كتابات
23/06/2022

الطَّريق إلى بناء القوَّة الروحيَّة

الطَّريق إلى بناء القوَّة الروحيَّة

لم يقتصر الإسلام على إعطاء المبادئ العامَّة للقوَّة الروحيَّة، بل حاول أن يدرّب الناس على الطريقة العمليَّة التي توصلهم إلى تلك المبادئ.

ففي موضوع الإيمان بالله، الذي يحصل به الإنسان على الاطمئنان إلى القدرة الإلهيَّة التي تحرّره من عقدة الخوف من كلّ القوى الأخرى، وتبني في داخله القوة الذاتيَّة، أطلق الإسلام الوسائل الكفيلة بتنمية الإيمان وتقويته؛ بالتفكير في خلق السماوات والأرض، وما يتمثّل فيها من عظمة، أو يتحرّك فيها من قوى، والاتجاه إلى دراسة الإنسان، أيّ إنسان كان، بكلِّ ما يملك من طاقة محدودة في زمانها وفي مكانها وفي مداها في الحياة، ممّا لا يمثِّل شيئاً، إضافةً إلى الطَّاقات الكثيرة الَّتي لا يستطيع الوصول إليها، أو ممارستها في حياته الخاصة. ثمّ الاتجاه إلى إحصاء النعم الكثيرة التي أنعم الله بها على الإنسان في كلِّ مجالات حياته، ممّا لا يستطيع الإنسان بدونه أن يواصل مسيرة الحياة، ولو لحظة، ثمّ اللّقاء الدَّائم بالله والوقوف بين يديه في صلاة روحيَّة خاشعة، تجسِّد الحضور الإلهيَّ القويَّ في قلب الإنسان، ليتحوَّل إلى إحساس يوميّ، يحتضن مشاعر الضّعف ونوازعه.

وهذه هي الطريقة القرآنيَّة التي أفاض القرآن الكريم في التَّوجيه نحوها، وفي التركيز عليها، وتبسيطها، وإعطاء التفاصيل المتنوّعة التي توضح كلَّ جوانبها وأبعادها.

ومن الملاحظ أنّها تستطيع أن تحقّق الوصول إلى الفكرة بشكلٍ سريع وعميق، كما حقّقت ذلك في حياة المسلمين الأوَّلين الذين أخذوا منها المنهج العلميَّ، إلى جانب المنهج الإيماني؛ لأنَّ الإيمان في الإسلام يمرّ بطريق العلم في مسيرته نحو هدفه.

وفي موضوع القناعة والشعور بالاكتفاء الذّاتي الَّذي يبتعد بالإنسان عن الطّمع والنّهم اللّذين يثيران في داخل الإنسان الخوف من الآخرين، تبعاً للخوف على ما يطمع فيه عندهم، جاءت الكلمة المأثورة عن الإمام عليّ بن أبي طالب (ع): "إنْ كنتَ تريد من الدنيا ما يكفيك، فإنَّ أيسر ما فيها يكفيك، وإنْ كنتَ إنَّما تريد مالاً يكفيك، فإنَّ كلّ ما فيها لا يكفيك"1.

إنّها الفكرة الَّتي تقول لك: إنّك ستظلّ تعيش الظمأ والجوع إلى كلِّ شيء لا تجده، مهما بلغت من الحياة، لأنّك لا تبلغ حاجة إلَّا وتجد هناك حاجات جديدة يمكنها أن تثير شهوتك وتلهب جوعك، فلا يمكنك أن تحقِّق أيّ طمأنينة، أو تبلغ أيَّ استقرار، أو تشعر بأيّ سعادة داخلية.

ثم إنَّك ستظلُّ صريع الحاجة إلى الآخرين، في شعورٍ عميقٍ بالانسحاق والعبوديَّة، وستبقى مشدوداً إلى غرائزك، دون أن تملك حريَّة التفلّت من قيودها بشكلٍ طبيعيٍّ.

ولهذا، فإنَّ عليك أن تُفكِّر بالطَّريقة الَّتي تُحقِّق لك هذا كلّه، مع الاحتفاظ بشخصيَّتك وعزّتك وكرامتك، وهي القناعة الداخليَّة والزهد النفسي أمام كل رغبات الحياة وشهواتها، بحيث لا تُمثّل لك الرغبة رسالة حيّة، بل تُجسّد لك حاجة طبيعية، تحفظ الحياة فيها نفسها في إطارها الماديّ المحدود.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".

[1]ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج3، ص 2639.

لم يقتصر الإسلام على إعطاء المبادئ العامَّة للقوَّة الروحيَّة، بل حاول أن يدرّب الناس على الطريقة العمليَّة التي توصلهم إلى تلك المبادئ.

ففي موضوع الإيمان بالله، الذي يحصل به الإنسان على الاطمئنان إلى القدرة الإلهيَّة التي تحرّره من عقدة الخوف من كلّ القوى الأخرى، وتبني في داخله القوة الذاتيَّة، أطلق الإسلام الوسائل الكفيلة بتنمية الإيمان وتقويته؛ بالتفكير في خلق السماوات والأرض، وما يتمثّل فيها من عظمة، أو يتحرّك فيها من قوى، والاتجاه إلى دراسة الإنسان، أيّ إنسان كان، بكلِّ ما يملك من طاقة محدودة في زمانها وفي مكانها وفي مداها في الحياة، ممّا لا يمثِّل شيئاً، إضافةً إلى الطَّاقات الكثيرة الَّتي لا يستطيع الوصول إليها، أو ممارستها في حياته الخاصة. ثمّ الاتجاه إلى إحصاء النعم الكثيرة التي أنعم الله بها على الإنسان في كلِّ مجالات حياته، ممّا لا يستطيع الإنسان بدونه أن يواصل مسيرة الحياة، ولو لحظة، ثمّ اللّقاء الدَّائم بالله والوقوف بين يديه في صلاة روحيَّة خاشعة، تجسِّد الحضور الإلهيَّ القويَّ في قلب الإنسان، ليتحوَّل إلى إحساس يوميّ، يحتضن مشاعر الضّعف ونوازعه.

وهذه هي الطريقة القرآنيَّة التي أفاض القرآن الكريم في التَّوجيه نحوها، وفي التركيز عليها، وتبسيطها، وإعطاء التفاصيل المتنوّعة التي توضح كلَّ جوانبها وأبعادها.

ومن الملاحظ أنّها تستطيع أن تحقّق الوصول إلى الفكرة بشكلٍ سريع وعميق، كما حقّقت ذلك في حياة المسلمين الأوَّلين الذين أخذوا منها المنهج العلميَّ، إلى جانب المنهج الإيماني؛ لأنَّ الإيمان في الإسلام يمرّ بطريق العلم في مسيرته نحو هدفه.

وفي موضوع القناعة والشعور بالاكتفاء الذّاتي الَّذي يبتعد بالإنسان عن الطّمع والنّهم اللّذين يثيران في داخل الإنسان الخوف من الآخرين، تبعاً للخوف على ما يطمع فيه عندهم، جاءت الكلمة المأثورة عن الإمام عليّ بن أبي طالب (ع): "إنْ كنتَ تريد من الدنيا ما يكفيك، فإنَّ أيسر ما فيها يكفيك، وإنْ كنتَ إنَّما تريد مالاً يكفيك، فإنَّ كلّ ما فيها لا يكفيك"1.

إنّها الفكرة الَّتي تقول لك: إنّك ستظلّ تعيش الظمأ والجوع إلى كلِّ شيء لا تجده، مهما بلغت من الحياة، لأنّك لا تبلغ حاجة إلَّا وتجد هناك حاجات جديدة يمكنها أن تثير شهوتك وتلهب جوعك، فلا يمكنك أن تحقِّق أيّ طمأنينة، أو تبلغ أيَّ استقرار، أو تشعر بأيّ سعادة داخلية.

ثم إنَّك ستظلُّ صريع الحاجة إلى الآخرين، في شعورٍ عميقٍ بالانسحاق والعبوديَّة، وستبقى مشدوداً إلى غرائزك، دون أن تملك حريَّة التفلّت من قيودها بشكلٍ طبيعيٍّ.

ولهذا، فإنَّ عليك أن تُفكِّر بالطَّريقة الَّتي تُحقِّق لك هذا كلّه، مع الاحتفاظ بشخصيَّتك وعزّتك وكرامتك، وهي القناعة الداخليَّة والزهد النفسي أمام كل رغبات الحياة وشهواتها، بحيث لا تُمثّل لك الرغبة رسالة حيّة، بل تُجسّد لك حاجة طبيعية، تحفظ الحياة فيها نفسها في إطارها الماديّ المحدود.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوَّة".

[1]ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج3، ص 2639.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية