كتابات
26/07/2022

بينَ حسنِ الظَّاهرِ والسّقوطِ في الامتحانِ

بينَ حسنِ الظَّاهرِ والسّقوطِ في الامتحانِ
في حركة الإنسان وعلاقته بالإنسان الآخر، في ثقته به، وفي ارتباطه به، وفي انتمائه إليه، وفي اتّباعه له، هل يكفي حسن الظَّاهر؟ هل تكفي الكلمة التي تجذب قلبك، أو أن المسألة أعمق من ذلك؟ ربما كان حسن الظاهر يجعلك تحقق انطباعاً جيِّداً حول هذا الإنسان، وربما كانت الكلمة توحي إليك بالمعاني الطيبة حوله، ولكن ذلك شي‏ء، وأن تجعله موضع ثقتك، بحيث ترتبط به وتتبعه وتسير خلفه شي‏ء آخر.
ومن دروس القرآن الكريم في ذلك، ما قصَّه الله علينا في كتابه عن نموذجين من الناس، ربما كان ظاهرهم يوحي بالثقة، ولكنهم عندما اصطدموا بالتجربة، سقطوا في الامتحان.
النَّموذج الأوَّل، مَنْ قال الله سبحانه فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَىٰ حَرْفٍ - أي يعبده عبادةً لا عمق لها في العقل، ولا عمق لها في النَّفس، بل هي عبادة تنطلق من سطح إحساس الإنسان بالله، لا من موقع الانفتاح على المشاعر أو من الإطلال على الفكرة. يعبد الله على حرف، لأنه يرث العبادة عن آبائه وأجداده، ولأنَّ البيئة من حوله تصلّي مثلاً، فيصلّي انفعالاً بذلك.
 - فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ - أي جرت الرياح كما يحلو له، فكانت معتدلةً لا عواصف فيها ولا مشاكل - اطْمَأَنَّ بِهِ - أمَّا إذا اصطدم بالتجربة الّتي تتطلّب منه أن يقول كلمة الحقِّ في الأجواء التي تضغط عليه ليقول الباطل، وفي المواقف الَّتي يمكن أن تجعل الأرض تهتزّ من تحت أقدامه، وفي الحالات التي يمكن أن يخسر فيها إذا انطلق مع مبادئه، أو يربح فيها إذا انحرف عن مبادئه - وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ - ومصطلح الفتنة في القرآن يعني الامتحان والتجربة التي قد تهزّ أعماق الإنسان لتظهر ما في داخلها عندما تتحدَّى شهواته ولذاته وأطماعه وعلاقته وعواطفه؛ إّنه إن تعرّض لمثل هذا الامتحان - انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}(الحجّ: 11).
هذا النّموذج الأوّل... 
والآية الثانية الّتي ذكرها الله حول النّموذج الثّاني هي قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا - يتحدَّث معك في الرشاد والإخلاص والوطنيَّة وما إلى ذلك - وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ}(البقرة: 204)، وهو الإنسان الَّذي إذا دخل الخصومة، كان قاسياً ومتشدِّداً.
{وَإِذَا تَوَلَّى - بعد أن حمله الناس على أكتافهم وصنعوا منه شخصيةً اجتماعيةً أو سياسية - سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ}(البقرة: 205)، فيسقط أمام التجربة الحادّة، وينكشف الزيف الكامن في داخله من خلال الأوضاع الصعبة التي لا يملك التماسك أمامها من خلال أطماعه وخفاياه الشريرة. 
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ - أين كلامك حول علاقتك بالله وإخلاصك له؟  - أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ - هل يقال لمثلي (اتّق الله)، فأنا الَّذي أوزّع التقوى على الناس - فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ}(البقرة: 206).
وما نتعلَّمه من هاتين الآتيين، أنَّه ينبغي أن لا نعطي الثقة إلَّا من خلال ملاحقة التجربة في حياة الإنسان؛ التجربة الحيَّة، التجربة الحادَّة، التجربة التي يمكن أن نختبر فيها الإنسان بالمال أو بالجاه أو بالشَّهوات، لأنه لكلِّ إنسان منّا مفتاحٌ لشخصيَّته، وقد قال المتنبي:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ        تبيـّن من بكى ممّن تبـاكى   
وهكذا، يتبين المزيّف من المخلص، عندما يعتصر المزيّف دمعةً في عينيه، فلا تخرج إلا بشكل متكلَّف، أمَّا الإنسان المخلص، فإنك تشعر بأنّ دموعه عندما تنحدر من آلامه أو آهاته، فإنها تنفجر وتنفتح لتعرف منه الصِّدق في كلّ كلمة وفي كلّ دمعة وفي كلّ موقف.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 1.
