كتابات
01/09/2022

التَّوازنُ عندَ المؤمنِ بينَ الخوفِ والرَّجاء

التَّوازنُ عندَ المؤمنِ بينَ الخوفِ والرَّجاء

يريد الله أن يكون هناك في قلب الإنسان المؤمن نور خيفة ونور رجاء، أن تكون عندك خيفة من الله تمنعك من المعصية وتدفعك إلى الطاعة، كما لو كان الله يريد أن يعاقبك بكلّ عقابه، وأن يكون لك رجاء برحمة الله، كما لو كان الله يريد أن يكافئك. فقد ورد في وصيّة لقمان لابنه، وأكَّدها أمير المؤمنين (ع) في وصيّته لولده الإمام الحسن (ع)، "خَفِ اللهَ خوفاً لو وافيته ببرّ الثّقلين خفت أن يعذِّبك، وارجُ الله رجاءً لو وافيته بذنوب الثّقلين رجوت أن يغفر لك"1، أن تتوازن لديك روحيَّة الخوف من الله لتمنعك من الانحراف، وروحية الرجاء بالله لتمنعك من اليأس ومن القنوط. تذكَّر دائماً أنَّ الله شديد العقاب، وأنَّ الله غفورٌ رحيم، هو "أشدّ المعاقبين في مَوْضِعِ النكال والنَّقِمَة"، وهو "أرحمُ الراحمين في موضع العفْوِ والرحمة"، تذكَّر ذلك لتتوازن في حياتك، حتّى لا يسقطك الخوف باليأس، ولا يجعلك الرجاء تتحرّك لتمتدّ في المعصية كما يفعل بعض الناس.

إنَّ شخصية الناس تحمل نقطتين: النقطة الأولى تتعلّق بجانب التطرّف في الخوف، فيقول إنسان ما: أنا ارتكبت معاصي كثيرة في حياتي، فلا أرجو رحمة الله، كيف سأُلاقي وجه الله ولا توجد جريمة إلَّا ارتكبتها، عشتُ حياتي وقلبي أسود على النّاس، بأيّ عين سأُلاقي الله سبحانه وتعالى، وبأيّ وجه سألاقيه؟! فيجب أن أستسلم لمصيري في معصية الله، لأنّني وقعت ولا يمكن أن أنهض من هذه الوقعة. هكذا يفكِّر بعض الناس، وهذا خطأ، لأنَّ هذا الفهم يقتضي أن ييأس الإنسان من رحمة الله. والله سبحانه وتعالى قال لهؤلاء النَّاس: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]. فإذا كنت قد أسرفت في المعاصي في حياتك، وتورَّطت في كثيرٍ من الجرائم، فإنَّ عليك أن تعرف {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ...}[النساء: 48]، فلا تقنط من رحمة الله، ولا تيأس من رحمة الله، لأنَّ لله رحمة في يوم القيامة يتطاول لها عنق إبليس.

أمّا النقطة الثانية من التطرّف، فتتعلّق بجانب الرجاء، فبعض الناس يأمل برحمة الله بالمستوى الذي لا يفكّر في طاعة، ولا يعمل على أن يمنع نفسه عن معصية، عندما يشرب الخمر أو يلعب القمار، أو يزني ويسرق ويظلم، ويعين الظَّالمين، ويفعل كلَّ المحرَّمات، ويترك الصَّلاة، ويترك الصَّوم والحجّ والخمس والزكاة، وبعد ذلك يقول: الله سبحانه وتعالى كبير وعظيم، ليس من المعقول أن يحاسبني، ومَن أنا حتّى يحاسبني؟ فالله سبحانه أكبر وأعظم من أن يعذِّب أحداً، وعندما يفكِّر في جنّة وفي نار، يقول "ليوم الله يهوِّن الله"، فيدفعه ذلك إلى الامتداد في المعصية وإلى ترك الواجبات وتسويف التوبة. هذا تطرُّف أيضاً.

أمّا الإنسان المتوازن، فهو الذي عبَّر الله عنه سبحانه وتعالى أنَّه يحذر الآخرة {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر: 9]. وهو يتحرّك في خطّين لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فهو في الوقت الَّذي يحذر فيه الآخرة ويخاف عقاب الله في الآخرة، يرجو رحمة الله في أنّه لو أذنب، فإنَّ الله يعفو عن ذنبه، فهو يعمل على أنْ لا يذنب، ولكنّه إذا أذنب، فهو يرجو رحمة الله في ذلك، فيتوازن في قلبه الخوف والرَّجاء.

هذا ما ينبغي لنا أنْ نربّي أنفسنا عليه.

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:13، ص: 413.

يريد الله أن يكون هناك في قلب الإنسان المؤمن نور خيفة ونور رجاء، أن تكون عندك خيفة من الله تمنعك من المعصية وتدفعك إلى الطاعة، كما لو كان الله يريد أن يعاقبك بكلّ عقابه، وأن يكون لك رجاء برحمة الله، كما لو كان الله يريد أن يكافئك. فقد ورد في وصيّة لقمان لابنه، وأكَّدها أمير المؤمنين (ع) في وصيّته لولده الإمام الحسن (ع)، "خَفِ اللهَ خوفاً لو وافيته ببرّ الثّقلين خفت أن يعذِّبك، وارجُ الله رجاءً لو وافيته بذنوب الثّقلين رجوت أن يغفر لك"1، أن تتوازن لديك روحيَّة الخوف من الله لتمنعك من الانحراف، وروحية الرجاء بالله لتمنعك من اليأس ومن القنوط. تذكَّر دائماً أنَّ الله شديد العقاب، وأنَّ الله غفورٌ رحيم، هو "أشدّ المعاقبين في مَوْضِعِ النكال والنَّقِمَة"، وهو "أرحمُ الراحمين في موضع العفْوِ والرحمة"، تذكَّر ذلك لتتوازن في حياتك، حتّى لا يسقطك الخوف باليأس، ولا يجعلك الرجاء تتحرّك لتمتدّ في المعصية كما يفعل بعض الناس.

إنَّ شخصية الناس تحمل نقطتين: النقطة الأولى تتعلّق بجانب التطرّف في الخوف، فيقول إنسان ما: أنا ارتكبت معاصي كثيرة في حياتي، فلا أرجو رحمة الله، كيف سأُلاقي وجه الله ولا توجد جريمة إلَّا ارتكبتها، عشتُ حياتي وقلبي أسود على النّاس، بأيّ عين سأُلاقي الله سبحانه وتعالى، وبأيّ وجه سألاقيه؟! فيجب أن أستسلم لمصيري في معصية الله، لأنّني وقعت ولا يمكن أن أنهض من هذه الوقعة. هكذا يفكِّر بعض الناس، وهذا خطأ، لأنَّ هذا الفهم يقتضي أن ييأس الإنسان من رحمة الله. والله سبحانه وتعالى قال لهؤلاء النَّاس: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]. فإذا كنت قد أسرفت في المعاصي في حياتك، وتورَّطت في كثيرٍ من الجرائم، فإنَّ عليك أن تعرف {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ...}[النساء: 48]، فلا تقنط من رحمة الله، ولا تيأس من رحمة الله، لأنَّ لله رحمة في يوم القيامة يتطاول لها عنق إبليس.

أمّا النقطة الثانية من التطرّف، فتتعلّق بجانب الرجاء، فبعض الناس يأمل برحمة الله بالمستوى الذي لا يفكّر في طاعة، ولا يعمل على أن يمنع نفسه عن معصية، عندما يشرب الخمر أو يلعب القمار، أو يزني ويسرق ويظلم، ويعين الظَّالمين، ويفعل كلَّ المحرَّمات، ويترك الصَّلاة، ويترك الصَّوم والحجّ والخمس والزكاة، وبعد ذلك يقول: الله سبحانه وتعالى كبير وعظيم، ليس من المعقول أن يحاسبني، ومَن أنا حتّى يحاسبني؟ فالله سبحانه أكبر وأعظم من أن يعذِّب أحداً، وعندما يفكِّر في جنّة وفي نار، يقول "ليوم الله يهوِّن الله"، فيدفعه ذلك إلى الامتداد في المعصية وإلى ترك الواجبات وتسويف التوبة. هذا تطرُّف أيضاً.

أمّا الإنسان المتوازن، فهو الذي عبَّر الله عنه سبحانه وتعالى أنَّه يحذر الآخرة {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر: 9]. وهو يتحرّك في خطّين لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فهو في الوقت الَّذي يحذر فيه الآخرة ويخاف عقاب الله في الآخرة، يرجو رحمة الله في أنّه لو أذنب، فإنَّ الله يعفو عن ذنبه، فهو يعمل على أنْ لا يذنب، ولكنّه إذا أذنب، فهو يرجو رحمة الله في ذلك، فيتوازن في قلبه الخوف والرَّجاء.

هذا ما ينبغي لنا أنْ نربّي أنفسنا عليه.

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:13، ص: 413.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية