[فيما يتعلّق بفتح باب المرجعيّة أمام المرأة]:
في البداية، هناك جدل فقهيّ، القضيّة لا نواجهها بطريقة الاستخفاف... هناك جدل فقهي يتحدَّث عنه الفقهاء، وقد أثاره المرحوم السيِّد محسن الحكيم والشيخ محمَّد حسين الأصفهاني والسيِّد الخوئي في كتبهم الفقهيّة في التقليد؛ هل هناك دليل أو نصّ شرعيّ يمنع من تقليد المرأة إذا وصلت إلى درجة الاجتهاد العليا، وكانت تملك العدالة والتقوى في حياتها؟ عندما يتحدَّثون عن هذه المسألة من الناحية العلمية، فإنَّهم يقولون إنَّ مسألة التقليد تنطلق في عمقها من مسألة رجوع الجاهل إلى العالـم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النَّحل: 43]، وقد يكون أهل الذِّكر من النساء، وقد يكون أهل الذِّكر من الرجال، {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التَّوبة: 122].
لذلك، قد يرى الكثيرون أنَّ المسألة، من ناحية القاعدة الفقهيّة الأصوليّة، لا تمنع من أن تكون المرأة مقلَّدةً إذا كانت تملك العناصر الثقافيّة الفقهيّة بالدّرجة العليا المشروطة في المقلَّد. ولكنّ بعض الفقهاء يتحفّظون عن ذلك انطلاقاً من أنَّ بعض الأحاديث ركَّزت على اسم الرَّجل، مثل: "من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلِّدوه" .
أو أنَّ بعضهم يحاول أن يثير مسألة التقليد في إطار المرجعيّة، فيعتبر أنَّ القيود الشرعيّة المفروضة على المرأة في حجابها، ولا سيّما من يرى حجاب الوجه، تمنعها من الانفتاح على النّاس. ولكنَّنا نتصوَّر أنَّ لا دخل له بالموضوع، باعتبار أنَّ المسألة هي مسألة أخذ الرّأي بأيّ طريقة من الطرق، وهناك بعض من يدَّعي الإجماع.
القضية في بُعدها العلمي الفقهي الأصولي، أنَّ العلماء لا يرون مانعاً في المسألة من النّاحية المبدئيّة، ولكنَّهم يثيرون بعض الإشكالات حول هذا الموضوع...
وأخيراً يقولون: إذا كنّا نشكّ في غياب الإطلاقات إذا لـم يكن إطلاق ـ كما يقولون في لغتهم الأصوليّة ـ فإذا شكّكنا في حجيّة فتوى المرأة وعدم حجيّتها، فالأصل عدم حجيّتها، أو إذا دار الأمر بين المرأة والرّجل، فهو من قبيل دوران الأمر بين التخيير والتعيين، المهمّ من ناحية الفقه الإسلاميّ لا مانع من الزاوية المبدئيّة.
*من ندوة حول المرجعيَّة، في مدرسة المصطفى (ص)، بتاريخ 17 كانون الثاني، 1994م.