في حركة الإنسان وعلاقته بالإنسان الآخر، في ثقته به، وفي ارتباطه به، وفي انتمائه إليه، وفي اتّباعه له، هل يكفي حسن الظَّاهر؟ هل تكفي الكلمة التي تجذب قلبك، أو أن المسألة أعمق من ذلك؟ ربما كان حسن الظاهر يجعلك تحقق انطباعاً جيِّداً حول هذا الإنسان، وربما كانت الكلمة توحي إليك بالمعاني الطيبة حوله، ولكن ذلك شي‏ء، وأن تجعله موضع ثقتك، بحيث ترتبط به وتتبعه وتسير خلفه شي‏ء آخر.
ومن دروس القرآن الكريم في ذلك، ما قصَّه الله علينا في كتابه عن نموذجين من الناس، ربما كان ظاهرهم يوحي بالثقة، ولكنهم عندما اصطدموا بالتجربة، سقطوا في الامتحان.
النَّموذج الأوَّل، مَنْ قال الله سبحانه فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَىٰ حَرْفٍ - أي يعبده عبادةً لا عمق لها في العقل، ولا عمق لها في النَّفس، بل هي عبادة تنطلق من سطح إحساس الإنسان بالله، لا من موقع الانفتاح على المشاعر أو من الإطلال على الفكرة. يعبد الله على حرف، لأنه يرث العبادة عن آبائه وأجداده، ولأنَّ البيئة من حوله تصلّي مثلاً، فيصلّي انفعالاً بذلك.
 - فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ - أي جرت الرياح كما يحلو له، فكانت معتدلةً لا عواصف فيها ولا مشاكل - اطْمَأَنَّ بِهِ - أمَّا إذا اصطدم بالتجربة الّتي تتطلّب منه أن يقول كلمة الحقِّ في الأجواء التي تضغط عليه ليقول الباطل، وفي المواقف الَّتي يمكن أن تجعل الأرض تهتزّ من تحت أقدامه، وفي الحالات التي يمكن أن يخسر فيها إذا انطلق مع مبادئه، أو يربح فيها إذا انحرف عن مبادئه - وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ - ومصطلح الفتنة في القرآن يعني الامتحان والتجربة التي قد تهزّ أعماق الإنسان لتظهر ما في داخلها عندما تتحدَّى شهواته ولذاته وأطماعه وعلاقته وعواطفه؛ إّنه إن تعرّض لمثل هذا الامتحان - انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}(الحجّ: 11).
هذا النّموذج الأوّل... 
والآية الثانية الّتي ذكرها الله حول النّموذج الثّاني هي قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا - يتحدَّث معك في الرشاد والإخلاص والوطنيَّة وما إلى ذلك - وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ}(البقرة: 204)، وهو الإنسان الَّذي إذا دخل الخصومة، كان قاسياً ومتشدِّداً.
{وَإِذَا تَوَلَّى - بعد أن حمله الناس على أكتافهم وصنعوا منه شخصيةً اجتماعيةً أو سياسية - سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ}(البقرة: 205)، فيسقط أمام التجربة الحادّة، وينكشف الزيف الكامن في داخله من خلال الأوضاع الصعبة التي لا يملك التماسك أمامها من خلال أطماعه وخفاياه الشريرة. 
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ - أين كلامك حول علاقتك بالله وإخلاصك له؟  - أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ - هل يقال لمثلي (اتّق الله)، فأنا الَّذي أوزّع التقوى على الناس - فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ}(البقرة: 206).
وما نتعلَّمه من هاتين الآتيين، أنَّه ينبغي أن لا نعطي الثقة إلَّا من خلال ملاحقة التجربة في حياة الإنسان؛ التجربة الحيَّة، التجربة الحادَّة، التجربة التي يمكن أن نختبر فيها الإنسان بالمال أو بالجاه أو بالشَّهوات، لأنه لكلِّ إنسان منّا مفتاحٌ لشخصيَّته، وقد قال المتنبي:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ        تبيـّن من بكى ممّن تبـاكى   
وهكذا، يتبين المزيّف من المخلص، عندما يعتصر المزيّف دمعةً في عينيه، فلا تخرج إلا بشكل متكلَّف، أمَّا الإنسان المخلص، فإنك تشعر بأنّ دموعه عندما تنحدر من آلامه أو آهاته، فإنها تنفجر وتنفتح لتعرف منه الصِّدق في كلّ كلمة وفي كلّ دمعة وفي كلّ موقف.
* من كتاب "النَّدوة"، ج 1.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية