كتابات
11/08/2023

الأسلوبُ الأفضلُ لتربية الأطفال

 الأسلوبُ الأفضلُ لتربية الأطفال

[فيما يتعلّق بأساليب تربية الطّفل]، من الصَّعب جدّاً أن نضع خطّاً بيانياً واحداً للتربية، لأنّ رسالة التربية هي أن نصلح ما يفسد من الطّفل، أو ندخل الفكرة ـــ القيمة ـــ إلى وجدانه، بحسب ما تستوعب إدراكاته وأحاسيسه. لذلك، فإنّ هذه العملية قد تحتاج إلى ما يشبه العقاقير لأيّ مرضٍ كان، وقد تحتاج إلى ما يشبه العمليَّة الجراحيَّة، بحيث يدور الأمر بين أن نترك الطّفل نهباً للعلّة الَّتي تهدِّد شخصيَّته أو حياته، أو أن نقسو عليه بطريقة مدروسة لتخليصه منها.

فنحن إذا ما أردنا أن ننشئ إنساناً سويّاً، لا بدَّ لنا أن نتعامل مع المفردات السلبيَّة الموجودة داخل شخصيّته بحسب حاجتها إلى الرفق أو إلى العنف، فلا يستعجل المربّي منّا العنف، لأنّ مزاجه لا يصبر على متابعة التجربة اللّيّنة أو السلميَّة، إذا صحّ التَّعبير، بل يستنفد كلّ التجارب إذا لم يكن لهذا الاستنفاد، ولما يستغرقه من وقتٍ طويل، تأثير سلبيّ في عملية التقويم.

لذلك نقول: إنَّ الأصل هو عدم القسوة، ولكن من الممكن أن نستعمل العنف من موقع الرَّحمة، لا من موقع حالتنا المزاجيَّة التي تختزن الميل إلى القسوة. إنّنا نفرِّق بين الأسلوب الذي يختزن العنف على اختلاف درجاته، وبين القسوة، فالقسوة حالة نفسيَّة تدفع الإنسان إلى الاعتداء على الآخرين واضطهادهم، بينما العنف هو خطّة يُراد من خلالها إصلاح ما يفسد من الإنسان، أو تعميق قيمةٍ ما في نفسه، وهو بذلك قد يحمل مصلحةً للإنسان، تماماً كالعمليَّات الجراحيَّة التي تحمل إليه الصحّة.

وإذا درسنا المسألة في ضوء الواقع، لا نجد الحياة رفقاً كلّها أو عنفاً كلّها، بل إنّ للرفق موقعاً فيها وللعنف موقعاً آخر. وفي هذا الصَّدد، نستذكر قول المتنبّي:

ووضع النَّدى في موضع السَّيف بالعلى    *     مضرٌّ كوضع السَّيف في موضع النَّدى

إنَّ عنوان الأسلوب التربوي الَّذي نختاره، هو عنوان يتحرّك تبعاً للحالة الداخليَّة أو الخارجيَّة التي يعيشها الطفل، والتي تتحدَّد في ضوئها حاجة العلاج إلى التدخُّل لتقويم الحالة أو إصلاحها أو ترويضها، ذلك أنَّ الأطفال يختلفون فيما بينهم، فهناك الَّذي لا يمكن إصلاح أمره بالرِّفق دائماً أو بالعنف دائماً، وهناك مَنْ يحتاج إلى الضَّغط كي يهدأ ويستقرّ.

الخلاصة: نحن ضدّ التسلُّط وضدّ القسوة، لأنَّ التسلُّط يمثّل حالة قهر، ولأنّ القسوة تمثِّل حالة عدوان. إنّنا نفرِّق بين السلطة والقسوة والعنف المدروس، والأصل في الإسلام هو الرّفق.

* من كتاب "دنيا الطفل".

[فيما يتعلّق بأساليب تربية الطّفل]، من الصَّعب جدّاً أن نضع خطّاً بيانياً واحداً للتربية، لأنّ رسالة التربية هي أن نصلح ما يفسد من الطّفل، أو ندخل الفكرة ـــ القيمة ـــ إلى وجدانه، بحسب ما تستوعب إدراكاته وأحاسيسه. لذلك، فإنّ هذه العملية قد تحتاج إلى ما يشبه العقاقير لأيّ مرضٍ كان، وقد تحتاج إلى ما يشبه العمليَّة الجراحيَّة، بحيث يدور الأمر بين أن نترك الطّفل نهباً للعلّة الَّتي تهدِّد شخصيَّته أو حياته، أو أن نقسو عليه بطريقة مدروسة لتخليصه منها.

فنحن إذا ما أردنا أن ننشئ إنساناً سويّاً، لا بدَّ لنا أن نتعامل مع المفردات السلبيَّة الموجودة داخل شخصيّته بحسب حاجتها إلى الرفق أو إلى العنف، فلا يستعجل المربّي منّا العنف، لأنّ مزاجه لا يصبر على متابعة التجربة اللّيّنة أو السلميَّة، إذا صحّ التَّعبير، بل يستنفد كلّ التجارب إذا لم يكن لهذا الاستنفاد، ولما يستغرقه من وقتٍ طويل، تأثير سلبيّ في عملية التقويم.

لذلك نقول: إنَّ الأصل هو عدم القسوة، ولكن من الممكن أن نستعمل العنف من موقع الرَّحمة، لا من موقع حالتنا المزاجيَّة التي تختزن الميل إلى القسوة. إنّنا نفرِّق بين الأسلوب الذي يختزن العنف على اختلاف درجاته، وبين القسوة، فالقسوة حالة نفسيَّة تدفع الإنسان إلى الاعتداء على الآخرين واضطهادهم، بينما العنف هو خطّة يُراد من خلالها إصلاح ما يفسد من الإنسان، أو تعميق قيمةٍ ما في نفسه، وهو بذلك قد يحمل مصلحةً للإنسان، تماماً كالعمليَّات الجراحيَّة التي تحمل إليه الصحّة.

وإذا درسنا المسألة في ضوء الواقع، لا نجد الحياة رفقاً كلّها أو عنفاً كلّها، بل إنّ للرفق موقعاً فيها وللعنف موقعاً آخر. وفي هذا الصَّدد، نستذكر قول المتنبّي:

ووضع النَّدى في موضع السَّيف بالعلى    *     مضرٌّ كوضع السَّيف في موضع النَّدى

إنَّ عنوان الأسلوب التربوي الَّذي نختاره، هو عنوان يتحرّك تبعاً للحالة الداخليَّة أو الخارجيَّة التي يعيشها الطفل، والتي تتحدَّد في ضوئها حاجة العلاج إلى التدخُّل لتقويم الحالة أو إصلاحها أو ترويضها، ذلك أنَّ الأطفال يختلفون فيما بينهم، فهناك الَّذي لا يمكن إصلاح أمره بالرِّفق دائماً أو بالعنف دائماً، وهناك مَنْ يحتاج إلى الضَّغط كي يهدأ ويستقرّ.

الخلاصة: نحن ضدّ التسلُّط وضدّ القسوة، لأنَّ التسلُّط يمثّل حالة قهر، ولأنّ القسوة تمثِّل حالة عدوان. إنّنا نفرِّق بين السلطة والقسوة والعنف المدروس، والأصل في الإسلام هو الرّفق.

* من كتاب "دنيا الطفل".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية