محاضرات
28/09/2023

رأفةُ الرَّسولِ (ص) بالمؤمنينَ وحرصُهُ عليهم

13 ربيع الأوَّل 1445هـ
رأفةُ الرَّسولِ (ص) بالمؤمنينَ وحرصُهُ عليهم

ثنا القرآن الكريم عن أخلاق الرَّسول (ص) في أمَّته وفي صحابته، يقول تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ}، من داخلكم ومن حياتكم ومن مجتمعكم، فلم يأتِ من صنف آخر أو من مجتمع آخر، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}. والعنت هو المشقَّة، فهو الإنسان الَّذي يعيش في قلب آلامكم، ويعيش في قلب أحلامكم، وفي عمق قضاياكم، وفي كلّ الآفاق التي تتحرّكون فيها، فتتعبون هنا عندما تثقلكم الآلام، وتتألمون هنا عندما تسقط أحلامكم، وتواجهون الجهد والمشقَّة هناك عندما ترتبك أوضاعكم وتتحدَّاكم الضّغوط من هنا وهناك، فيعزّ عليه ذلك ويؤلمه ويثقله.
{حَرِيصٌ عَلَيْكُم}، على كلِّ واقعكم وعلى عزَّتكم وعلى كرامتكم، والمستوى الَّذي لا بدَّ لكم أن تبلغوه لما يريد لكم أن ترتفعوا إلى أعلى الدَّرجات فيه، حريصٌ عليكم أن تذلّوا وأن تضعفوا وأن تهنوا وتحزنوا وأن تسقطوا وأن تتراجعوا، وكلّ ما تعطيه كلمة "الحرص" على الإنسان في كلِّ ما يعيشه. ولذلك، فإنّ إنسانيّته في العمق تجعله يدخل في مشاعر كلِّ الناس وحياتهم.
{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التّوبة: 128] إنّهما معاً الرأفة والرَّحمة، وقد تكون هذه الآية معدودة الحروف، ولكنّني كلّما قرأتها، شعرت بأنَّ الرسول العظيم يشعّ في كلِّ آفاق الإنسان وكلِّ تطلّعاته وكلِّ أوضاعه، وذلك هو الإيحاء للدّعاة إلى الله بأن لا تتجمَّد مشاعرهم، وأن لا يتحوّلوا بأن تكون تلك الدعوة إلى الله عندهم مهنةً يمتهنونها، ولكن أن تكون إنسانية يعيشونها، وأن تكون تطلّعاً ينفتحون عليه، وعمقاً يدخل في عمق إنسانيّتهم، إنّها شيء لا يمكن أن تحدِّده الكلمات، بل شيء يعيشه الإنسان عندما يتحسَّس مسؤوليَّته عن الإنسان الآخر.
لذلك، فلا تجمِّدوا إنسانيَّتكم، "كن كالشَّمس تطلع على البرّ والفاجر"(1)، كما ورد عن السيِّد المسيح (ع)، وكما في دعاء النبيّ (ص) لقومه: "اللَّهمَّ اغفر لقومي"، وقومه المشركون، وقومه الجاحدون والكافرون، "فإنَّهم لا يعلمون"(2)، لا تعذِّبهم يا ربّ، لا تعاجلهم بالعذاب حتَّى لو جحدوا وكفروا وأشركوا، اترك لهم فرصة، لأنّ مشكلتهم أنهم لا يعلمون، دعهم حتى أجرّب التجربة تلو التجربة من أجل أن أدخل الإيمان في قلوبهم، والحقّ في عقولهم، والطريق المستقيم في دروبهم، امنحهم يا ربّ فرصةً فإنّهم لا يعلمون.
ونحن نلاحظ أنَّ النبيَّ (ص) استخدم المصطلح القرآنيّ في الحديث عن المشركين: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}[البقرة: 113]، إنَّه يتحدَّث عن شركهم على أنَّه ليس منطلقاً من علمٍ مضادّ، ولكنَّه منطلقٌ من جهل يفتقد عناصر الوعي وعناصر العلم، وهذا ما ينبغي للدَّاعية أن يعيشه، بأن يصبر على النَّاس، بأن لا تيأس لو رجمك النَّاس بالحجارة، بل قل لربِّك كما قال لربِّه: "إنْ لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أُبالي"(3)، وأن لا تتعقَّد من النَّاس عندما يتّهمونك حتَّى بالجنون.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 3.
[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي،  ج 95، ص 167.
[2] بحار الأنوار، ج 98، ص 167.
[3] بحار الأنوار،  ج 19، ص 22.
ثنا القرآن الكريم عن أخلاق الرَّسول (ص) في أمَّته وفي صحابته، يقول تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ}، من داخلكم ومن حياتكم ومن مجتمعكم، فلم يأتِ من صنف آخر أو من مجتمع آخر، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}. والعنت هو المشقَّة، فهو الإنسان الَّذي يعيش في قلب آلامكم، ويعيش في قلب أحلامكم، وفي عمق قضاياكم، وفي كلّ الآفاق التي تتحرّكون فيها، فتتعبون هنا عندما تثقلكم الآلام، وتتألمون هنا عندما تسقط أحلامكم، وتواجهون الجهد والمشقَّة هناك عندما ترتبك أوضاعكم وتتحدَّاكم الضّغوط من هنا وهناك، فيعزّ عليه ذلك ويؤلمه ويثقله.
{حَرِيصٌ عَلَيْكُم}، على كلِّ واقعكم وعلى عزَّتكم وعلى كرامتكم، والمستوى الَّذي لا بدَّ لكم أن تبلغوه لما يريد لكم أن ترتفعوا إلى أعلى الدَّرجات فيه، حريصٌ عليكم أن تذلّوا وأن تضعفوا وأن تهنوا وتحزنوا وأن تسقطوا وأن تتراجعوا، وكلّ ما تعطيه كلمة "الحرص" على الإنسان في كلِّ ما يعيشه. ولذلك، فإنّ إنسانيّته في العمق تجعله يدخل في مشاعر كلِّ الناس وحياتهم.
{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التّوبة: 128] إنّهما معاً الرأفة والرَّحمة، وقد تكون هذه الآية معدودة الحروف، ولكنّني كلّما قرأتها، شعرت بأنَّ الرسول العظيم يشعّ في كلِّ آفاق الإنسان وكلِّ تطلّعاته وكلِّ أوضاعه، وذلك هو الإيحاء للدّعاة إلى الله بأن لا تتجمَّد مشاعرهم، وأن لا يتحوّلوا بأن تكون تلك الدعوة إلى الله عندهم مهنةً يمتهنونها، ولكن أن تكون إنسانية يعيشونها، وأن تكون تطلّعاً ينفتحون عليه، وعمقاً يدخل في عمق إنسانيّتهم، إنّها شيء لا يمكن أن تحدِّده الكلمات، بل شيء يعيشه الإنسان عندما يتحسَّس مسؤوليَّته عن الإنسان الآخر.
لذلك، فلا تجمِّدوا إنسانيَّتكم، "كن كالشَّمس تطلع على البرّ والفاجر"(1)، كما ورد عن السيِّد المسيح (ع)، وكما في دعاء النبيّ (ص) لقومه: "اللَّهمَّ اغفر لقومي"، وقومه المشركون، وقومه الجاحدون والكافرون، "فإنَّهم لا يعلمون"(2)، لا تعذِّبهم يا ربّ، لا تعاجلهم بالعذاب حتَّى لو جحدوا وكفروا وأشركوا، اترك لهم فرصة، لأنّ مشكلتهم أنهم لا يعلمون، دعهم حتى أجرّب التجربة تلو التجربة من أجل أن أدخل الإيمان في قلوبهم، والحقّ في عقولهم، والطريق المستقيم في دروبهم، امنحهم يا ربّ فرصةً فإنّهم لا يعلمون.
ونحن نلاحظ أنَّ النبيَّ (ص) استخدم المصطلح القرآنيّ في الحديث عن المشركين: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}[البقرة: 113]، إنَّه يتحدَّث عن شركهم على أنَّه ليس منطلقاً من علمٍ مضادّ، ولكنَّه منطلقٌ من جهل يفتقد عناصر الوعي وعناصر العلم، وهذا ما ينبغي للدَّاعية أن يعيشه، بأن يصبر على النَّاس، بأن لا تيأس لو رجمك النَّاس بالحجارة، بل قل لربِّك كما قال لربِّه: "إنْ لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أُبالي"(3)، وأن لا تتعقَّد من النَّاس عندما يتّهمونك حتَّى بالجنون.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 3.
[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي،  ج 95، ص 167.
[2] بحار الأنوار، ج 98، ص 167.
[3] بحار الأنوار،  ج 19، ص 22.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية