كتابات
19/06/2022

الأسلوبُ الأحسنُ في الحوارِ مع الآخرِ

الأسلوبُ الأحسنُ في الحوارِ مع الآخرِ

أكَّد الإسلام ضرورة انطلاق الحوار من طبيعة الاطّلاع على وجهة النظر الأخرى، ليصل الحوار إلى نتيجة إيجابيَّة متوازنة حاسمة، لأنَّ الجهل في هذا المجال يحوِّل المسألة إلى حالة من التَّهاتر الَّذي يعمل الجاهل على إثارته بأساليب السّباب والاتّهامات والكلمات غير المسؤولة، وذلك قوله تعالى: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[آل عمران: 66]، الأمر الَّذي يوحي بأنَّ الإسلام يرفض الدّخول في الحوار مع الجاهلين، إلَّا إذا كان الحوار يستهدف رفع الجهل بطريقته الخاصَّة.

وإذا أردنا الاقتراب من الخطِّ التَّطبيقيّ للأسلوب العملي في منهج الحوار، فسنجد أمامنا عدّة نقاط، [منها]: كيف تخاطب الآخر، هل تفاجئه بوجهة نظرك في عقيدته أو في التزامه، أو تتفادى ذلك؟

إنَّ الأسلوب القرآني يفضِّل الابتعاد عن إعطاء الرأي حول وجهة النَّظر الأخرى، لأنَّ ذلك ليس هو الأسلوب الأحسن، باعتبار ما قد يستتبعه من تعقيد الآخر منك، أو إثارة جانب العصبيَّة الذاتيَّة أو المذهبيَّة تجاهك، ما قد يمنعه من الاستمرار معك في هذا الحوار، أو يخلق لديه روحيَّة مضادَّة تعقِّد حركة الحوار، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24].

إنَّنا نلاحظ في هذه الفقرة من الآية، أنَّ الطَّريقة القرآنيَّة لم يستطع التطوّر في الذّهنيَّة الموضوعيَّة أو الأسلوب العلميّ أنْ يتجاوزها، فإنَّ المعروف في الحوار العلميّ أن يقول أحد المتحاورين للآخر: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصّواب"، ويرى القائمون على هذا الأسلوب، أنّ القيمة فيه هو أن يفتح ثغرة لاحتمالات الخطأ في رأي كلّ واحد من المتحاورين، ليمنع الإيحاء بالقناعة اليقينيّة الذاتيَّة التي قد تثير حالة شعورية مضادّة تحوّل الموقف إلى ما يشبه الحائط المسدود.

أمّا الطريقة القرآنيَّة، فإنّها تتقدَّم على هذا الأسلوب، لأنّها تؤكِّد الموقف المتوازن الَّذي يوحي فيه المحاور للطرف الآخر بأنّه لا يحمل تجاهه أيّ فكرة مضادّة، حتّى على مستوى الترجيح بالنّسبة إلى الفكر الآخر، بل يقف على مسافة واحدة بين الرأيين فيما هو احتمال الخطأ والصَّواب، وهو ما يضفي أجواء نفسية إيجابيَّة على روحيّة الحياد الفكريّ من جهة، ويغري الطرف الآخر بإمكانية إقناع محاوره المسلم الَّذي يطرح القضيَّة بهذا الأسلوب المتوازن من جهةٍ أخرى...

* من كتاب "أحاديث في قضايا الوحدة والاختلاف".

أكَّد الإسلام ضرورة انطلاق الحوار من طبيعة الاطّلاع على وجهة النظر الأخرى، ليصل الحوار إلى نتيجة إيجابيَّة متوازنة حاسمة، لأنَّ الجهل في هذا المجال يحوِّل المسألة إلى حالة من التَّهاتر الَّذي يعمل الجاهل على إثارته بأساليب السّباب والاتّهامات والكلمات غير المسؤولة، وذلك قوله تعالى: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[آل عمران: 66]، الأمر الَّذي يوحي بأنَّ الإسلام يرفض الدّخول في الحوار مع الجاهلين، إلَّا إذا كان الحوار يستهدف رفع الجهل بطريقته الخاصَّة.

وإذا أردنا الاقتراب من الخطِّ التَّطبيقيّ للأسلوب العملي في منهج الحوار، فسنجد أمامنا عدّة نقاط، [منها]: كيف تخاطب الآخر، هل تفاجئه بوجهة نظرك في عقيدته أو في التزامه، أو تتفادى ذلك؟

إنَّ الأسلوب القرآني يفضِّل الابتعاد عن إعطاء الرأي حول وجهة النَّظر الأخرى، لأنَّ ذلك ليس هو الأسلوب الأحسن، باعتبار ما قد يستتبعه من تعقيد الآخر منك، أو إثارة جانب العصبيَّة الذاتيَّة أو المذهبيَّة تجاهك، ما قد يمنعه من الاستمرار معك في هذا الحوار، أو يخلق لديه روحيَّة مضادَّة تعقِّد حركة الحوار، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24].

إنَّنا نلاحظ في هذه الفقرة من الآية، أنَّ الطَّريقة القرآنيَّة لم يستطع التطوّر في الذّهنيَّة الموضوعيَّة أو الأسلوب العلميّ أنْ يتجاوزها، فإنَّ المعروف في الحوار العلميّ أن يقول أحد المتحاورين للآخر: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصّواب"، ويرى القائمون على هذا الأسلوب، أنّ القيمة فيه هو أن يفتح ثغرة لاحتمالات الخطأ في رأي كلّ واحد من المتحاورين، ليمنع الإيحاء بالقناعة اليقينيّة الذاتيَّة التي قد تثير حالة شعورية مضادّة تحوّل الموقف إلى ما يشبه الحائط المسدود.

أمّا الطريقة القرآنيَّة، فإنّها تتقدَّم على هذا الأسلوب، لأنّها تؤكِّد الموقف المتوازن الَّذي يوحي فيه المحاور للطرف الآخر بأنّه لا يحمل تجاهه أيّ فكرة مضادّة، حتّى على مستوى الترجيح بالنّسبة إلى الفكر الآخر، بل يقف على مسافة واحدة بين الرأيين فيما هو احتمال الخطأ والصَّواب، وهو ما يضفي أجواء نفسية إيجابيَّة على روحيّة الحياد الفكريّ من جهة، ويغري الطرف الآخر بإمكانية إقناع محاوره المسلم الَّذي يطرح القضيَّة بهذا الأسلوب المتوازن من جهةٍ أخرى...

* من كتاب "أحاديث في قضايا الوحدة والاختلاف".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية