم إلى أن يؤمنوا به وبرسالته، وأن يتحركوا في خطِّه. ومن هنا، فإنَّ الله أراد للأمَّة أن لا تتجمَّد في حركتها بعد غياب النَّبيّ (ص): {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا}[آل عمران: 144]. فالنَّبيّ يموت، وتبقى الرّسالة.
وفي ضوء هذا، فإنَّ هذا الأسلوب القرآنيَّ الَّذي يتحدَّث عن هذا الموضوع، يريد أن يقول للأمَّة في كلِّ جيل، إنَّ القائدَ مهما كانت درجته، إذا مات، فإنَّ الأمَّة لا بدَّ أن تكمل المسيرة.

* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 13/05/1997م.

إنَّ ما ينبغي أن نتعلَّمه وأن نلتزمه، أن يكون التزامنا بالخطِّ لا بالشَّخص، وأنَّ علينا عندما ننطلق مع قائد، أن ننطلق معه بما يمثِّله من خطٍّ وفكر، لا أن ننطلق معه من منطلق عصبيَّة...
فعلى الإنسان القياديّ، مهما كانت درجته، أن يدعو النَّاس إلى نفسه، إذا كان يرى في نفسه الشَّرعيَّة، من خلال الالتزام بالخطِّ لا الالتزام بشخصه.. على الإنسان أن لا يشجِّع النَّاس على أن يجعلوه صنماً يعبدونه، أو إنساناً يتعصَّبون له من دون فكر، بل أن يدعو النَّاس إلى أن يحاسبوه، وأن يقدِّم بين وقتٍ وآخر حسابَه إليهم، ليعوِّدهم على أن يرتكزوا في علاقتهم به على الخطِّ الَّذي يؤمنون به، والَّذي يدعو هو إليه، حتَّى إذا جاء قياديّ آخر من بعده، ولم يكن في مستوى المسؤوليَّة، كانت علاقة النَّاس به علاقة حساب.. ليس هناك شخص أكبر من أن يحاسَب، ولكن بطريقة تقيَّة ورعة موضوعيَّة، بحيث لا يكون الحساب منطلقاً من عقدة، بل منطلقاً من الإخلاص للفكرة.
أيّ حاكم أو أيّ إنسان أعظم من رسول الله (ص)؟! ورسول الله (ص) لم يأت من خلال اختيار النَّاس له، لأنَّ الله هو الَّذي اصطفاه، وهو الَّذي اختاره وبعثه، فليس للنَّاس أمام النبيّ (ص) أيُّ حقٍّ عليه.. من الممكن أن نجد الكثير من الحاكمين والمصلحين كانت لهم الشَّرعيَّة من خلال انتخاب النَّاس لهم، ولكنَّ النَّبيَّ (ص) هو الَّذي اصطفاه الله برسالته وبعثه برسالته، ومع ذلك، نجد أنَّه (ص) في آخر لحظات حياته، وهو في مرض الموت، يقف أمام أصحابه ليقول لهم: "واللهِ ما تُمْسِكونَ عليَّ بشيء - وفي روايةٍ: إنَّكم لا تعلِّقون عليَّ بشيء - إنِّي لَمْ أُحِلَّ إلَّا ما أَحَلَّ القرآنُ، وَلَمْ أُحَرِّمْ إلَّا مَا حَرَّمَ القرآنُ"، يعني راقبوا سيرتي وتاريخي معكم في القضايا العامَّة والخاصَّة، وقارنوا بين كلِّ ما كنْتُ أتحرَّك فيه وبين القرآن، ستجدونني الإنسان الَّذي يطابق قولُهُ قولَ الله ولا ينحرف عنه، في حلال الأشياء وفي حرامها. إنَّ النَّبيَّ ليس مسؤولاً عن أن يقدِّم حسابه إلى الأمَّة، ولكنَّه (ص) أراد أن يعلِّم الأمَّة أن تنتظر من أيِّ قيادة أن تقدِّم حسابها، وأن تراقب حسابات القيادة، باعتبار أنَّ ذلك هو النَّهج الَّذي يمكن للأمَّة أن تسلم به.
لذلك، لم يدعُ النَّبيّ (ص) النَّاس إلى أن يتعصّبوا له، ولكنَّه دعاهم إلى أن يؤمنوا به وبرسالته، وأن يتحركوا في خطِّه. ومن هنا، فإنَّ الله أراد للأمَّة أن لا تتجمَّد في حركتها بعد غياب النَّبيّ (ص): {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا}[آل عمران: 144]. فالنَّبيّ يموت، وتبقى الرّسالة.
وفي ضوء هذا، فإنَّ هذا الأسلوب القرآنيَّ الَّذي يتحدَّث عن هذا الموضوع، يريد أن يقول للأمَّة في كلِّ جيل، إنَّ القائدَ مهما كانت درجته، إذا مات، فإنَّ الأمَّة لا بدَّ أن تكمل المسيرة.

* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 13/05/1997م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية