محاضرات
26/09/2023

رسولُ الله (ص) تجسيدٌ لأعلى معاني الإنسانيَّة

11 ربيع الأوَّل 1445هـ
رسولُ الله (ص) تجسيدٌ لأعلى معاني الإنسانيَّة

إنَّ ذكرى المولد النبويّ الشريف هي ذكرى الرّسالة، لأنَّ رسول الله (ص) بكلِّه رسالة، فقد انطلق قبل أن يبعثه الله رسولاً ليجسِّد أعلى معاني إنسانيَّة الإنسان في عقله، فكان المتأمّل الَّذي يعيش مع الله في صدقه وأمانته، حتى إنَّ كلمة (الصَّادق الأمين) تحوَّلت إلى اسم له، وكان الإنسان الَّذي يلتقي عليه الجميع، لأنَّه وحده الَّذي لم يجدوا لديه أيّ خطأ في الفكر، وأيّ خطأ في الكلمة، وأيّ خطأ في السّلوك وفي العلاقات.
فلم يذكر أحد في تاريخه - وتاريخهُ قبل البعثة أربعون سنة - أيَّ عيب له أو نقصاً أو انحرافاً. ومن هنا، ففي الوقت الَّذي قال الله له: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشّورى: 52]، كان يعيش روحيَّة الإيمان وروحيَّة الكتاب، لذلك اختاره الله نبيّاً بعد أن كانت النبوَّة روحيَّةً في عقله وفي سلوكه، فكان المعصوم قبل النبوَّة، كما هو المعصوم بعد النبوَّة.
ولذلك نستطيع أن نقول إنّه (ص) جسَّد الخطوط العامَّة للرسالة في معنى الإنسان في الرسالة قبل أن يبعثه الله رسولاً. فنحن لا نستطيع أن نفصل بين رسول الله (ص) وبين رسالته، فهو الرسالة الناطقة، فيما الكتاب هو الرّسالة الصَّامتة، ونحن نعرف أنّه لا بدَّ للصَّمت من حيويَّة نطق لتجلّي معانيه، وكان رسول الله (ص) يجلّي معاني القرآن في أخلاقه، فكانت أخلاقه، كما قالت إحدى زوجاته، (أخلاق القرآن)، وكان يجسّد القرآن في روحانيَّته، فكانت روحانيّته روحانيَّة القرآن في كلّ خصائص الروحانيَّة.
وعندما حدّثنا الله تعالى عنه، فقد حدَّثنا عن رسالته، وذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: 157]. فعندما نقرأ هذه الآية، نتحسَّس أنَّ حركة الرسالة تجري في حركته، فهو بالرّغم من أنّه نبيّ أمّيّ {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}[العنكبوت: 48]... ولكنَّه النَّبيّ الَّذي لم تكن أمّيّته جهلاً، فإنّه إذا لم يكن يمارس القراءة والكتابة، فقد أعطى للقراءة والكتابة معيناً لا ينضب على مدى التاريخ، يكتبه النَّاس منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً، ولا زال النَّاس بحاجة إلى أن يكتبوا الكثير، ويقرأ النَّاس منه ما بلّغه من كتابٍ وما قاله من سنَّة، ولا يزال الناس يقرأونه بحثاً وتحليلاً وفكراً.
ويبقى الرَّسول الأمّيّ يعطي للعالم أعلى أنواع الثقافة، ويحرّك فيه أعمق مواقع الفكر، بحيث يمتدّ فكره حتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها، لأنَّ فكره وحيٌ من الله، ووحيٌ يمثّل الامتداد في كلِّ مواقع الإنسان في الحياة...

* من كتاب "النَّدوة"، ج 2.
 
إنَّ ذكرى المولد النبويّ الشريف هي ذكرى الرّسالة، لأنَّ رسول الله (ص) بكلِّه رسالة، فقد انطلق قبل أن يبعثه الله رسولاً ليجسِّد أعلى معاني إنسانيَّة الإنسان في عقله، فكان المتأمّل الَّذي يعيش مع الله في صدقه وأمانته، حتى إنَّ كلمة (الصَّادق الأمين) تحوَّلت إلى اسم له، وكان الإنسان الَّذي يلتقي عليه الجميع، لأنَّه وحده الَّذي لم يجدوا لديه أيّ خطأ في الفكر، وأيّ خطأ في الكلمة، وأيّ خطأ في السّلوك وفي العلاقات.
فلم يذكر أحد في تاريخه - وتاريخهُ قبل البعثة أربعون سنة - أيَّ عيب له أو نقصاً أو انحرافاً. ومن هنا، ففي الوقت الَّذي قال الله له: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشّورى: 52]، كان يعيش روحيَّة الإيمان وروحيَّة الكتاب، لذلك اختاره الله نبيّاً بعد أن كانت النبوَّة روحيَّةً في عقله وفي سلوكه، فكان المعصوم قبل النبوَّة، كما هو المعصوم بعد النبوَّة.
ولذلك نستطيع أن نقول إنّه (ص) جسَّد الخطوط العامَّة للرسالة في معنى الإنسان في الرسالة قبل أن يبعثه الله رسولاً. فنحن لا نستطيع أن نفصل بين رسول الله (ص) وبين رسالته، فهو الرسالة الناطقة، فيما الكتاب هو الرّسالة الصَّامتة، ونحن نعرف أنّه لا بدَّ للصَّمت من حيويَّة نطق لتجلّي معانيه، وكان رسول الله (ص) يجلّي معاني القرآن في أخلاقه، فكانت أخلاقه، كما قالت إحدى زوجاته، (أخلاق القرآن)، وكان يجسّد القرآن في روحانيَّته، فكانت روحانيّته روحانيَّة القرآن في كلّ خصائص الروحانيَّة.
وعندما حدّثنا الله تعالى عنه، فقد حدَّثنا عن رسالته، وذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: 157]. فعندما نقرأ هذه الآية، نتحسَّس أنَّ حركة الرسالة تجري في حركته، فهو بالرّغم من أنّه نبيّ أمّيّ {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}[العنكبوت: 48]... ولكنَّه النَّبيّ الَّذي لم تكن أمّيّته جهلاً، فإنّه إذا لم يكن يمارس القراءة والكتابة، فقد أعطى للقراءة والكتابة معيناً لا ينضب على مدى التاريخ، يكتبه النَّاس منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً، ولا زال النَّاس بحاجة إلى أن يكتبوا الكثير، ويقرأ النَّاس منه ما بلّغه من كتابٍ وما قاله من سنَّة، ولا يزال الناس يقرأونه بحثاً وتحليلاً وفكراً.
ويبقى الرَّسول الأمّيّ يعطي للعالم أعلى أنواع الثقافة، ويحرّك فيه أعمق مواقع الفكر، بحيث يمتدّ فكره حتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها، لأنَّ فكره وحيٌ من الله، ووحيٌ يمثّل الامتداد في كلِّ مواقع الإنسان في الحياة...

* من كتاب "النَّدوة"، ج 2.
 
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية