كتابات
31/08/2022

مسؤوليَّةُ الحياةِ في خطِّ اللهِ ورسولِه

مسؤوليَّةُ الحياةِ في خطِّ اللهِ ورسولِه

يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(الأنفال: 27).

في هذه الآية عدة جوانب تتَّصل بحركة الإنسان في خطِّ المسؤوليَّة في الحياة، من خلال التزامه مع الله، والتزامه مع الرسول، والتزاماته الإنسانيَّة في علاقاته بالناس، والله يعتبر كلَّ ذلك عهداً لا بدَّ للإنسان من أن يفي به ويقف عنده ويتحمَّل مسؤوليَّته، لأن الإنسان قد يكون حراً فيما يتعلّق بحركة ذاته من خلال ذاتياته، ولكنّه كإنسان، لا بدَّ له من أن يحيا حياته بكلِّ ما تفرضه الحياة من مسؤوليَّات.

نحن، أيّها الأحبَّة، عندما نحيا في هذا الكون، فعلينا أن نعرف أن حياتنا مسؤوليَّة، لأنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا لحكمة تتَّصل بحركتنا في الكون، لنعمّر الكون على الصورة التي أراد لنا أن نعمّرها، وهو عندما أرسل رسله، وفي مقدَّمهم خاتمهم المصطفى (ص)، فإنه أراد لنا أن نتحرك في بناء الحياة على أساس هذه الرسالة، وتبقى لنا حرية الحركة في دائرة الرسالة لا في خارجها.

والرسالة لا تحصر الإنسان في مفرداتها ليكون مجرَّد إنسان ينفّذ تعليمات، بل إنها جعلت له في كلِّ تشريع من تشريعاتها، وفي كلِّ مفهوم من مفاهيمها، جعلت له حرية الحركة في أن يبدع وينتج وينفتح ويتحرَّك في دائرة هذا الحكم الشرعي أو في دائرة هذا المفهوم الإسلامي.

إنَّ الله يريد أن يحدِّثنا عن التزاماتنا معه، وقد عبَّر عن ذلك بخطابه سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، وليس الخطاب لهم إلَّا بلحاظ ما كانوا يمثِّلونه من نموذج ممن يتحمَّل المسؤوليَّة: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(البقرة:40). فهناك عهد بين الله وبين الإنسان، وهو أن يعطي الإنسان ما يريد الله أن يعطيه في الدنيا، وأن تنفتح له أبواب النعيم في الآخرة، على أساس أن ينسجم الإنسان مع الخطِّ الإلهيّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}(فصِّلت: 30).

لذلك، عندما ندرس هذه الآية: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}، نعرف أنَّ الله احترم الإنسان، وهو خالقه، ورفعه إلى أعلى مستوى، واعتبر التزامنا معه والتزامه معنا عهداً، مع أنّه يملكنا بكلِّنا ويملك ما نملك. قال لك: لتكن لك إرادتك، ولتكن لك حريتك، وليكن لك خيارك، أنت عقل خلقته من أجل أن ينتج إنسانيَّتك، وينتج للحياة. لذلك، فنحن عبادُ الله، وعبوديّتنا له مطلقة، ليست كالعبوديَّة فيما تعارف عليه الناس عندما يملك بعضهم بعضاً، فتلك تسمَّى «اعتباريَّة»، أمّا عبوديتي لله فهي مطلقة، فنحن عبيده بكلِّ وجودنا، لأنَّ كلَّ وجودنا منه، ومع ذلك، عاملنا الله سبحانه وتعالى في علاقتنا معه علاقة معاهدة، أراد لنا أن نختار علاقتنا، وأن نختار مصيرنا {وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}(الكهف: 29)، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(الزلزلة: 7 - 8)، مارس حريتك في مصيرك، وتحمَّل مسؤوليَّة ممارسة هذه الحريَّة فيما تقبل عليه من حركة المصير. وبالتالي، فعندما يقول الله إنَّ هناك معاهدة بيني وبينك، فمعنى ذلك أن الله احترمك وأكَّد لك إنسانيَّتك وذاتك، وقال لك خذ حريتك، لكن كن الواعي وأنت تمارس هذه الحريّة، فالحريَّة ليست انفعالاً مزاجياً، وليست انحناءً أمام الشهوات، إنما هي اختيار، والاختيار يعني أن تدرس القضايا من جميع جوانبها ليكون لك الخيرة في ذلك.

لذلك، فعندما نريد أن ندرس موقعنا من ربنا، فإنّ علينا أن ندرس مقام ربنا وموقع ربّنا منّا، وأن نعرف الله في مواقع عظمته ومواقع نعمته، ثم نفي له ونخلص له، وهو الذي أعطانا كلَّ شي‏ء، وهو الَّذي فتح لنا كل الآفاق التي لو وعيناها لما أمكننا إلَّا أن نحبَّه.

* من كتاب "النَّدوة"، ج 1.

يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(الأنفال: 27).

في هذه الآية عدة جوانب تتَّصل بحركة الإنسان في خطِّ المسؤوليَّة في الحياة، من خلال التزامه مع الله، والتزامه مع الرسول، والتزاماته الإنسانيَّة في علاقاته بالناس، والله يعتبر كلَّ ذلك عهداً لا بدَّ للإنسان من أن يفي به ويقف عنده ويتحمَّل مسؤوليَّته، لأن الإنسان قد يكون حراً فيما يتعلّق بحركة ذاته من خلال ذاتياته، ولكنّه كإنسان، لا بدَّ له من أن يحيا حياته بكلِّ ما تفرضه الحياة من مسؤوليَّات.

نحن، أيّها الأحبَّة، عندما نحيا في هذا الكون، فعلينا أن نعرف أن حياتنا مسؤوليَّة، لأنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا لحكمة تتَّصل بحركتنا في الكون، لنعمّر الكون على الصورة التي أراد لنا أن نعمّرها، وهو عندما أرسل رسله، وفي مقدَّمهم خاتمهم المصطفى (ص)، فإنه أراد لنا أن نتحرك في بناء الحياة على أساس هذه الرسالة، وتبقى لنا حرية الحركة في دائرة الرسالة لا في خارجها.

والرسالة لا تحصر الإنسان في مفرداتها ليكون مجرَّد إنسان ينفّذ تعليمات، بل إنها جعلت له في كلِّ تشريع من تشريعاتها، وفي كلِّ مفهوم من مفاهيمها، جعلت له حرية الحركة في أن يبدع وينتج وينفتح ويتحرَّك في دائرة هذا الحكم الشرعي أو في دائرة هذا المفهوم الإسلامي.

إنَّ الله يريد أن يحدِّثنا عن التزاماتنا معه، وقد عبَّر عن ذلك بخطابه سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، وليس الخطاب لهم إلَّا بلحاظ ما كانوا يمثِّلونه من نموذج ممن يتحمَّل المسؤوليَّة: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(البقرة:40). فهناك عهد بين الله وبين الإنسان، وهو أن يعطي الإنسان ما يريد الله أن يعطيه في الدنيا، وأن تنفتح له أبواب النعيم في الآخرة، على أساس أن ينسجم الإنسان مع الخطِّ الإلهيّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}(فصِّلت: 30).

لذلك، عندما ندرس هذه الآية: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}، نعرف أنَّ الله احترم الإنسان، وهو خالقه، ورفعه إلى أعلى مستوى، واعتبر التزامنا معه والتزامه معنا عهداً، مع أنّه يملكنا بكلِّنا ويملك ما نملك. قال لك: لتكن لك إرادتك، ولتكن لك حريتك، وليكن لك خيارك، أنت عقل خلقته من أجل أن ينتج إنسانيَّتك، وينتج للحياة. لذلك، فنحن عبادُ الله، وعبوديّتنا له مطلقة، ليست كالعبوديَّة فيما تعارف عليه الناس عندما يملك بعضهم بعضاً، فتلك تسمَّى «اعتباريَّة»، أمّا عبوديتي لله فهي مطلقة، فنحن عبيده بكلِّ وجودنا، لأنَّ كلَّ وجودنا منه، ومع ذلك، عاملنا الله سبحانه وتعالى في علاقتنا معه علاقة معاهدة، أراد لنا أن نختار علاقتنا، وأن نختار مصيرنا {وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}(الكهف: 29)، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(الزلزلة: 7 - 8)، مارس حريتك في مصيرك، وتحمَّل مسؤوليَّة ممارسة هذه الحريَّة فيما تقبل عليه من حركة المصير. وبالتالي، فعندما يقول الله إنَّ هناك معاهدة بيني وبينك، فمعنى ذلك أن الله احترمك وأكَّد لك إنسانيَّتك وذاتك، وقال لك خذ حريتك، لكن كن الواعي وأنت تمارس هذه الحريّة، فالحريَّة ليست انفعالاً مزاجياً، وليست انحناءً أمام الشهوات، إنما هي اختيار، والاختيار يعني أن تدرس القضايا من جميع جوانبها ليكون لك الخيرة في ذلك.

لذلك، فعندما نريد أن ندرس موقعنا من ربنا، فإنّ علينا أن ندرس مقام ربنا وموقع ربّنا منّا، وأن نعرف الله في مواقع عظمته ومواقع نعمته، ثم نفي له ونخلص له، وهو الذي أعطانا كلَّ شي‏ء، وهو الَّذي فتح لنا كل الآفاق التي لو وعيناها لما أمكننا إلَّا أن نحبَّه.

* من كتاب "النَّدوة"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية