كتابات
14/08/2023

التّماسكِ الاجتماعيّ

 التّماسكِ الاجتماعيّ

من الملاحظ، في تخطيط الإسلام للعلاقات الإنسانية، ارتكاز التخطيط على قاعدتين؛ القاعدة القانونية التشريعية، والقاعدة الشعورية.

ففي القاعدة الأولى، تنظيم للجوانب القانونيّة التي تحدِّد لكلّ طرف من أطراف العلاقة حدوده التي لا يتجاوزها، وتضبط له حركاته وخطواته الَّتي يتحرّك من خلالها، لئلَّا تقع العلاقات في إطار الفوضى الِّتي تدمِّر كلَّ شيء حولها. أمَّا القاعدة الثَّانية، فتتّجه إلى ربط العلاقة بالإحساس، لتتحوَّل الروابط التي تخضع لها العلاقات، إلى مشاعر ذاتيَّة صميمة، تنطلق منها الأوضاع والخطوات الضروريَّة بطريقة عفويَّة رائعة، لا أثر للإجبار أو التكلّف فيها من قريب أو من بعيد.

إنَّ هذا التخطيط الدقيق يتحرَّك ضمن فلسفة واقعيَّة عميقة الغور في داخل تكوين الإنسان الذي تتحوَّل فيه الممارسات القانونيَّة والروابط الاجتماعيَّة إلى عبء ثقيل، يثقل كاهله، ويُقيّد خطواته، ويدفعه إلى التمرّد عليه، نظراً إلى ثقل الالتزامات على نفس الإنسان، ولا سيّما إذا كان لها صفة الدوام والشمول. ولهذا، كان لا بدَّ من إخضاع الإنسان لحالة شعورية حميمة، يتفاعل فيها مع طبيعة العلاقة، كما يتفاعل مع الأشياء الَّتي تتّصل بقضاياه الذاتيَّة. وهذا ما سلكه الإسلام في كلِّ وضع قانوني اجتماعي يستتبع التزامات محدَّدة على الأفراد والجماعات، فحاول أن يجعل القانون يتحرّك في ضمن قوانين غير إلزاميَّة، وتوجيهات أخلاقيَّة، وظروف عاطفيَّة، تحوّل الممارسة إلى عمل ذاتي محبَّب.

وفي ضوء ذلك، كان التَّخطيط الإسلامي لقضيَّة التماسك الاجتماعي الذي ترتكز عليه القوّة الاجتماعيَّة للمجتمع المسلم، فكانت الخطّة الإيجابيَّة أن تتحوّل علاقة المؤمنين بعضهم ببعض إلى شعور حيّ يتفاعل مع آلام المجتمع ومشاكله وحاجاته، تماماً كما هو الإحساس العاطفي بقضايا الذَّات وقضايا الأسرة، لأنَّ الإسلام يعتبر المجتمع مؤسَّسة إنسانيَّة كبيرة، تخضع للتخطيط الَّذي وضعه للمؤسَّسات الإنسانيَّة بصورة عامّة.

ويتمثّل هذا الجانب في تأكيد طبيعة العلاقة الاجتماعيّة التي تفرض انسياب المشاعر الإنسانيَّة في حركة تعاطف مع كلّ الهموم الحياتيَّة، بحيث يتمثّل في وعي الإنسان وإحساسه كهموم شخصيَّة، على أساس وحدة الشخصيَّتين الفردية والاجتماعيَّة في شعوره بالحياة، وارتباط بعضهما ببعض، على الأقلّ.

فكان من توجيهاته الاجتماعيَّة، اعتبار المسلمين في حياتهم الجماعيَّة وحدة عضويَّة في الآلام والمشاعر، تماماً كمثل الجسد الواحد، في علاقة أعضائه بعضهم ببعض من الناحية الشعوريَّة، ما يوحي إلى الإنسان بأنَّه لا يمثّل وجوداً مستقلَّا، أو شخصيَّة مستقلَّة، تجاه الآخرين، بل يمثّل جزءاً من كلّ، تماماً كما هي اليد مع الأخرى، والعين مع أختها، والرأس مع الجسد، وهكذا، لأنَّ صفته الإسلاميَّة تفرض ذلك، من ناحية الكيان الإسلامي المرتبط بأجزائه في تحقيق الأهداف الكبرى للمجموع، وفي استمرار الأُسس الفكريّة والروحيّة في فاعليَّتها وعطائها الكبير.

وقد عبَّر عن ذلك الحديث النبوي الشَّريف المشهور: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضه، تداعى سائره بالسَّهر والحمَّى"[1].

ونلاحظ في هذا الحديث، التركيز على الوحدة الشعورية التي تمثّلها كلمة (توادّهم وتراحمهم)، الَّتي توحي بالمودَّة القلبيّة والرحمة الروحيَّة.

[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج58، ص 150.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".



 

ففي القاعدة الأولى، تنظيم للجوانب القانونيّة التي تحدِّد لكلّ طرف من أطراف العلاقة حدوده التي لا يتجاوزها، وتضبط له حركاته وخطواته الَّتي يتحرّك من خلالها، لئلَّا تقع العلاقات في إطار الفوضى الِّتي تدمِّر كلَّ شيء حولها. أمَّا القاعدة الثَّانية، فتتّجه إلى ربط العلاقة بالإحساس، لتتحوَّل الروابط التي تخضع لها العلاقات، إلى مشاعر ذاتيَّة صميمة، تنطلق منها الأوضاع والخطوات الضروريَّة بطريقة عفويَّة رائعة، لا أثر للإجبار أو التكلّف فيها من قريب أو من بعيد.

إنَّ هذا التخطيط الدقيق يتحرَّك ضمن فلسفة واقعيَّة عميقة الغور في داخل تكوين الإنسان الذي تتحوَّل فيه الممارسات القانونيَّة والروابط الاجتماعيَّة إلى عبء ثقيل، يثقل كاهله، ويُقيّد خطواته، ويدفعه إلى التمرّد عليه، نظراً إلى ثقل الالتزامات على نفس الإنسان، ولا سيّما إذا كان لها صفة الدوام والشمول. ولهذا، كان لا بدَّ من إخضاع الإنسان لحالة شعورية حميمة، يتفاعل فيها مع طبيعة العلاقة، كما يتفاعل مع الأشياء الَّتي تتّصل بقضاياه الذاتيَّة. وهذا ما سلكه الإسلام في كلِّ وضع قانوني اجتماعي يستتبع التزامات محدَّدة على الأفراد والجماعات، فحاول أن يجعل القانون يتحرّك في ضمن قوانين غير إلزاميَّة، وتوجيهات أخلاقيَّة، وظروف عاطفيَّة، تحوّل الممارسة إلى عمل ذاتي محبَّب.

وفي ضوء ذلك، كان التَّخطيط الإسلامي لقضيَّة التماسك الاجتماعي الذي ترتكز عليه القوّة الاجتماعيَّة للمجتمع المسلم، فكانت الخطّة الإيجابيَّة أن تتحوّل علاقة المؤمنين بعضهم ببعض إلى شعور حيّ يتفاعل مع آلام المجتمع ومشاكله وحاجاته، تماماً كما هو الإحساس العاطفي بقضايا الذَّات وقضايا الأسرة، لأنَّ الإسلام يعتبر المجتمع مؤسَّسة إنسانيَّة كبيرة، تخضع للتخطيط الَّذي وضعه للمؤسَّسات الإنسانيَّة بصورة عامّة.

ويتمثّل هذا الجانب في تأكيد طبيعة العلاقة الاجتماعيّة التي تفرض انسياب المشاعر الإنسانيَّة في حركة تعاطف مع كلّ الهموم الحياتيَّة، بحيث يتمثّل في وعي الإنسان وإحساسه كهموم شخصيَّة، على أساس وحدة الشخصيَّتين الفردية والاجتماعيَّة في شعوره بالحياة، وارتباط بعضهما ببعض، على الأقلّ.

فكان من توجيهاته الاجتماعيَّة، اعتبار المسلمين في حياتهم الجماعيَّة وحدة عضويَّة في الآلام والمشاعر، تماماً كمثل الجسد الواحد، في علاقة أعضائه بعضهم ببعض من الناحية الشعوريَّة، ما يوحي إلى الإنسان بأنَّه لا يمثّل وجوداً مستقلَّا، أو شخصيَّة مستقلَّة، تجاه الآخرين، بل يمثّل جزءاً من كلّ، تماماً كما هي اليد مع الأخرى، والعين مع أختها، والرأس مع الجسد، وهكذا، لأنَّ صفته الإسلاميَّة تفرض ذلك، من ناحية الكيان الإسلامي المرتبط بأجزائه في تحقيق الأهداف الكبرى للمجموع، وفي استمرار الأُسس الفكريّة والروحيّة في فاعليَّتها وعطائها الكبير.

وقد عبَّر عن ذلك الحديث النبوي الشَّريف المشهور: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضه، تداعى سائره بالسَّهر والحمَّى"[1].

ونلاحظ في هذا الحديث، التركيز على الوحدة الشعورية التي تمثّلها كلمة (توادّهم وتراحمهم)، الَّتي توحي بالمودَّة القلبيّة والرحمة الروحيَّة.

[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج58، ص 150.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".



 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية