كتابات
12/09/2022

كيف يعالجُ المؤمنُ مشاعرَ الحسد؟

كيف يعالجُ المؤمنُ مشاعرَ الحسد؟

إنَّ علاج الحسد هو بأن يشعر الإنسان، أوَّلاً، بأنَّ الله يريد منه أن يحبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، وقد جعل الله هذا أساس الإيمان، كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص): "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"1.

فعندما تكون مؤمناً، حاول أن تفهم إيمانك، وحاول أن تحاكم إيمانك، وحاول أن تكتشف الأمراض التي في داخل إيمانك، وحاول أن تعالج إيمانك، فإذا انفتحت في إيمانك على الله، فإنّ عليك أن تعرف أنّ الله سبحانه وتعالى وسعت رحمته كلّ شيء، وجرت حكمته في كلّ شيء، وانفتح عدله على المخلوقات كلّها. ولذلك، فإنّ عليك أن لا تناقش شيئاً ممّا أعطاه الله هنا وممّا منعه الله هناك، لأنّه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: 23]. ثمّ انطلق بعد ذلك في إيمانك، لتعرف أنّ الله أراد منك في معنى الإيمان أن تكون إنسانيَّتك منفتحة على الإنسان الآخر، ليكون عقلك منفتحاً على عقله، وقلبك منفتحاً على قلبه، وحركتك منفتحة على حركته، لتطلب من الله أن تكون معه في النِّعمة التي يفيضها على الناس كلّهم، وأن تكون معه في طاعة الله والجهاد في سبيله، وأن تكون معه يوم يقف الناس بين يدي الله لتدخلا الجنّة معاً، ولتكون الجنَّة لك وله، فلا تعيش الحسد هناك ليدخل صاحبك النار وتدخل وحدك الجنّة، لأنّ الجنّة هي مظهر رحمة الله، كما أنّ الحياة مظهر رحمة الله وعلينا أن نعيش ذلك.

إنّ الإسلام يقول لك: إذا لم تستطع أن تعالج الحسد في داخل نفسك، فحاول أن تجمّد هذا المعنى ليبقى في داخل نفسك، ولا يتحوّل إلى حركة عدوانية ضدّ الآخر، وهذا ما ورد به الحديث عن رسول الله (ص) فيما روي عنه، قال: "ثلاث لا يسلم منهنّ أحدٌ: الطّيرة، والحسد، والظنّ. قيل: فما نصنع؟ قال (ص): إذا تطيّرت (تشاءمت) فامض، وإذا حسدت فلا تبغ"، أي لا تعتد، ولا تحوّل حسدك إلى حركة عدوانية ضدّ الآخر، "وإذا ظننت فلا تحقِّق"2.

ومن خلال ذلك، نفهم قوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: 5]، أي من شرّ بغيه ومن شرّ عدوانه، من خلال أنَّ الحسد ينطلق من عقدة تدميريّة ضدّ الآخر.

ولقد ورد حديث يقول إنّ (العين حقّ)، ويعتقد الناس أنّ عين الحسود تفلق الصَّخر، وقد تقتل الإنسان، ولا نريد أن ننكر ذلك بالمطلق، ولكنّنا ندّعي أنّنا لا نفهم ذلك لسبب بسيط، وهو أنّ هذه لو كانت حقيقة بهذه الشموليَّة التي يعتقدها الناس، لكان كلّ ذي نعمة يعيش الدَّمار في حياته، لأنّ "كلّ ذي نعمة تلقاه محسوداً"... فإذا صحّ الحديث، فإنّنا نبقيه على إجماله، ونردّ علمه إلى أهله، أمّا أن نحوّل ذلك إلى عقيدة، بأنّ عين الحاسد يمكن أن تدمّر المحسود أو تقتله أو تربك وضعه، فهذا أمر نجد أنّ التجربة الشاملة في مدى الإنسان لا تدلّ عليه.

إنّنا نعتقد أنّ كل الكلمات التي جاءت لتدعو الناس إلى الابتعاد عن الحسد، أرادت أن تزيل الحسد من نفوسنا، من أجل أن يكون إيماننا إيماناً صافياً مسلّماً لله في حكمته ونعمته ورحمته، وأن تكون قلوبنا صافية تجاه الإنسان الآخر الذي أنعم الله عليه، لنتمنّى أن يعطينا مثله دون أن يزيلها عنه, وهذا هو معنى الغبطة، وهو المعنى الإسلاميّ الأخلاقي الإيجابيّ.

أيّها الأحبّة، علينا أن نعيش هذه الحركة الأخلاقيَّة الداخليَّة التي نجلس فيها مع أنفسنا لنحاسبها ونحاكمها ونجاهدها، لأنّ مثل هذه الأخلاق السلبية تأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب، وتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وتحوّل الإنسان إلى شخص لا يعيش إنسانيّته.

لذلك، يمكن أن تتحوّل الحياة إلى حياة يدمّر فيها الإنسان الإنسان الآخر من خلال روحية الحسد، بدلاً من أن ينفتح الإنسان على الإنسان الآخر ويتعاون معه.

* من كتاب "الندوة"، ج 3.

[1]صحيح البخاري، ج1، ص 13.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج55، ص 320.

إنَّ علاج الحسد هو بأن يشعر الإنسان، أوَّلاً، بأنَّ الله يريد منه أن يحبَّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، وقد جعل الله هذا أساس الإيمان، كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص): "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"1.

فعندما تكون مؤمناً، حاول أن تفهم إيمانك، وحاول أن تحاكم إيمانك، وحاول أن تكتشف الأمراض التي في داخل إيمانك، وحاول أن تعالج إيمانك، فإذا انفتحت في إيمانك على الله، فإنّ عليك أن تعرف أنّ الله سبحانه وتعالى وسعت رحمته كلّ شيء، وجرت حكمته في كلّ شيء، وانفتح عدله على المخلوقات كلّها. ولذلك، فإنّ عليك أن لا تناقش شيئاً ممّا أعطاه الله هنا وممّا منعه الله هناك، لأنّه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: 23]. ثمّ انطلق بعد ذلك في إيمانك، لتعرف أنّ الله أراد منك في معنى الإيمان أن تكون إنسانيَّتك منفتحة على الإنسان الآخر، ليكون عقلك منفتحاً على عقله، وقلبك منفتحاً على قلبه، وحركتك منفتحة على حركته، لتطلب من الله أن تكون معه في النِّعمة التي يفيضها على الناس كلّهم، وأن تكون معه في طاعة الله والجهاد في سبيله، وأن تكون معه يوم يقف الناس بين يدي الله لتدخلا الجنّة معاً، ولتكون الجنَّة لك وله، فلا تعيش الحسد هناك ليدخل صاحبك النار وتدخل وحدك الجنّة، لأنّ الجنّة هي مظهر رحمة الله، كما أنّ الحياة مظهر رحمة الله وعلينا أن نعيش ذلك.

إنّ الإسلام يقول لك: إذا لم تستطع أن تعالج الحسد في داخل نفسك، فحاول أن تجمّد هذا المعنى ليبقى في داخل نفسك، ولا يتحوّل إلى حركة عدوانية ضدّ الآخر، وهذا ما ورد به الحديث عن رسول الله (ص) فيما روي عنه، قال: "ثلاث لا يسلم منهنّ أحدٌ: الطّيرة، والحسد، والظنّ. قيل: فما نصنع؟ قال (ص): إذا تطيّرت (تشاءمت) فامض، وإذا حسدت فلا تبغ"، أي لا تعتد، ولا تحوّل حسدك إلى حركة عدوانية ضدّ الآخر، "وإذا ظننت فلا تحقِّق"2.

ومن خلال ذلك، نفهم قوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: 5]، أي من شرّ بغيه ومن شرّ عدوانه، من خلال أنَّ الحسد ينطلق من عقدة تدميريّة ضدّ الآخر.

ولقد ورد حديث يقول إنّ (العين حقّ)، ويعتقد الناس أنّ عين الحسود تفلق الصَّخر، وقد تقتل الإنسان، ولا نريد أن ننكر ذلك بالمطلق، ولكنّنا ندّعي أنّنا لا نفهم ذلك لسبب بسيط، وهو أنّ هذه لو كانت حقيقة بهذه الشموليَّة التي يعتقدها الناس، لكان كلّ ذي نعمة يعيش الدَّمار في حياته، لأنّ "كلّ ذي نعمة تلقاه محسوداً"... فإذا صحّ الحديث، فإنّنا نبقيه على إجماله، ونردّ علمه إلى أهله، أمّا أن نحوّل ذلك إلى عقيدة، بأنّ عين الحاسد يمكن أن تدمّر المحسود أو تقتله أو تربك وضعه، فهذا أمر نجد أنّ التجربة الشاملة في مدى الإنسان لا تدلّ عليه.

إنّنا نعتقد أنّ كل الكلمات التي جاءت لتدعو الناس إلى الابتعاد عن الحسد، أرادت أن تزيل الحسد من نفوسنا، من أجل أن يكون إيماننا إيماناً صافياً مسلّماً لله في حكمته ونعمته ورحمته، وأن تكون قلوبنا صافية تجاه الإنسان الآخر الذي أنعم الله عليه، لنتمنّى أن يعطينا مثله دون أن يزيلها عنه, وهذا هو معنى الغبطة، وهو المعنى الإسلاميّ الأخلاقي الإيجابيّ.

أيّها الأحبّة، علينا أن نعيش هذه الحركة الأخلاقيَّة الداخليَّة التي نجلس فيها مع أنفسنا لنحاسبها ونحاكمها ونجاهدها، لأنّ مثل هذه الأخلاق السلبية تأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب، وتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وتحوّل الإنسان إلى شخص لا يعيش إنسانيّته.

لذلك، يمكن أن تتحوّل الحياة إلى حياة يدمّر فيها الإنسان الإنسان الآخر من خلال روحية الحسد، بدلاً من أن ينفتح الإنسان على الإنسان الآخر ويتعاون معه.

* من كتاب "الندوة"، ج 3.

[1]صحيح البخاري، ج1، ص 13.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج55، ص 320.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية